الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نضمن نجاح ثورات الشعوب العربية

محمود يوسف بكير

2011 / 3 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لا أتذكر اسم الفيلسوف الفرنسي الذي قال أنه حتى ينجح أي نظام سياسي أو اجتماعي جديد فإنه لابد أن ينهض على أنقاض النظام القديم.
يفهم من هذا القول أن أي نظام جديد لا يمكن أن يكتب له النجاح إذا ما ظل النظام القديم قائماً بأي شكل لسبب بسيط هو أن محصلة وجود نظامين يعتنقان قيما مختلفة هو الصراع وعدم الاستقرار بسبب استحالة التعايش السلمي بينهما.

ولو أننا انتقلنا إلى ما يحدث في منطقتنا العربية نجد أن هناك شعوباً عاشت لعقود طويلة في كنف نظم ديكتاتورية قمعية وفاسدة والآن تقاتل هذه الشعوب من أجل استرداد حقوقها المسلوبة وتضحي بكل ما تملك من أجل إقامة نظام جديد ترتكز دعائمه على الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والشفافية، هذه المنظومة من القيم مختلفة تماماً عن منظومة الاستبداد والفساد والظلم والقمع التي كانت متحكمة والتي تسعى الآن لتغير جلدها أملا في العودة المتخفية لاحقاً.
لقد نجحت الثورة في بلدين حتى ألآن هما تونس ومصر في تحقيق تقدم ملموس نحو فرض منظومة قيم الثورة ومع أن المهمة لازالت في بدايتها فأن هناك من يعتبر أن الثورة قد انتصرت بالفعل و أنه ليس هنالك مبرر لقلق البعض من مخاطر حدوث ثورة مضادة من فلول النظام القديم .

وفي رأينا أن هذا القلق السائد لدى الكثيرين قلق مشروع وله وجهاته حيث أن قواعد النظام القديم لازالت سليمة وقوية إلى حد ما رغم مظاهر التصدع البادية للعيان. وكما أسلفنا فإنه من غير الحكمة تصور إمكانية بناء النظام الجديد على قواعد النظام القديم كما يرى بعض ذوي النوايا الطيبة الذين يدعون إلى التسامح مع رموز الفساد القديم والتغاضي عن محاولاتهم الدنيئة لغسيل شخصياتهم وإعادة تقديم أنفسهم كمؤيدين ومنظرين للثورة.

إن هؤلاء المنافقين والمحتالين هم أول من سيطعن الثورة من الخلف عندما تسنح أول فرصة لهم لإعادة تنظيم صفوفهم والانقضاض من جديد.

مرة أخرى أقولها بأمانة لكل من يطالب بالعفو عما سلف والتسامح مع المفسدين وأولهم الرؤساء المخلوعين في كل من تونس ومصر وكبار زبانيتهم بدعوى أنه لا يصح أن نضيع جهودنا في ملاحقتهم وأنه ينبغي أن نركز على بناء النظام الجديد، أقول لهم أن النظام الجديد الذي ننشده منذ عقود والذي ضحى من أجله شهداء وشباب الثورة لن ينجح ولن يدوم إلا إذا أقيم على أنقاض النظام القديم. إن مجرد تصور إمكانية أن نقيم منظومة القيم الجديدة في ظل وجود رموز وقواعد النظام القديم هو بمثابة خطأ جسيم قد ندفع ثمنه غالياً.

لابد من تقويض أركان النظام القديم كمهمة أولى أو على أقل تقدير الشروع في بناء النظام الجديد وفي نفس الوقت عدم التباطؤ في محاصرة الفساد وتدمير قواعده وفق خطة مدروسة وعلى سبيل المثال كيف يمكن أن نعطي ظهورنا أمنين لكل المسئولين في قطاعات الصحافة والإعلام وحتى الفن الذين كانوا يطالبون بحرق وقتل المتظاهرين في بدايات الثورة في كل من تونس ومصر؟
كيف يمكن أن نثق فيمن ظل يؤيد النظام المنحل ويشاركه في نهب مقدرات هذه الشعوب المظلومة والمقهورة على مدار السنوات الطويلة الماضية؟ كيف نسمح لمبارك وأسرته وكبار معاونيه بالبقاء في قصر منيف في شرم الشيخ يستمتعون بحياة فاخرة وتحت إمرتهم جيش من الحشم والخدم والسيارات والطائرات الخاصة بعد كل ما فعلوه بمصر والمصريين عبر ثلاثين عاماً من النهب والقمع والامتهان بينما يقف في ذات الوقت الآلاف من المصريين الشرفاء في طوابير طويلة من أجل الحصول على الخبز ناهيك عمن يقف في طوابير أخرى من أجل بيع كليته لإطعام أسرته؟

هل هان عليكم أيها المطالبون بالتسامح والغفران أن تنسون كل هذا الخراب والظلم الذي حاكه هؤلاء المستبدون من أمثال بن علي ومبارك و القذافي وعلي عبد الله صالح وغيرهم بشعوبهم؟

إن كل ما نطالب به هو تقديم هؤلاء اللصوص والسفاحين إلى المحاكمات العادلة وليس ضربهم أو سحلهم أو دهسهم بالسيارات كما فعلوا بأبنائنا.

وسؤال أخير أين هو الغرب مما يحدث من مذابح و د مار في ليبيا بواسطة رئيس مختل عقليا؟ أين دعاة حقوق الإنسان و منظمات المجتمع المدني و مناصري الحرية و الديمقراطية في العالم كله؟ لماذا لم تخرج مظاهرة واحدة في أوربا للضغط على حكوماتها لعمل أي شيء لحماية المدنيين الليبيين من الآلة العسكرية المتوحشة التي يسلطها المجنون على أبناء شعبه جهارا و دون أدنى حياء أو وازع من ضمير؟ هل أصبح الدم العربي رخيصا إلى هذا الحد؟

من ألان فصاعدا سأكون أول من يقذف بحذائه أي زعيم غربي يتحدث عن حقوق الإنسان.


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام سليم لكن
بشارة خ. ق ( 2011 / 3 / 10 - 22:48 )
لماذا تطالب الغرب الذي شئت ام ابيت وقف لجانب الشعوب في ثوراتها ان يضحي بدماء ابنائه اكثر مما فعل في العراق خلصهم من الطاغية وفي افغانستان خلصهم من طالبان وفي البلقان من ميلوزوفيتش ويضغط على عصب العنصريين مع الدارفوريين؟ ومع كل عدم العرفان بالجميل الواضح جدا تحرك الاسطول الامريكي نحو ليبيا وجمدت ايطاليا اموال المعتوه السفاح الاخضر وقامت فرنسا بالاتصال بمندوبي المناطق المحررة في ليبيا وهاهم يدرسون امكانية تحييد مضاضات الطائرات مع بريطانيا لفرض الحظر الجوي وحماية الشعب الثائر...هو ما في بحيفا غير مار الياس؟
بالمقابل لماذا لا تطالب بحماية مواطنيك الاقباط وهم يقتلون بالعشرات كل شهر وتنتهك حرمات مقدساتهم بلا اي رادع اخلاقي ؟لماذا لا تطالب الغرب بحمايتهم ؟ ام ان حقوق الانسان بالنسبة لك لا تضم المسيحيين؟
لا اطلب منك ان تكون بمستوى د. سيد القمني , لكن...بعض الاعتدال لا يضرك


2 - ليه الإنفعال ؟
سهام موسى ( 2011 / 3 / 11 - 11:52 )
مقال رائع واحترم وجهة نظرك في وجوب التخاص من بقايا واذناب النظام السابق لأنها خلايا سرطانية لا تبقي ولا تزر فالإستئصال هو الحل الوحيد لإمكانية استكمال الحياة والعيش بسلام . ولكن سامحني في انفعالك على زعماء الغرب.الا ترى انه قاسي اكثر من اللازم لأن مجاهدي ليبيا الى وقت قريب كانوا يطالبون بعدم التدخل حتى زادت وطأة الطائرات والألات العسكرية فنادى بعض وأقول بعض وليس كل بتدخل أجنبي لنصرتهم،وأعتقد أن الغرب قد استوعب درس العراق جيدا في التدخل السريع غير المدروس وأثاره السلبية
وللأخ الفاضل صاحب التعليق الأول الغرب تدخل في العراق وافغانستان لمصالح غربية بحتة ولتهديد العراق لإسرائيل وليس لنصرة الإنسانية أما عن انتهاكات التي ترتكب في حق المسيحيين فهي أيضا محاولات النظام السابق لزرع الفتنة وهي اسهل وأقذر سلاح لإشاعة الفوضى وتقويض دعائم الثورة ،وعلى المسيحيين ان يستوعبوا هذه الحقيقة وألا ينجرفوا ليكونوا المعول الذي يهدم الثورة فنحن في هذه الأوقات العصيبة في أمس الحاجة لنكون يدا واحدة وأن نعلو على صغائر الأحداث وألا نكون اضحوكة للنظام السابق لنصل إلى اهدافنا الحقيقيةوهي مصر لكل المصريين دون تفرقة.

اخر الافلام

.. الداعية الأزهري رمضان عبد المعز: ابن تيمية جاء في ظروف قاسية


.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر




.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ


.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي




.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا