الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داء العظمة... مرض و جنون!!

طلال سعيد يادكار

2011 / 3 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


داء العظمة أو جنون العظمة وكما عرفه علم النفس بأنه التقدير العالي المفرط للذات وتضخيم (الأنا) , ومن أعراضه أن الشخص المريض يكون لديه قناعة تامة بأنه عظيم أو أنه أعظم من الاخرين وذلك يؤدي بدوره الى أن يكون الشخص مغروراً متعجرفاً ومتغطرساً يحتقر الاخرين ولا يتقبل النقد منهم لأنه مفرط الاعجاب بذاته وبشخصه معتبرا نفسه فوق الاخرين وبأنه قد وصل الى درجة الكمال والاكتفاء الذاتي.
ويبين علم النفس بأن هذا الداء تسببه عوامل اجتماعية ونفسية محيطة بالمريض أكثر من العوامل العضوية أو البايلوجية, وكذلك طريقة تربيتة المريض ونشأته تلعب دورا كبيرا في تطور المرض وتحوله الى داء مزمن.
وهذا المرض كغيره من الأمراض يصيب أفرادا من الناس العاديين ويصيب أيضا قادة ورؤساء وملوك. ومن الملاحظ ان أغلب القادة الرؤساء والملوك والأمراء , إن لم يكن كلهم في عالمنا العربي والاسلامي , مصابون بهذا المرض ( داء العضمة ) ولكن بدرجات متفاوتة . فكل أصحاب الفخامة والجلالة والسمو... عظماء ! والكل يعتقدون بأنهم يملكون دولهم أرضا وشعبا حتى وإن لم يكونوا ملوكا ! والكل يعتبرون أنفسهم فوق النقد وفوق المسائلة لا وبل فوق القانون . والكل يتوهمون بأن قيادتهم حكيمة , حتى وإن أدت تلك القيادة بدولهم الى الهاوية !
ومن الرؤساء المصابين بداء العظمة بدرجة كبيرة وبشكل مزمن ومستفحل هو العقيد معمر القذافي. فالأخ القائد مصاب بداء العظمة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه !! , فهو قد أعطى لنفسه ألقابا أكثر من غيره من القادة , وألقابا أكبر من إمكانياته الشخصية وأكبر من إمكانيات دولته ! فهو بدأ بأمين القومية العربية والمفكر الأوحد والثائر العظيم والمنظر الكبير الى أن أصبح عميد حكام العرب وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين!! فلبس لباسا أكبر بكثير من مقاسه فضاع فيها , فهو لايصلح لأي لقب من تلك الألقاب , وهو كمن كذب كذبة وصدقها ! وكما أنه أعطى لدولته عنوانا وإسما أكبر من إسمها ..الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ! فلا هي جماهيرية ولا اشتراكية ولا عظمى !

واصيب بداء وجنون العظمة قبل القذافي قائد أخر لايختلف عنه كثيرا وربما لم يصل القذافي الى جنونه وأعراض عظمته وغطرسته وتعجرفه وألقابه الكثيرة , وذلك القائد هو ( فارس الأمة العربية ) و ( سيف العرب) و ( القائد المجاهد ) و..و..الى أن وصل بأحد الشعراء الموالين له بتشبيهه بالإله ( تبارك وجهك القدسي فينا....كوجه الله ينضح بالجلال) !! لم يصل القذافي بعد ونتمنى أن لا يصل الى طغيان وظلم ذلك القائد في تعامله ومجابهته لانتفاضة شعبه في 1991 واتباعه سياسة الأرض المحروقة مع الثوار والذي استعمل فيها الأسلحة الثقيلة وبشكل كثيف لسحق الانتفاضة وعلى مرأى ومسمع أمريكا والتي سمحت للقائد البطل أن يستخدم الطائرات ذات الجناح المتحرك بالرغم من الحظر الجوي آنذاك لقمع وابادة الثوار لأن اللعبة لم تكن قد انتهت بعد والبطل كان يجب أن يكمل دوره ! ووصل بتلك الطاغية أن يستعمل الأسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا لابادة المدنيين رجالا ونساءا واطفالا وحتى الحيوانات ! في الوقت الذي لم تكن هناك أية وسائل إعلامية عالمية كالفضائيات أو تكنلوجيا الاتصالات كالنت والهواتف المحمولة وآلات التصوير الرقمية لنقل ماكان يحدث من قتل لمئات الالاف من الشعب العزل! هذا إضافة الى التعتيم الاعلامي للنظام الحاكم آنذاك وماوصل للعالم لم يمثل سوى قطرة من بحر الدماء الذي اريق في ذلك الوقت!
وكلا القائدين ( المهيب ) و ( العقيد ) اتبعوا سياسة الشعب المسلح ! وطبعا ليس التسلح بـ( العلم ) , بل التسلح بـ( الكلاشنكوف ) ! ذلك السلاح الروسي الخفيف الفتاك والذي اخترعه الروسي ميخائيل كلاشنكوف للدفاع عن وطنه ضد أعدائه في أثناء الحرب العالمية الثانية. وتسليح الشعب بدأ من المدرسة بتدريب التلاميذ على استخدام السلاح وتعويدهم على سماع صوت إطلاق الرصاص ! هذا اضافة الى تدريب باقي افراد الشعب وتشكيلهم على شكل المليشيات الشعبية . والتدريب كان ضد عدو وهمي أو عدو غير متضح المعالم ! ليتضح فيما بعد بأن النظام الحاكم هو ألد أعداء الشعب ! ووصل عدد المدرَبين على السلاح في زمن القائد المهيب الى خمسة ملايين شخص أما في زمن القائد العقيد الان فقد وصل عدد المدربين على السلاح الى حوالي مليون ونصف شخص وطبعا تلك الاعداد هي أعداد كبيرة جدا قياسا الى تعداد السكان ! إضافة الى أن أعداد قطع السلاح داخل البلد قد فاق عدد السكان بأضعاف مضاعفة !

ومن الجدير بالذكر أن (القائد الضرورة ) قد استعان في ذلك الوقت بالمرتزقة من مجاهدي خلق لقتل شعبه وأولئك المجاهدين وإن كانوا من ( الفرس ) فانه لم يكن من المانع ان يصرف لهم ملايين الدولارات وأن يجهزوا بأحدث التجهيزات وأن يقيموا بمعسكرات مكيفة في سبيل الدفاع عن نظامه ! وهذا مايفعله القذافي الان في تجنيده لمرتزقة أفارقة بدولارات معدودة لقتال شعبه وسحق الانتفاضة الشعبية ضد نظام حكمه ! فكل شيئ يهون في سبيل البقاء في كرسي الحكم حتى لو كان الثمن إبادة ثلاثة أرباع الشعب ! هذا إضافة الى إتهام الشعب بالخيانة والعمالة للأجنبي !

على القذافي أن يفيق من جنون عظمته قبل فوات الاوان وأن يحترم إرادة شعبه المتمثل بتخليه عن السلطة وأن يجنب بلاده إراقة المزيد من الدماء والأهم من ذلك أن يجنب بلاده التدخل الأجنبي والذي كما قال هو , وقد صدق فيها , أن التدخل الخارجي إنما هو إحتلال . فالقوى العظمى وعلى رأسها أمريكا لاتهمها سلامة الشعوب ولاتهمها إبادة الشعوب إنما المهم عند تلك القوى مصالحها و مصالحها فقط .
وربما يدرك العقيد القائد بأنه عندما تتدخل أمريكا وتدخل الى بلاده فانها سوف لن تدخل بعتادها وعدتها وأسلحتها فقط ولكنها سوف تدخل ومعها الحبل الذي علق به القائد المهيب لأن ذلك هو العلاج الأنجع لتلك الداء...داء العظمة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال


.. تباين| أمريكا بين قمع الاحتجاج الداعم لغزة ودعم التظاهر لوق




.. في أول عملية من نوعها.. بريطانيا ترحل طالب لجوء إلى رواندا


.. الجزيرة تحصل على صور حصرية من مسيرة إسرائيلية توثق عمليات ال




.. تحقيق لبي بي سي يكتشف جريمة حرب محتملة لإسرائيل بقتلها فتى ف