الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 3 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يبدو أن الشرطة المصرية مثل بعض الأدوية ذات الآثار الجانبية الخطيرة .
الشرطة المصرية ضرورية ضرورة دواء يعالج داء لو تًُرك دون علاج فإنه قد يتقدم بسرعة ليتسبب في وفاة المريض ، و لكن له آثار جانبية خطيرة للغاية تهدد هي الأخرى حياة من يتناوله .
فبمجرد أن أُعلن عن إسم وزير الداخلية الجديد ، الذي هو في الحقيقة لص أراضي ، حتى كان في ذلك عودة لإستعمال البلطجية مع المتظاهرين ، و المعتصمين ، السلميين .
و بمجرد أن أُعلن عن قرب عودة الشرطة للعمل بكامل طاقتها - و قد عادت بالفعل للعمل قبل كتابة هذا المقال - حتى عادت مع ذلك الإعلان الفتنة الطائفية التي إختفت مع إختفاء الشرطة منذ الثامن و العشرين من يناير 2011 .
هذه هي بعض الآثار الجانبية للشرطة المصرية في هذه الحقبة ، و التي يمكن تلخيصها في الآتي : خرق القانون ، و اللجوء للوسائل غير المشروعة ، و الإستهانة بكرامة المواطن المصري ، بل و بحياته ، و الأخطر من كل ذلك تهديد سلامة المجتمع المصري بالعبث بوحدته الوطنية .
إنني لازلت على رأيي الذي صرحت به منذ سنوات عدة ، و هو أن السلطة هي من وراء الفتنة الطائفية ، و أن يدها الخبيثة لتحقيق ذلك ، هي ذلك الجهاز الخبيث المسمى : مباحث أمن الدولة ، و الذي كنت أطلق عليه في عهد مبارك : مباحث أمن الأسرة .
ما حدث لكنيسة صول يحمل البصمة التقليدية لذلك الجهاز ، الذي يعتمد على تأجيج ، و تصعيد ، النزاعات الفردية ، التي يكون أطرافها مسلمين و مسيحيين ، لتصبح حرائق طائفية .
و ما تبع ذلك من إشتباكات حصدت نفوس ، أيضا تحمل بصمة النظام القائم .
ليس فقط طبيعة ما حدث في كل من صول ، و المقطم ، هي ما تشير إلى ضلوع رسمي في الحادث ، بل أيضا التوقيت ، و هو لا يقل دلالة عن طبيعة الحدث .
الأن المطلوب - بمنظور نظام عمر سليمان ، الحاكم الفعلي لمصر - إنهاء الثورة ، و تمرير سريع لتعديلات دستورية معيبة تخدم فقط طرفين ، السلطة الحالية ، و جماعة الإخوان ، ثم تمرير إنتخابات برلمانية ، و رئاسية ، معروف نتائجها مقدما ، بعد التحالف المشين بين جماعة الإخوان ، و نظام عمر سليمان ، و لهذا فمن الضروري شق صف الثورة ، بشق صف المجتمع المصري ، و لو كان ذلك عبر إشعال فتنة طائفية ، ينشغل فيها الجميع ، فيتم تمرير المشاريع الثلاث للسلطة ، المذكورة في بداية هذه الفقرة ، بهدوء .
عمر سليمان على خطأ ، عندما توهم إنه بإمكانه إشعال الفتنة الطائفية ، لينهي الثورة ، بنفس الدرجة التي أخطأ بها في إستبعاده لحدوث ثورة شعبية سلمية تستطيع إسقاط مبارك ، و نظامه .
عمر سليمان على خطأ أن تصور إنه بإستطاعته إنهاء الثورة قبل أن تحقق مطالبها كاملة .
الفتنة لن تشتعل يا عمر ، و لن تنجح أنت فيما لم تنجح قوى أخرى في تحقيقه من قبل .
كنيسة صول يجب أن تعاد لحالتها الأصلية ، ليس بإستجداء المجلس العسكري الحاكم ، و ليس بإستجداء رئيس الوزراء شرف الذي إختاره عمر سليمان ، و لكن بسواعد الثورة .
نفس القبضات التي لوحت في الهواء منادية بسقوط مبارك ، و حل جهاز مباحث أمن الدولة ، و مطالبة بالعدالة ، و الديمقراطية ، و الرفاهية ، هي من يجب أن تمسك بأدوات البناء ، لتعيد تشييد كنيسة صول ، لتثبت متانة الوحدة الوطنية .
إنها دعوة كانت أود أن أنشرها في مقال بنفس العنوان ، مساء أول أمس ، و لكن أجلتها لحين الإنتهاء من سلسلة المقالات المتعلقة بالمطالبة بدستور جديد ، و التي بدأت بمقال : لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق ، ثم مقال : الثورة هدم و بناء ، و يجب أن نهتم بالعمليتين ، ثم أخيرا مقال الأمس : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب .
تأخرت فكان هناك من سبقني ، من شباب الثورة ، الذين و كما رأيت مساء الأمس ، دشنوا حملة في موقع فيسبوك لدعوة الشباب ، و الشابات ، للذهاب لموقع الكنيسة ، للعمل على إعادتها للحالة الأصلية ، و أتمنى بأفضل من الحالة الأصلية ، لتكون شاهداً على متانة بنيان المجتمع المصري ، و شاهداً على وعي الشعب المصري ، و على وعي المشاركين في ثورة 2011 .
هنيئاً لمن سبقني في تدشين هذه الدعوة ، و ليتني كنت أستطيع العودة لمصر لأشارك في بناء تلك الكنيسة ، و للمشاركة في بقية فعاليات الثورة ، و لكن للأسف لا أستطيع بعد التهديد الذي تلقيته بالإعتقال فور عودتي ، يؤكد ذلك ما وصلني من معلومات تؤكد ذلك التهديد ، ففضلت أن أستمر مشاركا في الثورة بالكلمة المكتوبة ، و المنطوقة ، عبر المقالات ، و الرسائل الصوتية التي أنشرها في يوتيوب ، أنشرها من منفاي القسري برومانيا ، فهذا خير من البقاء في معتقل يقصف قلمي ، و يغلق فمي ، فيقطع مشاركتي في الثورة .
فالأن ، و في ظل التحالفات الجديدة لعمر سليمان ، المعتقلات تفرغ من قاطنيها السابقين ، لتستطيع إستقبال أخرين .
التهديد الجديد في نظر عمر سليمان ، و في نظر أصدقائه آل سعود ، هم المطالبين بالديمقراطية ، و العدالة ، و الرفاهية .
أعداء النظام الحالي ، الذين تفسح لهم المعتقلات ، هم أمثالنا ، من السياسيين ، و الكتاب ، و الشباب ، و الشابات ، الأحرار ، الذين رفضوا الإستبداد ، و الفساد ، و رفضوا الخداع ، و قرروا إستكمال الثورة .
لا يجب أن يُفهم من ذلك إنني ضد الإفراج عن المعتقلين من التيارات التي تحالفت مع عمر سليمان ، بل العكس هو الصحيح ، فأنا أرحب بتلك الخطوة ، و لطالما ناديت بها من قبل لسنوات ، و مقالاتي القديمة تشهد ، و لكن ما أرفضه هو ما يجري الأن حيث تفرغ المعتقلات ، ليتم إعتقال أخرين ، ليس لهم ذنب سوى إنهم مع إستكمال الثورة .
بناء الثورة لكنيسة صول ، و رفضنا للتعديلات الدستورية ، و لدستور 1971 برمته ، و مطالبتنا بدستور جديد ، دستور 2012 ، و الذي يجب أن تكتبه لجنه منتخبة ممثلة لكافة أطياف الشعب المصري ، كما ذكرت في مقال : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب ، كل تلك الخطوات ستؤكد أن الثورة لم تمت ، و أن الخداع لم ينجح ، و أن الفتنة ستظل نائمة برغم محاولات نظام عمر سليمان .
الثورات لا تستجدي ، الثورات تصنع .
كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت