الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألسنا أولى بالحوار من الأمريكان وقبلهم ؟

باسل ديوب

2004 / 10 / 15
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


تميزت جامعة حلب في العامين المنصرمين بحيوية طلابية - وطنية ناشئة عبرت عن نفسها بقدر من الحرية من على منابر رسمية وذلك من خلال النشاطات التي تقيمها الجهات الرسمية في الجامعة اتحاد الطلبة وفرع حزب البعث من محاضرات و لقاءات وحفلات ونشاطات اجتماعية و فنية غنائية وسينمائية برعاية المكتب الإداري، ورقابة (موافقة) فرع الحزب ، ومن خلال الأنشطة المستقلة التي تمت و لم تحظى بالرضا ، وخلال عامين كان لجامعة حلب الريادة في النشاط الطلابي الذي تطور نوعياً وكمياً، وكان للنشاطات المركزية التي نظمها الاتحاد الوطني لطلبة سورية في حلب النجاح الأبرز على مستوى القطر لعوامل عدة، و ما سنناقشه الآن هو تلك المجموعات الناشطة التي واكبت الحراك العام في الوطن وساهمت من موقعها فيه، تحدوها الرغبة في رفع حرارة المشاركة الشعبية في الشأن العام بما هي تنتمي إلى فئة عمرية متميزة بهواجسها الوطنية والفكرية، وثابة بطموحاتها وحيويتها ، في زمن يضج فيه الجميع من امتداد النفق الذي دخلت الأمة فيه، في زمن الانكسار والهزيمة الساحقة.
نقطة البدء ستكون إعطاء فكرة عامة عن هؤلاء الناشطين فهم يملأ ون الخارطة الوطنية من أقصاها إلى أقصاها منهم أعضاء في حزب البعث الاشتراكي ومعظم الباقين لا تجربة سياسية لهم، وإن كانوا في كثرتهم يتحدرون من أسر يسارية أو قومية مع بعض ذوي الميول الدينية المتنورة والمنفتحة ،
كان لهؤلاء محاولة أولى لولوج العمل السياسي وفق تصورات أولية وبسيطة عن الواقع الوطني وتعقيداته، ساهمت في دفعه الانتفاضة الفلسطينية اللاحقة لانتصار المقاومة اللبنانية وتحرير الجنوب، والزخم الذي شكلته و المتزامن مع دعوة الإصلاح التي أطلقها خطاب قسم السيد الرئيس ، ذلك دون أن يتأثر الطلاب الذين بد أووا تعارفهم بما قامت به السلطة من إغلاق للمنتديات وتضييق على الناشطين بما في ذلك الاعتقال والمحاكمات ، فقد كان للطلاب فكرة مفادها أن الأجندة التي ينطلقون منها في النشاط المتفاعل مع الانتفاضة الفلسطينية ، مختلفة و لن تكون تظاهراتهم واعتصاما تهم عرضة للقمع ، تحركهم عاطفة جياشة قوية وصادقة ومعنويات كبيرة في أن زمناً آخر ابتدأ مع تحرير الجنوب والانتفاضة ، في نفس الوقت كان التململ يتقاطع مع المطالب الديمقراطية المتصاعدة في سورية والتي تردد صداها خجولاً في الجامعة ، فبتنا نرى مجموعات الأصدقاء تتداول البيانات والمقالات وتتناقش في الشأن العام وتدلي بآرائها هنا وهناك وتدعو للعمل على أسس جديدة وإغناء الذات بالقراءة المنفتحة والمنهجية دون تحفظ ، مع تحرر نسبي من رواسب الصراعات السياسية واندفاع لا حد له للحوار واكتشاف الآخرين ، مع سوية نقدية جيدة . خلصت فيما خلصت إليه إلى التمسك بوحدة التنظيم الطلابي بعد النقد الأولي لتجربة النقابات الموازية في السبعينيات والعمل من ضمن المؤسسات القائمة وإغناء العمل فيها وإعطاء الأولوية للمسألة الوطنية ببعدها القومي الأكيد متلازماً ذلك مع النضال الديمقراطي .
الحوارات المتناثرة دفعت كثيرين لاعتماد أسلوب واضح في التعبير العلني عن الرؤى والمطالب مع إصرار على طرح ذلك مع المسؤلين الحزبيين ومن على منابر المؤتمرات الطلابية ومجمل الأنشطة الجامعية مع دفع لتطوير الأنشطة والمشاركة بفعالية فيها (الاعتصامات المعارض الحفلات المحاضرات النادي السينمائي )
ردود الأفعال على هذا التصاعد كانت متفاوتة من تسهيلات و ترحيب بتحفظ إلى تضييق و منع من الكلام وحتى اعتداء بالضرب واتهامات رخيصة ومبتذلة بالعمالة لأمريكا!!! والتلويح بالفصل في أكثر من مرة مع استدعاءات أمنية متكررة ، لم تكن دائرة النشاط تتسع بقدر ما كانت الجزر الطلابية المعزولة تلتقي وتتداعى للمشاركة في التعبير عن الرأي في قضايا الوطن،فبعد سنوات طويلة من الصمت القاتل الذي لا تخرقه سوى أصوات الطلاب الأكراد بمطالبهم المعروفة، لدرجة يظن أن السياسة في سورية تقتصر على أوساط الأحزاب القومية الكردية، ارتفعت أصوات الطلاب السوريين في المؤتمرات بخطاب وطني واضح شامل وهادىء، عناوينه العريضة الرغبة في المشاركة دون قيود بما يستلزمه ذلك من تسوية شكل قانوني ملائم بوقف العمل بالقوانين الاستثنائية والسماح بالعمل السياسي ضمن الجامعة على أساس وطني وإطلاق الحريات العامة والصحافة وإصلاح القضاء .
وعلى المستوى الجامعي و المطلبي مكافحة الفساد في الجامعة وبالأخص بيع المواد واستغلال الكثير من الدكاترة لحصانتهم في غير خدمة الأهداف العلمية والأكاديمية ودعم البحث العلمي وإعادة مفهوم الجامعة كواحة للحوار والبحث والعمل الفكري والسياسي وتأمين فرص العمل والسكن الشعبي،والحفاظ على الدور التدخلي الايجابي للحكومة في الاقتصاد والمحافظة على مجانية التداوي والصحة العامة والتعليم الذي استشعر الطلاب الأخطار التي تتهدهما والتي نراها اليوم من فرض رسوم على العلاج في المشافي المملوكة للشعب ورفع لمعدلات القبول وتخفيض لأعداد المقبولين والدفع باتجاه إلغاء مجانية التعليم وخصخصته بأساليب مبتكرة ،
لم يكن للحالة الطلابية الناشئة إلا التعبير بقوة عن مصالح الطلاب المهددة بعد صدور المرسوم رقم /6/ ورغم هدوءها ومخاطبتها الرسميين المعنيين ( الجامعة والحزب واتحاد الطلبة) كأصحاب للإصلاح يتوجه إليهم المتضررون من خطوة حكومية وعلى عكس الرد على بعض الطلاب الذين طرحوا المشكلة بصخب شديد، فإن ردة الفعل كانت غاية في الإعراض عن سماع الطلبة وظهر للطلاب أن النشاط الرسمي المعاكس قد وحد مطلبه فقط بإلغاء الاعتصام تحت طائلة مالا تحمد عقباه، وأن قضية الطلاب لا تهمهم بقدر ما يهمه منع الاعتصام وما الحوار المزعوم إلا حجة مردودة فمن يريد الحوار لا يضرب طرف الحوار الآخر عندما يستوضح عن ماهيته وتوقيته ويطلب إبعاد المشمرين عن سواعدهم عدة أمتار عن رؤوس المعتصمين ، وكانت المواجهة في ساحة الجامعة التي لا تشرف أحداً ، قد يجري الحديث عن أخطاء بعض الطلاب لكنها ومهما تعاظمت لا تقارن بما تلا ذلك من اعتداء و اعتقال وإحالة على التأديب ومن ثم الفصل من الجامعة الذي أكمل بتحقيق -هكذا وصفه اتحاد الطلبة بإعلان ضخم - تمخض عنه معاقبة العشرات بالفصل من الاتحاد والإنذار لكل من شارك بفعالية في النشاط الطلابي منذ سنتين وتجرأ على الكلام في المؤتمرات، والهدف كان واضحاً قطع الطريق على أي حراك طلابي ووأده في المهد، عبر إبعاد الأكثر فعالية عن الجامعة والمؤتمرات الطلابية منعاً لأي احتجاج مستقبلي على قرارات لا تأخذ مصالح الطلاب بالحسبان كان أخرها الرفع الصاروخي لرسوم السكن الجامعي ، والذي انبرى من لا علاقة لهم برفعه للتنطح بأنهم من طالبوا برفعه لاعتبارات أوردوها فكانت غاية في التهافت وعدم الإقناع خاصة أن السكن يتأخر بحجة الإصلاحات التي لم تنجز في موعدها صيفاً مع بقاء الخدمات على حالها وللعلم فإن أكثر من نصف موازنات الجامعات لا تنفق وتدور!!!!! فعلى أي أساس يتم رفع رسوم السكن وتأخير رسوم التسجيل (كهدية) للعام القادم، وهل على الطلاب رفد خزينة الدولة بما تآكل من المطارح الضريبية ، في الوقت الذي لا يتم إنفاق الأموال المخصصة لجامعاتهم في أوجه إنفاقها الواجبة والضرورية فتبقى قاصرة عن تقديم الحد الأدنى المطلوب منها ، وتندلع الحرائق في صروحها وتمتد لافتقاد جهاز إطفاء يدوي تتطلبه أبجديات أنظمة أمان المباني ، من الطبيعي احتجاج الطلاب على تفكيك شبكات الحماية الاجتماعية المتهالكة دون إنضاج البديل ودون مشاركة أصحاب المصلحة في مجرد النقاش حول قضاياهم التي كانت من مسلمات الأهداف المقدسة للثورة التي يتم إلغاء قراراتها وتوجهاتها المثبتة لشكل من العدالة الاجتماعية شيئاً فشيئاً ويلوح بتهمة مناهضة أهداف الثورة لمن يطالب بالرأفة بالطلاب الذين شملتهم بالفائدة مراسيمها الثورية وجعل القرار أكثر موضوعية، متدرجاً لا يطيح مستقبل من اختار دراسة الهندسة من أجل تأمين فرصة عمل وهو أضعف الإيمان هذا ما طالبنا به عندما لم يكترث أحد وعندما اتضح نماماً هزال وشكلية المؤسسات التابعة وصمتها الغريب و التي ما لبثت أن تولت عقابنا مع السلطة وحرضت كثيراً على ذلك،
الطلاب معنيون بالدفاع عن الوطن وعن حقوقهم الأساسية السياسية والاقتصادية والعلمية وكل ما قاموا به لا يخرج عن هذا الإطار ، لا يعنيهم كثيراً تعديل المادة الثامنة من الدستور بقدر ما يعنيهم احترام الدستور نفسه الذي ينص على أن التعليم حق من حقوق المواطن وهو مجاني في كل مراحله ووطنية مؤسسات التعليم كلها، وحقوق المواطن الاقتصادية والسياسية ،
وبهذا يغدو كلام المسؤلين عن أن سقف العمل السياسي المقبول هو العمل من داخل النظام للإصلاح فقط ،مع رفض العمل من خارجه الذي يتضمن تغييره ، لا معنى له فسواء هذا أو ذاك فالعمل ممنوع وإلا كيف نفسر الإمعان في عقاب الطلاب، بالفصل والسجن والتضييق .
هذا هو الفضاء (الهائل) الذي عمل فيه الطلاب قبل أن تنفتح أبواب جهنم عليهم بسببه ، وهم في أكثر حالات جموحهم لا يطلبون سوى الكلام والاجتماع بحرية في حرم جامعتهم وإصلاح إتحادهم وتمثيلهم بشكل حقيقي وجعل الجامعات واحات للحرية المفتقدة ومكاناً للتجربة الديمقراطية ، التي لا تحتمل التأجيل فالتحديات تتعاظم والتهديدات تغدو أكثر جدية وشراسة، والصمت النسبي الذي عاد إلى جامعتنا بعد هذه الإجراءات التعسفية لا يصب إلا في طاحونة الأعداء المتربصين و الضعف القاتل الذي يضربنا بقوة .
الجامعة ابتعدت عن مفهومها العصري وتحولت إلى منشأة تعليمية توصف بأنها جامعة فلا استقلال ولا أكاديمية ولا حريات عامة وطلابية
إنها حالة موات رهيبة تذكرنا دوماً بمقارنات مؤلمة جداً فمن العار على سورية والعرب أن تكون هذه حال جامعاتنا في حين كان الطلبة السوريون هم من قاموا بأول إضراب شهدته الجامعات الأمريكية في العالم في تاريخها وذلك منذ حوالي القرن في الجامعة السورية في بيروت ( الجامعة الأمريكية ) كما كان اسمها وكان أن قدمت الجامعة تدريس اللغة التركية رشوة للعثمانيين آنذاك لقمع الطلاب .

نريد الحوار بصدق حواراً عقلانياً ديمقراطياً مفتوحاً للجميع،
والطلاب جميعاً بمن فيهم من يستخدم أدوات سلطوية تجاه الآخرين يمكن له بتخليه عن هذه الأدوات دفع الحوار للأمام ، لماذا لا تكون مدرجات جامعتنا التي وهنت روابطها بالمجتمع كثيراً منطلقاً للحوار الذي نتعطش إليه ويغدو مطلباً وطنياً ملحّاً تمليه أوضاعنا الداخلية والخارجية ، تمليه ضرورة فتح نوافذنا للشمس وضرورة الوقوف على ممكنات الصمود الداخلية وكشف الثغرات ونقاط الضعف التي إذا ما ظلت معتماً عليها وغير معالجة ستكون معبر العدو ومن يتعطش معه لجني المليارات الأخرى على حساب الوطن والشعب، هذا من جهة ومن جهة أخرى تتلازم كليةً المسألة الوطنية والمسألة الاجتماعية في وقف هذا الاستنزاف الفسادي لمقدرات الوطن وتصويب (الإصلاح )الذي يجري باتجاهات تقوض عوامل القوة الحقيقية ويلتقي بشكل أو بآخر مع عكس ما يدعيه ،
الشريحة الطلابية معنية أكثر ما يمكن في هذا التلازم الأكيد وخيارها الوطني الديمقراطي هو العمل على الدفاع عن الحامل الاجتماعي الحقيقي للموقف الوطني، هذا الحامل الذي يضعف يوماً فيوماً بهذا التنكر له والتثبيط الفوري لتعبيراته الدفاعية القليلة كاعتصام طلاب جامعة حلب مثلاً و الأشبه بحشرجات روح تنازع ، واتهام الناشطين من أجله بمناهضة أهداف الثورة !!
نطلب الحوار وقبله إلغاء قرارات الفصل من الجامعة والإتحاد وإطلاق زميلينا المعتقلين محمد عرب ومهند الدبس .
نطلب الحوار في الوقت الذي تتصاعد فيه لغة الإملاءات والأوامر الامريكية ، فيرد على العنجهية بطلب الحوار ! ومن أي موقع يطلب !!
نحن أولى بالحوار من الأمريكيين، تبعاً لحاجاتنا الداخلية الإصلاحية والوطنية والحوار أولى بنا أيضاً لكي يقف محاورنا المفترض مع الوحش المتربص على أرض ثابتة وقوية.
طلاب سورية ضميرها الحي والشاهد المكبل المكمم على أفول شمسنا وما يدفعنا لليأس أكبر وأقوى من الإرادة لولا من يقاومون بأظافرهم في فلسطين والعراق ويستصرخون ضمائرنا أ ن نكون لأنفسنا مرة واحدة ولو متأخرين، ألا نكون شهداء زور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت