الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أية ضمانات واليات لترجمة نوايا التغيير إلى مقترحات وإجراءات ملموسة

عبد الله بادو
(Abdollah Badou)

2011 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


أية ضمانات واليات لترجمة نوايا التغيير
إلى مقترحات وإجراءات ملموسة

بعد طول انتظار وترقب تأتى لشباب المغرب أن يقطف أولى ثمار تحركاته بعد الخطاب الملكي ليوم 09مارس2011، رد لم يكن في مستوى التطلعات والانتظارات حسب ردود الفعل الأولية للعديد من الفعاليات والشباب مما ينذر بتصعيد النضالات واحتدادها، فمحتوى الخطاب لا يمكن إلا أن يكون نقلة أولى نحو تحقيق مطالب الشباب المشروعة وحلمهم في التغيير ومحاربة الفساد وتسريع وتيرة الإصلاحات خاصة في المجال الدستوري، الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي...، فردة الفعل الرسمية كانت منتظرة بعد تنامي الحركية والدينامية الاحتجاجية بالمغرب حيث عرف سلسلة من الاحتجاجات السلمية منذ 20 فبراير المنصرم على غرار ما يقع في باقي دول المنطقة، فالتطورات المتسارعة بالمنطقة باتت تشكل طوقا تحرريا يؤزم ويقض مضاجع الأنظمة القائمة بشمال إفريقيا والشرق الأوسط ويشد عليها الخناق ويجبرها على الإصلاح أو التغيير والزوال من منطلق أن من يرفض التغيير وجب تغييره، ثورة تونس كانت الشرارة التي ألهبت الجماهير وسببا مباشرا في إطلاق شرارة الاحتجاجات والمظاهرات الشبابية وامتدادها شرقا وغربا كموجة تسونامي تهاوت معها المسلمات والبديهيات القائلة بانقضاء زمن الثورات وموت الشعوب، وضع استثنائي أربك كل الحسابات والتخمينات وحتى التحاليل التي كانت تروج لصلابة الأنظمة وقوتها، ما حير كل المتتبعين والساسة فاجمعوا على أن المنطقة صارت تعرف صحوة شعبية غير مسبوقة بقيادة طاقات شابة آمنت بالتغيير فصنعته فعلا، وأن لا شيء بعد الآن قادر على أن يوقفها ويصمد أمامها.
بالعودة إلى الحالة المغربية فرغم كل الادعاءات والمحاولات التي كانت تسوق "للخصوصية المغربية" و "الاستثناء المغربي" في محاولة يائسة لتني الشباب من الانخراط في موجة التغيير وإيهامه بأن له من الحظ والشروط ما ليس للبوعزيزي والآخرون، كل الدعايات والأكاذيب والأضاليل تكسرت عند صخرة شباب مغربي آمن بأن مغربا آخر ممكن وأن الأوان قد آن لبناء المستقبل والقطع مع الماضي والحاضر الذي يرزح تحت وطأة ورحى الفساد ونظام لا يتوانى في إذلال وهدر كرامة المواطن(ة)، فالتغيير أصبح ضرورة ومطلبا شعبيا وشبابيا لا مناص منه وهو ما سعى الخطاب الملكي إلى الإجابة عنه عبر إطلاق مبادرة لإجراء جملة من التعديلات الدستورية على خلفية الاحتجاجات الأخيرة لشباب 20 فبراير رغم عدم الإشارة إليها في توطئة الخطاب عند التطرق للسياق العام للمبادرة حيث تم الاكتفاء بربطها بمشروع الجهوية الموسعة والاستمرارية في أوراش التغيير و الإصلاح، فأسباب النزول جلية للعيان.
أكيد أن الخطاب جاء متقدما نوعا ما عما هو كائن في الدستور الحالي ويجيب جزئيا عن انتظارات الشارع المغربي، إلا انه لم يتجاوز مستوى بسط الإطار العام لما سيأتي دون الخوض في التفاصيل والمضامين والحدود، حيث جاء موضحا للمرتكزات الأساسية لمشروع التعديل الدستوري المرتقب، دون تفويت التذكير بالمنطلقات المرجعية المؤطرة لها وأنها تندرج في السعي الحثيث لتعزيز دولة الحق والقانون وإرساء دعائم نظام ديمقراطي حداثي على الشاكلة المغربية في ظل ثوابت ومقدسات لا مجال للجدال و التداول حولها راسما خطوطا حمراء عريضة يجرم المساس بها.
في قراءة سريعة للمرتكزات المعلنة والمنهجية المقترح إتباعها لترجمتها إلى مضامين ومقتضيات وباستحضار تجارب اللجن السابقة بما فيها لجنة عزيمان حول الجهوية الموسعة والتي لم تستطع أن تتجاوز بعض الحدود والخطوط الحمراء فجاء مقترحها متجاوزا بفعل الأحداث الأخيرة والخطاب عصف بمقترحها في تبني التدرج في موضوع الانتقال إلى الجهوية الموسعة ودعا إلى التعديل الدستوري عوض تحيين القوانين، مما يبرز ضعف القوة الاقتراحية لكل اللجن، ولن تشكل اللجنة الحالة استثناء، فعجزها عن بلورة مقترحات تتماشى والمطالب والمنتظرات مرتبط بمحدودية صلاحيتها وطبيعة تركيبتها وافتقادها للجرأة السياسية الضرورية ما يضعف قوتها الاقتراحية يفضي إلى قصورها عن بلورة إجابات ومشاريع أكثر تقدما مما كان. فمقترح التعديل الدستوري المرتقب في ظل القصور الذي تعاني منه اللجنة والضبابية والعمومية التي تلف المرتكزات المقترحة لن تأتي بالجديد وستكون دون الحد الأدنى. مما يدعو إلى الضغط من أجل توسيع هامش المناورة وتعزيز الجرأة السياسية لكل المعنيين من أجل رفع سقف التعديلات عبر تمكينها من الضمانات والآليات القادرة على ترجمة الإطار العام المعلن إلى مضامين وقوانين تكرس وتعزز المبادئ العامة المعلنة في الخطاب وتعمل على إشراك حقيقي وفعلي للقوى الديمقراطية في البلاد.
فيما يتعلق بالأمازيغية فان القول أنها أحد الروافد للهوية المغربية في إطار التكريس الدستوري للطابع التعددي الهوياتي فهو في نظري إقرار صريح بمكانتها ومؤشر على وعي بما باتت تلعبه كمكون محوري للهوية المغربية، إلا أن ذلك لا يخرج عن الإطار العام التعددي للهوية الوطنية فما جاء في الخطاب لا يتجاوز مستوى التذكير ولا يعطي صورة واضحة المعالم على سقف الاعتراف و الإقرار بل تركه مبهما ومغرقا في العمومية مما يدعو إلى التساؤل هل اللجنة ستستطيع أن تعكس وتستجيب لمطالب الحركة الأمازيغية آم أنها ستعمل على معاكستها والتنكر لها كما دأبت على ذلك كل الأوراش واللجن السابقة حيث رسخت وكرست تعاملا اقصائيا كلما تعلق الامر بدسترة واللغة الأمازيغية وتطويرها، فالاعتراف الدستوري بالأمازيغية لا يجب أن يقف عند الحد المعلن في المرتكز الأول للتعديل بل يجب أن يذهب أبعد من ذلك ويرسم اللغة والثقافة الأمازيغية من منطلق أن الأمازيغية لغة وحضارة بعد ورافد من روافد الهوية الوطنية المتعددة الأبعاد مما يعيد لها الاعتبار ويحد من استمرار سياسة الإقصاء والتمييز.
على أي فما جاء في الخطاب لا يغدو أن يكون إلا إشارات أولية لإمكانية إجراء تعديل دستوري قد يدفع بالمغرب إلى الإمام من أجل تكريس دولة الحريات والحقوق والمواطنة الحقة، إلا أنه في ظل غياب ضمانات وآليات واضحة وملموسة تضمن المشاركة الفعلية لكل القوى الديمقراطية في الصياغة، الإعداد، التتبع وشفافية التداول حول مضامين المقترح، أرى انه من الواجب على الجميع العمل على التعبئة الجماعية لتحرك شعبي من أجل الدفع بسقف المطالب إلى ابعد مدى من اجل ترسيخ فعلي لدولة المؤسسات ودولة الحق والقانون في الدستور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام