الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لايسار ولا يمين

احمد مصارع

2004 / 10 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ما هو اليسار؟
اليسار مفهوم اصطلاحي و غير مؤكد من حيث الاجتماع أو الاتفاق, فالتوافقية فيه متأرجحة وفقا للعوامل التاريخية و في الزمان و المكان.
و هو غير بديهي على الإطلاق, فلطالما تصارع اليمين مع اليمين و كذلك اليسار مع اليسار, و ذالك تبعا للمثل السومري القائل:
( الكاتب يتبع الفم الذي يملي عليه )
النسبوية هي إحدى وسائل تمييع الحوار عن أزمة اليسار و لا أقصد ذلك, و لكن شيئا من هذا موجود بالواقع و يفعل فعله.
عزيز نيسين سخر بما فيه الكفاية في قصته (هل أنت يميني أم يساري ؟! )
من أزمة نقمة السلطة الرجعية بالاسم على اليسار, و في أزمة رد الفعل على اليمين, و الضحية في آخر الأمر هو الإنسان غاية كل من اليسار أولا و مباشرة, و غاية اليمين أخيرا و بصفة غير مباشرة و قد لا يلتقي الشيئان.
في استجابتي لدعوة الحوار المتمدن للكتابة عن اليسار لا أقدر إلا أن ألبي الدعوة الكريمة, و لكنني بالفعل لا أستطيع الكتابة بعمق, نتيجة اتساع فضاء العنوان من حيث الطول و العرض, و العمق و الحركة, فالمتغيرات كثيرة, و لكي تكون الكتابة جادة وفقا لمستوى الدعوة لها, فلا بد من التفكير العميق و الهادف, على الأقل الإظهار مدى التجربة و فضاؤها المفتوح على اللانهاية.
أفهم من اليسار و أنا جزء ضئيل من ذريته عمق الأزمة التي نعيشها جميعا من الاتفاق إلى الاختلاف, ثم التضاد المتكامل, بل وصولا حتى حالة التناقض, و ربما للأسف حتى الصراع غير المجدي في نهاية المطاف.
ما يشدني للمساهمة بالحوار المتمدن هو العنوان (( موقع علماني )) و اعتبر اليسار هاما من حيث العلمانية, و أنني كفرد متواضع الفيلسوفية أحمل فهما خاصا للعبارات الواردة في الموقع, و لي ترجمة خاصة لمفرداتها المحرضة.
إنني جزئيا مع الارادوية البشرية في التحرر من ريقة القدر, و الدولة و في صف الإنسان من الملك و الرئيس, إلى الكادر البسيط حتى أفقر الناس, و لا أخفي رغبتي بإعلاء شأن الفقراء على أنهم أكرم وأطيب وأروع من الأغنياء, و ها هنا أكون قد تجاوزت حواجز السياسة المتعالية و استهزأت بسلطة المال و انتميت لعالم الفقراء و البسطاء و أكون بذلك ( حسب ظني قد وقفت إلى جانب الحياة, و اعتقدت بنفسي جازما عند هذه الحالة بأنني يساري و علماني.
و الوقوف إنسانيا مع الحياة ليس دائما هو النجاح, بل إن الإخفاق كان دائما حليفي و التعاسة و البؤس و الفقر كان دنيا و شأنا قدريا يحول إرادتي اللامتناهية في التقدم و التطور إلى نوع من الحالة الصفرية, المراوحة مكانيا, و لم أكن أرغب أن تكون نهاياتي من هذا النوع التراجيدي.
في البداية و النهاية: أنا يساري و لا أستطيع ماديا كتابة ذلك بأحرف فسفورية لماعة على شكل دعاية الكترونية مرفهة, و يستطيع ممارسة ذلك أبسط التجار في بلادنا, بينما أقف عاجزا في التعبير عن قدراتي المتناهية في عالم أوشك أن يكون لا نهائيا.
اليسار في بلادنا يمر بأزمة حقيقية و هذا غير كاف, لأن الواقع المحلي و الدولي يشهد على أن اليسار بل و حتى اليمين مهدد بالفناء.
أحد الذين عرفتهم بالسجن, كان قصابا ( جزارا أو لحاما ) و المهم أن تكون المفردة المهنية مفهومة, كان كذلك ببغداد, و عاد لبلاده( سوريا) في ظروف قاهرة:
- أنت يميني ؟.
لم يفهم, وأعادها المحقق مرة ثانية و أشار المتهم الخائف إلى يده اليمنى, و أعادها ثالثة فقام المتهم برفع الكرسي الموجود عن يمينه, و كان له مع المحقق الغاضب فصل لا يستحق الذكر و لا ندري ما هي القوة الغيبية التي جعلت المتهم يطلب لقاء المعلم الكبير. فهو لن يتكلم إلا بحضوره, و لا ندري ما هي درجة إنسانية المحقق حين نفذ له هذا الطلب.
لقد تحقق المعلم الكبير المسؤول عن التحقيق بأن القصاب موضوع التحقيق بالفعل لا يفقه ما هو اليمين و اليسار ؟ و أن مجرد وجوده ببغداد ليس كاف ليفرق بين يمين حزب البعث و يساره .. وكان لهم فيما بعد شأن آخر, و رغم الأحكام السجنية القاسية.
ثم سقطت بغداد أخيرا و قد عانى منها اليمين ثم اليسار.
فكيف سقطت بغداد !؟
بالإرادة الشعبية ( اليسارية أو اليمينية المتطرفة ), أم بتعدد القوميات, أم بالإرادة الدولية بزعامة القوة العظمى الوحيدة أمريكا, أم بتآمر الإقليم العربي المجاور للعراق من شدة بكائه, و ندائه لكل الأطراف الدولية لتخليصهم من هذا الكابوس المريع, أو هي كل تلك العوامل مجتمعة ؟!
أنا علماني حقيقة و لكنني مضطر للقول هنا:
- الله وحده يعلم بالأسباب الحقيقية.
أنا يساري رغم عني و أنا إنساني و هذا قدري, و علماني و لا أذكر متى كنت كذلك لأنني أعتقد بأن العبارة التالية صحيحة:
- أموت أينما أكون.. و حيثما أكون..
و لتدفنني البلدية مجهولا عندما ينتهي أجلي.
و لا يهمني قطعا أن أعيش سعيدا, و لكني مدفوع برغبة خفية و حاجة عظيمة لكي تعيش أجيال في منطقتنا حياة الحرية و الديمقراطية بعيدا عن كل تسلط من أي نوع كان..
و على حد التعبير >.
و أعود للسؤال من هو اليسار ؟!
هل اليسار مثالية تامة لدفع أي ظلم كان ؟ و أينما كان.؟ خارج الزمكان ؟
خارج التاريخ و الجغرافيا.
يقال أن الموقف الرياصيناتي هو ايديالية صامته, خارج الحدس و المشاعر. ووهم اللغة و نحن لسنا كذلك 0
و أنا مع اليمين الأوروبي حين يطلب:
1- لا تدمروا بلدان الشرق الأوسط الكبير.
2- على الغرب اليميني و الأرستقراطي و البرجوازي, بل الامبريالي.. أن يتوقف عن دعم الأنظمة المهترئة بالشرق الأوسط و أن يزيل الأنظمة الرجعية و يطلق طاقات الشعوب فيها 00
إن كل دمار بالشرق الأوسط يعني المزيد من الخليط و الاختلاط , مما يؤدي إلى تهالك الاندماجية الأورباوية 00
3- جردوا تلك البلدان من الأنظمة الرجعية البائدة, وأطلقوا طاقات القوى العلمانية و اليسارية 0
4- لتساعد أوروبا التقليدية الشعوب على الحياة الآمنة و المستقرة, و لترعى حقا و حقيقة حقوق الإنسان فيها 0
و يقال رغم بعض المقولات الجزئية لليمين الأوروبي, أن هؤلاء عنصريون آثمون, فاحرموهم من كل قدرة على التفاعل و الحياة 0
و الأمر و الأدهى من ذلك أن يجتمع الوسط واليسار في أوروبا في محاربة ما يسمى باليمين في بلدانهم 0
هل اليمين و اليسار حقيقة 0؟!
اليمين و اليسار حقيقة 0
و لكنهما بكل تواضع فيلسوفي ليستا حقيقتين قرآنيتين أو إنجيليتين 0 واختلاف المواقع, و أشكال الدعاوى, تثبت بما لا يقبل الشك:
عالمية اليمين, و عالمية اليسار 000
و لكن من أجل أن يسقط الجميع 0بل لأجل أن يسقط الإنسان 00
و تبقى السلطات تحت شعار:
( كل سلطة لا تكون إلا من أجل السلطة)
أنا يساري أولا و أخيرا و بدون نخاع حتما , لأن البرجزة المتاحة حتى أكون مسرورا بتحولها إلى مجرد متسول معجزة , و معجزة حقيقية 0
ينبغي أن نتقن فنون لقاء بين يمين أوروبا و يسار الشرق 00
و العكس لا يهمنا أبدا لأنه الجحيم 00 فلطالما عمل الاشتراكيون الأوروبيون , و بكل نزاهة على إبادة الشرق العظيم 00
يمينه و يساره 00
بل الأدهى و الأمر 00
مقولة لينين العظيم ولم يأت الظرف التاريخي المناسب لتفهم معنى عبارته
- أقصى اليمين يسار , و أقصى اليسار يمين 0
أكتب مقالتي هذه هروبا من الحوار الجاد المتمدن 0و من العلمانية القاتلة 00
سأذكر ما حييت رجال ( التوباماروس ) الذين خلعوا الجبة الكنسية و تحولوا إلى ثوار لمناصرة الفقراء, و كلنا فقراء, بينما لبس اليسار حلته الزاهية 0
ووقف محتارا ماذا يفعل أمام المتناقضات ؟!

احمد مصارع
2004 الرقة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #