الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثقفون تحت طائله الاتهام الطائفي

حسين شبّر

2011 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



. إن المثقف هو الإنسان الذي يعي ذاته أولا على أنه متقف ذا دور ومهمة في هذا الوجود على الصعيد الكوني الانساني وعلى صعيد وطنه ومجتمعه اي من خلال الصلة بواقع هذا المجتمع وما ورثه من القضايا الفكرية والحضارية ، وبقدرته على إدراك واقعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي،وتفسير هذا الواقع تفسيراً حقيقياً,ثم العمل على الانخراط في تغير هذا الواقع من خلال تغيير مفاهيمه والارتقاء به نحو آفاق الحضارة والانسانية والتقدم وتجاوز كافة المعوقات التي تعترض سبيل هذه النقلة المنشودة ،لا نريد هنا أن ندخل في جدل التعريف بالمثقف والثقافة بقدر ما يهمنا انعكاس دورالمثقف العراقي في بناء مجتمع خرج من رماد الحروب والجوع والحرمان والتخلف والقهر.ما هو دورالمثقف ؟ ولماذا يتم تقزيم دوره في هذا المجتمع ولماذا يتم تحويله الى مثقف طائفي يدافع عن طائفته .ولماذا يوصف كل وعي ينتجه بهذا الاتهام المغلف والجاهز والمعلب بحيث يتم رفض كل ما يقوله ..لأنه يصدرعن وعي طائفي ... لكن قبل أن ننخرط في هذا السجال الشديد والكبير لنجيب عن سؤال من الذي صنف المثقفين الى طائفيين وغير طائفيين من الذي مارس هذا الدور البغيض على الساحة العراقية ومن الذي أسس لهذا التصنيف في الوعي السياسي العراقي الحديث ؟ بالقطع يمكن الاحالة بشكل مباشر الى ثقافة البعث الصدامي التي لا تزال محركا جدليا في الصراع داخل الساحةالعراقية السياسية والفكرية سواء من خلال مشروطية الرفض الممارس ضدها من قبل الخطاب السائد حاليا أو من خلال هيمنة الخطاب الديني الصاعد الى السطح كمحرك بدا وكأنه ايديولوجي لبلورة مشروعه التاريخي .
ان خطاب البعث الصدامي الذي التحف رداء القومية العربية والذي انضوى تحته في عملية تضليل الخطاب السني بوجهه السياسي هو ما سمح للفكرالبعثي الصدامي بالثبات كمكون اساسي اضاف المشروعية التاريخية والدينية على نظام البعث الصدامي على اسس ومنطلقات خطابه القومي السياسي والاجتماعي والفكري .. لقد تحول هذا الفكر الى الدفاع عن الطائفة كفكر وليس عن الطائفة كمكون اجتماعي .. وهنا تكمن الخطورة .. كما تكمن مهمة المثقف السني الذي راح يدافع بشكل مستميت عن السلطة الصدامية ويسبغ عليها المشروعية والشرعية الدينية باستمرار وهذا مالم يستطيع متقف البعث أو خطاب البعث أن يفعله على مدار تاريخه .. صدام كان يعي هذه الحقيقة دوما لذلك ترك المساحة مشرعة أمام هذا المثقف الذي بدا وكأنه هو الأداة المرعبة التي يستخدمها بوعي كامل في صدامه مع الطائفةالشيعة..الذي اتهمهم بالعمالة وبالخيانة للعراق أولا و للبعث ثانيا .. كان لا بد من استدعاء العدو الفكري واستحضاره بقوة في هذه المعركة ..
وحتى لا ننجر وراء هذا الحديث الذي سيصرف المقالة عن مضمونها نعود الى سياق الموضوع ,المثقف الطائفي الذي اريد له ان يكون كذلك طوقوه بجدران الطائفية ورجموه وابغضوه وابغضوا فيه الناس......من جانب من يصنعون للطائفية مجدها ومن خلقوها وصنعوها وقدروا حجم مساحتها من يغذونها باستمرار بسمومهم وعيوبهم من يجعلونها الحجر الذي يرمون به كل عدو وكل انسان حتى لو حاول هذا المثقف الخروج منها فأنه لا يستطيع فالطائفية قدرة والفكر الذي ينتجه هو فكر مسموم بغيض يؤدي الى هدم الأمة وتدمير حاضرها ومستقبلها فتحول الى غريب منبوذ متهم خائن للوطن.............لا يجد من يقبله في مسارح الطوائف التي فصلت له هذه التهمة الجاهزة وألبسته لبوس الكفر للوطن ،لا ينظر اليه إلا بوصفه منبوذا يبحث عن مكان يضل به راسه من جنون الواقع الذي يحاول الخروج عليه. ولسوف يسكنه شعور ثقيل بأن لا مناص من الرجوع إلى مسكنه الأصلي الى ماخوره أو يزج به في هذا الماخور البغيض. وأنه لن يتسنى له العيش كمواطن في وطن أحترق بحبه واشتعلت روحه من سنا برقه .. لأن الطوائف التي استوطنت جغرافية هذا الوطن منذ زمن تجدد نفسها، بعقود مقدّسة سنها معاوية ويزيد وأحفادهم الذين يتباكون اليوم على زمن يزيد ومعاوية وصدام المقبور.
ومن سوء حظ المثقف الحر والوطني الذي اتهم بالطائفية الفكرية ، أن المساحات التي كان يفترض أن تُخلى له مكانا حرّا للكلام والتفكير قد اغلقت في وجهه لأن صانعي الكذب الذين جعلوا من التاريخ الخازوق العثماني الشهير الذي كان يدق ببطء في مؤخرات المحكومين حتى يخرج من أفواههم فيموتون ببطء شديد بعد أن يكونوا قد شعروا اقسى انواع الألام التي يمكن تصورها ..هم الذين تسيدوا الموقف في العراق عبر تاريخه .. فكيف يسمحون لطوائف المثقفين الشيعه بأن يقفزوا على تاريخ العراق في هذه المرحلة الحساسة من تاريخة .. هم لا يمكن أن يتصورا ذلك,
هذا المثقف الشيعي الذي خرج من جحرة على حين غفلة ليفرض اجنداته التي كان يحلم بها .. لقد ظل المثقف العراقي لأنه ابن طائفة شيعية متهما مغدورا مستباح الذمة والشرف ولا ننسى ما الذي فعله البعث الصدامي بفنانين وشعراء العراق وكتابه وروائيه العظام الذين شردهم في بقاع الارض او منعهم من الكتابة في اسوء عملية قتل للعقل بحجة الطائفة والمذهب والأسماء كثيرة لكن للدلالة فقط نذكر هذا المثالين الصارخين الذي تندى له الجبين : امثال الدكتور علي الوردي الذي منع من الكتابة لان كتابتة عن ثورة العشرين لم ترق السلطة اما شاعر العراق العظيم محمد مهدي الجواهري اتهم انة من اصول اعجمية فارسية اتدرون لماذا ؟ لأنه شيعي ولأنه وقف على قبر الحسين وقال رائعته الجميلة في رثاء الحسين التي مطلعها :
فداء لمثواك من مضجع تنور بلأبلج الأروع
وهي قصيدة رثائية سجل الجواهري فيها ألمه وسكب فيها قلبه واسال فيها دمه ودموعه على مصرع الحسين ولم يعرض فيها بالطاغية صدام وازلامه وأقزامه .. ولم تشفع له قامته وشعره وامتداده في مساحة الشعري العربي كعملاق من عمالقته التاريخيين لم يشفع له كل ذلك ففر الجواهري وهو يحمل اثقال السنين ووجع العراق ومرارة الحرقة ليقضي ما تبقى له من عمر في منافيه التي لم يختارها .. وهنا ما كان من البعث الا أن يلاحق الجواهري حتى في منفاه فيسقط عنه الجنسية العراقية .. وهذا ما حدا بالشيخ الذي اكلت القوافي التي دافع فيها عن العراق وعروبته عمره إلا أن يرد الصاع صاعين للطاغية وهي فلتات سجلها و خرجت من أوجاع روحه التي اعتصرها ألم فراقه دجلته ومغاني صباه وطفولته وشبابه .. وسؤال القصيدة سؤال موجع للذين يدركون كيف يذبح المثقف في العراق ... من هو العراقي


يا غادرا إن رمت تسألنـــي أجيبك من أنــــــــــــــــــــا
فأنا العربي سيف عزمــــه لا ما أنثنــــــــــــــــــــــــى
وأنا الأباء وأنا العـــــــراق وسهله والمنحنــــــــــــــــى
وأنا البيان وأنا البديــــــــع به ترونق ضادنـــــــــــــــا
أدب رفيع غزا الدنــــــــــا عطر يفوح كنخلنــــــــــــــا
وأنا الوفاء وأنا المكـــــارم عرسها لي ديدنــــــــــــــــا
وأنا أنا قحطان منــــــــــي والعراق كما لنــــــــــــــــا
أنا باسق رواه دجلــــــــــة والشموخ له أنحنــــــــــــى
من أنت حتى تدعــــــــــي وصلا فليلانا لنــــــــــــــــا
أو أنت قاتل نخلتــــــي ذلا بمسموم القنـــــــــــــــــــــا
أو أنت هاتك حرمــــــــــة الشجر الكريم المجتنــــــى
أو أنت من خان العهـــــود لكي يدنسها الخنــــــــــــى
لولاك يا أبــــــــــن الخيس ما حل الخراب بارضنــــا
لولاك ما ذبحو الولـــــــود من الوريد بروضنــــــــــا
لولاك ما عبث الطغـــــات بأرضنا وبعرضنــــــــــــا
أنا ... من أنا ... سل دجلة سل نخيل بلادنـــــــــــــــا
أنا .. من أنا .. سل أرضنا تدري وتعلم من أنــــــــــا
وسل الأباء لبناتــــــــــــــه من طيب أنفاسي بنــــــــا
أنا دومة من رامهـــــــــــا غير الفضيلة ما جنـــــــى
لكن من يرمو لك حصنــه الرذيلة والفنــــــــــــــــــى
أنا في النفوس وفي القلوب وفي العيون أنا السنـــــــــا
أنا بالقرون بذاتهـــــــــــــا بضميرها أبقى أنــــــــــــا
سأضل في ألق العيــــــون وبين أجفان المنــــــــــــى
ويظل شعري كالســـــراج ينير داجيه الدنــــــــــــــــا
أنا إن مت فــــــــــالأرض واحدة هنا او ها هنـــــــــا
وأذا سكنــــــــــت الأرض تربتها ستمنحني الهنـــــــا
أو عرفت يا أبن الطينــــة السوداء يا أبـــــــن الشينا
أنا وخيمتــــــــــــــــــــــي علم يوطر درسنـــــــــــا
علم يحيي كل مــــــــــــــا قد مات فـــــــي وجداننا
أنا العروض أنا القوافـــي والقريض وما عــــــــلا
سل مضجعيك يا ابن الزنا أأنت العراقي أم أنــــــــا

لم يكن المثقف الشيعي ، سوى فرد مواطن داخل الوطن. ولا يبدو أنه شعر أو لم يكن لديه سوى شعور واحد بأنه عراقي الروح والجسد والانتماء .. ولم يكن الولاء للمذهب يرقى فوق ولاءه للوطن .. لأنه مثقف لم يفرق بين الولائين فالعراق هو أرض الحسين كحالة من الشعور بالظلم الذي وقع على الحسين وآل بيته وهم آل بيت الرسول حالة وجدانية لم تمتد الى أن تشكل حالة سياسية مجرمه وخائنة ..
حالة يمكن ألقول أنها تحولت بفعل الضروف التاريخة الى تيار فكري في الصدام الذي مورس ضدها عبرالتاريخ ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأخ الكاتب
غازي الذيبة ( 2011 / 3 / 13 - 22:56 )
عتبي على الكاتب اذ راح يسئ الى شاعر العراق العظيم الجواهري عندما نسب إليه هذه القصيدة ليوهم القارئ بأن هذا الغثاء الذي يقوله صحيح وأن استهداف المثقف الشيعي ما زال قائما في العراق في الوقت الذي يحكم فيه الشيعة العراق مما يسقط مقولة استهداف هذا المثقف أعود للجواهري هذه القصيدة مكتوبه على ثلاثة بحور شعرية في وقت واحد مما يجعلها مهزلة لا قصيدة ثم أن جميع هذه البحور مكسورة وزنا اي لا تجد فيها بيتا واحدا موزون فهل يعقل أن يكتب شاعر العربية الجواهري هذا الرطن كما أنك لا تجد معنى صحيح ولا جملة مترابطة قواعديا فهو كلام أقرب الى الهذر والمذر الى ذلك من اين جاء الكاتب الهمام بهذه القصيدة وهي ليست موجودة في ديوانه هل أرسلها الجواهري اليه بالبريد المستعجل من قبره
أليست هذه اساءة لهذا الشاعر الكبير الذي تتباكى عليه يا حضرة الكاتب ثم من دق الخازوق العثماني في مؤخرة العراق اليس هم هذه النخب والوجوه الصفراء التي أدخلت كل زناة الأرض ليفتضوا بكارة العراق ثم تراقصوا منتشين على إراقة دمه العراق الشريف سيصحو من غفوته فلا تفرح كثيرا سيصحوا المارد سيلعق جراحه النازفة وسيلقي بالأمريكان والإيرانيين و


2 - تصحيح
الدكتوره ميسون البياتي ( 2012 / 4 / 24 - 07:46 )

الأستاذ الفاضل حسين شبر المحترم

لا أود الدخول في تفاصيل مقالك لكني أود أن أصحح لك خطأين جسيمين وقعت فيهما وأنت تشخص مظلومية المثقف الشيعي
أستاذ نا الكبير أبو فرات محمد مهدي الجواهري لم تسحب منه الجنسيه العراقيه لأنه شيعي ولا لأنه قال قصيدة في حب الحسين , ولكن ببساطه شديده لأنه قام هو ( الشيعي ) ومعه الشاعر عبد الوهاب البياتي ( السني ) بحضور مهرجان الجنادريه في المملكه العربيه السعوديه 1993 فأسقطت الجنسيه العراقيه عن كليهما الشيعي و السني في امر اداري واحد

أما بالنسبه الى الدكتور علي الوردي فهو رجل علاّمه في علم الإجتماع لايوجد ادنى شك في ذلك .. لكنه يرتكب مثالب بحثيه مضحكه حين يكتب في التاريخ
فإن صحت حكاية منعه من الكتابه عن ثورة العشرين فليس لأن له رأيا لا يعجب
الدوله ولكن لأنه رجل يكتب بلا دراية علميه بالتاريخ أو آلية البحث التاريخي والكتابه عن ثورة العشرين مسؤولية كبرى لا يجوز ان تناط بمن لا اختصاص له فيها
تقبل أسمى إعتباراتي وإعتزازي وإسمح لي أن أذكرك بأن لهيب الغضب يستهلك الكثير من جذوة الحق في العقل المنير

اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث