الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة الشباب: قوة محركة جديدة

زهدي الداوودي

2011 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



حركة الشباب: قوة محركة جديدة
تسلمت قبل أيام من صديق قديم، يهتم بشؤون علم التاريخ، رسالة الكترونية "إيميل" قصيرة يسألني فيها عن رأيي حول هذا الوضع الجديد الذي قلب الموازين وأطاح بحكومتين عريقتين مستبدتين في فترة قصيرة جدا وما زال في طريقه للإطاحة بنظام القذافي وغيره من الانظمة المتخلفة التي لا تزال تعيش في ظلام العصور الوسطى. في البدء أردت أن أعتذر منه لعدم تمكني من الإجابة العلمية عن سؤاله الذي هو في الحقيقة خليط من الأسئلة المتداخلة. وتوقفت قليلا عند هذا الجواب السلبي الذي قد أحبط به صديقي العزيز الذي خولني للإجابة على سؤاله المعقد الذي يحتاج إلى المعلومات الاولية في الفلسفة والتاريخ والاقتصاد السياسي، تلك المواد التي تركت عوالمها منذ سنوات غير قليلة.

لست الآن بصدد كتابة بحث مطول عن هذه الظاهرة الجديدة، موثوقا بالمصادر العلمية والهوامش، إذ أن ذلك فوق طاقتي كفرد. وعلينا أن نعلم أن مثل هذا المشروع يحتاج إلى جملة من الدراسات الميدانية في مجالات الثورة التقنية – الإعلامية والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والسياسية للمجتمعات التونسية والمصرية والليبية واليمنية الخ من المجتمعات العربية. إننا باختصار نحتاج إلى إنشاء معهد جديد يحمل أسم: ظاهرة حركة الشباب.

لماذا ظاهرة حركة الشباب؟

إذا تمعنا في هذه العبارة، نجدها متكونة عن مقطعين هما؛ الظاهرة وحركة الشباب وجملة حركة الشباب بدورها عبارة عن كلمتين هما؛ الحركة والشباب. إننا نجد أمامنا الآن مفهوما جديدا تجاوز المفهوم النظري الفلسفي إلى الواقع وهذا المفهوم هو: ظاهرة حركة الشباب. مفهوم جديد لم يسبق لنا أن رأيناه في كتب التاريخ والفلسفة والاقتصاد وغيرها. إنه مفهوم جديد لم ينتقل الينا عن طريق المطبوعات أو بصورة مجردة، بل أنتقل الينا عن طريق الوعي أو بالأحرى الوعي الجماعي الذي سببته الثورة التقنية – الاعلامية التي نشأت منذ حوالي أربعة عقود من الزمن وحولت كوكبنا إلى عالم صغير أشبه بقرية صغيرة لا أسرار فيها.
تبين لفئة الشباب أنها لا تتمكن من العيش في العالم البائس المتخلف الذي ولد فيه، ذلك أنه قارن حياته في الانترنت مع حياة أقرانه العائشين في أوروبا. أراد أن يهرب إلى ما وراء الآفاق الجميلة إلى أوروبا، ولكنه لم يتمكن وحتى إذا تمكن من الوصول إلى أوروبا، فإنه يعامل هناك معاملة قد لا تليق به. وفكر أن يجعل من بلاده أوروبا ثانية، بيد أن الحكام المستبدين العائشين في واحاتهم الجميلة راحوا يعرقلونه حتى عن التفكير في أقل تغيير. وتحول الانترنت، وسيلتهم الوحيدة للاتصال بالعالم الخارجي، إلى واسطة للاتصال بالشباب في كل مكان. وبمرور زمن غير طويل نشأت فئة كبيرة منظمة من الشباب بصورة عفوية. وهنا وجد الشباب نفسه بين نقيضين هو أن يكون أو لا يكون. ودفع به الوعي الجديد إلى أن يفكر في تغيير واقعه الذي لم يعد يحتمله. ومن حيث يريد أو لا يريد لجأ من حيث لا يدري إلى استعمال أسلوب غاندي في العصيان. عصيان سلمي بدون السلاح، فهو لا يملكه في كل الأحوال.
إذا اعتبرنا التناقض هو الينبوع والقوة المحركة للتطور، فانه – كما يرى الفيلسوف فشته – يشكل عملية تطور العقل والافكار . إن الأنا ينتج نفسه من خلال التناقض الداخلي، حيث يلعب قانون التأثير المتبادل بين الفرد والمجتمع دوره. وهكذا نجد أن ظاهرة حركة الشباب قد تحولت إلى قوة محركة جديدة وملموسة أثبتت نفسها كقانون يمكن أن يتكرر في الواقع تحت الظروف المواتية.
يطرح أنجلس السؤال التالي: "ما هي القوى المحركة التي تقف وراء الاسباب التاريخية للحركة وما هي الأفكار التي تدور في رؤوس المتعاملين بهذه التشكيلة؟". أعتقد أن هذا السؤال كان موجها إلى ثوار ثورة 1848 الألمانية. إذا أجرينا تحديثا على السؤال ووجهناه إلى الشباب، لوجدنا أجوبة متشابهة. أنا لا أسمح لنفسي التحدث باسم هؤلاء الشباب الابطال، ولكني أسمح لنفسي أن أتصور المسألة كما يأتي: بالنسبة للشق الاول من السؤال، يكون الجواب هم: الشباب. وأما بالنسبة إلى الشق الثاني فان الأفكار التي تدور في رؤوس المتعاملين مع الثورة فهي الحرية والديمقراطية والعيش برفاهية. وأعتقد أن الصراع على السلطة هو آخر ما يفكر فيه هؤلاء.

هناك معادلة أخرى لعبت دورها في إنجاح ثورة الشباب، هي معادلة الاخلال بعملية التوافق بين البنائين الفوقي والتحتي حيث تحولت كل من طغمتي بن علي ومبارك إلى عائقين على طريق تطور وانطلاق البناء التحتي (العلاقات الاجتماعية وقوى الانتاج).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها