الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستبدادُ مقدّمةٌ للإحتلال

محمد الحاج ابراهيم

2004 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


((كما حرّيةُ الكلمة والرأي مقدّمةٌ للدّيمقراطيّة/ جمال عبد الناصر/))
محمد الحاج إبراهيم

تتميز الأنظمة الاستبدادية أنها تعتبر نفسها فوق الجميع ،ثقافة ووعيا وعلما ومعرفة ،وتخطيطا وحكمة ،وكل ما دونها متلقي وخاضع لشارتها ،لأنها صاحبة الحقيقة المطلقة ،والمعرفة الكلية، رغم ملل الجمهور من مثل هذه الصفات ،ويعيش أزمة ثقة بكل هذه المواصفات، التي كانت من الخيال وهي منه فعلا، لأنها غير مبنية على أسس حقيقية ،إذ كانت وهماً ضيعت من عمر العديد من شعوب المعمورة التي خضعت لمثل هذا النوع من الأنظمة سنوات كان يمكن أن تتقدم بها لولا تمترس هذه الأنظمة .
تتميز أيضا أنها تعتمد على القوة التي تتحكم بها ، وبها تستبيح المجتمع والمواطن والثروة ،حتى أنها تتصرف بثروة الوطن وماله وكأنها تمتلكها فعلا ،فالعقارات تتصرف بها وكأنها ورثتها عن آباءها، أو أجدادها دون مرجع قانوني، وتتصرف بالمال العام وكأنه حاصل من جهدها الخاص ،وبالتالي يتحول المجتمع الذي تحكمه إلى مزرعة أو بنك خاص ،وعبيد مأجورين ببدل نقدي ،كالموظفين في دوائرها الحكومية حسب ما تسميها ،وهم عبيد عند بشر مثلهم لاحق لهم في امتلاك هذه الثروة أو جزء منها ،أو الاعتراض ،ولإحساسها المرهف بما تفعله ،تعيش حالة من الخوف ربما لا يصلها المواطن العادي الخائف منها أصلا بحكم الضغوط التي تمارسها عليه، لكن الخطِر في هذا الشكل من إدارة البلدان والدوله ،أنه يُضعف المجتمع ويوصله إلى درجة من الاستسلام، تجعله غير معني بكل ما يدور حوله ،كالذي حدث في العراق، حين ضاع المواطن بين قبوله شرّا استرحمه على الشر الذي كان فيه ،وبالتالي أخّر فعل المقاومة الوطنية بالمعنى المعهود ،وهذا يتحمّل أسبابه النظام الاستبدادي، إذ لم يحُتل بلدا في العالم كله إلا وأفرز مقاومته من رحم الاحتلال ،باستثناء المجتمعات المقموعه التي تفقد مقاومتها نتيجة للإذلال الذي يعيشه المواطن بفعل الاستبداد الذي يذرر المجتمع إلى طوائف وفئات متوجسة من بعضها البعض ، ويفقدها أية صلة بأرضها وتاريخها وأمجادها ،لأن المجد يكون بهذه الحالة للدولة الاستبدادية ناهبة بلدها ومغيرة معالمه بما يخدمها،والدولة الاستبدادية هي الوحيدة في العالم التي تهجر (هجرة قسرية)من خيرة كوادرها العلمية والأخلاقية نتيجة للاختلاف معها، وربما يستكفي المواطن في هذه البلدان ،أن يرى القائد الملهم وصاحب الحكمة الذي يرسم صورته على أوراق طلاب العلم من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة ،بالتشفي عندما يجد ه في زنزانة المحتل بكل ذل ،ومع ذلك عندما يستفيق هذا المواطن بعد انهيار النظام الاستبدادي واجتياح الوطن ،يبدأ بتشكيل مقاومته بظل الاحتلال ،وهنا لابد من التأخير بسبب التوجس الذي يصنعه المستبد بين فئات المجتمع الواحد فتتشكل بؤر مقاومة مبنية على إحساس وطني عالي بدلا من مقاومة عامة منسقة على أرض البلاد مرتبة في مرحلة التهديدات قبل الغزو تعيد الكرامة لكل من ينتمي إلى هذا البلد ،وهذا يتحمل مسؤوليته النظام الاستبدادي الذي لم يفكر بلحظة من اللحظات ،أن بلده معرّض لخطر حقيقي ،ولو كان هذا النظام به ذرة من وطنية ،لتدارك الوضع وفتح المجال للقوى والقدرات الوطنية من التفعيل ،حتى يبقى هذا الوطن وأبنائه محترمين في الخارج ،ورافعي رأسهم بدلا من أرجلهم، لتعاطي جرعة ((الفلقه)) ،المتعارف عليها فقط في الدول المستبدة ،عقوبة لطويل لسان قال كلمة حق، أمام سلطان جائر أو نصف سلطان أو ربع سلطان، وبدل أن يقبع السلطان الجائر في زنزانة المحتل ،كان يمكن أن يجعل ساحة بلده نارا قاتلة في وجهه، من هنا يأتي توصيف المستبد بالخائن ،ويخرج التوصيف على قاعدة الشافعي : (كلامك خطأ يحتمل الصواب) لأنه استثناء قاعدة الشافعي .
ميزة ثالثة وهي إخفاء العديد من القضايا التي تعني المجتمع، فمثلا تفجيرات طابا كشفت وضعا لم يكن المواطن العربي يعرف عنه شيئا ،وهو أن سيادة مصر على طابا منقوصة ،حيث ومن اللحظات الأولى وهذا ما جعل كل مواطن عربي يتساءل حوله نتيجة للمظاهر التي رآها على شاشة التلفزة ،إذ لم نعد نعرف إن كانت طابا موقعا مصريا أم محمية إسرائيلية ،نتيجة لحجم الحضور الإسرائيلي (على مستوى السياحة 2500سائح إسرائيلي لحظة التفجيرات أنهوا استجمامهم وعادوا لإسرائيل مباشرة)،وحجم الحضور العسكري والأمني وفرق الإنقاذ من اللحظات الأولى، هذه تساؤلات المواطن العادي، وسمعت افتراضا مبني على عدم المعرفة ،وهو أن هناك طابتين واحده مصريه وأخرى اسرائيليه ،/رغم أن طابا واحده فقط/لأن المواطن ضيعته المظاهر التي رآها على شاشة التلفزة ،من أعلام اسرائيليه ،وحضور عسكري وأمني إسرائيلي كثيف ورئيسي، وحضور مصري ثانوي مساعد كما بدا ،ولا أدري إن كان شعر الشابي لازال صالحا لهذا الزمان حين قال :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
لأن الكرامة والسيادة المنقوصة للمواطن ،تجعل سيادة الدولة على أراضيها منقوصة أيضا،وعندما يكون المواطن منقوص الكرامة والسيادة ،يكون التفاوض بين حكومة لاتمثل هذا المواطن ،وبالتالي تكون المفاوضات على ضوء تحقيق وجود هذا النظام ،الذي يمثل نفسه بالقوة عن شعبه ،وبالذل والتراخي أمام القوى العظمى المتغطرسة.
الدولة المستبدة كالأب المستبد ينغلق على رأيه وربما يأخذ برأي أحد أولاده الذي يحقق مصلحته وليست مصلحة الأسرة ولا يأخذ برأي أولاده الآخرين الذين يحققون مصلحة الأسرة وبالتالي يستثني أولاده ويعتمد فردا منهم تكون مواصفته نفعية أو يكون أنانيا همه تحقيق مصلحته من خلال الوالد المستبد والتي ربما تحقق تهلكة للأسرة بكاملها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | أول ظهور لهما بعد المناظرة بايدن يعترف بترا


.. مشاهد تظهر توغلاً مفاجئاً لآليات الجيش الإسرائيلي




.. عائلة توثق لحظات رعبها في غزة بعدما حاصرتها الدبابات الإسرائ


.. العربية ويكند |بايدن -يغادر- غلاف التايم..والمجلة تعلق على أ




.. قتلى في قصف إسرائيلي بينهم أطفال في حي الصبرة جنوب غزة