الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طلاب الثورة وثورة الطلاب

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2011 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


من المعروف أن معظم شباب الثورة من طلاب الجامعات المصرية وخريجيها وهؤلاء الثوار ضربوا لنا مثلا فى الأخلاق النبيلة والوعى والثقافة والبسالة والوطنية والتضحية بكل نفيس وغال فى سبيل الوطن. وبعد أن عاد طلاب الثورة إلى مؤسساتهم التعليمية تحولت ثورتهم النبيلة ضد الاستبداد والقمع والفساد إلى ثورة أخرى ضد أساتذتهم موجهين لهم اتهامات بالعمالة والتواطؤ مع النظام البائد ناسين أو متناسين أن هؤلاء الأساتذة كانوا ضحايا القهر مثلهم وأن بعضهم اضطر إلى الرضوخ للضربات المتتالية التى توالت على ظهورهم ورؤوسهم.

لا شك أن النظام البائد كان يعمل لمصلحته ولم ينظر مطلقا للمصلحة العامة حيث كان القائمون عليه يتفنون فى استخدام وسائل مختلفة للعب على طموحات الأساتذة. كان الجميع يدرك أن مستقبلهم مرتبط بمدى رضا النظام عنهم. لذلك كان بعض الأساتذة يتسابقون لإرضاء الأجهزة التى تسعى لبسط نفوذها على كل المقدرات داخل الجامعة وخارجها. لعل جزءا من هذا الاعتقاد يعود إلى تجربة شخصية فى عام 2009م. لقد كانت هذه الأجهزة تعلم أننى الأستاذ الوحيد فى الكلية وتوقعت أن يصدر قرار بتعيينى عميدا للكلية فى أسرع وقت ممكن ومن ثم سعت لنيل الولاء لها حيث تلقيت مكالمة من قائد الحرس الجامعى الذى طلب منى الحضور لمكتبه ومعى السيرة الذاتية التى يرغب فى تسليمها لإحدى الجهات. رفضت الذهاب إليه فى الموعد المحدد وحين اتصل بى مستفسرا عن سر عدم الحضور فلت له إن الحاسب الآلى معطل وبالتالى فإننى غير قادر على إعداد السيرة الذاتية فطلب منى أن أدون بعض المعلومات بخط اليد اعتذرت قائلا إننى لا ارغب فى الإدلاء بمعلومات غير دقيقة وأكدت له إن كل شىء قسمة ونصيب. وبالرغم من أننى لم أقم بتسليم سيرتى الذاتية إلا أن قرار تعيينى فى وظيفة عميد جاء بعد يومين مما يبين أن هذه الجهات كانت ترغب فى تجنيد القيادات.

من المؤكد أن المجتمع الجامعى تأخر فى فهم ما كان يجرى فى ميدان التحرير فى الفترة من 25 يناير حتى تنحى الرئيس فى 11 فبراير. ففى يوم الأحد 6 فبراير جاءنى أحد أساتذة الجامعة قائلا إنه يرغب فى أن تكون المحاضرة الأولى حول عدم جدوى المظاهرات وكان هذا الزميل يعتقد أن هذه المظاهرات سوف تتحطم على أرضية ميدان التحرير. وبالرغم من أن المتظاهرين لم يكن قد حصلوا على أى هدف من الأهداف التى خرجوا من أجلها إلا أننى طلبت منه الانتظار حتى نرى ما سيحدث ولا يتعجل النتائج.

وبينما كان ثوار ميدان التحرير يواجهون الموت جراء الهجوم الذى شنه بلطجية يمتطون الجمال والجياد والحمير ويحملون السيوف والسنج ويلقون الحجارة والملوتوف طوال الليل حيث استشهد وأصيب مئات الشباب وفقد أكثر من ألف وخمسمائة عيونهم فى تلك الليلة خرج أستاذ جامعى مخدوع على رأس مظاهرة مؤيدة للرئيس مبارك واخذ هذا الأستاذ يهتف بأعلى صوته تحيا مصر يحيا مبارك ويا لبته اكتفى بذلك بل اتهم الثوار بالخيانة ووصف البلطجية بأنهم شباب مصر الشرفاء الذين استردوا ميدان التحرير. وهذا يذكرنا بالدكتور هانى هلال الذى وصف البلطجية الذين تحرشوا بأساتذة 9 مارس بأنهم طلاب غيورون على جامعتهم.

لقد شاهدنا شباب الثورة يضربون لنا مثلا فى الشجاعة ويبلون بلاءا حسنا فى مواجهة جحافل الأمن المركزى ويتحملون القنابل المسيلة للدموع ويقفون أمام السيارات المدرعة. وبعد أن تحقق هدفهم تحولوا إلى لملمة الجراح وتنظيف الميدان. لقد انبهرت حين استمعت وشاهدت هؤلاء الشباب وهم يتحدثون بكل وعى عن مستقبل وطنهم ووجدتهم ملمين بكل القضايا التى تهم الوطن.

وفى الواقع فقد توقعت أن تستمر هذه النزعة الأخلاقية وتنتشر فى محيط الشباب فى كل المواقع وخاصة الجامعات غير أننا فوجئنا ببعض طلاب الثورة العائدين من الميدان يعبرون عن غضبهم تجاه قيادات الجامعة. صحيح أن الطلاب محقون فى التعبير عن الغضب تجاه بعض الشخصيات الجامعية ولا شك أن للطلاب الحق فى المطالبة بالتغيير الذى قد يؤدى إلى أوضاع أفضل فى مؤسسات التعليم لكن ما يصيب المرء بالحزن هو أن بعض الطلاب تخلوا عن القيم والأخلاقيات الجامعية حين اتجهوا للسباب والشتائم وحين تطاولوا على أساتذتهم ظنا منهم بأن القيادات باتت عاجزة عن محاسبتهم. التقيت والأساتذة بطلاب كلية الآداب فى الأسبوع الأول من مارس الجارى حيث استمعنا إلى شكواهم ومطالبهم. ما أصابنا بالحزن هو أن بعض الطلاب انتهزوا الفرصة لتوجيه انتقادات لبعض أساتذتهم بطريقة غير لائقة غير أن طالبة مصرية تعتنق المسيحية وقفت تتحدث بشجاعة لمدة ربع الساعة مدافعة عن أحد الأساتذة المسلمين حيث أوضحت أن الأستاذ يبذل جهدا غير عادى حيث يظل واقفا طوال المحاضرة وهذه الشهادة أثلجت صدر الأستاذ وصدورنا جميلا مما أصاب الطلاب الشاكين بالخجل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز