الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة للتصويت بلا على التعديلات الدستورية

مجدى خليل

2011 / 3 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


قابل الكثيرون من دعاة الدولة المدنية أختيار المستشار طارق البشرى لرئاسة لجنة التعديلات الدستورية بكثير من الخوف والإرتياب،ليس شكا فى كفاءة أو نزاهة المستشار البشرى ولكن شكا فى حياده، فاللجنة لا تتمتع بتوافق وطنى حسب تعبير المستشارة الفاضلة تهانى الجبالى ،كما أن المستشار طارق البشرى هو أحد المنظرين الكبار فى كتاباته المتعددة للدولة الدينية فى مصر، وهو يعادى صراحة الدولة المدنية لدرجة رفضه لشعار " الدين لله والوطن للجميع" الذى صاغته ثورة 1919 العظيمة ومن ثم لمفهوم الجماعة الوطنية الذى انبثق عن هذه الثورة. ويمكن الرجوع لتفاصيل أكثر عن كتابات السيد البشرى فى مقالتى البحثية المنشورة عام 2007 بعنوان:
"طارق البشرى : من مفكر وطنى إلى مفكر إسلاموى" عبر هذا الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=98520
ولكن خفف من مخاوفنا بعض الشئ أن التكليفات هى تخص 6 مواد محددة لا تتناول العلاقة بين الدين والدولة فى الدستور، وكنا نأمل أن لا تكون هناك مفاجأت غير سارة فى هذه التعديلات... ولكن للأسف جاءت التعديلات مشوهة ولا تعكس رؤية شباب الثورة وأنما تعكس التوجهات الايدولوجية للمستشار البشرى ورفيقه المحامى صبحى صالح، وتجاوزت اللجنة الصلاحيات المكلفة بها، فهذه التعديلات بحق كما وصفها الفقيه الدستورى ثروت بدوى ب"الساقطة والتى تفترض فى المصريين الغباء":
اولا: جاءت الصدمة الأولى خاصة بالمادة 75 "والتى تتعلق بالشروط التى يجب أن تتوافر فى الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية، والتى توجب بأن يكون مصرى الجنسية ومن أبويين مصريين، أضيف إليها "ألا يكون هو أو أحد والديه حاصل على جنسية أجنبية، وألا يكون متزوجا من أجنبية، وألا يقل سنه عن 40 سنة" .
ومما يؤسف له أن هذه الإضافة منقولة من مادة معيبة فى قانون السلك الدبلوماسى فرضتها الجهات الأمنية، وهى مادة مطعون فى دستوريتها وتتنافى مع مفهوم المواطنة الحديث ومع المواثيق الدولية الداعمة لهذا المفهوم، والكارثة أن تكون مادة مطعون فى دستوريتها تنقل إلى الدستور ذاته لتزيده تشويها عما هو حادث بالفعل. كما أن هذه المادة تشكك فى ولاء مئات الآلاف من المصريين النابغين فى مصر والخارج والمتزوجين من غير مصريات، وتحرم شخصيات مرموقة من الترشيح للرئاسة مثل احمد زويل ومحمد البرادعى وفاروق الباز ومجدى يعقوب وغيرهم، ومنهم من أعلن صراحة رغبته فى الترشيح مثل أحمد زويل.
إن الاتجاه السائد فى العالم هو تخفيف شروط الترشيح ،والكثير من دول العالم تستدعى أبنائها المتميزين لتولى المناصب الكبرى،واوباما ابن لرجل افريقى مسلم ومن قبله هنرى كيسنجر مهاجر إلى امريكا ومكتسبا لجنسيتها، وساركوزى زوجته إيطالية وهو نفسه أبن لمهاجرين إلى فرنسا، وولى عهد موناكو أبن ممثلة أمريكية....الخ. وكنت اتصور أسقاط شرط الوالدين المصريين طالما أن الشخص مصرى مولود على أرض مصرية ،وإذا بالتعديلات ترجع بنا للوراء إلى فقه العصور الوسطى فى الولاء والأنتماء، وهو طبعا يختلف عن رؤية وفكر شباب الثورة المعولم حتى أنه اطلق على الثورة المصرية ثورة الفيس بوك.
أنا شخصيا كنت أرى أنه لو أعلن فى الصحف العالمية عن حاجة لرئيس لمصر بمواصفات إدارية عالمية مهما إن كانت جنسيته وتم عمل عقد عمل له كرئيس لمدة اربعة سنوات قابلة للتجديد لمدة أخرى إذا حقق إنجازات واضحة لمصر، وأى رئيس شركة عالمية كبرى تنطبق عليه المواصفات سوف يكون أفضل بكثير من السيد حسنى مبارك المصرى ابن المصرية زوج المرأة المصرية.
يضاف إلى ذلك أن الشروط المانعة لمزدوجى الجنسية هى معيبة وتنطلق من أفق وخيال وطنى محدود فى وقت يزيد فيه مزدوجى الجنسية فى العالم عن 200 مليون شخص ويقدر بأنها سترتفع إلى 400 مليون شخص فى عام 2050 حسب تقديرات الأمم المتحدة. وهناك أكثر من اربعة ملايين مصرى يحملون الجنسيات المزدوجة، وهم من أفضل العناصر المصرية، والتضييق عليهم بهذا الشكل علاوة على أنه اتجاه غير وطنى، فهو أيضا يفتح الباب للكذب والنفاق كما كان يحدث فى عهد النظام السابق( كنت أعرف وزيرا يحمل ثلاث جنسيات ويصر فى أحاديثه على أنه لا يحمل سوى الجنسية المصرية الصعيدية،بل أن معظم المسئولين السابقين كانوا مزدوجى الجنسية).
ثانيا:والكارثة الثانية لم تكن فى أن اللجنة خلت من سيدة، ولكن أن الجنة حرمت سيدات مصر من الترشح لرئاسة الجمهورية ، وهو أتجاه علاوة على ميله للأصولية وتوافقه مع برنامج الاخوان فأنه أيضا يدمر المواطنة. وكما تقول المستشارة المرموقة تهانة الجبالى " كذلك أشترطت اللجنة ألا يكون المترشح متزوج من أجنبية، وتاء التأنيث معناها عدم وجود مجال للترشح سوى للرجال، مما يعد مخالفة للمادة 40 من الدستور التى لا تسمح لأى أحد كان موقعه أن يميز بين المواطنين لسبب الجنس أو اللون أو العقيدة". وهذا أيضا ما يؤيده السفير نبيل العربى فى ندوة له بساقية مكى يوم 4 مارس 2011 بقوله " مشيرا إلى أنه أخطر ما فى الأمر أيضا أن هذه المادة تقصى المرأة من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية على الرغم من أن المادة 40 تنص على المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم على أساس العرق أو الدين أو النوع، وان هذا إن دل فيدل على أن هناك ثمة تضارب فى وضع الدستور".
ثالثا: خطورة هذه التعديلات أيضا أنها ترتب أن تكون الأنتخابات التشريعية قبل الأنتخابات الرئاسية، وهذا عكس ما يطالب به جموع المثقفين وما أثير من مجموعة محترمة من الشخصيات المصرية فى لقاءها مع المجلس العسكرى.وهذا معناه أن اللجنة الدستورية رتبت لسيطرة أقلية منظمة على المجلس، فالكل يعلم أن الاحزاب السياسية والمستقلين لم يسمح لهم بممارسة السياسة بالمعنى الحقيقى أو الأتصال بالجماهير طوال عهد مبارك، ولم يكن هذا متاحا سوى للحزب الوطنى فوق الأرض وللاخوان المسلمين تحت الأرض.وهذا معناه أننا سننتهى من عصر التزوير وندخل فى عصر التضليل،فالمجلس النيابى من المفترض أنه يعكس صورة حقيقية لرغبات الشعب وإلا يكون مضللا ومزيفا وخادعا... وهذا ما سوف يحدث لو تم الإستعجال فى الانتخابات النيابية بدون فترة كافية لا تقل عن سنة لممارسة العمل السياسى فى ظل قانون أحزاب يختلف عن القانون البائس الحالى، وفى جو من الحريات الإعلامية والحياد من قبل الإعلام الرسمى.
رابعا:أن التعديلات لم يحدث حولها أى حوار مجتمعى وكأن المجموعة التى صاغتها هم معصومون من الخطأ، كما أن عملها غلف بالسرية حتى ظن البعض بأنه نتاج صفقة ما مع المجلس العسكرى.
خامسا: أن التصويت فى الاستفتاء سيكون بمن حضر وعلى التعديلات ككتلة واحدة، وستحدد النتيجة وفقا لأغلبية المصوتين، وهذا معنا أنه لو صوت فى الأستفتاء الف شخص من 80 مليون مواطن وقال 501 منهم بنعم ستصبح التعديلات قانونية.
سادسا:أن التعديلات سارت على نهج الدستور الحالى فى توسيع سلطات رئيس الجمهورية وفى الإحالة للقوانيين مما يفرغ النص الدستورى من محتواه،وعندما تتمعن فى قراءتها تشعر أن الكثير من عباراتها مصاغ بطريقة ملتبسة وغير واضحة.. والأهم أنها تعبر عن نفس الفكر القديم البالى ذاته.
واخيرا: على جميع المصريين أن يعلموا أن هذه التعديلات بشكلها الحالى هى فخ كبير منصوب لهم، وأنها ستفتح الطريق لبرلمان مضلل لا يعبر عن الشعب المصرى، وأن هذا البرلمان المضلل هو بدوره الذى سينتخب لجنة كتابة الدستور القادم ، وسيصدر أخطر القوانيين فى تاريخ مصر فى العقود الستة الأخيرة، وأن عدم الذهاب إلى التصويت معناه تمريرها باصوات الأقلية... لكل هذا أدعو جميع المصريين وثوار 25 يناير ونساء مصر واقباطها للذهاب يوم 19 مارس وبالتصويت بلا كبيرة على هذه التعديلات المشوهة حتى تسقط ويعاد كتابتها بشكل متوازن يعبر عن روح الثورة وعن مصر الجديدة القادمة ولا تعمل من آجل جماعة محددة تسعى لخطف الثورة وإرجاع مصر للعصور الوسطى.
يا شباب مصر... يا ثوار مصر... أذهبوا وأسقطوا هذه التعديلات المفصلة على المقاس والتى فكرتنا بترزية القوانين لأن هذا سيشوه ثورتكم الناصعة.
كاتب المقال ناشط حقوقى بارز ومدير منتدى الشرق الأوسط للحريات
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرائعة فاطمة ناعوت
محمد بن عبد الله ( 2011 / 3 / 14 - 13:14 )
ابحث عن الفديو التالي على يوتيوب

-الرائعة فاطمة ناعوت علي منصة معتصمي ماسبيرو....-


شكرا يا عظيمة


2 - استاذ مجدى قلت ما اريد ان اقوله
محمد حسين يونس ( 2011 / 3 / 14 - 15:23 )
وان كنت لست متفائلا مثلك فتواريخ الشعوب تستغرق مئات السنين و التغير لن يحدث بين يوم وليلة ..انها جولة في معركة طويلة بين كائنات متحفية تتخيل انها تدرى واخرى لا زالت تخطو خطوتها الاولي النصر في النهاية للجديد وان كان من حق المتحفيين الصياح العالي .. لا اعتقد اننا سنشهد قريبا تغيرات راديكالية ولكنها بداية .. انا اؤيدك تماما واتمني معك ولكن ..واقعيا لا زلال الطريق طويلا


3 - لا لا لا
عادل محمود ( 2011 / 3 / 14 - 21:14 )
ساقول باعلى صوتى لا , لانه يظهر ان الموضوع سلق بيض , ومحاولة خبيثة لسرقة الوطن فى لحظة ارتباك, فاصحوا ياشباب مصر ومثقفيها وما يبنى على باطل فهو باطل . لتستقر الامور اولا وتعطى الفرصة للاحزاب لتتكون اولا ولا سيما الشباب الجديد الذى يحلم بالحرية والتغيير نحو الافضل ( وليس العكس) فقولوا لا لا لا


4 - كل المبادي تنتحر عندما تجوع البطون
سرسبيندار السندي ( 2011 / 3 / 14 - 21:36 )
بداية تحياتي لك يا عزيزي ألأستاذ مجدي خليل ... ودعني أقولك لك أن في الحياة سنة فيها لا يصح إلا الصح ولو بعد حين ... وخاصة اليوم في ظل العم الفيس بوك والعمة تويتر والخال كوكل ... فمها حاولت قوى التخلف والظلام التسلق على أكتاف ثورات الشباب وركوب التقية ( حصان طروادة ) فسيبقى مصيرها كمصير من صقطو من الطغاة ... لأنه يستحيل عليها بفكرها المريض هذا من إسكات وإشباع النفوس التواقة للحرية والحياة والرغيف ... وما تجارب طالبان والإخوة ألأعداء في الصومال والسودان وإيران إلا صفعة على الوجوه التي تنادي بأن ألإسلام هو الحل ... لابل وصمة عار وشنعار ... فما لم يحترمو أنفسهم ويعتكفو في تكياتهم وجوامعم سيهانو ولن يكون مصيرهم بأفضل من مصير طغاتهم !؟


5 - السيد مجدي المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 3 / 15 - 18:27 )
تحيه وامتنان
اتمنى ان يراجع كل كاتب ما كتب وارجو ان الخص لك شيء وه
لقد سرق الباحثين عن العمق ما قام به الشباب امثال نواره نجم وسالي ووائل غنيم
مصر المستقبل ستتصارع بين شريعة الأخوان وشريعة الزمر وشريعة القاعده
هل يعقل ان ثوره تخطط لهل وتقودها اعلامياً الجزيره ومالياً قطر وفكرياً القرضاوي وميدانيا التنظيم العالمي للأخوان تعتبر ثوره
ستكشف الأيام القليلات القادمات ان من تحرش با البوليس هم متطوعون انتحاريون من تنظيم الأخوان ليخرجوا المسيره عن اهدافها وليتقدموا الركب ومن سقط بعدهم من الشهداء هم من ضحوا لمصر المستقبل الجميل
تقبل التحيه

اخر الافلام

.. كيف سيؤثر تقدم اليمين الشعبوي في الانتخابات الأوروبية على مس


.. يوسف زيدان يتحدى علماء الأزهر ويرفض تجديد الخطاب الديني | #ا




.. جهود أميركية مستمرة لإبرام هدنة في غزة على وقع عمليات إسرائي


.. اندلاع حريق شمال هضبة الجولان إثر عبور طائرتين مسيرتين من جه




.. نتنياهو أسير اليمين…وأميركا تحضّر للسيناريو الأسوء! | #التاس