الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة في البحرين: بين حرب طائفية وثورة شعبية

معاذ عابد

2011 / 3 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


بعد ان فشل النظام البحريني بقمع المظاهرات الشعبية المطالبة بإصلاح دستوري ارتفع سقف المطالب إلى دعوات بإسقاط النظام، الذي ينتمي إلى أقلية سنية في البحرين ولا يمثل أغلبية الشعب البحريني لا سياسياً ولا حتى طائفياً، بل ذهب النائب السلفي في البرلمان البحريني جاسم السعيدي ليقول أن أكثرية الشعب البحريني هو من أهل السنة والجماعة واتباع المذهب "الآخر" أو المذهب الإيراني هم أقلية مجنسة،وأن هؤلاء هم فرس وليسوا عرباً وزاد من كلامه العجيب ما هو أعجب.

المعارضة الشعبية تقودها بعض الجمعيات السياسية الممثلة للمصالح الشيعية لا لإن برنامجها السياسي ينتمي لأيدلوجيا ولاية الفقيه ولا إلى الجمهورية الإسلامية بالدرجة الأولى،بل ينتمون إلى الشعب البحريني، ولا ننسى المعارضة العلمانية واليسارية التي تنتمي للشعب البحريني كاملاً دون تمييز طائفي، علماً أن محاولات النظام تغيير الشكل الديموغرافي بتجنيس العديد من ابناء الجنسيات المختلفة شرط انتمائهم للمذهب السني وأعطتهم امتيازات اجتماعية أكثر من السكان الأصليين،مما ولد حقداً اجتماعياً يتركز على المجنسين وعلى النظام بالدرجة الأولى دون الألتفات نحو المنب الطائفي لهذه الفئة حتى أن العديد من ابناء البحرين المنتمين للطائفة السنية برغم تفضيلهم من قبل النظام الحاكم إلا انهم أيضاً شعروا بالغبن بسبب الإمتيازات والوظائف التي يأخذها المُجَنسون منهم ومن غيرهم.

الضنك المعيشي والفقر الذي يعيشه أبناء البحرين الذين يُطلق عليهم "فلسطينية الخليج" بسبب الحالة الثورية التي كانت في منتصف القرن المنصرم والحراك السياسي النشط في البحرين ودرجة الوعي والثقافة التي لا يقاربها في الخليج سوى الحالة الكويتية، هذا الفقر والاضطهاد الطبقي والطائفي ولد حالة احتجاجية كانت تنتهي في مراسم عاشوراء بتفريغ نفسي عبر اللطميات والحالة الحسينية، لكنها لم تكن كافية فالشعور بالظلم الاجتماعي لا يكفيه الحالة التنفيسية في عاشوراء، هذا إذا استثنينا الجيل الجديد من الشباب المنفتح والمتوجه نحو العلمانية في أقل تقدير وإلى أقصى اليسار الشيوعي ولكن بوجه"ديموقراطي وتقدمي" لطيف متوافق مع الحالة الاجتماعية المحافظة للبحرين والمجتمع البحريني وخصوصيته الدينية، فتفجرت مواجهات سابقة مرات عديدة مع قوى الأمن، وصورت الآلة الإعلامية القابضة من السعودية والمنتفعة من النظام البحريني الامر على أنه احتقان طائفي موجه ضد السنة فقط، هذا غير المواجهات العنيفة ضد السعوديين القادمين إلى البحرين باعتبارها البار التابع للسعودية، الامر الذي استثار الكرامة الوطنية والاجتماعية للشبيبة البحرينية فقامت منذ عام او اكثر بتكسير وحرق سيارات السعوديين واندلعت مواجهات بسبب هذه الأحداث وصورتها الآلة السعودية البحرينية" الحاكمة" كمواجهات طائفية مرة أخرى.
المتطرفين من المؤسسات الشيعية - وهم قلة - ينادون بجمهورية إسلامية والبعض يريد إلحاق جزيرة "أوال"* بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكن هذه الدعوات لا تلاقي رواجاً بين الشباب
الذين يطلبون الأمن الاجتماعي والوظيفي والمساواة في الفرص والوظائف في بلدهم بدلاً من المُجَنسين.
خطيئة نظام الملك البحريني كانت باستدعاء الجيش السعودي الذي أرسل مايقارب من ألف عنصر من قواته الأمنية التي تواجه ما أصبح متعارفاً عليه "بالخطر الإيراني" كما حصل في مساندة النظام اليمني في مواجهة الحوثيين، النائب السلفي المتطرف جاسم السعيدي كان يطلق الشعارات السلفية ضد الشعب البحريني باعتبار المتظاهرين من أبناء المذهب الآخر على حد وصفه والمذهب الإيراني أيضاً برر السعيدي التدخل السعودي بنفس تبرير النظام"غطاء التدخل لمجلس التعاون الخليجي" هذا التدخل الذي اعتبره الشباب البحريني وأبناء الجمعيات المعارضة الشيعية منها والتقدمية منها أيضاً بإنها قوات إحتلال لعدة اعتبارات،أولها أن النظام الملكي سقط وفقد شرعيته الشعبية وهو مجرد عائلة سرقت البحرين وخيراتها عن طريق ولي العهد ورئيس الوزراء والملك نفسه، وهذه العائلة تستعين بمرتزقة من المجنسين وتستمد شرعية واهية من متطرفين سلفيين أمثال السعيدي، وبفقدانها الشرعية السياسية استعانت بقوات خارجية التي يعتبرها الشعب البحريني قوات احتلال خارجي لهم الحق باتخاذ الإجرائات التي يرونها مناسبة ضد هذه القوات، بل يرى البعض أنه من حقهم حمل السلاح ضد هذاالقوى الخارجية.
وفي حال تحققت هذه المقاومة المسلحة فإن أبواق الخليج لن تهدأ متهمة إيران بإرسال قوات حرس الثورة أو حتى جيش المهدي من العراق.

البديل الثالث:
ليس من خيار سوى الرد على الإتهامات المتطرفة، التي يطلقها النظام البحريني ومتطرفي التيار السلفي المدعوم من السعودية، أو من يستحقون تسمية المذهب السعودي أيضاً، ولكي لا تتكرر حالة لبنان أو جزء من الحالة اللبنانية، يجب تحديد أطراف الصراع المتواجدة في البحرين هي قوة النظام والجيش السعودي والمجنسين والمنتفعين من أتباع التيار السلفي المتطرف، والقوى الرجعية سواء كانت شيعية أو سنية التي ترسخ لمفهوم الطائفية والتصارع بين أغلبية شيعية مظلومة من قبل أقلية سنية حاكمة وظالمة،أو بين أقلية شيعية تثير الفتنة الطائفية ضد أغلبية أهل السنة والجماعة كما يوهم جاسم السعيدي نفسه ويحاول إيهام الآخرين بهذه الأكذوبة الديموغرافية المفضوحة.
الخيار الوحيد هو تحديد هذه الأطراف وتسميتها بمسمياتها الاجتماعية الحقيقية، نظام،شعب،مرتزقة، قوى خارجية مساندة للنظام ، واعتماد المطالبة بالدولة المدنية الجديدة يحكمها دستور علماني أو على الأقل مدني يبتعد كل البعد عن المنحى الطائفي وإلا ستصبح الحالة السياسية في البحرين مثل لبنان وإن لم تتدخل إيران بشكل غير مباشر حتى الآن أو حتى بشكل مبتشر كما فعلت السعودية، فهناك سيناريو سيكون مقبولاً لدى السياسيين بشكل متجرد من التفكير الطائفي ، على النحو التالي:
سيطلب النظام البحريني القائم "الملك وعائلته" مساندة السعودية بغطاء ما يسمى دول مجلس التعاون الخليجي كما يحدث الآن في البحرين.
الشعب وممثليه السياسيين من الأحزاب والجمعيات المنتمية للمذهب الشيعي والقوى الأخرى من العلمانيين واليساريين سيشكلون مجلساً إنتقالياً على غرار المجلس الليبي وقد تعترف بعض الدول به وتعتبره الممثل الشرعي للبحرين وشعبها ، وقد يطالب المجلس السياسي الإنتقالي بحماية دولية أو تدخل إيراني، بالطبع ان هذه السيناريوهات دراماتيكية لكنها واردة حيث استعان النظام البحريني بالسعودية وإن كانت بعض الأحتمالات ضيئلة فإن المجلس الإنتقالي قد يلاقي دعماً ايرانياً سواء بالمال أو بالسلاح أو بالملتحقين ب" الأهل" في البحرين.
الحل الوحيد لانتصار الشعب بعيداً عن أبواق الإعلام الموالية للنظام وللسعودية هو بعلمنة الانتفاضة الشعبية، واختيار مجلس سياسي يمثل كل الأطراف بطريقة متساوية وعلى أساس برنامج سياسي انتقالي لتشكيل نظام ديموقراطي جديد يحدده الشعب لاحقاً.
وليكن علم الثورة الشعبية بدون مثلثات ...خط مستقيم او مثلث واحد يعني الشعب لا خمس مثلثات ولا اثني عشر مثلثاً.
كي لاتغرق البحرين في مستنقع طائفي تسعى السعودية والنظام والمتطرفين من كلا المذهبين إلى جر الشعب اليه وبدلا من أن تُسمى البحرين" فلسطين الخليج" تصبح " لبنان الخليج" ولكن ما يجب ان تكون عليه البحرين...هي البحرين فقط...ولا شيء سوى ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ