الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التظاهرات في العراق تفقد زخمها !

مهند حبيب السماوي

2011 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أصبح واضحاً، وعلى نحو لا يقبل الجدل والمماحكة، أن التظاهرات الشعبية التي اندلعت في بعض محافظات العراق في يوم 25 من الشهر الماضي، فيما تم تسميتها حينها بـ"جمعة الغضب"، قد أخذت تنحسر في إعدادها وتخفت جذوة اتقاد حماستها وتفقد الدعم الشعبي الذي تعاطف معها في أول مرة، فضلاً عن تقهقر بعض الأبواق الإعلامية التي كانت تعزف أنغامها،على وتر التظاهرات، بنشاز سياسي مكشوف على المراقب والمتابع للأحداث ومجرياتها في العراق.
ولم يَظهر الانحسار في أعداد المتظاهرين في الجمعة الأخيرة المصادفة 11-3-2011 فحسب، بل بدا هذا الأمر في الجمعة التي قبلها، حيث أشارت بعض وسائل الإعلام، التي نثق بإخبارها ونعتبرها موضوعية نوعا ما، أن المتظاهرين هم اقل عددا من نظرائهم في الجمعة الأولى، وجاء العنوان التالي العريض في صحيفة لوس أنجلس تايمز، بتاريخ 5-3-2011 أي بعد يوم من تظاهرة الجمعة الثانية، ليؤكد حقيقة تناقص الإعداد ليقول " تظاهرة عراقية جديدة أصغر وأقل عنفاً وسط إجراءات أمنية مشددة".
وفي الوقت الذي خففت فيه القوات الأمنية العراقية من إجراءاتها الأمنية ورفعت حظر سير المركبات التي كان احد العوامل الحاسمة في الحد من مجيء الكثير من المتظاهرين في الجمعة الأولى في ساحة التحرير، وجدنا، وهذه مفارقة سنفسرها أدناه، أن التناقص بدا واضحاً في المنحني البياني لعدد المتظاهرين حيث انخفض من 5000 شخص في التظاهرة الأولى إلى 050 في التظاهرة الأخيرة بحسب تقدير وكالة الصحافة الفرنسية.
فكان من المفترض، أن يقتضي زوال العوامل التي كانت تحول دون حضور مزيدا من المتظاهرين لساحة التحرير، أن تحدث زيادة في وتيرة التظاهرة عددا وحماسة، لكن ما حدث هو العكس تماما أذ انحسر العدد وتقلصت الحماسة أيضاً، بحيث شكل صدمة لمن راهنوا أو حلموا أن بإمكان هذه التظاهرات أن تزداد وتُحدث أثرا سياسيا تظهر تجليّاته على معالم النظام السياسي في العراق بعيدا عن جوهر الهدف الأساسي من التظاهرة المتعلق بتوفير الخدمات للمواطن ومحاربة الفساد وإنهاء البطالة وليس تغيير النظام على حد تعبير السيد مايكل كوربن مساعد نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وكما نشرها موقع مركز دراسات واشنطن بتاريخ 9 -3 -2011.
الآن علينا، بهدوء علمي ورصانة بحثية، بعيدة عن الانحياز والمحاباة التي تتصف بها اغلب التحليلات والقراءات التي تتعلق بهذه التظاهرات، أن نتساءل عن السبب الذي أدى إلى أن يقل عدد المتظاهرين في الجمعة الأخيرة مع العلم أن الظروف التي تهيأت لها كانت أفضل من الجمعتين اللتين سبقتهما مما يفترض، على الصعيد النظري، أن تتجاوز في إعدادها نظيرتيها السابقتين ؟
الجواب عن هذا السؤال لا يخرج عن أحد الأسباب التالية:
أولاً:
أن المتظاهرين اقتنعوا بالفترة التي منحها رئيس الوزراء لتقويم عمل حكومته وهي 100 يوم، فضلا عن استقالة محافظ البصرة وبابل وأمين العاصمة، وفي ال 100 يوم مجال معقول لإحداث تغيير، ولو كان بسيط نوعا ما ، يمكن أن يشعر به المواطن البسيط .
ثانيا:
شعور المتظاهرين بعدم جدوى التظاهر، وإصابتهم باليأس الناتج عن إحساسهم أنهم غير قادرين على تغيير الواقع الخدماتي المزري في العراق.
ثالثا:
أن الجهة التي تحرك التظاهرات قد توقفت عن حث المتظاهرين على الخروج للتظاهر او الترتيب سلفا لقيامها.
رابعا:
المضايقات الحكومية للمتظاهرين أنتجت نوعا من الإحباط الذي جعل الكثير منهم ينصرفون عن التظاهر.
خامسا:
أن المتظاهرين شعروا بأنهم ضايقوا المواطن العراقي الاعتيادي الذي بسببهم عطّل الكثير من أعماله التي كان يؤديها يوم الجمعة بسبب فرض حظر تجوال المركبات.
سادسا:
عدم حصول المتظاهرين على مساندة حقيقية من قبل الشعب العراقي الذي لا توجد نسبة تُذكر بين من تظاهر وبين من لم فضل الجلوس في بيته ومراقبة مجريات الإحداث.
سابعا:
المهلة التي منحها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للحكومة وهي ستة أشهر والاستبيان الذي قام به أنصاره ساهم في هذا الأمر، حيث أن العديد من المتظاهرين هم من أنصار التيار أو من فئة الشباب المتعاطفين معه، وهم الآن في حالة انتظار وترقب للمهلة التي منحها الصدر مع ال 100 يوم التي أعطاها رئيس الوزراء لحكومته.
ثامنا:
الأخطاء والتجاوزات التي ارتكبها بعض المتظاهرين ساهمت أيضا في إفشال هذه التظاهرات فضلا عن العشوائية والتخبط الذي اتسم به بعض منهم ، اذ ماذا نسمي قيام المتظاهرين برفض لقاء ممثل رئيس الوزراء من اجل نقل مطالبهم إلى الأخير ؟ أليست هذه حماقة سياسية تنم عن عشوائية وعبثية ممن رفضوا ذلك اللقاء !.
تاسعا:
تسييس التظاهرات وقيام بعض الجهات السياسية بإقحام أسماء معينة فيها من اجل النيل منها، ولهذا شعر بعض من المتظاهرين أن القضية أصبحت تصفية حسابات مع الحكومة ورئيس وزرائها وليس قضية مواطن عراقي يطالب بخدماته.
كل هذه الأسباب، أو بعضا منها، ساهم، الى حد كبير، بتقليل حجم التظاهرات وذهاب القسم الكبير منهم الى بيوتهم مكتفين بالحضور في أول جمعة وربما الثانية أيضا فضلا عن وعود الحكومة لهم بتحسين الوضع وتوفير احتياجاتهم ولو بعد حين، مع الأخذ بنظر الاعتبار
أن " البرود" الذي شهدته التظاهرات سوف يصطدم بعد عدة أشهر بحرارة الصيف وانتهاء وعد الحكومة العراقية وتحضير التيار الصدري لتظاهراته وحينها سوف يكون للتظاهرات حسابات أخرى ودرجات حرارة مختلفة عما وصلت إليه الآن!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح