الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الليبية والمؤامرة الغربية المدبرة

محمد بودواهي

2011 / 3 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


كلما تأخر المجتمع الدولي في إصدار قرار خاص بالحضر الجوي في سماء ليبيا كلما استمر سقوط المدنيين العزل بالمئات بين قتلى وجرحى في مدن أجدابيا والبريقة وزوارة بعد أن قامت قوات القدافي الإجرامية بإحداث مجازر في مدن الزاوية ورأس لانوف وبن جواد الاستراتيجية ضربا بالطائرات والدبابات والمدفعية الثقيلة . فالقدافي وعصابته العدوانية المتعطشة للدماء لا تتورع في استعمال أكثر الأساليب همجية في مواجهة الثوار الليبيين العزل ودلك للإستمرار في حكمه الديكتاتوري الفاشي الدي دام لأكثر من 40 سنة والدي يريد أن يورثه لابنه سيف الإسلام الدي لا يقل عنه همجية ووحشية ولو أدى دلك إلى إبادة الشعب الليبي عن بكرة أبيه
فالغرب الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لازال يتلكأ في اتخاد موقف حاسم في هدا الاتجاه ودلك نظرا للضبابية التي لازالت تكتنف رؤيته للمشهد السياسي العام في ليبيا . فعدم وجود أحزاب سياسية في البلد نتيجة الحضر الدي فرضه القدافي عن العمل السياسي جعل الشارع الليبي يتخندق في إطارات ثقافية وسياسية سرية غير واضحة المعالم ما عدا تلك التي تناضل من أجل إقرار الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية . وهدا ما جعل الإدارة الأمريكية والغرب الإمبريالي عامة تتخوف مما قد يكون عليه الوضع في ليبيا بعد رحيل القدافي ونظامه ، فالهاجس الأساسي لديها هو كل ما يتعلق بمصالحها الإقتصادية والإستراتيجية باعتبار ليبيا من البلدان الأساسية المنتجة للبترول والغاز بوفرة
فمن خلال التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون والعديد من خبراء المؤسسات المتعلقة بالدراسات السياسية والاستراتيجية حول ليبيا والقدافي والمجلس الوطني المؤقت يتبين مدى الجهل والغموض الدي يكتنف شخصية القدافي لديهم . فلقد انطلت عليهم كل التصريحات الكادبة التضليلية التي ما فتئ يدلي بها لوسائل الإعلام الدولية والتي يتهم فيها ( القاعدة ) بالوقوف وراء ما يحدث من مظاهرات في ليبيا ، وبأن على أمريكا والدول الغربية مساعدته لإحباط ما سماه بالمؤامرة التي تستهدفه والتي تستهدف إسرائيل _ وهي الأسطوانة الجديدة التي بدأ يعزف على أوتارها _ لإثارة الخوف لديهم ، ولجعلهم يتريثون في اتخاد الموقف المناسب الدي لا يتنافى ونظرتهم البراغماتية للأمور والتي قد تصل إلى حد التواطئ معه والعمل على تكسير الثورة الليبية مقابل وضع ليبيا وكل إمكاناتها وخيراتها تحت تصرفها وتصرف شركاتها ومقابل الإعتراف بإسرائيل .
إن القدافي الدي لم يتوانى ولو للحظة في تقتيل أبناء ليبيا باستعمال الطائرات والدبابات وجميع الأسلحة الثقيلة ، والدي جلب آلاف المرتزقة من دول إفريقية عدة وسلحهم كي يمارسوا جميع أنواع التقتيل والإبادة في حق مواطنيه الليبيين العزل مقابل مئات الآلاف من الدولارات من أموال الشعب لبإمكانه بيع الوطن الليبي لأمريكا ولإسرائيل وحتى للشيطان بابخس الأثمان .
فرغم الماضي السيئ للقدافي على مستوى العلاقات مع الغرب ومع الكثير من الدول العربية ، ورغم تورطه في العديد من العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها مئات الناس دات الجنسيات المختلفة ، ورغم مساندته للحركات الإنفصالية في بؤر التوتر في العديد من مناطق العالم ، ورغم تصريحاته النارية والعدائية والغير مسؤولة في أحايين كثيرة في حق العديد من الرؤساء والملوك والمنظمات الدولية والإقليمية المختلفة ، ورغم قيامه باعمال إجرامية في حق العديد من معارضيه ومخالفيه الرأي ومن تصفيات جسدية للكثير من الشخصيات السياسية والكوادر والمثقفين ومن إبادة جماعية راح ضحيتها المئات من المواطنين العزل سواء من الأمازيغ أو من التبو أو من جماعات وقبائل من مختلف مناطق ليبيا التي كانت تناضل ضد الديكتاتورية والإستبداد التي طبع بها نظامه الفاشي وعلى احتكاره لخيرات البلاد من النفط والغاز وتفريق عائداتها على أبنائه وأقاربه واستعمالها في شراء دمم أتباعه القلائل في الداخل والكثير من الحكام الأفارقة المتسلطين على رقاب شعوبهم المنكوبة في الخارج .....رغم هدا كله نجد الآن أمريكا والغرب يتصرفان ببرودة لا نظير لها وكأن الأمر لا يتعلق بحاكم شاد وسادي ومتغطرس في إمكانه القيام باي عمل جنوني وأحمق قد لا تكون تمثل كل الجرائم التي نفدها في حق شعبه المسالم حتى الآن سوى جزء صغير من مدبحة كاملة الأوصاف ما فتئ يهدد بالقيام بها في كل لحظة وحين
فحتى حدود يوم السبت الماضي الدي انعقدت فيه الجلسة الطارئة لمجلس الجامعة العربية للنظر في القضية الليبية ، كانت أمريكا والغرب تتدرعان بضرورة التريث في إصدار قرار يقضي بالحضر الجوي على سماء ليبيا إلى حين اجتماع المنظمة الإقليمية للمنطقة العربية وإصدارها لقرار يسير في هدا الإتجاه حتى لا تتهم بالتسرع أو بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو حتى بالتجاوز للأعراف الدولية . والآن ، وبعد أن خرجت الجامعة العربية بموقفها القاضي بإدانة النظام الليبي على الجرائم التي يرتكبها في حق شعبه وبمناشدة الأمم المتحدة للإقدام على اتخاد قرار الحضر الجوي في أسرع وقت حتى يتم تفويت الفرصة على ارتكاب المزيد من المدابح في حق الليبيين العزل ، نرى أمريكا والغرب تسلكان طريق التماطل والتسويف والتردد ، وهو الأمر الدي حسمت معه كل من فرنسا وبريطانيا في اعتراف الأولى بالمجلس الوطني المؤقت ومهاجمة الثانية لنظام القدافي ووصفه باللاشرعي
إن القدافي إنسان دون ضمير ومريض بجنون العظمة استطاع أن يمارس السلطة بديماغوجية فائقة حيث ادعى البساطة والعفة والثورية وحب الجماهير واستعمل في سبيل دلك أساليب تضليلية ماكرة شتى تراوحت بين الخطابات السياسوية الشعبوية التي ما فتئ يوجهها في كل الإتجاهات ، وبين المواقف الانعزالية التي كان يتخدها في كل وقت وحين للظهور بمظهر القائد الثوري الدي لا تلين مواقفه ، وبين التصرفات الغوغائية التي يقوم بها لإثارة انتباه الرأي العام الدولي كما يفعل عندما ياخد معه خيمته لينصبها أينما حل وارتحل
فأمام هدا السيناريو الإجرامي الدي يقوم به القدافي في حق شعب ليبيا العظيم لا يسعنا إلا أن نتسائل بكل حرقة وألم : لمادا تتفرج أمريكا والغرب على عمليات الإبادة الجماعية التي يرتكبها القدافي المجرم في حق آلاف الليبيين في الوقت التي لا تتورع في استعمال جميع أنواع التدخلات عندما يتعلق الأمر بحياة الأمريكيين والغربيين حتى لو كان مواطنا واحدا ؟؟؟ ألهده الدرجة تسترخص أمريكا والغرب حياة الإنسانية جمعاء مقابل الرفع من شان مواطنيها ؟؟؟ أليس هدا هو الوجه الحقيقي البشع للإمبريالية الأمريكية والغربية التي لا تتردد في كل حين في تلويك واستهلاك خطاب الديموقراطية وحقوق الإنسان ؟؟ أليست هده بالمؤامرة المدبرة ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إجرام بلا وازع إنساني أو حدود
عدلي جندي ( 2011 / 3 / 15 - 16:02 )
وهل مصادفة أن ترسل المهلكة السعودية جيوشها علي رائحة شواء شعب ليبيا لشواء شيعة البحرين وقمع ثورته وتفويت فرصة تحقيق مطالبهم ؟لا فرق ما بين إجرام مصالح إمبريالية غربية و وما بين إجرام سلفية أخري سنية م


2 - الكاتب العزيز محمد بودواهي
سامي ابراهيم ( 2011 / 3 / 15 - 22:26 )
تحية حب كبيرة أرسلها لك أيها الكاتب العزيز على قلبي محمد بودواهي.
تقول :-من خلال التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون والعديد من خبراء المؤسسات المتعلقة بالدراسات السياسية والاستراتيجية حول ليبيا والقدافي والمجلس الوطني المؤقت يتبين مدى الجهل والغموض الدي يكتنف شخصية القدافي لديهم- ولكن أنا سمعت بأذني تصريحا لممثلة أمريكا لدى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة ردا على أنه لا وجود لقصف أو ثورة بأن هذا الرجل -القذافي- هو متوهم ومجرم ويعاني هذيان العظمة ولم يعد يميز بين الواقع والخيال. قد يكون هناك مؤامرة أيها الكاتب العزيز بودواهي وقد تكون هناك أجندات يسعى الغرب لتنفيذها، ولكن برأيي فإن نظام القذافي خسر المجتمع الدولي وسيلاحق كمجرم حب وسيتم عزله والتضييق عليه.
لا أعرف ما يحمله المستقبل للشعب الليبي في ظل الظروف الراهنة، ولكن لا أعتقد بسقوط هذا المجنون المجرم إلا بقوة خارجية، التدخل الخارجي وحده كفيل بإسقاط النظام الليبي. وإلا فإن الإنتقام الشنيع سيكون من نصيب الشعب الليبي.
دمت بالف خير


3 - مؤامرات
محمد بودواهي ( 2011 / 3 / 16 - 11:21 )
السيد جندي
مؤامرة غربية إمبريالية على ثوار ليبيا توازيها مؤامرة خليجية سنية متخلفة على ثوار البحرين
مع الأسف ليس هناك أية مساندة للشارع الشمال إفريقي والشرق أوسطي لاستنكار ما يجري
تحياتي


4 - الصديق سامي
محمد بودواهي ( 2011 / 3 / 16 - 11:48 )
تحياتي الخالصة صديقي العزيز سامي ابراهيم
أوباما يصرح في كل لحظة وحين أن القدافي لم تعد له أية شرعية ، والعديد من المسؤولين الأمريكيين الآخرين يرددون نفس الجملة ويعتبرون نظام القدافي انتهى
لكن على أرض الواقع يعرقلون صدور أي قرار يقضي بحضر جوي على سماء ليبيا
إنها ازدواجية لا يمكن أن تعمل إلا في صالح القدافي الدي يستغل المزيد من الوقت لإبادة ما يمكن إبادته من الشعب الليبي الأعزل
لكن أتفق معك صديقي أن النهاية لا يمكن أن تكون إلا بانتصار الثورة لأن الشعب الليبي لم يعد له ما يخسر بعد كل هده المدبحة الإجرامية التي ارتكبت
أما القدافي فإلى مزبلة التاريخ
بألف خير

اخر الافلام

.. ريفايفل: ألبوم جديد يسعى إلى السعادة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. كأس أمم أوروبا: منتخب البرتغال يفتتح منافساته بمواجهة مع تشي




.. كأس أمم أوروبا: منتخب سلوفاكيا يحقق انتصارا مفاجئا على نظيره


.. كأس أمم أوروبا: رومانيا تسحق أوكرانيا بثلاثية نظيفة




.. شاهد كيف أدى قرار عائلة إلى إنقاذ طفل حديث الولادة