الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حارس مرمى

ياسر العدل

2011 / 3 / 15
كتابات ساخرة


بدأت علاقتى بالكرة منذ الصغر على أرض قريتنا، الكرات غير المكتملة هى الدروس الأولى، حين أسرف فى اللعب خارج الدار تنادينى أمى كى أتوقف عن اللعب الهمجى، أبكى فتدللنى وتستعطفنى وحين يفشل تدليلها فى عودتى تبدأ المطاردة، تلاحقنى فى الحارات وتقذفنى بكرات من الحصى والطوب، وحين تنجح فى الإمساك بى تحملنى إلى باب الدار، وتبدأ طقوسها فى مسح دموعى وإعداد حمّام تنقيتى مما علق بى من تراب وروث بهائم.

كان لقريتنا مدرستها الخاصة فى لعبة كرة القدم، الكرة نصنعها من القش والخرق القديمة، ملعبنا نقيمه على ساحة جرن حصاد أو أرض شارع أو داخل زقاق، نصنع شواهد المرمى من أحجار وأكوام تراب ومن ملابس اللاعبين، مبارياتنا وقتها مفتوح، ولا مانع أن يشاركنا اللعب والتحكيم بعض العابرين من بشر وبهائم وعابرى سبيل، كان للاعبين حق دخول أرض الملعب أو الخروج منه فى أى وقت، وكانت قيمنا الأخلاقية تسمح للاعبين أن يشتبكوا بأجسادهم يكسرون عظامهم ويشدون الهدوم ويتراجعون عن قراراتهم الكروية متى رغبوا.

خبرتى فى كرة القدم ترجع لقيامى بالمهام الخطيرة لحارس المرمى، فى كل مباراة أقمناها سعي فريق حارتنا لإعلان فوزنا بأكبر عدد من الأهداف بغض النظر عن خططنا فى إدارة اللعب، خطة تمنع دخول الكرة فى مرمانا وتعتمد على سرعتى كحارس المرمى فى تحريك شواهد مرمانا تضيقا أو توسيعا للمرمى يعجز معه المنافس عن التسديد، وخطة تعتمد على الصياح والقسم بأغلظ الأيمان أن الكرة لم تدخل مرمانا وان دخلت، وخطة تعتمد على التحرش بملابس الفريق المنافس بقصد ضياعها وتحريكها نحو توسيع مرماهم فيسهل على فريقنا تسديد أهداف الفوز، هكذا وصلت نتائج فوزنا فى بعض مبارياتنا إلى ثلاثين هدفا لنا مقابل عشرين هدفا للخصم، وأصبح شائعا أن تنتهى مباريات حارتنا بمعارك يشترك فيها اللاعبون والمتفرجون وعابرو الصدفة، يتبادلون السّب والقذف والإصابة بكرات غير مكتملة من حصى وطوب وجلّة ناشفة.

برغم إخلاصى فى حراسة المرمى إلا أن أولاد حارتنا قللوا من شأن إمكانياتى الكروية، وكثيرا ما وقعوا على جسدى بالضرب وتقطيع الهدوم، إذا فاز فريقنا يتهمنى الفريق المنافس بتحريك الهدوم قاصدا تضييق شواهد مرمانا فتضل كراتهم أهدافها، وإذا هزم فريقنا يتهمنى فريقنا بتحريك الهدوم قاصدا توسيع شواهد مرمانا فيستقبل كرات المنافسين، كنت صامدا وصبورا فكثرت الأورام والتسلخات فى جسدى وانتشرت الرتوق فى هدومى فكثرت حالات الاستعانة بى كحارس مرمى.

الآن ومعى كل هذه الخبرة، أرانى صالحا لقيادة فريق قومى لكرة قدم تعبر انتصاراته الأزقة والحارات والشوارع ويصل بسمعتى إلى العالمية؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟