الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورتنا على الظلم و الإفقار حلال

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 3 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


خلال الفصل الأول من عمر الثورة المصرية في 2011 ، و الذي إنتهى في الحادي عشر من فبراير 2011 لم يتورع حسني مبارك عن إستخدام أي وسيلة في متناوله لقمع الثورة .
إستخدم الغازات المسيلة للدموع ، و الرصاص المطاطي ، و الرصاص الحي ، و البلطجية ، و الإشاعات القذرة ، و السلب ، و إستخدم أيضاً الفتاوى الدينية لتحريم الثورة ، و قد وجد ضالته في مجموعة منتقاة من مشايخ السلطة .
فقهاء الخضوع هؤلاء ، لم يتورعوا عن تحريم الثورة على طاغية فاسد دموي مثل حسني مبارك ، و لم يتورعوا عن وصف ثوار الفصل الأول من ثورة 2011 بإنهم عُصاة .
فهل مشايخ الخضوع للظلم ، و إستمراء المهانة ، على صواب ، أم ثوار الثورة المصرية ؟؟؟
يهمني الرد على فقهاء السلطة رغم إننا كشعب قد طوينا صفحات الفصل الأول من كتاب ثورتنا ، لأسباب أهمها :
أولاً : إننا كشعب لم ننته بعد من كتابة كتاب ثورتنا ، فالثورة ، و كما سبق أن ذكرت مراراً ، ستطول ، و نحن لازلنا في الفصل الثاني فقط ، لهذا يهمنا تفنيد تلك الفتوى الدينية التي تجعل البعض يخضع للظلم ، و الإمتهان ، و الإفقار المتعمد ، إعتقاداً منهم أن ذلك الخضوع من الدين .
ثانيا : ما قرأته عن لجوء النظام السعودي لفتوى مماثلة ، لتقوية قبضته على السلطة .
ثالثا : توعية من أجل المستقبل ، فحتى عندما تنجح الثورة ، فإن من السهل أن يعود الطغيان إذا لم يكن الشعب متيقظ ، و في تاريخ مصر مثال ، فقد تقوضت الديمقراطية المصرية الأولى في يوليو 1952 ، و للأسف وسط ترحيب بعض أبناء الشعب ، من غير الواعين .
لكي يكون الشعب متيقظ علينا محاربة فقه الخضوع ، ذلك الفقه الذي كان أحد أسباب إزدهار الإستبداد منذ العصر العباسي الثاني ، على وجه الخصوص ، و إلى اليوم .
هذه هي أهم أسبابي للرد على فقهاء الخضوع للإستبداد ، و ردي لن يكون بمقارعة الرأي الفقهي برأي فقهي أخر ، و إنما بالأمثلة العملية ، التي يكاد يعرفها أي مسلم له إلمام ، و لو بسيط ، بالتاريخ الإسلامي ، لأنها الأفضل في الرد ، و أهم تلك الأمثلة هي التي تقع في الفترة الأولى للإسلام ، قبل أن يفترق المسلمون شيع ، و أحزاب .
أمثلتي التي سأذكرها سيجد أي مسلم ، أكان سني ، أم شيعي ، أو أباضي ، أو صوفي ، أو ظاهري ، ما يوافقه منها ، على الأقل مثل واحد .
المثل الأول هو الأقدم تاريخا ، و بالتالي الأقرب لحياة خاتم المرسلين ، صلى الله عليه و سلم .
إنه قول ذلك الأعرابي الحر لعمر بن الخطاب : و الله لو جدنا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا .
ثم تعليق عمر على ذلك القول : الحمد لله الذي جعل في رعية عمر ، من يقومه بحد السيف إذا أخطأ .
فيا فقهاء السلطان ، و يا من تتبعون فقهاء السلطة ، هل كان الأعرابي على خطأ ، أم عمر ، أم أن كلاهما كانا على خطأ ؟؟؟
هل مشايخ السلطة ، و فقهاء إستمراء الظلم ، على صواب ، و الأعرابي ، و عمر ، كانا على خطأ ؟
مع ملاحظة أن التقويم الذي لوح به الأعرابي ، و رحب به عمر ، كان بالسيف ، و ليس بالنضال السلمي كنضال ثورة الشعب المصري في 2011 .
إذا كان في قول الأعرابي لعمر مجرد تلويح بالسيف ، فإن الأمثلة الأخرى سنجد إنها كانت إستعمال فعلي للسيف .
الكل يعرف قصة الحسين بن علي مع يزيد بن معاوية .
و أعتقد أيضا أن الكل يعلم قصة خروج عبد الله بن الزبير على يزيد أيضا ، و ما تلى ذلك .
و ربما يعلم بعض القراء بخروج أهل المدينة النبوية المنورة ، على يزيد الفهود ، أو يزيد الخمور ، و هما النعتان اللذان ألصقه أهل مدينة الرسول ، صلى الله عليه و سلم ، بيزيد بن معاوية .
و البعض يعلم أن أبو حنيفة النعمان ، مؤسس المذهب الحنفي ، أقدم المذاهب السنية الأربعة ، و أكبرها في عدد المتبعين ، لم يكفر خروج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، المعروف بمحمد النفس الزكية ، على المنصور العباسي .
و قاضي مصر الأشهر ، الحارث بن مسكين ، وقف مع ثورة مصر ، بعربها ، و قبطها ، مسلميها ، و مسيحييها ، على ولاة المأمون العباسي ، و أصر على الشهادة ضد هؤلاء الولاة ، و هي الشهادة التي كلفته النفي إلى العراق لسنوات .
الأمثلة التي تؤيد الخروج على الحاكم الظالم ، و ولي الأمر الفاسد ، كثيرة ، و يكفي ما سردت في هذا المقال ، خاصة أن بعض تلك الأمثلة وقع في عهد أقرب كثيراً لزمن الرسول ، صلى الله عليه و سلم ، من الفقهاء الذين أسسوا مدرسة الطاعة التامة ، و الخضوع المطلق ، للحاكم الظالم الفاسد ، و حللوا إستمراء الذل ، و المهانة ، و الإفقار ، و جعلوا ذلك من الدين ، و الدين من ذلك براء .
تتبقى مسألة واحدة ، و هي لعب فقهاء المهانة ، على وتر الأمن الخارجي .
الرد عليهم يبدأ أولا بالعودة للأمثلة التاريخية التي أوردتها في هذا المقال ، مع تذكر الظروف التاريخية في فترة وقوع تلك الأمثلة .
لقد كان عهد عمر بن الخطاب عهد حروب خارجية ، و كانت العلاقة بين المسلمين و الدولة البيزنطية ، في حياة يزيد ، غير ودية ، و كذلك في عهد أبو جعفر المنصور ، و شهد عهد المأمون حروب خارجية أيضا ، لكن هذه الظروف الخارجية لم تمنع عمر من أن تنبسط أساريره و هو يسمع الأعرابي ، و لم تمنع الحسين من الخروج ، و لا كذلك عبد الله بن الزبير ، و لم تمنع أبو حنيفة النعمان من تأييد ثورة محمد النفس الزكية ، و لم تقف حائلا بين الحارث بن مسكين و تأييد ثورة مصر .
بعكس ظروف الماضي ، فإن إسرائيل - التي يتعلل بها البعض لتحريم الثورة على الحاكم الظالم الأن - هي التي تشدد على طلب السلام ، و معها العالم الخارجي ، و قد سبق أن شهدنا كيف كان قلق إسرائيل على معاهدة السلام أثناء الثورة ، و بعيد سقوط مبارك ، ثم ترحيبها الحار بإعلان المجلس العسكري الحاكم الإلتزام بكافة المعاهدات التي أبرمتها مصر من قبل ، و منها معاهدة السلام ، و أتذكر كيف كان الإهتمام البالغ من القناة الأولى في التلفزيون الروماني في المقابلة التي أجرتها معي تلك القناة في الحادي و الثلاثين من يناير 2011 ، و التي ذكرت تفاصيلها في مقال نشرته في اليوم التالي للمقابلة ، برأيي الشخصي في معاهدة السلام تلك ، و ما أعتقد إنه موقف الثورة منها .
إسرائيل اليوم هي التي تلح على السلام مع دول المنطقة ، إذاً يمكن أن ننتبه لتنظيم شأننا الداخلي ، و أن نستمر في ثورتنا السلمية على الإستبداد الذي كان ، و القائم حالياً ، و الذي يلوح به المستقبل ، و على الفساد الذي كان ، و المستمر لليوم ، و الذي سيستمر في ظل سرقة الثورة ، و لينتبه جيش مصر لحماية مصر من أي إعتداء خارجي .
الثورة على الظلم ، و الإفقار ، من حيث المبدأ ، و في الظروف الحالية ، حلال حلال حلال ، خاصة عندما تكون سلمية ، و ثورتنا سلمية سلمية ، و عاقلة ، وحكيمة ، أيضاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟