الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة حماس الجديدة تفتتح اعمالها بقمع منظم

فؤاد ابو لبدة

2011 / 3 / 16
القضية الفلسطينية


ما أن انفكت حكومة حماس الجديدة الموسعة من أداء اليمين الدستوري للقيام بأعمالها , ليسجل لها التاريخ بداية سوداء وتنذر بصورة قاتمة لطبيعة هذه الحكومة التي لم يمر علي تشكيلها سوي أيام قليلة لم تتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة , حيث توجت أولي أعمالها بحملة قمعية وحشية نفذتها الأجهزة الأمنية والشرطية التابعة لها تجاه الاعتصام السلمي للجماهير الشعبية المطالبة بإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني والمتماشية مع طبيعة الحراك الشعبي العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص متأثرة تماما برياح التغيير والديمقراطية التي أطاحت بأنظمة دكتاتورية وشكلت حالة ثورية عربية نزعت حالة الخوف والجمود التي كانت مسيطرة علي الواقع العربي لعدة عقود مضت .
استجابة للحملات الشبابية التي أطلقت علي شبكات التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتوتير بعد أن تم توحيد جميع الروابط الاجتماعية وتنسيق المواقف فيما بينها , وبعد أن قامت بخطوات تمهيدية مسبقة بتنظيم مسيرات جزئية الهدف منها كسر حاجز الخوف والرهبة ورفع الحالة المعنوية , نزل الآلاف من الشباب للشارع الفلسطيني في معظم محافظات الوطن بشكل سلمي وحضاري يرفع شعارات موحدة مطالبة بإعادة اللحمة وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم كخطوة أساسية لإنهاء الاحتلال الذي ازدادت شراسته أكثر انغرست أنيابه الاستيطانية بشكل جنوني بعد هذا الانقسام , رافعين الأعلام الفلسطينية فقط في مظهر جديد من نوعه غاب عن الساحة لفترة طويلة , بعد أن كان يغلب ظهور الأعلام الحزبية الخاصة بالفصائل الفلسطينية بنسبة كبيرة جدا علي طبيعة المسيرات الاحتجاجية في فلسطين .
حاولت حكومة حماس جاهدة لاحتواء حالة الحراك الشعبي في محافظات غزة عبر محاولات التفافية لتتجنب بقدر كبير الضغط الجماهيري عليها للهروب من إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة ولا سيما أنها استفادت من الحالة الثورية المصرية وتراهن علي تأثير قوة الإخوان المسلمين بمصر وقدرتها للعب دور أساسي في السياسة المصرية لفك الحصار عن غزة وفتح معبر رفح وفك العزلة السياسية عن حكومة حماس لتعزيز مواقعها التفاوضية مع حكومة رام الله , تحاول المماطلة قدر الإمكان في إنهاء هذا الملف لحين الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة بمصر كون أي مرشح قادم لا يرفع شعار التقارب مع القضية الفلسطينية لن يتسنى له النجاح , كما أن الرئيس المصري المرتقب بغض النظر عن تسميته سيحاول إعادة الوزن والثقل الإقليمي لمصر الذي تراجع نسبي ملموس بفعل عجزه علي تحقيق أي تقدم في الملف اللبناني والفلسطيني وبعض القضايا الإفريقية .
سارعت حكومة حماس باتخاذ إجراءات اجهاضية لحالة الحراك الشعبي الذي اختار من ساحة الجندي المجهول وسط غزة بما له من رمزية سيادية للنضال الوطني الفلسطيني وتحديد موعد الخامس عشر من آذار كموعد لانطلاق الحملة وفق مبادئ القانون , حيث أن قانون الاجتماعات العامة رقم 12 لسنة 1998 يوفر حماية خاصة وتدابير تضمن حق المواطنين في تنظيم الاجتماعات العامة , دون اشتراط الحصول علي ترخيص مسبق , حيث تقتصر الإجراءات علي توجيه إشعار كتابي بذلك للمحافظ أو مدير الشرطة قبل 48 ساعة علي الأقل من موعد عقد الاجتماع وعلي الشرطة أن تبدي ملاحظاتها علي تفاصيل التجمع السلمي لغرض حماية وضمان سلامة المشاركين ودون المساس بالحق في حرية التجمع السلمي , وما لمسناه من إغماض شرطة حماس المكلفة بحراسة مكان الاعتصام العين عشية تنفيذ الفعاليات ليعلن صباحا عن فقدان أجهزة الإذاعة التي اجتهد الشباب وبمشقة كبيرة للحصول عليها في أولي المحاولات الاجهاضية , وما أن شق الفجر ضوئه بدأت التحركات الشبابية للوصول لساحة الجندي المجهول , لتبدأ حكومة حماس بمسلسل المناكفات وتعطي الأوامر لحركتها وطلاب الجامعة الإسلامية بالتحرك وتنظيم مسيرة لنفس المكان وتحمل رايات وأعلام حزبية في محاولة منها لتضليل وسائل الإعلام وإضفاء لون الحراك الشعبي باللون الحمساوي , وعملت علي احتواء المسيرة عبر مكبرات الصوت والأجهزة المحمولة علي السيارات في خطوة لا يفهم منها إلا السيطرة علي الحراك الشعبي الرافض لحالة الانقسام .
وضمن الخطط البديلة التي كانت بحوزة شباب 15 آذار التوجه لساحة الكتيبة التي لا تبتعد كثيرا عن ساحة الجندي المجهول لإقامة خيم الاعتصام فيها , وإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام حتي يرضخ طرفي الصراع للمصالحة الوطنية وفق برنامج توافقي يمهد الطريق لانتخابات رئاسية وتشريعية في الفترة المقبلة , لم تمر أكثر من 4 ساعات حتى امتلأت ساحة الكتيبة بكافة شرائح وفئات المجتمع من طلاب ومثقفين ومهنيين وعمال وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لفتوا انتباه الجميع حينما حضروا للتجمع بشكل جماعي ومنظم علي كراسيهم المتحركة يهتفون الشعب يريد إنهاء الانقسام , وكان للمرأة دور بارز في الحضور وتوشحن جميعهن بشارات سوداء علي أكتافهن كتبت عليها باللون الأبيض المرأة تريد إنهاء الانقسام , وفي خطوة حضارية وداعمة لترسيخ وحدة الشعب الفلسطيني جهزت بعض النسوة المشاركات في الاعتصام باقات من الورود البيضاء لتقديمها للشرطة الفلسطينية ظنا منهن أن الشرطة التي تلف المكان هدفهم حمايتهن وحماية الآخرين بناء علي التصريحات المطمئنة التي أطلقها إسماعيل هنية رئيس الحكومة الجديدة حين نادي بدعمه لآراء الشباب وتحركهم وسعيه الجاد لتحقيق المصالحة , وسرعان ما تبددت تلك الأوهام حين انطلقت جموع الشرطة وبعض أعضاء جهاز الأمن الداخلي يفضون التجمع السلمي بقوة الهراوات والعصي الكهربائية وبضرب مبرح طال أطفال وشيوخ وشباب , وحتى النسوة لم تشفع لهن أنوثتهن من تلقي بعض الهراوات ونعتن بألفاظ قاسية غريبة عن الواقع الفلسطيني والعربي والمسلم واقل ما يقال عنها أنها تقشعر لها الأبدان .
إن ما حدث اليوم يدلل وبالملموس علي الفرق الشاسع ما بين الإطار النظري الذي تزينت به حكومة حماس الجديدة وما بين فعلها القمعي علي ارض الواقع , ويدلل أيضا علي الاستفادة من الإبقاء علي حالة التشرذم والانقسام قائمة ,فمن يدعي الديمقراطية لا يواجهها بالهراوات الكهربائية , شتان ما بين من يحمل الورود لنثرها ومن يحمل العصي لرميها , ويتوجب علي الحراك الشعبي أن يتواصل بالاستمرار قدما نحو تحقيق الهدف المنشود بتحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حماس (حكومة وحركة )!!!
محمد حسن ( 2011 / 3 / 16 - 19:49 )
(يتوجب علي الحراك الشعبي أن يتواصل بالاستمرار قدما نحو تحقيق الهدف المنشود بتحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام) .
اقتبس من مقالك استاذ فؤاد هذه الخاتمة لاؤكد معك على ضرورة استمرار الحراك الشعبي وتقديم التضحيات من اجل انهاء الانقسام ..
قبل ان تسيطر حركة حماس على الحكومة كانت تطالب بديمقراطية الاحتجاج السلمي وتعتبرها خط احمر لا يجب التعدي عليه وحق اساسي للمواطنين والاحزاب والمؤسسات ،، اما الان بدات تتعامل وبشكل قمعي اكثر حدة من بعض البلدان ذات النظم القمعية كحكومة وهذا مؤشر خطير يعكس عدم جدية وصدق هذه الحركة في التعبير عن طموحات وآمال الشعب الفلسطيني حتى في مطالبته بانهاء الانقسام الكارثي والظهور بشكل وحدوي ،، وقد سعت هذه الحكومة الى جر تنظيم حماس الى معاداة كل من هو ليس ضمن الحركة واعتباره حتى غير فلسطيني !!!!

اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة