الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة القذافي تاكل أبناءها

هادي الخزاعي

2011 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ثورة القذافي تأكل ابنائها
واحدة من تداعيات نكسة هزيمة خمسه حزيران 1967 قيام العسكر في ليبيا بثورة ضد الملك إدريس السنوسي وذلك في الأول من سبتمبر عام 1969 ، وقد قام بها مجموعة من الضباط بقيادة الملازم معمر القذافي .
ومنذ ذلك التأريخ وهذه الثورة تدور في فلك إرادوية مطلقة للعقيد القذافي ـ بعد الثوره ترقى الى رتبة عقيد ـ

كانت هذه الثورة واحدة من ثورات أو إنقلابات أو حراكات سياسية عديدة حدثت في عدد من الدول العربية ، كردة فعل على هزيمة الأنظمة العربية أمام إسرائيل في الخامس من حزيران .
وحينها استبشر الكثير خيرا بهذه التغييرات التي بدلت من طبيعة الأنظمة العربية التي غادرت وطنيتها الى خانة اللاوطنية . ومن بين هذه المتغيرات ، ما حدث من تغيير في ليبيا ، حين قامت الجمهورية العربية الليبية .

وقد تجايل العقيد مع العديد من الرؤساء والملوك العرب الذين حملوا لواء العروبة والإسلام في خطابهم السياسي الذي كانوا يخاطبون به شعوبهم . ومن ابرز هؤلاء جميعا عراب القومية العربية الرئيس المصري جمال عبد الناصر .

ومنذ العام 1969 ونظام العقيد يمر بأدوار إستحالة غير مفهومة مرورا بالمستجدات التي طرأت على بنيوية النظام الليبي بدءا من الثاني من آذار 1977 حين أعلن العقيد قيام الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الأشتراكية بديلا عن جمهوريته العربية الليبية .

أراد العقيد بثورته الداخلية تلك ؛ عام 1977 أن يجد بديلا عن النظامين الرأسمالي والشيوعي ، فإختلق له نظرية ثالثة نضدها في كتابة الأخضر.
لم تجد هذه النظرية من سوق تروج فيه إلا في سوق الأنتهازيين من السياسيين الفاشلين ، والمنتفعين ومدبجي الكتابات والقصائد المجانية من عرب وغير عرب .
إستمر العقيد لوحده ، بعد أن همش كل رفاق دربه ؛ يدفع بسفينته النظرية سابحا ضد كل التيارات الأجتماعية والفكرية والأقتصادية في العالم .
لقد قادت سباحة القذافي ضد التيار ، الى تبديد ثروة الشعب الليبي ، على المحتالين والطامعين بالثروة والقيادة ، وعلى نزواته في دعم انظمة بعينها ومعاداة أخرى، بناءا على أجتهاداته الفاشلة التي يجود بها كتابه الأخضر.

كانت الضحية الأكثر ضررا من هوس العقيد بالأختلاف ـ خالف تعرف ـ هو الشعب الليبي . فناهيك عن تهميشه للشعب ، وعزله على الصعيد السياسي والتلاقح الطبيعي مع شعوب الأرض ، فقد غذى في ثقافة هذا الشعب الطيب مبدا دونية الآخر، عبر جملة التشوهات الثقافية والأجتماعية والسياسية والأقتصادية التي إعتمدها في إدارته لدولته وصولا الى حالة التوريث غير المعلنة التي مارسها مع ولده سيف الأسلام المتربي على سياسة العقيد بما تحمل من تعالي ونرجسية طافحة بكل ما هو مقرف .

إذن فالثورة الليبية التي بدت في مخاضاتها الأولى ثوره شعبية بلباس عسكري ، استحالت في سيرورتها وصيرورتها الى نظام مشوه صار فيه الشعب مرغما على تنفيذ سياسة العقيد ، ليستمر هو في موكبه كملك ملوك أفريقيا وعميدا للحكام العرب . وهو بذلك التتابع في تكريس الذاتوية قد أحال الثورة الديمقراطية الى دكتاتورية مطلقة ليس فيها سوى العقيد ، رغم إدعاءاته بحكم الجماهير لنفسها في أول جماهيرية في التأريخ ، تتمتع بديمقراطية " ديموا الكراسي " التي أنتجها العقل المريض او المتمارض للعقيد .

بالمقابل فإن الشعب الليبي لم يستكن لهذه الطريقة في ادارة البلاد ، فكان هناك الكثير من المخالفين لسياسة العقيد ، غير أن التهميش والصمت الأعلامي الذي كان يمارسه النظام قد غيب اسماء كثيرة كانت ولا تزال تقول للعقيد لا ! ناهيك عن تجاهل الأعلام العالمي لحركة المعارضة الوطنية الليبية . إن هذا الأغفال والتهميش والصمت الأعلامي والسياسة الدولية والداخلية المزاجية للعقيد ، قد ساهم في عزل ليبيا كلها أرضا وشعبا عن محيطها العربي والدولي ، لذلك قلما تجد في وسائل الأتصال الحديثة أي معلومة مكتملة عن مسيرة ليبيا السياسية منذ عام 1977 يوم ولد الكتاب الأخضر للعقيد لغاية بداية الحراك الذي جرى في 17 فبراير .
لقد قدم الشعب الليبي العشرات من المناضلين الشهداء الذين غيبهم نظام العقيد ، ومئات من الذين لجأوا الى بلدان العالم خوفا من لجوء النظام الى تصفيتهم بالأغتيال او الزج في السجون .
إن مجزرة سجن ( بو سليم ) الذي قارب عدد الضحايا فيه الألف ومائتين من السجناء ـ بغض النظر عن دواعي سجنهم ـ إنما هي ممارسة تعبرعن دموية النظام وساديته .

ومنذ شهر وليبيا تعيش حراكا جماهيريا عارما ، بدأ يوم السابع عشر من فبراير ضد العقيد ونظامه وعائلته وأتباعه الذين هيمنوا على ثروات ليبيا ،وكبلوا حرية شعبها بجماهيريات حسب ما سماها العقيد نفسه في كتابة الأخضر .
وهذا الحراك لا يزال قائما بعد أن تحول الى ثورة مستمرة ، وقد سيطر هذا الحراك أو الثورة الشعبية ، على العديد من المدن المهمة في شرق ليبيا وغربها ، وبعدها تشكل المجلس الوطني الأنتقالي الليبي في بنغازي ، وكذلك إنضمام العديد من القطعات العسكرية الى ما يمكن أن نسميهم بالثوار . بمعنى أن شكل هذا الحراك الجماهيري السياسي أخذ شكلا يقترب من أن يكون نواة للحكومة الليبية البديلة عن حكم العقيد .

إن الأنعطاف الكبير في مسار حراك 17 فبراير من تظاهرات مطلبية الى ثورة لتغيير النظام برمته ، لاسيما بعد أن انحاز الى الثوار عدد كبير من رموز النظام ، كالدبلوماسيين ووزراء كوزيري العدل والداخلية ، وضباط كبار وطياريون .هذا التسارع في سعة انتشار الثورة جعلت العقيد يستشعر الخطر المحدق بوجوده ، بعد أن دق الخطر أجراسه امام مداخل العاصمة طرابلس .
عند ذاك تغيرت اللهجة المستخفة والمقزمة للثوار،الى لهجة شديدة التهديد والوعيد ، التي بات يطلقونها هو وإبنه سيف الأسلام بلا حساب ، وبلغت ذروة التهديد تلك في خطاب العقيد الذي دعى فيه الى ملاحقة من سماهم بالجرذان ومدمني حبوب الهلوسة ، وتوعده لهم بملاحقة تمتد في كل أرجاء ليبيا " بيت بيت .. شارع شارع .. دار دار .. زنقه زنقه " وصولا الى جملته المرعبة " سأجعل من ليبيا نار حمراء .. جمره تحترق ، وثورة حتى النصر "

من شكل ومضمون ما تفوها به العقيد وأبنه ، وصلا الى الحد الفاصل بين ما هو وطني حين تعهد في بدايات ثورته بالدفاع عن مصالح الجماهير ، وبين ما هو فاشي حين جعل من قواته العسكرية أداة لتدمير العباد والبلاد، وتسييد نفسه حاكما مطلقا يعلي من يشاء ويقصي من يشاء .

وهكذا تحولت الثورة القذافية الى قطة جائعة لا تتوانا عن أكل أبناءها من أجل أن تبقى في شبع دائم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا