الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب ترفض إصلاحات الحكومات

دينا عمر

2011 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة مستمرة:

تغيير الحكومات أو إجراء بعض التعديلات الوزارية هي أول الطرق التي يلجأ إليها الحاكم لامتصاص غضب الجماهير. ففي سلطنة عمان وجه السلطان أمر بتوظيف فوري لخمسين ألفا من العاطلين ووضع حد أدنى للأجور بالإضافة لبعض الإصلاحات السياسية، وفي الأردن تم تغيير حكومة الرفاعي بحكومة البخيت ووعود بتغيير قانون الانتخابات وإطلاق حرية تكوين الأحزاب، وفي الجزائر تم إلغاء قانون الطوارىء، أما في السودان تعهد البشير بعدم ترشحه لفترة رئاسية قادمة مع توسيع قاعدة الديمقراطية، وفي اليمن أيضاً دعا عبد الله صالح المعارضة للحوار.

إلا أن شعوب تلك البلدان لم تهدأ وعاصفة الثورات تجتاح كالنار في الهشيم. كل هذا يحدث برغم إجراء تغيير -- قد يكون إيجابيا- في سياسات الحكومات. لماذا إذن ترفض الشعوب الإصلاحات التي تقدمها الحكومات؟ ولماذا تطالب برحيل الحكومة تلو الأخرى بل تطالب برحيل الرؤساء والملوك أنفسهم؟

لاشك أن حالة الغضب الشعبي الممتدة بطول الوطن العربي لم تنشأ بدعوات إلكترونية ولم تكن تحريض من قلة مندسة أو أجندات خارجية؛ فالفقر والاستغلال (أقسى أنواع العنف) يشكلان السمة الحياتية للمواطن العربي في ظل التفاوت الطبقي بين قلة فاحشة الثراء وبين أغلبية مدقعة الفقر لم تعد تحتمل. وتحت الضغط الشعبي على الحكومة تم تقديم التنازلات. هذه التنازلات قد تعتبر هي قمة آمال بعض الفئات من العاطلين بالحصول على عمل ومن معتقلين بالإفراج وإطلاق حرية التعبير، لكن نفس الوعود الإصلاحية التي قدمتها الحكومات، أكدت للشعب أن تعنت الحكومة في السابق لتنفيذها لم يكن سوى لمصلحة الرئيس ورجال الحكومة أنفسهم. فماذا يعني تعنت الرئيس اليمني بعدم تغيير قانون الانتخابات واحتلال حزبه 85% من مقاعد مجلس الشعب كذلك رفضه التام للحوار مع المعارضة ثم دعوته الآن للحوار؟ وماذا يعني رفع قانون الطوارىء في الجزائر الآن برغم هدوء الساحة السياسية منذ سنوات؟ وماذا يعني التوظيف الفوري للعاطلين بسلطنة عمان سوى أن هناك بالفعل مصانع يمكنها استيعابهم بدلا من تكديس العمل على قلة عددية بهدف الربح الأكبر لرجال الأعمال؟

كل هذه الإصلاحات المقدمة اعتبرتها الحكومات ممر آمن يعبر من العروش إلى الشارع، لكنها في الحقيقة زادت من عمق فقدان الشعوب لأي ثقة في حكوماتهم. كما تأكدت سرقة الحكومات للشعوب طيلة الفترات السابقة، وفي ظل نفس الظروف السياسية والاقتصادية الآن.

وبخروج الشعوب بالاحتجاجات، واجهوا الآلة القمعية للدولة التي أدت لسقوط القتلى والجرحى، الأمر الذي يؤكد مصلحة الحكومات في إبقاء الوضع على ما هو عليه قدر الإمكان وعدم الإضرار بمنافع رجالها من السلطة حتى إن قتل الأبرياء، في نفس الوقت الذي اعتبرت الشعوب دم الشهداء بمثابة وقود حي لإمتداد الثورة على نفس الطريق دون رجوع. فجماهير البحرين التي خرجت وأعلنت مطالبتها بـ"إصلاح" النظام، استطاعت رفع مطالب أكثر جذرية بـ"إسقاط" النظام بعد قتل العشرات منهم. وامتدت لتطالب برحيل الملك نفسه بعد مناورة الفتنة الطائفية التي عمد إليها لقمع الثورة.

ونتيجة لابتعاد أغلب الأحزاب العربية عن واقع الشارع وغياب جذور تمتد بداخله وتتبنى مطالبه، تمكنت الجماهير من لفظ كل من يحاول الركوب على ثورتها أو التحدث باسمها في الحوار مع الحكومة. وبناءا عليه رفض لكل مشاريع التسوية بين الشعب - الرافض للقيادة الانتهازية- وبين الأحزاب التي تطمع في نصيب من الكعكة، أى بعبارة أخرى الرفض الكلى لذلك المسار الإصلاحي.

إذن لم يكن رفض التغيير الحكومي أو الوزاري عند الشعوب سوى إكمال لثوراتهم، ومن أجل ربط كل القضايا السياسية والاقتصادية والوطنية كما يحدث بالأردن بالمطالبة بتغيير الحكومة الثانية، أو بالإسقاط الكامل لكل رموز النظام السابق في الحكومات الجديدة كما في مصر وتونس. وهذا كله لا ينفصل عن تحركات عمالية ونقابية ولجان شعبية للدفاع عن الثورة تدرك حجم الثورة المضادة في ثوبها الإصلاحي الخادع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة