الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقنعة البطالة

حسين التميمي

2011 / 3 / 17
حقوق الانسان


عراق ما بعد 2003 شهد الكثير من المآسي والمصاعب والمشاكل وارتفعت فيه ملايين الأصوات مطالبة ومنددة ومرددة ومعددة ومنتقدة ومؤيدة ..هذه الأشياء وغيرها حدثت أو استحدثت وفقا لثقافة جديدة تمكنا من تبنيها على عجل، وحتى التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية لم تفلح في إدهاشنا، بل إننا تبنيناها سريعا وتعاملنا معها وكأنها اشياء كانت موجودة معنا لكننا لم نعرها اهتماما إلا الآن !!
وحدث كل هذا تحت أنوار وأضواء كاشفة، كان للفضائيات الحصة الأكبر منها، هذه الأصوات (المنددة والمعددة) وما تبعها أو سبقها من مواقف داعمة أو رافضة او محرضة.. أسهمت في وضعنا على مفترق طرق سمي بعد ذلك بـ (الفوضى الخلاقة) لكننا كنا نعلم جيدا إنها أسهمت في مفاقمة فوضانا القديمة وألصقت أو ألحقت بها فوضى جديدة مستحدثة (رافقت الاحتلال) وليس هذا فحسب.. بل اننا تعاملنا مع المتغير وكأنه يخص أناس غيرنا واستطعنا ان نسهم في مفاقمة كل هذه الفوضى بدلا من تبديدها، لذا اختلطت الكثير من المفاهيم وبات الحل هو المشكلة، او على اقل تقدير جزء منها، أو أن المشكلة والحل تداخلا معا فما عدنا نعرف، من.. انتج من؟ او من هو.. نتاج من ؟ وما هي الطريقة المثلى لإيجاد حل مرض للجميع، سيما وأن من بيده الحل صار يجيد خلط الأوراق ويبرع في مفاقمة الفوضى وحث ترابها، لأنه يعي ان الغبار المتصاعد سيتحول الى ستار يحميه ويحمي من معه من فاسدين ومفسدين.
عراق ما بعد 2003 ظهرت فيه مشكلة البطالة وكأنها وليدة اللحظة، ولم يتم التعامل معها بجدية بل ان العديد من الشخصيات والأحزاب القادمة من خلف الحدود او تلك المستحدثة، او حتى تلك التي تمتلك تاريخا يتصف بالعراقة، لم تنج من التورط في المهزلة، او بعض من تفاصيلها، فصار على كل مواطن ان يأتي بجملة من البراهين والادلة على انه كان يعمل ضد النظام السابق وانه سياسي مخضرم لا يشق له غبار، هذه الحمى او ما صار يعرف بعد ذلك بحمى الحصول على وظيفة.. أصابت الجميع، وبين ليلة وضحاها تحول كل من ليس لديه وظيفة حكومية(مهما بلغ من الثراء) الى راغب ومصر ومطالب بالحصول على وظيفة.. مهما كان الثمن، وبين هؤلاء الكثير من الأثرياء والموسرين، او حتى أولئك الذين لديهم دخل شهري يفوق راتب اي موظف- باستثناء أعضاء البرلمان طبعا- وقد صدمني أنني رأيت العشرات ممن لديهم محلات تجارية كبيرة او مشاريع خاصة تدر عليهم أضعاف ما قد تدره عليهم الوظيفة يطالبون بالحصول على حقوقهم في التوظف لدى الحكومة الجديدة. ولم يتوان هؤلاء عن مزاحمة الفقراء والبسطاء والمحتاجين للحصول على تلك الوظيفة، ومما يؤسف له ان هؤلاء استطاعوا أن يحصلوا على الوظائف التي غازلت أحلامهم.. فقط لأنهم كانوا يملكون المبالغ أو الأسعار التي حددت من قبل كبار أو صغار الموظفين المرتشين الذين كان بيدهم الحل والعقد.
وليس هذا فحسب بل المفارقة ان هؤلاء الموسرين تمكنوا من الحصول على رواتب من شبكة الحماية او الرعاية الاجتماعية، ولم يشعر اي منهم بالخجل او تأنيب الضمير وهو يذهب إلى هذه الدائرة الاجتماعية او تلك ويطالب برواتب شهرية قد لاتصل الى ما يحصل عليه في يوم واحد من عمله او مشروعه الخاص!!
وليس هذا فحسب بل هناك عدد لا بأس به من المسؤولين الذين يتقاضون رواتب الحماية الاجتماعية، وهذا الامر لم يعد خافيا بعد ان تناولته بعض وسائل الإعلام وصرح به عدد من المسؤولين، لكننا ننتظر وبشغف و(تشف) لن نكتمه هذه المرة، ريثما تتمخض (جبال) وعود الحكومة عن (فأر) تنفيذها بمحاكمة هؤلاء الفاسدين، سيما وان (سبتاتيل) العديد من الفضائيات دار لمئات المرات كي ينقل لنا خبر اتخاذ الحكومة لقرار بفصل اي موظف حكومي مهما كان منصبه، يثبت تورطه بالحصول على راتب من شبكات الحماية الاجتماعية !!
إذن مثلما انتظرنا أن يحاسب أي وزير فاسد، ولم يحاسب اي منهم.. ننتظر ان يحاسب أي موظف فاسد تقاضى رواتب من شبكة الحماية الاجتماعية.. واسهم في حرمان أناس فقراء هم بحاجة الى تلك الرواتب.
هؤلاء ومهما بلغت مناصبهم يجب ان يحاكموا، وليس هذا فحسب، بل يجب ان تكون العقوبة اشد كلما ارتفع شأن المنصب، لأن من يرتكب مثل هذه الجريمة عندما يكون في منصب حكومي متقدم ويتقاضى راتبا بملايين الدنانير ويسيل لعابه لافتراس او التهام راتب إنسان فقير.. لا يجب ان يحاسب وان يعاقب كغيره من الموظفين الصغار، فإذا ما تمكنت الحكومة من اتخاذ إجراءات رادعة كهذه، فأنها ستكون بحق قد انطلقت بالاتجاه الصحيح، وان ثمة غد مشرق وضاء ستلوح تباشيره في الأفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هنالك الكثير
عمار حسين ( 2011 / 3 / 17 - 12:24 )
ثق يااستاذي اعرف المئات ان لم اقل الالوف من الذين يعملون في القطاع الخاص برواتب مجزية جدا وبدون امتلاكهم لشهادات دراسية تؤهلهم لشغل وظائف حكومية تدر عليهم عشر مايحصلون عليه في عملهم يعتبرون انفسهم عاطلين عن العمل وتجدهم حانقين على الدولة علما انهم ياخذون وبصورة قانونية لاغبار عليها رواتب من الحماية الاجتماعية باعتبارهم عاطلين عن العمل واذا مااستثنينا العنصر النسوي الذي لديه حظ قليل في القطاع الخاص بسبب طبيعة
العمل في هذا القطاع التي تطلب مجهودا اكثر بكثير من الاعمال الحكومية فاني اقول لك وبضمير مستريح ان نسبة البطالة في العراق هي ادنى بكثير وكثير جدا مما هو معلن ومسجل

اخر الافلام

.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر


.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ




.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|


.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي




.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل