الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يشعر الإنسان بالراحة وذراعه في قبضة الآخرين

ناجي عقراوي

2002 / 8 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


العراق عراقنا وشعبه شعبنا وأي تغيير يجب أن يكون بشروطنا :

 في خضم الأحداث السياسة العاصفة والتصريحات النارية ، يجري في الدهاليز عن سابق تصميم  تهميش رأي الشعب العراقي ، هذا الشعب المحاصر خارجيا  والمقموع داخليا و المثخن بالجراح  وسكاكين القريب والبعيد تنهش في جسده ، والمزايدات تجري على معاناته بمسوغات ومبررات نعرف سلفا دوافعها ، وفي مقدمة هؤلاء  بعض دول الجوار ، كأن أساليب القمع والتهميش التي تمارسها السلطة الباغية لا تشفي غليل هؤلاء البعض .

جهات كثيرة من المعارضة العراقية دخلت إلى حلبة الصراع ، كأن تغيير النظام العراقي فقط هو الهدف والغاية ، أما مستقبل الشعب العراقي ومصير وطنه لا تهم بعض العراقيين ، فكل طرف دخل إلى حلبة المصارعة بثوب وشعار هذه الجهة الإقليمية أو تلك ، راغبين حصول زواج قسري بين التوجهات الأمريكية ومصالح تلك القوى الإقليمية بالرغم من التطلعات العراقية ، ناسين بأن المنطقة قلقة ومضطربة أساسا ، متجاوزين التوازنات و التارجحات المتغيرة في السياسة ومجريات الأحداث ، والبعض الآخر يلبس رداء المعارضة وللأمس القريب كان متطوعا ومخبرا ذليلا لدى الأجهزة الأمنية للنظام ، متصورين الادعاء بلعبة الديمقراطية وطرحهم بعض الأفكار سوف تقنع الآخرين للتغطية على مخططات أسيادهم ،  وكأن القوى الحية في المجتمعات العراقية والموجودة على الأرض لا تعرف أهدافهم وأبعادها وجذورها ، وكيف يجري حثيثا لتحويلها إلى ورقة سياسية ، لكي يصار إلى ترتيبات أمنية لصالح هذا الطرف أو ذاك ، وبذلك يمهدون إلى مشروع مواجهة جديدة أو مأزق جديد ، وبعدها للانعطاف في اتجاهات خارج المصلحة العراقية ، ومن ثم جعل الخريطة السياسية وفق بعض المقاسات كأمر واقع ، غافلين الإرادة العراقية الحقيقية الكامنة ، بسبب تغيبها من قبل النظام العراقي وبعض الدول الإقليمية والغربية و في المقدمة أمريكا ، وتصوير هذه الإرادة في قناعاتهم بأنها مجرد أشباح لا وجود لها ، في حين تراهن القوى الوطنية العراقية المخلصة ، بأن هذه الإرادة سوف تخرج إلى السطح وبقوة ، لتفريغ هذه المشاريع الغبية والخيالية من مضامينها ، حتى وان كان في الظاهر أنماطا متعددة ومتباينة تتحكم في واقع العراقيين ، لأن جلها تصب في خانة مصلحة الوطن ، والاختلاف في الرأي رحمة قبل أن تكون نقمة ، والذي يتصور عكس ذلك يوهم نفسه بان هذه الإرادة لن تتأثر بصورة مباشرة بالنتائج سواء بوجود النظام أو ما بعده ، وبالتالي يذهب إلى القناعة بان التغيرات في الخارطة العراقية سوف تحصل بصورة هادئة وسلسة .

نقول للدولة التركية الطورانية ، مهما حاولت  من عمليات الضغط و الابتزاز لا يستطيعون  تدنيس الأرض العراقية وتحت أية يافطة أتت ، إنها ليست نزهة عابرة ، لأن تحت الرماد كميات هائلة من التراكمات المأسوية ، التي مارسوها ضد شعوب المنطقة ، من عهد إمبراطوريتهم المقبورة مرورا إلى عهد كيانهم الطوراني ، وشعبنا لا يستقبلهم بالزغاريد والهلاهل ، بل سوف ينفجر بوجههم الغضب العراقي ، وسوف يجعلهم إلى دفع ثمن باهض ، وسوف تقود المنطقة إلى وضع لا يمكن لجم تفاعلاته حتى وان دعمت أمريكا مطامعهم أو قسم منها ، وحين يفيقون على شراسة وعنف ردنا ، سوف يجيدون انعكاسات مدمرة على طابورهم الخامس  وعلى كل الذين يحتمون بالجيش الغازي ، ونراهن أيضا على العمق العربي و الإسلامي للعراق ، وهناك جهات إقليمية ودولية أخرى لها وزنها لا تتفق مع الرؤية التركية ، و تؤدي حتما إلى مواجهة واسعة النطاق  ويفلت المارد العراقي من عقاله ، لأن الكعكة  العراقية ليست سهلة الهضم ، ولدينا حساباتنا منذ أن وضعوا (ولاية الموصل ) في ميزانيتهم السنوية الخاوية  .

ليس سرا إذا قلنا بان هناك شكوى عامة ، وان سكت البعض لأسباب انتهازية و مصلحيه ، من انفلات بعض الخلايا التي كانت النائمة من الطابور الخامس الطوراني ،  وتجاوزها الحدود المباح والدخول إلى منطقة المحظور  وبأسلوب الإهانة و التشهير والافتراء و الدجل ، وانهم إن لم يكشفوا أخطاءهم ويراجعوه  سوف يأتي اليوم الذي يثار دوافع الحقد نتيجة تصرفاتهم ، أن أفكارهم الجهنمية بوضع خرائط وقضم الأراضي العراقية والسورية للوصول إلى داخل تركيا ، أنها اغضاض أحلام  سوف تصبح كوابيس مرعبة تهز وجودهم ، إن مثل هذه التصرفات وأفكارهم  الشيطانية تدفع في نفوسهم الشجاعة للانخراط في المغالطات المكشوفة ، والانجرار وراء مخططات الأجهزة الأمنية التركية وبحجة الجذور التاريخية دون النظر إلى الوراء ، وتحوير شخصيتهم الوطنية العراقية ، لحساب التوازن الاقتصادي والاستقرار الداخلي للدولة الطورانية على حساب العراق ، كأنهم يريدون القفز على التوازنات الإقليمية والدولية والطيران بجناح واحد للوصول إلى نعمة الدولة الطورانية ، التي تحاول التوازن منذ عقود بين جسدها الشرقي و رأسها الأوربي ، ودون حصاد يذكر رغم محاولاتها الدؤبة للدخول إلى النادي  الأوربي ، وهي مرفوضة حتى من التقرب من  أبواب هذا النادي  ، مهما حاولت الترقيع وتجميل صورتها البشعة والمطبوعة في الذاكرة الجمعية للأوربيين ، ويعلمون بأن ماكياجهم مزيف واقتصادهم منهار وعقليتهم جامدة والعدوان جزء لا يتجزأ من طبيعة سياساتهم ، وهذا ما نجده في بحر ايجة وفي قبرص وكردستان ولواء الاسكندر ونه وغيرها من الأماكن ، وحينما يقعون في ( المستنقع ) العراقي سوف يجدون مدى كراهية العالم لسياساتهم العنصرية الشوفينية ، العبرة ليست في الغزو فقط  بل في كيفية الحفاظ على الأرض .

الخريطة التركية للجالية الطورانية في العراق ، سربها في حينه الأجهزة الأمنية  التركية ، وهي مشروع أمريكي – تركي – إسرائيلي  مشوه ، يراد منها كي تنضج وتتطور تحت الضغوط و الأمر الواقع ، وتحويله من وجود مصطنع إلى وجود طبيعي ، وأمريكا لم تعمل يوما لصالح قضايا الشعوب ، وتجاهلت كثيرا المطالب المشروعة للآخرين ، وهي نفسها كانت تبارك و تؤيد نظام صدام حسين في ممارساته القمعية ، وبعد أحداث 11 من سبتمبر قامت بتسييس قواعد القانون الدولي وافقده من صفة التجريد و العمومية ، مما أدت بالأمم المتحدة إلى مجرد أداة للدبلوماسية الأمريكية، وأعطت لتركيا أدوارا ومن أهمها دور في مجال المياه ، وان تبين في بعض الحالات بأنه يلف دورها بعض الغموض ، وهو غموض مقصود يراد بها تمرير المشاريع الإقليمية المخططة لها أمريكيا . 

لا شك أن الوطن العراقي مستهدف ، ونحن الأكراد أيضا مستهدفون ،  والطريقة التي تلعب بها  تركيا الطورانية من الناحية السياسية مختلفة عن سياسة العالم المتحضر ، وهنا يمكننا القول بأن السكوت المشين والمعيب لبعض المعارضة عن الخريطة التركية التي نشرتها الأجهزة الأمنية الطورانية بواسطة عملائها في العراق ، مهما تكن حججهم لا تبرر هذه ألا مبالاة ، وبل وصل بنا الأمر إلى الشك من مواقف بعض قوى المعارضة ، وهنا نقول بإمكاننا أن نصبح المعادلة الصعبة إذا لم يفيق البعض ، ونستطيع دائما خلط الأوراق ، لأننا بعد انهار من الدماء والدموع ، نرفض إحلال بسطال جند رمة الأتراك محل النظام الديكتاتوري .

إذا كانت لأمريكا خطوط حمر بالنسبة للدولة الكردية ، فهذا ما أكده الجانب الكردي دائما ، وقيادات الكردية متفقة على عدم طرح موضوع الدولة الكردية ، لأنه ليس من العقل والمنطق أن ندفع شعبنا إلى الانتحار ، وليس هذا يعني  بأنه ليس من حقنا المطالبة بحق تقرير المصير كأمة لها وجودها ، أو بسبب الظروف الإقليمية فقط ، بل لان أكثرية شعبنا الكردي يؤمن بوحدة المصير المشترك في العراق ، نتيجة العلاقات التراكمية التاريخية بين العرب و الأكراد .

هنا من حق المراقب أن يسال الجانب الأمريكي ، هل وضعت خطوط حمر للدولة الطورانية بالنسبة للشان العراقي ؟ وما هي موقفها إذا تدخلت تركيا في الشان العراقي بصورة عامة ، وفي الشأن الكردي بصورة خاصة ، ولا سيما إن تركيا ربيبتها وعضوه في الحلف الأطلسي وتقتات اقتصادها من الفتات الأمريكي ، أم تعتبر لتركيا أدوار أخرى ، وان شمال العراق هي مثل شمال قبرص ، والشعب العراقي في شماله هم هنود حمر ، يجب الوصاية عليهم من قبل أحفاد هولاكو وجنكيز خان ، ليحكموه  على طريقة قرقوش .

أمريكا وبعض القوى المعارضة أسقطت من معادلتها موضوع خلط الأوراق ، متناسية بأن العنف يولد العنف ، والقوة مهما كانت لا تصنع السلام ، ومن ابسط طرق خلط الأوراق هو ، لو أحس حاكم بغداد بان الحبل يلتف حول عنقه ، من الممكن أن يهيئ الظروف الذاتية والموضوعية  لنوع من الشراكة والحريات والديمقراطية التي يتطلع إليها الشعب العراقي ، ويقلب بذلك الطاولة على كل اللاعبين .

يقول نائب وزير الدفاع الأمريكي بأنه يتفهم رئيس أركان حرب التركي السابق حسين أغلو ، ولكنه نسي أن يقول له بان لديه دولة في تركمستان وهي موطن أجداده يمكنه الذهاب إليها ، ونسى أيضا بان يقول له بان الحدود بين العراق والدولة الطورانية ، خطت وفق معاهدات دولية منذ عهد عصبة الأمم ، والأمم المتحدة هي الوارثة الشرعية للعصبة .

سيرتنا نحن الكرد في التضحيات والمآسي ، أطول واعمق من وجودنا في التاريخ ، وتعلمنا بان السياسة فن الممكن ، والذي يعمل  على قتل الرؤية المستقبلية للعراقيين  بصورة عامة وللأكراد بصورة خاصة ، كمدخل لضبط الساحة ليؤسس لإعادة أجواء ديكتاتورية بديكتاتورية أخرى ، فإننا نعتبر تلك الرغبات هي تمهيد لتلعب الدولة الطورانية ، دورها البشع ولتشويه صورة الواقع المعيش بخريطتها الجديدة ، والشيء الذي نعرفه بان بطش الدولة الطورانية هي نتيجة لبطشها السياسي ولعقليتها العنصرية ، لذا نعتبر التدخل التركي بالنسبة لنا هو خط احمر واحمر جدا ، آن الأوان بأن يتكلم الجميع بصوت عالي ، وفي المقدمة أمريكا والنظام العراقي وقوى المعارضة العراقية عن موقفهم من الدور التركي

 

ملاحظة :

 

نشرت مقتطفات منها في جريدة الزمان عدد 1284 في 12/8/2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلجيكا ترفع دعوى قضائية ضد شركة طيران إسرائيلية لنقلها أسلحة


.. المغرب يُعلن عن إقامة منطقتين صناعيتين للصناعة العسكرية




.. تصاعد الضغوط على إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب| #غرفة_الأخبار


.. دمار واسع طال البلدات الحدودية اللبنانية مع تواصل المعارك بي




.. عمليات حزب الله ضد إسرائيل تجاوزت 2000 عملية منذ السابع من أ