الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة القذافي لحقوق الإنسان

بدرالدين حسن قربي

2011 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



رجع الربيع بنوره ونوّاره، وروحه وريحانه بعد غياب طال لأربعين عاماً، جفّف فيه قساة القلوب من ظالمينا وفاسدينا سحر الحياة في شام العزّ والإباء. رجع الربيع فرحاً للأمهات وبهجة للثكالى وأملاً للأيتام وحرية للحرائر والأحرار، وسروراً لكل أنصار الحياة محبة ومودة وعطاءً وتضحية، وعبقت أجواء الشام وسماواتها بعبق الياسمين وروائح أزهار الورد والمَحْلَب والكرز. وبدأت الانتفاضة السورية في الشام، في الوقت الذي تُكمِل فيه الانتفاضة الليبية شهرها الأول وهي في مواجهة مسلحة بين طرفيها الشعبي المقموع والمضطهد لعدة عقود، والرئيس القذافي القامع والفاسد، والذي يتعامل مع شعبه باعتباره طائفة من المهلوسين والمخدرين والجرذان والمقمّلين. وليس سرّاً أن الطرفين يدخلان شهرها الثاني وكل منهما يبحث عن مخرج ويبحث عمن يساعده ويؤيده ويدعمه في موقفٍ من قول أو عمل. ولئن كان القذافي بأولاده ومرتزقته يريد الاستمرار فإن الشعب الليبي صنع ثورته واتخذ قراره بالخلاص من جلاده، أن لارجوع وإلى الأمام. ولئن وُجد من يدعم الديكتاتور ضد شعبه بالمواقف والسلاح والطيارين والمرتزقة من العرب وغيرهم ممن أشار إليهم سيف القذافي نفسه في أحاديث مختلفة، فإن شعبنا الليبي وجد من يناصر قضيته العادلة وحقه في الحياة الحرة الكريمة. وأعرض هنا لثلاثة مواقف إنسانية لافتة لمن ربطتهم علاقة ما مع القذافي وأولاده.
نجمة من أهل الطرب والفن قالوا عنها: لعلها لاتريد أن تأكل الحرام أو تأخذ أموالاً مشبوهة، أو أنها تريد التكفير عن لقائها سفّاحين مجرمين قتلة لم تكن عرفتهم بعد. قد يكون السبب كل هذا مجتمعاً أو بعضه أو غيره، فربكم أعلم بما في نفوسكم، وإنما الذي يعنينا أن نجمة البوب نيللي فورتادو الكندية أثبتت أنها أخت رجال وبنت أصول ونخوة كما يقال عندنا نحن بني العرب، حيث أعلنت انها تلقت عام 2007 مبلغ مليون دولار للغناء أمام أفراد من عائلة الزعيم الليبي معمر القذافي مع مدعوين معهم لمدة 45 دقيقة في أحد الفنادق الإيطالية. ولكنها بعد أن عرفت طبيعة هالأسرة الكريمة من خلال مجازرها وتوحشها في مواجهة الشعب الليبي، فقد وعدت بالتبرع بهذه الأموال لجمعيات خيرية للتخلص منها. وكي لايزعم أحد بانفراد المغنية الكندية بموقفها أيضاً، فقد أعلن مدير جامعة لندن البريطانية سكول أوف إيكونوميكس الشهيرة، هاورد ديفيس، الخميس الثالث من آذار مارس 2011 استقالته من منصبه بسبب العلاقات التي تربط الجامعة بأسرة الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال ديفيس في بيان له بإنه قرر التخلي عن منصبه بسبب الضرر الذي لحق بسمعة الجامعة، هذا وقد أعلنت الجامعة مسبقاً قطع كل علاقاتها مع سيف بن القذافي وأنها ستخصص الهبة المالية لتقديم منح لطلبة من شمال إفريقيا. أما عن حقوق الإنسان، فلمن لايعلم فهناك جائزة سنوية في ليبيا باسم القذافي لحقوق الإنسان. تمّ منحها للسيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا، وقلده وشاح الجائزة العقيد القذافي في حفل رسمي يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، تقديراً لمواقفه الشجاعة في نصرة قضية الشعب الفلسطيني، وإنحيازه للفقراء والبسطاء من الناس.
بالتأكيد، لاأزعم أن السيد أردوغان على علمٍ بمجزرة سجن أبوسليم الليبية في إحدى ضواحي العاصمة طرابلس عام 1996 التي راح ضحيتها نحو 1200 من سجناء الرأي بدعوى تمردهم داخل السجن لمطالبتهم بشروط اعتقال أفضل ومحاكمة عادلة وحقهم في تلقي الزيارات، فنفّذ النظام القمعي والوحشي مجزرةً بحقهم في ساعتين أو ثلاث ساعات، وحاول طمس هذه الجريمة بدفن جثثهم في مقابر جماعية متفرقة داخل السجن وخارجه، ولكني أزعم أن هذه المجزرة كانت أحد أبرز القضايا التي ألهبت مشاعر الانتفاضة الليبية، لأن اعتقال النظام الليبي للمحامي الموكّل عن أهالي الضحايا أشغل الغضب، فرغم إطلاق سراحه أيضاً قبيل يوم واحد من اليوم المحدّد للاحتجاجات في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، فإن هذا لم يمنع أن يشتعل فتيلها على أمين القومية العربية وملك ملوك أفريقيا نتيجة قمعه الوحشي طوال عهده لعشرات من السنين، وأن يثور بركانها لحرق الأخضر كتاباً ودجلاً واليابس أخلاقاً وفلسفةً من محتقريها وناهبيها ومجوّعيها. وعليه، وإن كان يؤخذ على الحكومة التركية موقفها تجاه الانتفاضة الليبية في وجه الإبادة الجماعية والتوحش القذافي أياً كانت أعذارها، لأنه مخيّب للآمال ودون المنتظر منها بكثير بالمقارنة مع مواقفها تجاه الانتفاضة المصرية، ولكن مايؤخذ على رئيسها الطيب أكثر وأكثر، فهو موقفه وصمته غير المبرر عن ردّ جائزة لحقوق الإنسان من حيث جاءت أعطيت له قبل شهور ثلاثة، لا لأنه لايستحقها بل لأن طرفها الآخر جزّار لشعبه، ويتهددهم بالإبادة الجماعية، وبعيد كل البعد عن معاني الإنسان وحقوقه، .
نتفهم تماماً أن يكون للسياسة مواقفها وأخلاقياتها الناشفة التي تعتمد المصالح ابتداءً وانتهاءً فهذا حالها وطبيعتها، ونتفهم أيضاً أن السيد أردوغان أحد دهاتها وأرطبوناتها، ولكن مما لاشك فيه أن قليلاً من القيم والمبادئ معها يصلحها كما قليل الملح يصلح الطعام، وكي لا يقال انقطعت النخوة وانعدمت المروءة عند أهل السياسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
موسي سوف الجين ( 2011 / 3 / 19 - 05:42 )
تحياتي....لاتعول كثيرا علي ان المهرج التركي سيلقي بالجائزة -المهزلة في وجه جزار طرابلس..فقد طالبه البرلمان التركي بأن يفعل منذ الايام الاولي للثورة الليبية ولكنه رفض!..

اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد