الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصلاحات الاردن غرق في التفاصيل

سالم قبيلات

2011 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


اتخذ النظام الاردني خطوات شكلية سريعة جراء اندلاع الانتفاضات الشعبية العربية تفاديا لتأثيراتها السلبية عليه، في محاولة لاحتواء التحركات الشعبية الجماهيرية التي نادت باصلاح النظام السياسي، وطالبت بالحد من ظاهرة استشراء الفساد. فمن الايام الاولى تحرك النظام عبر خبرته الطويلة، لافراغ المطالبات الشعبية من محتواها، واخراجها بعناية عن مسرب الاصلاح السياسي الحقيقي الذي هتفت الجماهير منادية به اثناء المسيرات والاعتصامات الاحتجاجية التي عمت معظم المحافظات والمدن الاردنية ,وكان يحرص على الدفع بها نحو مسارب اخرى لا تفرض عليه تبني تغييرات اصلاحية نوعية حقيقية.
استند النظام في معالجته للوضع الطارئ الى تراكم ممارسات سابقة له، عمل خلالها على تشجيع ظاهرة المشاريع الفردية الوصولية التي حققت نموا كبيرا وسريعا في السنوات الاخيرة ،وميزت حركة النخب السياسية الاردنية الباحثة عن دور سياسي مضمون ومتاح، لقناعتها بعدم وجود طريق اخر يضمن المشاركة السياسية من خارج مكرمات السلطة التي باتت تتحكم بكل المنافذ بما فيها نتائج انتخابات مجلس النواب.
فالمتتبع عن كثب للفاعلين في الحركة الشعبية المطالبة بالاصلاح يلاحظ كيف التقطت هذه النخب تأثير الثورات العربية، واعتبرتها فرصة ثمينة لاعادة توزيع خارطة المكاسب الشخصية في الدولة الاردنية ، وتم ايضا ملاحظة تزاحما كبيرا لرسائل متنوعة وجهت الى النظام المرتبك ،يعلن اصحابها عن قدرتهم على امتلاك العلاج السحري للحالة المزرية للوضع العام، وبانهم هم من يؤثر بالشارع الاردني . كما وشهدت الساحة الاردنية تسابقا محموما لتفاصيل الوصفات الجاهزة للاصلاح، وكيف تمسكت كل مجموعة بطرحها على اعتباره النموذج الاصح والمضمون ليكون بلسم التعديلات المطلوبة على القوانين الناظمة للحياة اليساسية،لا بل ان اغلبية اصحاب المبادرات اعتبرت اوراقها المعروضة بمثابة الوصفة السحرية الكاملة وغير قابلة للتعديل او النقاش، ودون الادراك منها بشكل كاف الى اننا نعيش اليوم في زمن الحدث والصورة وتكون الاراء وتطورها بشكل سريع وبطريقة تختلف عن قراءات العرافين.
بعد هذا السيل من التشتت في تفاصيل الرؤية للاصلاح ادرك النظام ان الالتفاف على المشروع الوطني للاصلاح وتحويله الى استثمارات شخصية للنخب بات طريقا سالكا ، فبادر عبر خطة ذكية الى فتح منافذ خلفية للحوار،اتاح بموجبها ممرات مناسبة للنخب السياسية، لتتمكن من خلالها مقايضة المطالب العامة بالمطالب الشخصية غير المكلفة للنظام.
وبالاعلان عن تشكيل الحكومة الاردنية للجنة الحوار الوطني يكون النظام قد ابتكر محاولة ذكية للافلات من تقديم تنازلات كبيرة تفرض عليه اقرار اصلاحات دستورية جذرية، ووفر ايضا لنفسه فرصة زهيدة ومريحة لكسب الوقت لتشتيت التحركات الشعبية، وتأمين العودة الى ما كان عليه سابقا من ممارسات تميزت بالهيمنة والتسلط ومصادرة الحريات العامة والخاصة. فأغلب رموز اللجنة لا تبشر بالامل المعقود عليها ، والامر بالنسبة لهم ليس اكثر من توفر فرصة لتقديم عروض بالفذلكات السياسية، لربما يحالفهم الحظ من خلالها بالفوز بلقب معالي كجزء من فتات خيرات السلطة الذي بات ينثر بكثرة في السنوات الاخيرة للتغطية على ملفات الفساد ونهب الاموال العامة. كما ان التقييم الموضوعي لمستوى اللجنة يفيد بانها ستكون اداة مريحة وطيعة في يد السلطات، كونها لا تشكل جزءا فاعلا ورئيسيا من اطياف المجتمع ومكوناته السياسية ومنظمات المجتمع المدني الاردني . وان ما يعزز حالة ارتياح السلطات من اللجنة واستمرارها بالنهج التسلطي السابق وعدم قناعتها بالاصلاحات الديمقراطية هو مبادرتها عشية الاعلان عن تشكيلها الى ارسال قوات درك اردنية الى البحرين للمشاركة في قمع الحركة الجماهيرية هناك ، المطالبة بالديمقراطية ونجدة طاغية البحرين حتى يتجاوز محنته العسيرة .
كما يرى غالبية المواطنون بان المهمتين التي انيطت بلجنة الحوار الوطني للوصول، اولا الى صيغة قانون انتخاب ديمقراطي يعقد الامل عليه لاحداث نقلة نوعية في العمل النيابي، وثانيا مراجعة قانون الاحزاب ليحقق التنمية السياسية خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة اشهر، بمثابة خطوات غير كافية لاصلاح الحقيقي لتكريس العدالة، والنزاهة والشفافية وسيادة القانون ، فالتجارب السابقة كشفت عن مقدرة السلطات على شراء ذمم اعضاء مجلس النواب بتكلفة زهيدة . ولذلك فان الحل المطلوب يجب ان يكون جذريا، فالتغيير الحقيقي لا بد أن يبنى على القاعدة الدستورية الأساسية أن "الشعب مصدر السلطات". فالاصلاح لن يتم الا في ظل وجود محكمة دستورية وخضوع عملية الانتخابات الى الطعن القضائي حتى لاتكرر عمليات التزوير السابقة التي تحدثت عنها التقارير الموضوعية للمركز الوطني لحقوق الانسان،ما يفرض اجراء تعديلات دستورية عميقة تعيد الى العقد الاجتماعي القه وآلياته وتنظم الواجبات والحقوق السياسية بشفافية عالية، وتحمي المواطن وممثليه في السلطات الثلاثة. أما الإصلاحات الشكلية التجميلية للحياة السياسية فلم تعد مقبولة، ومن حق المواطن ان يرى رحيلا لبرلمان تسابق اعضاؤه على شتم الشعب ونعته بأقبح الاوصاف ، فالأردنيون شعب حر يستحقون الحرية والعدالة والديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال