الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشيّع السياسي .. البحرين والرقص بأجساد عارية

بركات محي الدين

2011 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


العالم في التشيّع السياسي بلا خرائط والجغرافيا لديهم عنصر ثانوي ، وطن المتشيّع السياسي طائفته وتأريخه هويته . يتقدم التأريخ كثيرا لدى الشيعة على الجغرافيا وعلى الشريعة أيضا ، والعنصر المحوري الذي تلتف حوله نظرية التشيّع عنصر قديم وخالد تم تأصيله عبر الزمن .

( المظلومية ) هذه الكلمة الساحرة التي صارت عنوان المذهب وشعاره . لا أدري لماذا كلما طرح الشيعة هذا الاقنوم تبادر إلى ذهني إقنوم يهودي خالد ( الهولكوست) ، ومثلما يبدي اليهود تسامحا في التنازل عن أي شيء أو مناقشة أيّة حقيقة تتعلق بهم إلا ( الهولوكوست ) ، يبدي جماعة التشيّع السياسي إخلاصا راسخا تجاه ( مظلوميتهم ) . يعتقد الشيعة ومعهم كثيرون أيضا بالتلازم الجدلي بين الحق وبين المظلومية ، فلكي يثبت الأنسان إنه على حق يجب أن يثبت إنه مظلوم أولا ، مع إن هذا الأشتراط والتلازم غير منطقي وغير أخلاقي وغير عملي . من خلال قراءاتي في تأريخ الأديان وجدت إن الأقليات الدينية تلجأ إلى عناصر مستدامة تتخذها سببا في تحشيد عواطف المنتمين اليها ويكون التسالم عليها من بديهيات تلك الأقليات وبمرور الزمن تتحول تلك العناصر إلى وسيلة من وسائل الدفاع الديني والسياسي بعدما كانت في الأصل وسيلة من وسائل الكسب المذهبي وتعزيز الأنتماء داخل الطائفة .

و للأنصاف لا يمكن نكران ما تعرض له الشيعة على مر العصور من إضطهاد وتنكيل مثلما لا يمكن إنكار ما تعرض له اليهود من شيء مشابه . غير إن ذلك الظلم هو ديدن العلاقة بين الحاكم والمحكوم بوضعهما الأصلي دون الألتفات إلى الأنتماءات الثانوية ، ولذا لا يمكن أن نجافي الحقيقة فنرجع ذلك الإضطهاد إلى أسباب طائفية أو دينية في كلّ الأحوال وإلا لأصبح كل المضطهدين في العالم شيعة أو يهود وكل الظالمين لهم سنة أو نصارى . غالبا ما كان الشيعة يتعرضون للأذى لأسباب سياسية تتعلق بكونهم يختارون أو يُدفعون لمعارضة أنظمة الحكم والسلطة ، فمنذ عصر التأسيس دخل الشيعة دائرة الصراع السياسي بكلّ ثقل وحماسة ، يجب أن لا ننسى إن الشيعة في الأصل كانوا حزباً سياسيا قبل أن يكونوا مذهبا فقهيا . في أغلب الأحيان يدفع الشيعة ثمن معارضتهم تلك كما يدفعها المعارضون الآخرون في بلدانهم من بقية الطوائف والأعراق مثلما حدث في العراق إبان الحكمين الملكي والجمهوري عندما دفع الأكراد والتركمان والشيعة والسنة أيضا ثمن إنخراطهم في السياسة ومعارضتهم للأنظمة الحاكمة ، ولو أحصينا أعداد الضحايا من الشيوعيين – على سيل المثال – في العهدين المذكورين لوجدناها تفوق أعداد الإسلاميين الشيعة بأضعاف مضاعفة . لكن السبب وراء ظهور الإضطهاد الذي يتعرض له الشيعة المعارضون على إنه إضطهاد طائفي يعود إلى إن الشيعة المعارضين كانوا يستغلون شعائرهم وطقوسهم الدينية بخبث وإنتهازية لطرح مشاريعهم السياسية فتتورط السلطة وتضطر إلى قمع تلك الطقوس وحينها يربح الشيعة المعركة الدعائية ويربحون بعض التعاطف من المجتمع العام . ولعل تأريخ الأحزاب الشيعية العراقية شاهد جيد على ذلك فقد إستغلت تلك الأحزاب الزيارات والمناسبات الدينية لمعارضة السلطة وإحراجها ، كزيارة عاشوراء وزيارة الأربعين والزيارة الشعبانية وصلاة الجمعة المستحدثة في الفقه الشيعي أخيراً .

ربما تكون هذه مقدمة معقّدة بعض الشيء لفهم الرقص السياسي العاري الذي يمارسه السياسيون الشيعة في تعاملهم مع الأحداث الجارية في المنطقة العربية .

تشهد المنطقة العربية منذ بداية السنة الحالية أحداثا جساما تعيد رسم خريطتها السياسية والحضارية بدأت بثورات تونس ومصر الناجحة والتي دفع فيها الشعبان مئات الضحايا وحققا فيهما نصراً كبيرا، وتستمر الثورات العربية على أشدها في اليمن وليبيا اللتين يبدي شعباهما ضروبا من البطولة والصبر والتضحية مالم تقدمه اكثر الشعوب كرامة في التأريخ ، ولا زالا يناضلان في سبيل تحقيق ما ينشدانه أمام جبروت وبطش السلطة . آلاف الشهداء الليبين ومئات اليمنيين . هذه الدماء الزكية في تلك البلدان لم تكن كافية لأستثارة المشاعر الأنسانية لدى مهرّجي التشيع السياسي ومرجعياتهم البالية ، كيف تستثيرهم الدماء في تلك البلدان ولم تستثرهم دماء العراقيين في كل يوم ، فلو نظرت إلى حال العراق والعراقيين منذ سبع عجاف لوجدت أنه اكثر بلدان المنطقة سوءً وهوانا وأكثرها حاجة للأنتفاض والثورة ، بلد محتل وشعب مشرد وأنهار من الدم وسجون سرية وقمع بشتى صوره وثروة منهوبة على أيدي مراجع السوء وممثليهم في الأحزاب الدينية وتشويه للقيم وتفاخر بالعمالة ومسخ لهوية الوطن ، لكن ذلك كله لا يشكل سببا كافيا للثورة على هذا الوضع المنحرف برأي المرجعيات البالية ، فعندما تحرك بعض العراقيين للانتفاض على هذه الأوضاع تصدت تلك المرجعيات بفتاواها الشاذة وحرّمت التظاهر بصراحة . لا يمكن تبرير هذه الخيانة او تسويغها تحت أي عذر إلا أن يكون ذلك العذر هو الانحراف والشذوذ الديني والأخلاقي أصلا . ومثل ذلك يحدث في نظام الفقيه الشيعي في إيران عندما يحث فقهاء التشيّع السياسي هناك شعوب المنطقة على الثورة على أنظمتها في الوقت الذي يقمعون فيه مواطنيهم بأبشعبع صورة . هذه الشيزوفرينا الدينية والسياسية لن تجدها إلا لدى نظامين في المنطقة وهما النظام العراقي والأيراني لأنهما ينتميان لمنظومة عقائدية واحدة . قد يعتقد بعض المهرجين من الساسة العراقيين إن ردحهم وصياحهم في دعم المتظاهرين الشيعة في البحرين ومن قبلهم الأنفصاليين الحوثيين في اليمن سيعيد الماء إلى وجوههم الكالحة المفضوحة التي يرين عليها ذل العبودية والعمالة والانغماس في الرذيلة ، إنّما ذلك سيكشف عن عوراتهم وسيزيد من عزلتهم وسقوطهم . عندما تكون دماء أربعة بحرنيين مقدسة وعزيزة لدى أرباب التشيّع السياسي وتكون دماء العراقيين السبعة عشر الذين سقطوا على أيدى نظام المالكي والجعفري في الخامس والعشرين من فبراير في يوم الغضب رخيصة وزهيد فأن ذلك يكشف حقيقة الأزمة الشيعية والسعار الطائفي الذي أصاب التشيع السياسي الذي سماه المفكر علي شريعتي من قبل بالتشيّع الصفوي . طبعاً لا يمكن الأعتراض على مطالب الشعب البحريني في الأصلاح والحياة الكريمة لكنّ من الواجب أيضا تحذير البحارنة من إستغلال مطالبهم تلك من قبل النظام الفارسي ، ولايمكن التستر على مشاعر الوفاء والولاء لدى بعض البحرنيين للنظام الأيراني ومشروعه الرامي إلى نشر الفتنة والتقسيم المذهبي ، ولو تركت الأمور في البحرين على هوى المتفرسين لتحول ذلك البلد إلى عراق آخر أو لبنان جديد ,

لو قارنت الأحوال اليومية والمعاشية- بأستثناء حرية اللطم والتطبير - التي تعيشها الأقليات الشيعية في البلدان المحكومة من قبل السنّة بأحوال الشيعة الذين يعيشون في البلدان التي تحكمها المرجعيات الشيعية وساستها ستجد إن الكفّة تميل الى البلدان الأولى , مالذي جناه شيعة العراق من ساستهم . لا شيء سوى النهب والسرقة والقمع والتخلف وتسلط الجهلة وعودة الأفكار والممارسات السقيمة التي عافتها الشعوب وتعافت منها قبل قرون ، يجب أن لا ينسى شيعة العراق حملات القتل والترهيب التي جرت تحت ظل الحكم الشيعي ، ففي منطقة الزركة بظاهر النجف قتلت قوات المالكي مدعومة بالأمريكان أكثر من خمسمائة شخص بينهم الكثير من النساء والأطفال في ظهيرة يوم واحد وحدثت تلك الجريمة على مرمى حجر من المرجعية الشريفة ! وتكرر الأمر مع مدينة الصدر وكل مدن العراق فيما يسمى بصولة الفرسان . ومن قبلها حدثت عشرات المجازر في النجف والفلوجة والرمادي وديالى إبان حكم الجعفري ( مفكر المذهب وأمين سره السياسي ) ، هذا الأخير منزعج جداً الآن من الأحتلال السعودي للبحرين – مع إن القوات الخليجية التي دخلت البحرين هي قوات رمزية مؤقتة دخلت إليها بناءً على طلب عاهل البحرين وحكومته ، إضافة إلى إن دول الخليج تعد نفسها دولة واحدة إلى حدٍ ما – ولكنه لم يكن منزعجا من إحتلال الأمريكان للعراق البتة ، بل كان هو نفسه أول رئيسٍ لحزب إسلامي يبارك الأحتلال ويرضى بأن يكون مطية من مطاياه .

لن يكف تشيّع المنطقة الخضراء عن هذه الضلالة لأن خبثاءه لا يزالون يستطيعون تحريك القطعان الراكضة في مضامير كلّ فتنة على غير هدى ، إذا رأيت رجال الدين المنحرفين والسياسين الفاسدين يجتمعون على شعب ما فأعلم أنه أشد الشعوب محنة وأكثرها حاجة للعون . كان الله في عون هذا الشعب المغلوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال