الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمن لم يفهم ما نريده

زكرياء الفاضل

2011 / 3 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لمن لم يفهم ما نريده
بعد مرور بضعة أيام على الخطاب الملكي أفصحت اللجنة المعينة لمراجعة الدستور عن رؤيتها للتعديلات التي ستطرأ عليه حيث تنطلق اللجنة من كون الدستور مجموعة قواعد تنظم العلاقات بين السلط وبينها وبين المواطنين. وهذه رؤية سطحية لمفهوم الدستور الغاية منها الاحتيال على مطالب الشعب في التغيير إذ نحن نعتبر الدستور ليس مجرد قانون أساسي للدولة بل، وهذا هو الأهم، عقد بين السلطة والشعب لذلك فإننا نطمح لعقد جديد في العهد الجديد بين المؤسسة الملكية والشعب المغربي. وهذا ما لم يعبر عنه الخطاب الملكي ولا تصريحات اللجنة التي في حديثها الاعتراضي عن الفصل 19، الحجر الأساسي في التغيير، اعترفت أن الفصل سيتعرض لتعديل طفيف في الوقت الذي ننتذر أن يخضع لتغيير. كما جاء في تصريح اللجنة ما مفاده أن التعديلات المقبلة تجري في اتجاه تحويل الملكية التنفيذية إلى ملكية تدعم سلطة الوزير أي أن التعديلات المنتظرة ستوسع صلاحيات الوزير الأول ولن تضع السلطة التنفيذية في يده. وهذا يعني أن الملكية لم تسغ لمطالب الشعب وترفض نظام الملكية البرلمانية التي طالب بها شباب حركة 20 فبراير.
إن النظام لازال متشبث بالأعراف والتقاليد وكأنها وحي من السماء لا تتغير، فمن جانب النظام يحارب الأصولية على أساس أنها تريد الرجوع بنا إلى القرون الوسطى، بينما هو يفرض علينا قسرا العيش تحت ظل نظام إقطاعي مرت منه البشرية منذ قرون وتخلصت منه منذ ما يفوق مائة سنة، أليس هذا تناقد؟
إن الفرق بين الشعب المغربي والنظام الملكي يكمن في تعبير الأول بكل صراحة عن طموحاته وأهدافه بينما يعمل الثاني على اللف والدوران والإجابات الفضفاضة الفارغة من كل مصداقية في نوايا التغيير.
إن المغاربة لم يعودوا يرغبون في ديمقراطية صناديق الاقتراع وقد عبروا عن هذا الرفض في انتخابات 2007 حيث ردهم جاء صريحا على دعوة الملك للمشاركة في الاقتراع. فالمغاربة نضجوا ونضجت معهم طموحاتهم التي باتت تتشكل في ملكية تسود ولا تحكم.
قد يعتبر بعض الساذجين أننا متأثرين بالثورات العربية ونحاول تقليدها إنما التفكير على هذا النحو يدل عن العزلة التي ييش فيها هؤلاء عن مجتمعنا وعدم درايتهم بما يقع به لأن الحراك السياسي المناهض لنظام الحكم الفردي والسياسة الطبقية المجوعة لفئات الشعب الشاسعة والمهمشة لها في اتخاذ القرارات المصيرية ،مثل قضية الصحراء التي فشل النظام في حلها عبر ديبلوماسيته المشلولة والعاجزة، بدأ ينشط بسنين قبل الثورتين التونسية والمصرية. كما أن عملية إحراق الذات شهدها المغرب بفترة طويلة قبل القيام بها في تونس والاحتجاجات الشعبية ضد جهاز الحكم حصلت بالمغرب قبل تونس ومصر مع فرق أن الاحتجاجات بالمغرب كان لها طابع محلي بينما في تونس ومصر أصبح لها طابع وطني. والمغرب قدم تضحيات جسام، خلال العهد الجديد، لا تقل عن تلك التي قدمها الشعبين التونسي والمصري (سيدي إفني، العيون، مدن الشمال وآخرها الدار البيضاء وخريبكة).
الحقيقة أن المتشبثين بأهذاب النظام في غالبيتهم مخزنيون، لكن هذا لا يمنع أن يكون قسط غير كبير تحت تأثير الإعلام الغربي والقمع الذي تربى عليه يجعله يساند النظام المخزني ليس حبا فيه بل خوفا منه أولا ثم خوفا من المجهول سيما وأن النظام المخزني يشوّه صمعة حركة 20 فبراير بنعتها مجموعة للملحدين والمنحطين خلقيا والخارجين عن شعائر الإسلام. وتصديق هذه الدعاية الرخيصة أكبر دليل على أن المساندين للنظام المخزني عقولهم مشلولة وتفكيرهم معوق إذ أنهم نسوا أن حركة 20 فبراير تضم أيضا جماعة العدل والإحسان وربما سينضم لها رسميا العدالة والتنمية وشبيبتها التي شاركة في يوم الاحتجاج السابق بصفة غير رسمية. فهل هؤلاء أيضا ملاحدة ومنحطين خلقيا وخارجين عن تعاليم الإسلام؟ على أن الشق اليساري للحركو ليس كما تصفه الدعاية المخزنية الحقيرة والتي لا يسعني إلا الرد عليها بالمثل العربي الشهير:"السفيه لا ينطق إلا بما فيه"، أما نحن في اليسار فمن أخلاقنا تتعلم الأمم، أما عن الإيمان من عدمه فنحن نقول بحرية الفرد في معتقداته لإيماننا العميق بأن الديانة للفرد والوطن للجميع والمهم عندنا أن يكون مواطنا صالحا يعمل لخدمة وطنه وشعبه ولكم المثال الحي في الرفيق أبرهام السرفاتي الذي قضى 17 سنة في سجون النظام و8 سنوات في المنفى لا لشيء إلا لحبه لوطنه وشعبه وعند وفاته لم يتجرأ حتى أكثر الأصوليين تطرفا على ذكره بكلمة لا تنم عن احترام شخصه وحضر تشييع جثمانه اليهودي والمسلم على حد السواء.
لوكانت الوطنية تقيم بالانتماء العقائدي لكان الأوروبيون أكثر وطنية منا باعتراف كبار المصححين والإصلاحيين الذين قالوا فيهم: لقد رأينا في أوروبا إسلاما من دون مسلمين، بينما عندنا مسلمون من دون إسلام. إن كل سياسات النظام في مجال العقيدة تجعل من الدين آلية للاستحواذ على عقول المواطنين قصد الحفاظ على السلطة، ألا يذكركم هذا بشيء معين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعتذار
زكرياء الفاضل ( 2011 / 3 / 19 - 21:21 )
جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة السطر الثاني -الإعلام الغربي- وهو خطأ غير مقصود والأصل هو -الإعلام المغربي- وأعني به الرسمي.
مرة أخرى أعتذر للقارئ
وشكرا على تفهمكم

اخر الافلام

.. عشرات مرضى الغسيل الكلوي في غزة يواجهون خطر الموت -مرتين-


.. خارج الصندوق | هل تنجح أميركا في تغيير سلوك إسرائيل في رفح؟




.. مشروع قرار أوكراني لاستخدام السجناء في القتال ضد روسيا


.. تظاهرات ضخمة مؤيدة للفلسطينيين في مالمو.. والشرطة السويدية ت




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | آيباد الجديد يسبب جدلا وانتقادات و25