الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقييم الثورات العربية- الواقع والافاق-

عبد الجبار منديل

2011 / 3 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


تقييم الثورات العربية" الواقع والافاق"
ا.د.عبد الجبار منديل
لعلها المرة الاولى في التاريخ العربي القديم منه والحديث التي يحدث فيها مثل هذا الزلزال الغريب من نوعه والذي يحدث في تاريخ البشرية .

الحكام يتساقطون الواحد بعد الاخر مثل بيادق الشطرنج او قطع الدومينو ليس بالانقلابات العسكرية كما جرت العادة في العالم العربي قبل عقود بل بحركات شعبية جماهيرية سلمية تبدأ بالتجمع والهتاف ورفع اللافتات والاستفادة من قوة الاعلام الحديث بكل اشكاله المرئي والمسموع والمقروء اضافة الى خطوط الشبكة العنكبوتية ليتحول ذلك الى اعصار يطيح بالحكام المستبدين الذين حسبوا كرسي الحكم ملكا شخصيا لبث في بعضهم عشرات السنين .

السمة الرئيسية لهذه الثورات انها ثورات غير منظمة ولا مؤدلجة ولا يقف خلفها تنظيم سياسي معين الا فيما ندر .واذا كان يقف خلفها مثل هذا التنظيم فأنه يكون طرفا واحد من اطراف متعددة لا يضمها غطاء فكري موحد .
ان الحسنة الاولى في هذه الثورات انها تطيح بالراس الاول لدولة الاستبداد ولكنها ما ان تفعل ذلك حتى تتلفت حول نفسها باحثة عن الطريق وذلك بذات الوقت هو عيبها الاول باعتبار انها لا تمتلك البرنامج .
بسبب تعدد الاجندات لاطرافها المختلفة فأن الخشية كل الخشية هو ان تبدا هذه الاطراف بالصراع مع بعضها من اجل تحقيق ما تصبوا اليه كل منها وهنا تبدا الكارثة وتبدا الثورة تاكل نفسها وتاكل اولادها اذا لم يجدوا اللغة المشتركة .

ان الاطار الذي يمكن ان يجمع كل هذه القوى هو بالطبع الديمقراطية الليبرالية ففيها من السعة والرحابة والسماحة ما يتيح لكل جهة ان تعبر عن رايها ولكن المشكلة تبدا عندما يحاول احد الاطراف الاستحواذ على الثورة ووضعها في خدمة اهدافه . والذي يفعل ذلك عادة هو الاحزاب الشمولية التي لا تقبل الشريك واكثر هذه الاحزاب اتصافا بتلك الخاصية هي قوى الاسلام السياسي التي تقوم الان بنفس الدور الذي كانت تقوم به قبل عدة عقود قوى اليسار الماركسي .
ان المخاطر التي قد تتعرض لها هذه الثورات هي في تقديرنا ما ياتي:
اولا: المشكلات الاقتصادية فقد غذت هذه الثورات تصورا خاطئا عمل على رفع سقف التوقعات الاقتصادية للطبقات الفقيرة ولا سيما في مصر وتونس مما سوف يشكل ضغطا هائلا على الحكومات القادمة ويزيد من نفقاتها التشغيلية على حساب البرامج الاستثمارية كما سوف تزداد نفقات برامج الضمان الاجتماعي ومساعدات البطالة في مجتمعات الانفجار السكاني وبهذا تزداد الاعباء على الموازنة العامة للدولة وقد يزيد ذلك من المديونية الداخلية والخارجية او زيادة النفقات عن طريق عجز الميزانية او طبع عملة بدون رصيد مما يزيد من مستوى التضخم ويهدد التنمية المستدامة ويعيد انتاج الازمات بشكل اكثر حدة .
ثانيا: زيادة حدة الصراع الاجتماعي . فالديمقراطية تمنح الفرصة لكل الفئات التي كانت في العهد الدكتاتوري محرومة من حرية التعبير لذلك تبدا بالتعبير عن نفسها ومظلوميتها بشكل كبير واحيانا مبالغ فيه مما قد يولد ردود فعل عكسيه لدى الاطراف الاخرى ويخلق ازمات اجتماعية .
ثالثا: غياب الاستقرار الذي تحتاجه مثل هذه الدول لتشجيع الاستثمار الخارجي او الذي تحتاجه الدول السياحية مثل مصر وتونس مما سوف يؤدي الى امتناع سواح الدول المتقدمة وهم الاكثر انفاقا عن الحضور وبالتالي انخفاض الايرادات المالية غير المنظورة التي تكون هذه الدول بامس الحاجة اليها وذلك يؤثر على الخطط التنموية .
رابعا: التغييرات السريعة والمتتالية في الدولة والجهاز الاداري الحكومي التي تتطلبها حركة التغيير التي تعقب الثورة من اجل القضاء على الفساد الاداري والمالي لا تمنح الفرصة للجهاز الحكومي لتطوير خبراته وكفاءاته المهنية وبالتالي فليس بمقدوره اعداد وتطبيق الخطط التي يحتاجها البلد لانقاذه من التخلف .
خامسا: الطلبات الفئوية والنقابية والاضرابات التي هي حق لا شك فيه لاعادة الحقوق للفئات المسحوقة ولكنها سوف تؤثر مرحليا على سرعة التطور وتمنع من تكوين التراكمات الرأسمالية والاقتصادية التي تساعد على عملية انطلاق الاقتصاد من الواقع المتخلف .
سادسا: زيادة حدة الصراع القومي والعرقي والاثني مما قد يخلق انقسامات داخل البلد او قد يؤدي الى تقسيم البلد اذا لم تستطع القيادة السياسية ادارة هذا الصراع بشكل علمي وحيادي وسليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا