الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤساء أم عملاء؟

بودريس درهمان

2011 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


بعض رؤساء الدول في الأصل هم عملاء لأجهزة مخابرات أجنبية قوية و نافذة، تساعدهم على الوصول إلى منصب الرئاسة و تقوم بحمايتهم طوال المدة التي يقضونها في الرئاسة. هنالك حاليا بعض الأوساط السياسية و الإعلامية تقول و تؤكد بأن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي هو في الأصل عميل لجهاز المخابرات الأمريكية السيا، و إذا كان الرئيس التونسي المخلوع عميلا لجهاز مخابرات سيا، نتساءل من جهتنا ألا يمكن أن يكون الرئيس معمر القذافي هو الأخر عميلا لجهة استخبارية دولية؛ لأنه كيف يعقل أن يصل إلى الرئاسة و يبقى فيها كل هذه المدة في الوقت الذي هو عدو للديمقراطية و عدو لحقوق الإنسان، بل و عدو لكل الدول الغربية و لكل التجمعات الجهوية و القارية.
لقد أوضحت الأحداث السياسية الدولية لما بعد الحرب الباردة بأن ما يسمى بالقيم الحقوقية الغربية هي في العمق قيم للغربيين في ما بينهم، لكن مع باقي الشعوب و الدول فالمبدأ الراسخ هو كما قال أحد شعراء الحركة الوطنية المغربية الذي هو الزعيم علال الفاسي:" و ليست المطالب بالتمني، و لكن تأخذ الدنيا غلابا"...
كيف يعقل أن تصمت كل الدول الغربية بدون استثناء على جرائم معمر القذافي و لا تتخذ منه موقفا و تعاقبه كما عاقبت الطاغية صدام حسين؛ إنها تعلم جيدا بأنه هو من كان وراء الحرب في الصحراء، و هو من كان وراء الاغتيالات و الاختطافات التي مست العديد من الأرواح في العديد من الدول
في الإطارات النضالية سواء منها مكاتب أحزاب سياسية نضالية، أو مكاتب أحزاب نقابية و حقوقية نضالية كذلك عادة ما يكون بعض القادة "الثوريون" يشتغلون بمظلات أمنية تحميهم و يحمونها كما يحمي أي موظف عمومي المؤسسة التي يشتغل فيها؛ هذا شيء أصبح معهودا و تقريبا جد عادي؛ لكن ما ليس عادي و هو أنه في هذه الإطارات النضالية هنالك من الزعماء مناضلون بحكم ممانعتهم القوية الدائمة لعملية الاشتغال لجهات مخابراتية ما يصبحون عملاء لهذه الجهة بدون أن يدرون، و ما يحصل للزعماء المناضلون هؤلاء يحصل كذلك لبعض رؤساء الدول المصنفون ضمن الزعامات الممانعة للنظام الدولي القائم. هم عملاء لهذا النظام و لكن يخدمون الوجه القبيح منه فقط، أما الوجه الحقوقي النظيف فهو مرفوض و منبوذ.
الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بعد أن استنفذ كل أوراقه و حيله و بدأ في رفض أي تفاهم، ليس فقط مع أجهزة مخابرات الدول الغربية النافذة و لكن حتى مع رؤسائها، لكن و هو يتخذ هذا الموقف يكون من دون أن يدري عميلا لهذه الجهات المخابراتية و الدولية لأنه يحقق لها أهدافها الإستراتيجية التي هي التدخل في الأوطان و الاستيلاء على الثروات. حصل هذا للرئيس العراقي السابق صدام حسين، و يحصل حاليا للرئيس الليبي معمر القذافي و سيحصل لا محالة كذلك حتى للرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي هو الأخر بصدد دعوة الدول الغربية إلى التدخل في دولة اليمن من أجل حل معضلة السلطة و التداول حول السلطة؛ ليبقى السؤال المطروح الذي يجب على ما يسمى بالقوى الثورية في منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط أن يطرحوه و هو لماذا في أربعينيات و خمسينيات إلى حدود الستينات و السبعينات من القرن الماضي كانت هذه القوى الثورية تصنف ملوك هذه المنطقة ضمن عملاء الدول الغربية، في حين يتضح اليوم بالملموس أن العملاء الحقيقيون هم الرؤساء الذين وصلوا إلى منصب الرئاسة بواسطة الدبابات و بواسطة مساعدة القوى الغربية في الوقت الذي كان فيه الملوك ملوكا حتى قبل مساعدتهم من طرف الدول الغربية.
الخبراء الاقتصاديون يعرفون جيدا كلفة التدخل الغربي في دولة العراق، و يعرفون جيدا أن هذه الكلفة لو صرفت في قضايا التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و لو وزعت بشكل عادل على كل المواطنين لكانت دولة العراق بمثابة الفدرالية الألمانية بداخل دول الاتحاد الأوروبي، و لكانت دولة الكويت بمثابة سويسرا الأوروبية. الخبراء الاقتصاديون المهووسون بالحسابات هم الآن بصدد تحديد كلفة عناد الرئيس الليبي معمر القذافي الذي لو فتح دولة ليبيا للمواطنين المغاربيين لكانت ليبيا الآن بمثابة دولة البرازيل في القارة الأمريكية...
نحن المغاربيون لدينا حساب خاص مع معمر القذافي، لأنه منذ أن تربع على كرسي الرئاسة و المنطقة تعيش حروبا و مكائد دائمة بين الدول. هو من أغرى ثلة من الرجال المغاربة الأشداء و دفعهم إلى حمل السلاح ضد ذويهم و ضد دولتهم من أجل أن يحققوا ما حققه هو للشعب الليبي، معمر القذافي هو من احتضن ثلة من الشباب الصحراوي الغاضب و أمدهم بالسلاح و علمهم كيف يتنكرون لذويهم و يدخلون معهم في حروب دامت أكثر من ثلاثين سنة. ألاف الضحايا و المنكوبين و المعتقلين و غيرهم جراء نزوة ذاتية في تحقيق النموذج الذي يريده، كما يفعل الأطفال في اللعب. إننا نحن المغاربيون و معنا كل سكان منطقة الشرق الأوسط لا نريد حروبا من أجل الإيديولوجيات، نحن نريد سلاما دائم و اعترافا بجميع الهويات و جميع الحقوق. الحروب من أجل الإيديولوجيات هي للقرن التاسع عشر و لبداية القرن العشرين، أما القرن الواحد و العشرون فهو للحريات و للدساتير و الأنظمة السياسية العادلة.
لهذا السبب نحن المغاربيون نستطيع فهم صيحة ذلك المواطن الليبي الذي ظهر على قناة الجزيرة القطرية يوم الجمعة الثامن عشر من مارس و هو يبكي و يصيح و يقول للرئيس الليبي:" و الله يا معمر حتى لو دفنوك سأبحث عنك في كل أرجاء ليبيا شبرا شبرا و سأخرجك من تحت التراب لأعيد دفنك من جديد" مثل هذه الصيحة من هذا المواطن الليبي المجروح الكرامة لا توازيها إلا صيحة الشاعر الفلسطيني محمود درويش خلال اجتياح بيروت سنة1982 من طرف القوات الإسرائيلية حينما قال: " يا الله جربناك جربناك من سواك فوق جراحنا انزل لنراك" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل