الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد الاستفتاء؟

اسلام احمد

2011 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


توجهت بالأمس الي لجنة الاستفتاء محملا بمشاعر وطنية غريبة فمن ناحية فان تلك أول مرة في حياتي اشارك في عملية انتخابية لأسباب بديهية لا تخفي علي احد ومن ناحية اخري فمما لا شك فيه أن الاستفتاء حدث كبير بكل المقاييس اذ يعد أول اختبار ديمقراطي بعد ثورة 25 يناير فضلا عن احساسي بحالة من التوحد فقد خرج في ذلك اليوم ملايين المصريين في نفس الوقت للإدلاء بأصواتهم ولا شك أن أكثرهم كانوا محملين بنفس المشاعر

وصلت الي اللجنة في تمام الساعة التاسعة صباحا حاملا قلمي وبطاقتي الشخصية والانتخابية , منعا لأي تلاعب , فوجدت حراسة أمنية من القوات المسلحة الي جانب الشرطة وقد لاحظت أن الشرطة خارج اللجنة الانتخابية مكتفية بحمايتها من الخارج , وفق تعليمات مشددة في هذا الشأن, وبداخل اللجنة فوجئت بطوابير طويلة نسبيا رغم حضوري في ميعاد مبكر! , ولأول مرة اجدني سعيدا بالوقوف في طابور غير متضرر! , كان معظم المتواجدين من كبار السن , من مختلف طبقات المجتمع , نظرا لأن الميعاد مبكر ومن المعروف أن الشباب يسهرون بالليل ومن ثم يستيقظون متأخرا بعكس كبار السن , كما لاحظت وجود عدد كبير من الإسلاميين , ملتحين ومنقبات!, ولا اخفي عليكم أنني كنت ذاهبا وانا احمل هما واحدا وهو خوفي من الاصطدام بالإسلاميين ولذا فقد حاولت قدر الامكان تجنب الحديث مع احد ملتزما الصمت , ولما حان دوري فوجئت بأمين لجنة كريه الوجه ومع ذلك فلم افقد تفاؤلي , بعكس القاضي المسئول عن اللجنة فقد كان شابا بشوشا, أمسكت الورقة وألقيت عليها نظرة سريعة ثم قمت بوضع علامة (صح) كبيرة علي خانة (غير موافق) , أمام أمين اللجنة المتجهم الوجه , ففوجئت به ينظر الي بقرف شذرا , وكأنه شاهدني ازني بواحدة! , فأدركت أنه إخوان , كدت أن اسأله بعنف لماذا تنظر الي هكذا؟! ما الأمر؟! ومن ثم اشتبك معه! , ولكني مع ذلك أمسكت نفسي بصعوبة منعا لافساد الحدث العظيم!, ثم طويت الورقة ووضعتها في الصندوق بعد أن وقعت باسمي

في الحقيقة لقد دارت معركة إعلامية شرسة قبل الاستفتاء بين المؤيدين للتعديلات الدستورية (نعم) والرافضين لها (لا) , وصلت لحد السب والشتم بالألفاظ البذيئة ناهيك عن التكفير والتخوين, وقد لاحظت أن انصار (نعم) قسمان الأول اسلاميون ممن يفهمون اللعبة جيدا ويعلمون أن رفض التعديلات الدستورية هو الخيار الصائب ولكنهم يستعبطون لتحقيق أغراض سياسية دنيئة , القسم الثاني بسطاء الناس ممن يتصورون أن الموافقة علي التعديلات الدستورية ستحقق لهم الأمان! , وفي المقابل فان انصار (لا) في معظمهم من السياسيين والمثقفين المخلصين والفاهمين لقواعد اللعبة

وفي الواقع أن ما فعله الإسلاميون باختلاف تياراتهم قبل الاستفتاء هو تمسح حقير بالدين وارهاب فكري علي عقول البسطاء لتحقيق أغراض سياسية قذرة بعيدة عن الدين اذ صدرت فتوي من جانبهم قبل الاستفتاء , تم نشرها علي موقع الاخوان المسلمين وعلي نطاق واسع , مفادها أن التصويت بنعم واجب شرعي وأن التصويت بلا حرام شرعا! , واتساءل ما دخل الدين في استفتاء علي دستور سياسي؟! , وعلي فرض أنه لابد من إقحام الدين فأين مبدأ الشوري في الاسلام؟!

ولا جدال في أن ما فعله الاسلاميون قبيل الاستفتاء قد أساء اليهم كثيرا اذ بعد أن تحسنت صورة الاخوان نسبيا علي خلفية مشاركة شباب الجماعة في ثورة 25 يناير داخل ميدان التحرير فقد جاء ما فعلوه بالاستفتاء ليفسد ما بنوه ويشوه صورتهم مجددا , والحاصل كما قلت في المقال السابق أن التجربة أثبتت حرص جماعة الاخوان على مصالحها الخاصة على حساب مصلحة الوطن وليس ببعيد قرار الأحزاب الرئيسية وجماعة الاخوان بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية الماضية ديسمبر 2010 قابلة على نفسها أن تكون جزءا من ديكور النظام الديمقراطي! , في الوقت الذي قررت فيه القوي الوطنية الشريفة مقاطعة الانتخابات!

وبعيدا عن الاخوان فان السؤال الان ماذا بعد الاستفتاء؟! , هناك بالطبع سيناريوهان لكل منهما مخاطره , الاول في حالة أن جاءت النتيجة بالموافقة علي التعديلات الدستورية وفي تلك الحالة فان السيناريو المطروح كما جاء علي لسان اللواء ممدوح شاهين عضو الأعلي للقوات المسلحة : "سيتم إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية، ويعود العمل بالدستور القديم وفقا لما يقرره المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته هو الذى عطل الدستور، ومن حقه أن يقرر العمل بالدستور، على أن يجتمع رئيس الجمهورية ورئيسا مجلسى الشعب والشورى لصياغة دستور جديد خلال فترة محددة" , ومخاطر هذا السيناريو تتمثل في العودة لدستور فاقد للشرعية ومعطل , ستجري الانتخابات علي أساسه! لن يكون مستعدا لها سوى فلول الحزب الوطني الي جانب جماعة الاخوان في ظل عدم جاهزية القوي السياسية التى افرزتها الثورة لدخول الانتخابات , ما يعني أننا سنكون ازاء برلمان مشابه الي حد كبير للبرلمان الماضي, ناهيك عن كونه يخول للرئيس القادم صلاحيات مطلقة! , اما في حالة ان آلت النتيجة لرفض التعديلات الدستورية , وهو ما اتمناه , فسيتم عمل اعلان دستوري لادارة شئون الحكم خلال فترة انتقالية مع مدها لعام لحين صياغة دستور جديد , ومخاطر السيناريو الثاني تتمثل في الخوف من الفوضى التى قد تتفشي خلال الفنرة الانتقالية فضلا عن بقاء العسكر في السلطة لفترة أطول

ولأنه من المتوقع وفق ما لمسته بنفسي أن تسفر النتيجة عن الموافقة علي التعديلات الدستورية فانه يتعين علي القوي السياسية أن تستعد للانتخابات البرلمانية القادمة بالاتفاق علي قائمة موحدة تضم شخصيات وطنية تحظي باحترام الجميع , مع الضغط علي المجلس الاعلي للقوات المسلحة لتجرى الانتخابات البرلمانية القادمة بنظام القائمة النسبية بزيادة قائمة للمستقلين

وبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء فالمؤكد أننا ربحنا كثيرا اذ يكفي عودة الوعي للشعب المصري وكسره لحاجز السلبية التي سيطرت عليه خلال عقود مضت فضلا عن تكذيب المقولة الشائعة التى دأب النظام السابق علي ترديدها وهي (أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية)!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استفساء
ماهر البدوي ( 2011 / 3 / 21 - 05:35 )
عذرا استاذي انه الاستفساء ما بعد استفتاء شعر المواطن المسكين ولأول مرة ان صوته سيحترم في الصندوق لذلك ذهب الى الصندوق لكن السؤال هل كان يعرف هذا المسكين على ماذا يصوت؟لا اعتقد لقد ذهب ليستفسي في الصندوق وليس ليستفتي هذا المواطن المسكين ذهب ليصوت على اسلامية مصر هكذا اخبره امام المسجد والا ذهب الى جهنم لكنهم لم يخبروه انه ان قال نعم فهم يقتل شهداء الثورة مرتين لكن انا اسامحه كونه استفسى لان ليس على الفاسي حرج

اخر الافلام

.. قبل ساعات من وصول هوكشتاين.. الجيش الإسرائيلي يهدد حزب الله


.. الجيش الإسرائيلي: حزب الله يدفعنا نحو التصعيد




.. الكرملين يوجه رسالة إلى زيلينسكي بعد مقترح السلام لـ بوتين|


.. فلسطيني يتحدث عن أجواء العيد في غزة




.. بعد الهدنة التكتيكية.. خلافات بين القيادة السياسية والعسكرية