الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغرب جديد يصنعه شباب 20 فبراير

مصطفى لغتيري

2011 / 3 / 21
حقوق الانسان


لقد كان بالفعل يوما مشهودا ، هذا الذي عشناه اليوم في مدينة الدار البيضاء ، مغرب جديد يولد على أنقاض مغرب قديم ، وكأنه عنقاء تنبعث من رمادها ، كان الموعد في ساحة النصر قرب "درب عمر" القلب التجاري النابض للدار البيضاء ، منذ الصباح الباكر تقاطر على الساحة أفواج المواطنين ، شبابا و شيوخا ، نساء و رجال، أطفالا و كهولا ، الجميع شد الرحال نحو ساحة "الشرف" ،كان الجميع مع موعد مع حدث تاريخي بكل المقاييس ، المواطن المغربي الذي طالما انتقص من قدره ، و اعتبر رعية و قاصرا ، و لا تحركه سوى السلطات حينما تحتاج إليه ، فتجيشه بوسائلها الخاصة ترهيبا و ترغيبا ، و تسوقه كالقطيع ليردد ما شاء له أسياده أن يردده .. اليوم يخرج بكامل إرادته ، يدفعه توقه للحرية و الكرامة ..يلتئم الجمع في الساحة ، ثم لا يلبث المواطنون أن ينتظموا في صفوف بديعة ، يحملون اللافتات ، مشكلين فيما بينهم مجموعات ، متناسقة ، يتقدمهم الشباب و ما أدراك ما الشباب؟


تتحرك المسيرة ببطء ، يختلط الجمع و تتداخل الصفوف ،ليصافح بعضهم بعضا ، و يتبادلون التهاني على هذا الجمع الغفير الذي التأم..
تتقدم المسيرة في طريقها مخترقة شوارع المدينة ، تتردد في الأجواء شعارات قوية ،تتنوع و تتعدد حسب الاهتمامات و خلفية المجموعة التي ترددها ، لكنها تتفق في رفضها القوي للاستبداد و الظلم و الوصاية ، هنا لافتة تقول " لا رعايا و لا قداسة ، الشعب يختار الساسة " و هناك لافتة تقول " لا بديل عن دستور شعبي و ديمقراطي " و هنالك لافتة ثالثة ، تندد بالحكومة و البرلمان و لصوص المال العام" .. في هذه المسيرة المباركة ارتفعت الحناجر عالية منددة و مطالبة ، تشنف الأسماع بأصوات أبناء الشعب ،الذين يقولون بالصوت الجهير كفى، للاستبداد و التفقير و التجويع و الوصاية.
و يبدو أن النظام فهم أخيرا الرسالة ، لم تحاصر الشرطة المسيرة ، بل لم يبدو لها أثر ، و كأن الأرض انشقت و ابتلعتها ، فقط هناك رجال الوقاية المدنية ينتشرون في كل مكان ،حاملين عدتهم ،و مستعدين لتقديم الإسعافات للمتظاهرين في حالة وقوع أي مكروه.
الفرحة تبدو على سيماء المتظاهرين ،و هم يرددون شعاراتهم بكل حرية و بعيدا عن أي خوف أو وجل.. الشباب يوزعون أكواب الماء على العطشى الذين جفت حناجرهم ، خاصة و أن الجو كان حارا نسبيا ،و آخرون يوزعون التمور علها ترد للحناجرالتي بحت بعض قوتها و عنفوانها ..
تمضي المسيرة في طريقها بشموخ ، تظللها أطياف الحرية ، و يتماهى معها السكان من شرفات بيوتهم ، و كأن الأمر يتعلق بمهرجان حقيقي..بين الفينة و الأخرى يحاول بعض "البلطجية" التسلل إلى المسيرة بشعارات مغايرة ، و مستفزة ، لكن الشباب لم يسقطوا في الفخ ،كانوا يحاورونهم ، و هم يخرجونهم بلطف من المسيرة ، و حين تكرر ذلك مرات عدة ،عمد الشباب إلى تكوين سلسلة بشرية لحماية مسيرتهم/ فرحتهم حتى لا يغتصبها المأجورون ، و المغرر بهم ، لأن المرء حين يمعن النظر في سحنات "البلطجية" يجدهم ينتمون إلى الطبقة المسحوقة ، بل إنهم أكثر بؤسا من جميع المتظاهرين ، إنهم فقراء وطننا يتم استغلالهم بخسة و نذالة من مقاومي التغيير ، لكي نجد أنفسنا في نهاية المطاف أمام مشهد سريالي حيث أبناء الشعب يواجهون بعضهم البعض ، و المنتفعون يتفرجون عليهم من بعيد ، بعيد جدا هناك في فيلاتهم و يخوتهم و طائراتهم الخاصة .. لكن ذلك لم يتحقق و أنى له ذلك؟.. فشباب عشرين فبراير أدركوا الفخ و تجنبوه بحكمة و مسؤولية.
استمرت المسيرة في أجوائها الجميلة و الحماسية ، قاصدة وجهتها تحت عيون كاميرات الصحافة الوطنية و الدولية ، دون أن ينغص أجواءها أي حدث جسيم ، و تفرقت كما بدأت في ظروف تنبئ عن ولادة مغرب جديد ، نتمنى أن يواصل طريقه ،حتى يتحقق الحلم الأكبر بدخولنا إلى العصر الحديث بحكومة منتخبة و قوية تمارس سلطاتها كاملة غير منقوصة، و برلمان حقيقي و قضاء مستقل و صحافة حرة ، و ما ذلك على المغاربة بعزيز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون