الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعتزلة بين المثقف والسياسي ( العراق نموذجا ) الجزء الأول

قاسم طلاع

2004 / 10 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


( 1 ) علينا أن نقر، في بادئ الأمر، بأن الثقافة العراقية ، متصارعة ، لكونها تنتمي لتيارات وايديولوجيات مختلفة ، حتى لو ادعت هذه الثقافة ، بأنها لا ترتبط بأي واحدة من هذه التيارات أو الايديولوجيات ، التى لها توجهاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك طموحاتها المستقبلية في عملية التوعية التى تهدف إلى توصيل وترسيخ تطلعاتها الفكرية إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير باختلاف انتماءاتها الطبقية. وبما أن المثقف، وبغض النظر عن أي فترة زمنية معينة، يتأثر بالضرف الموضوعي، الذي يجعل من العامل الذاتي عرضة للتغير نتيجة التفاعل على أثر الاهتمام بحركة الواقع، فإنه سيكون في هذه الحالة ، قطبا مشاركا في مجمل الصراعات الاجتماعية، وسيكون ، أيضا ، معرضا ومسؤولا عن تللك النتائج التى يتمخض عنها هذا الصراع وبالتالي جبهة الانتماء أو الولاء. أو بمعنى أدق " تحديد الهوية " في ممارسة الفعل والعوامل المؤثرة فيه. ونتيجة هذا فقد تعرض المثقف الى شتى أنواع المطاردة والاضطهاد بسبب وجود سلطة سياسية لا تؤمن باستقلالية الفكر ولا بحرية الانتماء من جهةن وبسبب وجود أحزاب أو منظومات سياسية تتنكر، ولا زالت ، الى أي حوار ديمقراطي ، مما نتج عن هذا بلورة تكتلات ثقافية ربطت مصيرها مع المؤسسة الحزبية/السياسية ( دينية، قومية ) وشاركت معها في الصراعات السياسية ، التى اتخذت، ومنذ ما يقارب الاربعين سنة ، طابعا دمويا، وخصوصا بع أن استلم حزب البعث السلطة في العراق ( انقلاب شباط 1963 ، انقلاب تموز 1968(
لذلك نرى أن القضية المهمة ( الآنية ) التى تجابه المثقف هي التحرر من أي تعصب إديولوجي والتفاعل مع الآخر كي يتسنى له أن يحدد موقفه من تلك القضية أو أخرى، مما يسهل عليه فرزنة " الموقف " في محاولة خلق علاقة متبادة تنطلق من استقلالية الفكر في المشاركة، وبالتالي بناء قاعدة للحوار النقدي لوضع مفاهيم تلبي المتطلبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، لإنجاز عملية القضاء على التخلف من جهة، والبدء في عملية البناء من جهة أخرى. إن القيام بمثل هذا الانجاز، لا يتم إلا من خلال حرية يمتلكها الفرد... ويعني هذا، إن القيام بمثل هذه الانجازات يشترط، بالضرورة،على وجود حياة سياسية تفرز مؤسساتها الدستورية التى تصون حقوق الأنسان وأن لا يكون عرضة للسب. ولهذا نرى، أن أزمة المثقف العراقي ترتبط، بالاساس ، بالنظام السياسي القائم، على العكس ما يعتقده الكثيرون، بأن الثقافة، وبالتالي المثقف، من المفروض ( يجب ) أن يكون في وضع مستقل عن النظم السياسية، وبالتالي تجاه السلطة التى تشكل هذا النظام، لأن المثقف، وقد وصل الى الى درجة من الوعي، لا يمكن له الوقوف موقفا سلبيا تجاه الأحداث، وهذا شرط أساسي للتفاعل معها.
إن محاولة وضع الفاصل بين ما يسمى بالسياسي والمثقف، كقاعدة عامة، لا تعتمد على أي أساس واقعي، فالمسألة هنا تعتمد على ثقافة السياسي وعلاقته الجدلية مع الآخر، أي قبول الآخر ليس كند، وإنما ضرورة " تكميلية " لإنجاز مرحلة ما. وكلما كان السياسي مثقفا، والمثقف سياسا، تكتسب دائرة الحوار بعدا آخر في دمقرطة العمل وطرح الأفكار التى تهدف الى توطين منحى الحرية في التعبير عن " ماهية الأنجاز " ، كي يتسنى تطبيقه وطرحه على شكل برنامج ووضعه حيز التطبيق. لذلك نرى أن المشكلة الرئيسية التى تجابه المثقف، إذا كان ملتزما، هي مسألة " حرية التفكير" أو بمعنى آخر، التعبير داخل المنظومة السياسية التي ينتمي إليها، وكيفية طرح وجهات النظر، التى يرى بأنها مناسبة في تطوير صيغة العمل داخلها ( أي المنظمومة ) وربطها مع الخارج، أي رصد الموضوعي والتعامل معه، ولكن بشرط أن لا يبتعد عن الخطوط العامة التى تحملها أو تعبر عنها هذه المنظومة. وهذا يعني ، التعامل مع تلك الإديولوجية التى ترتكز عليهاهذه المنظومة واعتبارها " إطار عمل " . وهذه قضية مهمة ، إذ إن اختلاف الموقف أو الرأي على ما تطرحه الإديولوجيات مسألة واردة وهي باقية وشرعية ، أيضا ، بسبب اختلاف الأهداف، ولهذا فإن أي تصبأو تعنت في الموقف وعدم المرونة ، يعني فشل الخطاب الذي يحمله المثقفوبالتالي فشل الحوار. أن هذه القضية لا تقع على عاتق المثقف، فقط ، وإنما تقع على عاتق الحركة الوطنية، أيضا. أن المرونة السياسية، ورغم اختلاف المرجعيات، ستؤدي الى اتفاق على خطوط عريضة من أجل الوصول الى الهدف المرجو.أن المأزق الفكري، الذي وقعت فيه المرجعية السياسية، بانتماءاتها الحزبية، هو تأطيرها للمثقف ضمن انتمائه الطبقي وجعله" وليد طبقته " متنكرين للظرف الموضوعي وكينونته كإنسان واع، أي بمعنى آخر، محاولة تجريده من المعرفة التى ترتبط بوعي هذا الفرد كحضور تاريخي يشارك في عملية التغير. يقول الدكتور حامد خليل في كتابه " الحوار والصدام ص 17 ... أن البشر لا يتكونون في فراغ، وليسوا على ماهم عليه فقط بحكم كونهم بشرا، وإنما هم نتاج عملية تاريخية تسهم عوامل متعددة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها في تكوينهم على هذا النحو أو ذك." إلا أن المهمة هنا موقف المثقف تجاه التطورات في كافة الميادين" سياسية ، اجتماعية، اقتصادية، ثقافية" التى ستحدد موقفه كطرف فعال بعد أن يحرر نفسه من ترسبات تعيق حركة التاريخ. إن مشكلة المثقف العراقي، ومنذ قيام الدولة العراقية الحديثه، تنحصر في عدم وجود أي علاقة متكافئة بينه وبين السياسي، سواء كان هذا السياسي مرجعا حزبيا، أو سلطة تمثل نظام سياسي. ويعود هذا الى : أولا ـ فشل الحوار بين السياسي والمثقفبسبب التزمت الايديولوجي ( حزب، نظام أو سلطة سياسية )، ورد الفعل الثقافي ، الذي يرفض أي أدلجة ( حسب اعتقاده ) تجعل منه آلة لخدمتهاهذه والتقوقع في داخلها بدلا من الموقف النقدي تجاهها. ثانيا ـ غياب القاعدة الديمقراطية، التى من المفروض أن تكون الأساس المبدئي في تأسيس علاقة متساوية تعتمد على النقد المجرد من أي مساومة. نقد موضوعي يجعل من الموثقف والسياسي على مستوى واحد. أي أن لا يكون المثقف أداة لتبرير ما يقوم به السياسي، أو بمعنى آخر التجرد من أي عملية استغلال للمثقف وتوظيفها لخدمة السياسي( الحزب ، السلكة ، )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح 300 ألف من رفح.. واشتباكات ضارية بين القوات الإسرائيلية


.. لا تنسيق مع إسرائيل بمعبر رفح.. القاهرة تعتبر اتفاقية السلام




.. السير نحو المجهول.. مأساة تهجير جديدة تنتظر نازحي رفح الفلسط


.. الخلافات تشعل إسرائيل..غضب داخل الجيش الإسرائيلي من نتنياهو




.. موكب أمني لحماية المغنية الإسرائيلية -إيدن جولان-.. والسبب -