الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تُرهب الكنائس ، تُرهب المساجد

هادي الخزاعي

2004 / 10 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لاشيء يثير الرهبة في النفوس أكثر من جريمة التحرش بالمعتقد الروحي للبشر..وما تتعرض له الكنائس في العراق من هجومات أرهابية إلا تعبيرسافر عن ذلك النوع من الجريمة المرفوضة من كل عراقي يرتبط بالتأريخ الوطني للعراقي الذي لم يألف مثل هذه القسوة حتى في زمن أعتى حكم دكتاتوري شوفيني فاشي، ألا وهو فترة حكم صدام حسين.
ماذا يريدوا أن يثبتوا هؤلاء الأرهابيون؟ أن العراقيين المسلمين ضد اخوتهم العراقيين المسيحيين!
أذا كانوا يريدون ان يثبتوا ذلك بهذه الطريقة البشعة الغادرة ، فقد خاب ظنهم، فالعراقيون مذ ولد العراق كانوا أخوة ولا زالوا، بغض الطرف عن الدين اوالعقيدة أو القومية او الأنتماء. والمتابع للمشهد العراقي منذ سقوط الطغيان البائد،لا يلحظ ما يطغو على سطح الأحداث غير الأعمال الأرهابية التي لا تستثني أي من العراقيين ممن يشكلون الموزائيك العراقي. فلم يعد خافيا اهداف هذه الجرائم التي ترتكب يوميا ضد الآمنين من الناس، انها وبكل وقاحة وسبق أصرار، تريد أعادة عجلة العراق الى وراء، لأعادة سحق العراقي وأذلاله وأعادته الى مرحلة الخنوع التي كانت تمارس بأخس الوسائل القمعية التي تمتلكها أشرس دولة بوليسية هي دولة صدام وزبانيته المجرمين، الذين أحالوا الوطن العراقي الى ساحة لتصفية الحسابات والقتل المجاني ، الذي لا يفرق بين طفل وكبير، بين أمرأة ورجل، بين كنيسة ومسجد، بين قبر وملعب أطفال.
لا يمكن أن ننكر ان العراق، كل العراق مستهدف في هذه الظروف المعقدة والحرجة . فالأرهاب القادم من وراء الحدود، لم يستثن في أعماله الأرهابية فئة من العراقيين دون غيرها، فالجميع ضحايا، ليس لأجندة أرهابهم فحسب، وانما أيضا لأجندة أرهاب بقايا النظام السابق الذي ولى بلا رجعة، وكذا القتلة مطلقي السراح الذين يعبثون بمقدرات العراقيين.
أن ما يتعرض له المواطنين العراقيين من المسيحيين من أرهاب منظم، هو نفس ما يتعرض له بقية أخوتهم من العراقيين، فالكل مستهدف، مسلمين ومسيحيين ومندائيين وازديين وبقية مكونات النسيج العراقي، فغرض تلك الأجندات واضح، وهو ضرب الوحدة الوطنية العراقية في صميمها، وعرقلة النهج العراقي الجديد في أقامة دولة القانون والتشريعات التي تضمن لكل العراقيين حقوقهم المتكافئة، والعيش في هذه الرقعة بسلام ودعة، كي تتوفر للأطفال فرص العيش بوطن لا تحكمه الرغبات والأهواء والرادوية التي سممت حياة العراقيين ردحا طويلا من السنين.
أن الحكومة العراقية الموقتة مطالبة ببذل أقصى أمكانياتها في ردع هذه الجرائم الخطيرة على كل الصعد. كما مطلوب من الجميع، أحزابا وجماهير،ومؤسسات المجتمع المدني، أن تدعم الحكومة في مسعاها لأستتباب الأمن والأستقرار، لأنه أهم مقوم وأساس تستند عليه نجاح الأنتخابات في كانون الثاني مطلع العام القادم، وهو تأريخ قريب جدا، فقد بدأ عده التنازلي يتسارع. ورغم أن الذي تقوم به الحكومة المؤقتة في الميادين المختلفة ، كبيرا، إلا إن ظاهرة الأرهاب المستفحلة تغطي على تلك النجاحات، وتضعها في المراتب الدنيا، فالذي تتعرض له الكنائس من أعتداءات من القوى الظلامية أو غيرها من قوى الشر، قد تعرضت له المساجد والحسينيات والتكايا ومواقع العبادة للديانات الأخرى، وسوف لن يتوقف هذا الأرهاب، ما لم يتم القضاء المبرم على مسببيه، وبلا رحمة، فالقتلة لا يُرحمون.
أن ما يُطمئن النفس الى وحدتنا الوطنية، هي آراء الناس التي شجبت وتشجب تلك الجرائم التي تتعرض لها دور العبادة المختلفة في العراق ، فحين تُرهب الكنيسة، يُرهب المسجد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا