الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زلازل مصر واليابان

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2011 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الزلازل (الحقيقية والمجازية) عبارة عن أحداث تمثل لحظات فارقة فى مصير وتاريخ البلدان. وتجدر الإشارة أن الزلزال هو عبارة عن ضربة وهزة مفاجئة لم تكن معلومة ولم يكن من الممكن توقعها. إن مصر واليابان اعتادتا على الزلازل (بما فى ذلك المعنى المجازى) وتوابعها. لقد شهد كلا البلدين زلازل حقيقية وأحداثا جساما أودت بحياة الكثير من المواطنين الأبرياء. فاليابان عانى عبر التاريخ— ومازال يعانى— من زلازل مختلفة، آخرها زلزال شهر مارس الذى احدث كوارث إنسانية فى البلاد وكذلك شهدت مصر زلزالا حقيقيا فى تسعينيات القرن الماضى وزلزالا من نوع آخر فى الألفية الجديدة حيث مازالت البلاد تعانى من توابعها، وهو زلزال ثورة 25 يناير والأحداث التى تلتها من انسحاب الشرطة وهروب المساجين وانتشار الفوضى والبلطجة والاعتصامات والمظاهرات الفئوية التى تجتاح البلاد من أقصاها إلى أقصاها.

من المعروف أن اليابان تعتبر من الدول التى اعتادت على الزلازل عبر تاريخها لدرجة أن المواطنين يتوقعون أن تحدث زلازل بين طرفة عين وانتباهتها. ففى عام 1923م واجه اليابانيون زلزال كانتو ومركزه خارج العاصمة اليابانية مباشرة، وهو الزلزال الذى حصد أرواح مائة واثنين وأربعين ألف شخص في طوكيو. كما لم تتوقع اليابان أن تقدم الولايات المتحدة فى أغسطس 1945م على إلقاء قنابل نووية فوق رؤوس المواطنين فى هيروشيما ونيجازاكى. ومنذ أيام قليلة شهدت اليابان زلزالا قويا ضرب شمال شرق اليابان فى 11 مارس المنصرم وكانت قوته 8.9 درجات على مقياس ريختر. وتبعه سوناما دمر مدينة فوكياشا حيث لقى آلاف الموطنين حتفهم.

أما مصر فقد شهدت زلزالين كبيرين، أحدهما أدى إلى انهيار المنازل وحصد الكثير من الأرواح والآخر أدى إلى انهيار النظام. الزلزال الأول كانت قوته 5.8 بمقياس ريختر ووقع فى أكتوبر 1992م حيث أدى إلى مقتل نحو ثلاثمائة وسبعين وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف شخص. أما الزلزال الآخر الذى وقع فى 25 يناير فقد هز وأسقط أركان نظام ظل قائما لأكثر من 40 عاما. وفى الواقع فإنه كان مفاجئا ليس لأرباب النظام فحسب بل للقائمين على المظاهرات أيضا. والدليل على ذلك أن بعض المتظاهرين الذين شاركوا فى أحداث جمعة الغضب فى 28 يناير كانوا يتوقعون العودة إلى منازلهم بعد عدة ساعات من المشاركة. وكان بعضهم على موعد بعد صلاة العصر. لم يكن أحد يدرك أنه سوف يمكث فى الميدان لمدة أسبوعين وحتى رحيل الرئيس فى 11 فبراير. وحتى الأمريكيين لم يتوقعوا أن تتحول التظاهرات إلى ثورة تقضى على الأخضر واليابس فى حديقة النظام. وكما للزلازل من ضحايا فإن الثورات أيضا لها ضحاياها وشهدائها.

لعل الفرق بين الزلازل الحقيقية والمجازية يكمن فى أن الزلازل الحقيقية لا يمكن تجنبها ولا يمكن تحديد الأسباب التى تؤدى إليها إلا بعد حدوث الزلزال بينما الأحداث الجسيمة والثورات التى تشبه الزلازل فيمكن معرفة وتحديد الأسباب التى تؤدى إليها ومن ثم تجنبها. فاليابان رغم إمكاناتها العلمية والتكنولوجية العالية لم تستطع أن تجنب شعبها الزلازل النى تقع من حين إلى آخر. أما زلزال ثورة 25 يناير فى مصر فكان من الممكن تلافيه لو أدرك القائمون على البلاد الأسباب التى أدت إليها. صحيح أن الأمور كانت سيئة فى المعمورة حيث انتشر الفساد والتعذيب واكتملت الصورة المشينة بالمهازل التى شهدتها الانتخابات البرلمانية السابقة التى أسفرت عن إقصاء كل القوى السياسية وإبعادها من تحت القبة. الغريب أن أقطاب النظام والحزب الوطنى كانوا يستفزون مشاعر الناس كلما فتح أحدهم فمه ليتحدث عن نزاهة الانتخابات وعن الشعبية الكبيرة التى يتمتع بها الحزب فى أرجاء المعمورة وعن جمال مبارك الذى وصفه أمين التنظيم السابق أحمد عز فى أحد المؤتمرات بمفجر ثورة التحديث والتطوير. لقد تحدث الرئيس أمام مجلسى الشعب والشورى فى ديسمبر 2010م ساخرا من المعارضة التى تسعى لتشكيل برلمان موازى حيث قال: خليهم يتسلوا. كما إن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء السابق فى أكثر من مناسبة استهان بالشعب المصرى قائلا إن الشعب غير ناضج وغير مستعد للديمقراطية.

وحتى بعد أن قامت الثورة التونسية فى 17 ديسمبر خرج علينا مسئول حكومى قائلا إن مصر ليست تونس ومعنى ذلك إن الشعب المصرى لا ولن يستطيع أن يقوم بثورة مباشرة وأن الشرطة المصرية تتمتع بقدرة أكبر من الشرطة التونسية وأن الجيش المصرى سوف ينحاز إلى النظام وليس للشعب كما فعل الجيش التونسى. لقد أثبتت الأيام أن مصر مثل تونس بل ربما أكثر تصميما وعزيمة. لقد صمد النظام التونسى أمام ثورة الشعب لمدة 28 يوما بينما لم يبق النظام المصرى سوى ثمانية عشر يوما. كما أن الجيش المصرى أنحاز منذ البداية للشعب حيث أصدر بيانا فى الأسبوع الأول من الثورة بأن القوات المسلحة لم ولن تلجأ إلى استخدام القوة ضد الشعب المصرى. عاشت مصر حرة أبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الضفدعة والماء
كوريا الرابن ( 2011 / 3 / 22 - 07:17 )
يقال -إذا وضعت ضفدعة في وعاء يحتوي ماء يغلي ستنجو لأنها ستقفز حالاً- هذه الحالة تشبه زلزال اليابان. في حين لو وضعتها في وعاء ماء وبدأت بغلي الماء ستموت مسلوقة . الحالة الأخيرة تشبه زلزال مصر.0

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة