الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرسي الاعتراف

حسين التميمي

2011 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


نظرية العقد الاجتماعي التي كان لجان جاك روسو الكلمة الفصل فيها والتي نظمت العلاقة بين طبقات المجتمع وبين الحاكم والمحكوم، وماتلاها من مفاهيم وقوانين حول احترام الحريات والايمان بالديمقراطية والحقوق المدنية ودولة المؤسسات.. كل هذه الامور ثبت تاريخيا انها الاصلح، وان الدول المتحضرة يجب ان تلتزم بها وان ترمي وراء ظهرها كل مفاهيم الاستبداد والظلم والتعسف.
لذا صار على كل حكومة حقيقية تنتمي الى الحاضر وتتطلع الى الاخذ باسباب التطور والتحضر ان تلتزم بهذه المفاهيم وبهذا العقد، وان تطوره بما يخدم مصلحة الشعب لانها بهذا فقط ستستحق عن جدارة ان تسمى حكومة.
الحديث عن تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والذي تناقلته وسائل الاعلام (وفقا لتصريحات الساسة) والذي اعلن عنه كما لو كان مكرمة جديدة تتفضل بها الحكومة على الشعب لكن ردود افعال المواطنين جاءت بالضد من ذلك، بل ان العديد من المواطنين اصيبوا بصدمة وبخيبة امل بعد ان اكتشفوا انهم قد استغفلوا لسنوات طويلة .
وارتفعت العديد من الاصوات التي تطالب الحكومة بالكشف عن الارقام المخفية الاخرى من مخصصات ونثريات وغيرها، وذهب بعض المتفائلين الى ان الحكومة التي تتقاضى رواتبها من الشعب تكون ناكلة لاحدى شروط التعاقد ويجب ان تحاسب !! لكن وبما ان الشعب لديه الكثير من المهام والاعمال ولاوقت لديه لمتابعة كل صغيرة وكبيرة فقد اوكل هذه المهمة الى سلطة رقابية تشريعية، لمتابعة السلطة التنفيذية، لكن المفارقة ان من اوكلت لهم مهمة المراقبة كانوا هم ايضا بحاجة الى رواتب مقابل ماسيقدمونه من خدمات جليلة، لكن يبدو ان هؤلاء ايضا كانوا بحاجة الى رواتب ومنافع تفوق الخيال ولم يفطن الشعب الى ان هذا الحل اصبح جزء من المشكلة ومرت سنوات عديدة والاموال تسيل عبر انابيب وقنوات بلا (عداد) او (سقاطة) واصحاب العلاقة (يشخرون)و(ويشخبون) في عسل الديمقراطية، وكل (شعبوب) صغير من (الشعب) يزاول يومه الطويل – كل يوم- ويعيش ويتعايش مع مسلسل المعاناة المدبلج باصوات القنابل والمفخخات، وهو رغم هذا يتصبر ويصبر نفسه ويبتسم ببلاهة وهو لايعلم ان المسافة بين مايتقاضاه هو ومايتقاضاه من يمثلونه (رقابيا) تفوق المسافة بين الارض وزحل، وليس هذا فحسب .. بل هو ارتضى ايضا وعن طيب خاطر ان يموت وان يهجر وان يتعرض لكل انواع المخاطر وهو اعزل وبلاحماية ، بينما من يعملون ضده .. عفوا اقصد من يعملون (عنده) يتمترسون وراء حجب وحواجز اسمنتية.
هذه (القسمة الضيزا) ما كان للشعب ان يدرك مدى فداحتها لولا انه فكر ان يمارس لعبة التظاهر تعاطفا منه مع الشعوب العربية الاخرى، لكن وهو في سبيله لان يجرب واحدة من الاشياء التي كان واثقا انه يملكها بعد ان دفع ثمنها اضعافا مضاعفة فكان ان خرج للشارع في جمعة الخامس والعشرين من شباط ليري الشعوب العربية ماحصل عليه من حرية وديمقراطية !!
لكن الشعب فوجئ بأن هذه البضاعة التي بيعت له بثمن باهظ لم تكن (اصلية) لكن ووفقا للمثل (رب ضارة نافعة) اكتشف الشعب بأنه استطاع من خلال المجهود الذي بذله في ساحة التحرير وساحات عراقية اخرى ان يعيد ترجيح كفته في ميزان الواقع المعاش الى حد ما، ودليله على ذلك ان الحكومة سارعت الى اتخاذ عدد من التدابير والقرارات، ومنها فصل الموظف الذي يتقاضى اكثر من راتب او من قام بتزوير شهادته العلمية، وقامت ايضا بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والمنافع الشخصية وقد فوجئ المواطن (الشعب) بالارقام المهولة لتلك الرواتب والمنافع والتي يعد مجرد ذكر ارقامها بمثابة اعتداء صارخ على مشاعر اي مواطن فقير عانى ماعانى منذ 2003 وحتى يومنا هذا وكان يصبر نفسه ويحاول ان يصدق كل مايقال له ليزيد من تضييق الحزام حول خصره ويكتفي بوجبة او وجبتين بدل الثلاثة !!
ومايزيد الطين بلة ان موضوع رواتب المسؤولين وربما تذمر بعض منهم من هذا (الحسد) الشعبي دفع بهم الى رمي الكرة في ملعب اخر وهو ملعب الايفادات التي قيل انها تحوي ارقاما تفوق ارقام رواتب ومنافع الرئاسات الثلاث، وان هذه الفضيحة يتحمل وزرها اعضاء مجالس المحافظات وحكوماتها !!
واذا ما انتبهنا الى ان المبالغ المخصصة لتنمية الاقاليم في جميع المحافظات العرقية (باستثناء كردستان) تبلغ 3 بالمئة (تقريبا) من القيمة الكلية لميزانية الدولة سنويا، وان الجزء الاكبر من الميزانية يذهب الى الوزارات والى رواتب الموظفين، فلنا ان نتساءل .. كيف يتم صرف المليارات من الدولارات سنويا وماهي الآلية المتبعة بهذا الخصوص، ولماذا لاتوضع هذه الارقام امام الشعب (المتعاقد الاكبر) ولماذا نحن بحاجة الى التظاهر والصراخ ورفع الاصوات للفت انتباه الطرف الاخر، كي يضطر في كل مرة ان يبوح لنا بسر جديد، سر يؤكد مدى سذاجتنا وغفلتنا.
ترى لماذا نسي المتعاقد الاكبر ان يضع في العقد بند او فقرة تخص موضوع كرسي الاعتراف للاستماع بين حين واخر الى الطرف الاخر وهو يعترف باستحواذه على كذا وكذا من اموال المتعاقد الاكبر ، بغير وجه حق، وان عليه – ليس فقط ان يعيد المبالغ المترتبة بذمته، بل ان يعتذر .. يعتذر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فليستمر الضغط
ماجد الحيدر ( 2011 / 3 / 23 - 20:16 )
صحيح يا صديقي انهم لم يكشفوا بعض اسرارهم الا بضغط الجماهير ولهذا يجب ان يستمر الضغط وان تستمر الرقابة وتستمر الفعاليات لكي يعرف كل مسؤول انه محاسب امام الشعب الذي انتخبه وهذا واحد من اهم ادوار المثقفين والاعلاميين
تحياتي القلبية

اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة