الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين عيونهم وعينيها

نسب أديب حسين

2011 / 3 / 23
الادب والفن


يحدقُ قلمي في الاوراقِ مليًا.. يناورُها، يقتربُ بقلق ٍ ويتراجعُ، ثم يعود مترددًا.. كيف يسكبُ ما يعتملُ في حبرهِ بقوالبَ من كلامٍ..؟ أتحملُ أردافُ الاوراق ِ ما يطارحُ القلبَ من وجدٍ..؟ أم أنها الاوراقُ ضعيفةٌ هزيلة ٌ تُسقِطُ أكثرَ الخبايا وتتركُ ما استعصى من احاديثِ القلبِ عن غياب..؟
أكان دمعٌ إسترقَ الحضور في عيني يوم شهدتُ هنا منصة ً صارت حلمي.. سرّ مضي الكلماتِ ومضيي الى هذا المكان..؟ غبتُ ووجدتـُني في عودٍ.. لانقاذِ طوافةِ كلماتي من طوفان الكيمياء والدواء..
هنا التقينا وكنتُ الغريبَ، البعيدَ، التائهَ، الباحثَ في عيونِ المدينةِ عن وطن.. هنا التقينا وارتدى الحلمُ ثوبَ الحقيقةِ.. وصارَ لي عنوانٌ للفرح..
هنا نجمُ اللقاءِ أطلَ منذ عقدين ِ يقصده من كان له اليه سبيل.. عهد القلم والكلمة عهدنا، وبيننا شيخٌ في الحكم عادلٌ، وقضاةٌ في شؤون الأدبِ، وجمعٌ ممن لهم في الأدب اهتمام..
وهنا راحت الغربة ُ تخلعُ بُردَتها عني.. وصارت المدينة ُ مدينتي.. وهم أهلي.. واليوم يستوقفُ دمعٌ ترقرقَ في عيني صحبي، إذ لاح بيني وبينها قدسي غياب.. فيتساءلون تُرى ما سرُّ هذا العشق؟ كيف أوقعت القدسُ فيكِ هذا الهيام؟
أتأملُها وتعودُ بي الذاكرةُ بعيدًا لأبحثَ في خباياها عن ذاك السرِّ الذي جعلني أقعُ في عشقِها.. أنبشُ ذاكرتي.. وأعودُ لليلة بعيدةٍ من ذات ايلول، يومَ توسدتُ عشبَها ووجدتـُني أهمسُ " أحبكِ.." فإذ بها تفتحُ ذراعيها وتأخذني اليها.. ليصيرَ بيننا عناوينُ جديدة.
ربما كانت قصة ُ عشقي قد بدأت قبل ذاك.. مذ رأيتُ القبة َ الصفراءَ.. وقاربتُ السورَ.. ودخلتُ جميعَ الابوابِ .. وربما مذ سطرتُ عندَ أعتابِها أنشودة ً جديدة .. وصارَ لي فيها ظلٌ وغدٌ وأمسٌ..
ومن يدري قد أكونُ وقعتُ في الحبِ أكثرَ يومَ بكيتُ وبكتْ بكبرياءٍ.. وتنهدتْْ وأشارت الى جرحٍ نازفٍ ونظرتْ الى السماء.. ثم ابتسمت وعادتْ إلي تنظرُ عميقًا وقالت رغم كل هذا وذاك "سأحيى.. سأحيى"، واستلقتْ فشهدتُ الدماءَ تجري جداولا من يديها وعينيها.. ورأيتها تستيقظُ عند الصباح يمرُّ الضوءُ متسللا من خلفِ الجبال، يبحرُ على سطح بحرٍ مات دونها.. ومن ثم يمضي الشعاعُ الى مسامِ سورِها يدغدغها، فتتقلبُ على مهلٍ.. وهو في مضي ٍ الى القباب.. ومن هناك ينطلقُ الشعاعُ طارقـًا نوافذ َ تطلُ عليها.. ترقبُها من جبل الزيتون، والمشارفِ، من وادي الجوزِ.. من رأس العامودِ.. من الثوري.. من جبل المكبرِ وسلوان.. وقد يمضي الشعاع الى حلم الحالمين البُعاد فيسْرون اليها يتبعون ما تيسرَ من نورِ الهلال.. وهناك من ساروا اليها دهرًا.. وما كان لهم اليها وصول..
أتذكرُ..أتنهدُ.. أنظرُ عينيها وعيونِهم من هم مع القلم على عهدٍ، هي قد صارت مدينتي وهم عائلتي المقدسية.. وما يجول في دواخلي من هواجس أكبرُ وأعمقُ.. هو السرّ هناك في عيونهم في عيونها بين حجارتِها.. في الطرقات في الازقة .. عند قمم جبالها.. في أوديتها.. في حزنها وفي ابتسامتها .. لا يهم.. دعكم صحبي من السؤال.. هو سرٌ عميقٌ غريبٌ إن ساكنَ الروحَ يصبحُ أكبرَ من كل ِ سؤالٍ أو جواب..


كلمة ألقيت بمناسبة الاحتفال بمرور عشرين عامًا على تأسيس الندوة الادبية ـ ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني ـ القدس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع