الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أساند أو لا أساند؟

زكرياء الفاضل

2011 / 3 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


أساند أو لا أساند؟
أو حيرة التقدمي العربي
يعيش المثقف التقدمي هذه الأيام حيرة تنهش لحم أفكاره وتمزق بمخالبها أعصابه لم ينفع معها فناجين القهوة المرة بمرارة حياتنا ولا علب السجائر المحترقة كآمالنا المسلوبة. فالمثقف التقدمي مناهض للاستبداد ومقاوم للأنظمة الديكتاتورية وطموح لإزالة نظام الحكم الشمولي السائد في بلادنا وتعويضه بنمط حضري مدني تسود فيه التعددية الفكرية والعقائدية وتحترم فيه الكرامة الإنسانية وتتوّجه العدالة الاجتماعية والسيادة فيه للشعب. هذه الأفكار وما يترتب عنها من طموحات هي التي دفعت وتدفع بالتقدمي إلى مساندة الثوارات الشعبية أينما حلت واستقرت، فقد ساند الثورة التونسية ومن بعدها المصرية ولم يتردد في مساندة الثورة الليبية رغم عدم وضوح معالمها وغموض توجهاتها، فدعمه لها جاء من باب مناهضة الديكتاتوريات العربية وأنظمتها السياسية الشمولية المستبدة بالمواطن والمعادية للديمقراطية والمنتهكة لكل حقوقنا المدنية بما أوتيت من قوة عسكرية وأساليب وحشية همجية. لكن التقدمي لم يتناول بالتحليل اللازم ميزان القوى بليبيا ولم يولي العناية الكاملة لإمكانيات القذافي من عتاد وجيش نظامي وإمكانيات الثوار المتواضعة والمحدودة، وعندما دخلت أحداث ليبيا منعطفا جديدا لم يكن بحسبانه وجد نفسه في مأزق لا يعرف كيف يخرج منه. فمن جهة القذافي ديكتاتور ومستبد بالشعب الليبي وحوّل النهر العظيم إلى ويل تجري به دماء ليبية سفوحة، لذلك لم يترك أي مجال للحوار الوطني والبحث عن حلول سلمية للخروج من الأزمة. لكن من ناحية ثانية التدخل العسكري للغرب وأمريكا يبقى غير شرعي ومنافي لقانون عصبة الأمم المتحدة الأساسي والذي ينص على احترام سيادة واستقلال البلدان الأعضاء وكذلك المبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية حيث تنص بالحرف على:
• المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء، واحترام استقلالها. تتمتع الدول أعضاء الجامعة بسيادتها كاملة.
• عدم جواز اللجوء إلى القوة لفض المنازعات بين الدول الأعضاء. تنص المادة الخامسة من ميثاق الجامعة على أنه لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب خلافا ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض هذا الخلاف كان قراره عندئذ نافذا وملزما.
• عدم جواز التدخل في الشؤؤون الداخلية للدول الأعضاء: تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول.
فكلا المنظمتين أخلى بمبادئهما حيث أعطت الأولى، تحت ضغوطات فرنسية وبريطانية وأمريكية، مشروعية مشبوهة ومشوهة للتدخل العسكري الغربي والأمريكي، وخرقت الثانية الأسس التي قامت عليها بالدعوة للتدخل العسكري بليبيا بل وبتدخل بعض أعضائها مباشرة بمشاركة هذا البعض في هذا التدخل العسكري بالشئون الليبية الداخلية، مما يضع مشروعية الثوار الليبيين قاب قوسين.
إنّ لكل شعب الحق في المطالبة بالتغيير إن دعت الضرورة، لكن شريطة أن يتم هذا التغيير من قبل الشعب وحده، لأن الشعب هو الذي يمتلك شرعية تغيير الأنظمة إن توفرت له كل الشروط لللقيام بالتغيير. أما إن كانت الشروط الثورة غير ناضجة أي أنها لم تكتمل فالعمل على توعية الجماهير هو النشاط الوحيد والممكن في مثل هذه الظروف. لأنه لا يمكن القيام بثورة على حاكم مستبد بمعونة من دولة مستبدة وطامعة في خيرات غيرها، لأن هذا سيضع علامة استفهام على مشروعية واستقلالية النظام الذي سيقوم بعد "انتصار الثورة"، وعبرتنا في ذلك أفغنستان والعراق والضفة الغربية وصربيا وقرغستان..
إن الثورات الشعبية لا تستند إلى دعم بلدان إمبريالية بل تكون نابعة من الشعب ومنتصرة بقوته وعزيمته وتضحياته الجسام، أما إن كان هذا الشعب لا يتمتع بالإجماع على قلب النظام فالمعارضة السياسية هي سبيله إلى أن تكتمل له الأغلبية للاستلاء على الحكم وتحقيق أهدافه المتمثلة في قيام نظام عادل حضري وديمقراطي.
ما قد غفله التقدمي العربي هو أنّ ملك الملوك ديكتاتوري من طراز خاص إذ يمسك بشعرة معاوية وينهج سياسة في ظاهرها شعبية بينما باطنها ملكية مطلقة. لذلك التعامل معه ليس بالأمر السهل ويحتاج، بالدرجة الأولى، إلى مفكرين يتناولون نظامه بالتحليل والدراسة لخلع غشاء الأمية الفكرية عن عيون الجماهير الشعبية الليبية قبل الشروع في مواجهة معه.
مهما يكون من الأمر فإن سكوت المثقف التقدمي عن التدخل العسكري للحلف الأطلسي بليبيا لا يمكن يعتبر تآمر صامت مع القوات الإمبريالية ضد الشعب الليبي وأرضه. ومن الواجب بالقيام بمظاهرات مدينة لهذا التدخل السافل لأن دافعه هو الرغبة في الاستحواذ على الثروة النفطية الليبية من جهة، وإيقاف تسونامي الثورات التي عمت العالم العربي.
إنّ لكل شعب الحق في اختيار نظام حكمه حتى وإن لم يرق للآخرين، لأن حرق المراحل لا يؤدي إلا إلى كوارث طبيعية تذهب ضحيتها الشعوب. فنحن نساند الشعوب في معاركها التحررية ولا نقف إلى جانب القوى العدوانية العالمية ولا ندعم مطامعها الاستعمارية والإمبريالية، كما أن تدخلها العسكري لا يمكن تصنيفه إلا كاستيلاء وسرقة الثورات الشعبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحظر الجوي لا أكثر
محمد بودواهي ( 2011 / 3 / 23 - 11:56 )
القدافي إنسان مجنون ومهووس بالحكم إلى الحد الدي يستطيع فيه إبادة الشعب بأكمله من أجل أن يبقى في السلطة
الشعب الليبي انتفض بشكل سلمي ضد نظام القدافي لكن هدا الأخير واجهه بالحديد والنار وتوعده بالإباده ، وقد رأى الرأي العام الدولي المجازر الوحشية التي ارتكبت مما أدى بالشعب الليبي إلى المطالبة بالإستغاتة والإستعانة حتى لا تتكرر مأساة البوسنة وروندا هناك
مطالبة الشعب الليبي للتدخل الدولي فرضته الضرورة القصوى والشعب الليبي واعي بما يفعل ولا يحتاج لمن يعطيه الدروس في الوطنية
وقبل هدا ، ألم يفتح القدافي أبواب ليبيا وبترولها وغازها للشركات المتعددة الجنسية وللرأسمالية الأمريكية والغربية على مصراعيها ؟؟؟ ألا تستحود الإمبريالية ورأسمالها على خيرات ليبيا تحت حراسة القدافي وأجهزته البوليسية والمخابراتية ؟؟؟؟
الشعب الليبي كان واضحا مند البداية حيث صرح أنه لا يريد للتدخل الأجنبي في بالده أن يتجاوز مساعدته في فرض الحظر الجوي لا أكثر ،


2 - الكاتب الفاضل زكرياالفاضل
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 3 / 23 - 17:05 )
تحيه وتقدير
احسنت فيما كتبت وقدمت واود ان اقول انها ليست ثوره في ليبيا ولا يمكن مقارنتها بالثورتين التونسيه والمصريه هؤلاء شراذم قذره تصدت بالسلاح من اللحظه الأولى وقد اصطف معها كل الأراذل من دول بقرارات غريبه عجيبه بدون سند منطقي وبسرعه غريبه تؤكد انها مؤامره كبيره ان نجحت ستنتقل الى اماكن اخرى ليسيطر على مشاعر وامال الجماهير حفنه منبوذه يريد الغرب التخلص منها ليدفعها الى بلدانها الأصليه مع درس بليغ يقول فيها لهم انا من احميكم
هل سمعت بشيء اسمه ثوره تدعمه قوى التخلف والرجعيه ودول استعماريه تحيه لك والخزي للقذافي ولعصابات الجريمه والتجسس في بنغازي ومن يقف معها لقد افسدوا قيم الثوره التي قدمها الشعب التونسي

اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة