الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جُمع قتل الثورة

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 3 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


التطرف فكر ، ينتشر في ظل توافر عوامل بيئية معينة ، أهمها العامل الإقتصادي ، فعندما يتردى حال الإقتصاد ، يبدأ قطاع من المجتمع في التطرف ، سواء دينياً ، أو سياسيا .
لهذا عندما يُراد القضاء على التطرف ، أو حتى رفضه ، فإن ذلك يكون بمقارعة الفكر المتطرف بفكر أخر على نقيضه ، و كذلك بتغيير البيئة التي تساعد على إنتشاره ، و ليس بتنظيم تظاهرة مليونية - هذا إن وصلت للمليون - و ليوم واحد ، أو حتى لإسبوع ، أو شهر ، لأن التظاهرت ليست هي علاجه ، مثلها في ذلك مثل الوسائل الأمنية .
و إن كان المقصود بالتطهير لدى الداعين لتظاهرة جمعة التطهير ، هو تطهير مصر من فساد عصر مبارك ، فإن تظاهرة ، ليوم واحد ، مهما بلغ حجمها ، لا تكفي لإقتلاع فساد أخطبوطي عملاق ، مستفحل ، و مستشري ، نتيجة رعاية نظام مبارك له بشكل علني ، لثلاثة عقود تقريباً ، و لازال النظام الذي رعى الفساد قائم بوجه أخر .
و إن كان المقصود بالتطهير هو القبض على أسماء بعينها ، من أركان نظام مبارك ، فإن تظاهرة يوم واحد لا تكفي ، لأن أيضا النظام الحاكم حالياً هو ذاته النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و هو بالتالي النظام الذي رعى الفساد ، و حمى الفاسدين ، و المفسدين .
ثم للقارئ أن يتخيل دمج الهدفين المذكورين أعلاه ، في تظاهرة واحدة ، ليوم واحد .
إن أردت أن أنتقد أكثر ، فإنني أنتقد أيضا ما أطلق عليه : جمعة الحصاد !!!
ما هو الحصاد الذي قفز لذهن هؤلاء الذين أطلقوا إسم : جمعة الحصاد ؟؟؟
نحن لم نستكمل العمل بعد ، فماذا سنحصد ؟
نحن لم نقتلع بعد النباتات الشيطانية التي نمت في مصر في عهد مبارك ، و لم نصل بالتالي لمرحلة الحرث ، و البذر ، و التعهد ، فكيف قفز لذهن هؤلاء أن هناك حصاد ؟؟؟
نحن لازلنا في الفصل الثاني من كتاب الثورة ، لم ننجز فيه شيء ذا قيمة للأن ، أو لأقولها صراحة : لم ننجز أي شيء على الإطلاق ، و كل ما كُتب في ذلك الفصل ، هو من سطر أعداء الثورة ، فأي حصاد عناه هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم قادة للثورة الأن ، و يريدون تهميش الأخرين ، الذين أسهموا في التمهيد للثورة ، و شاركوا فيها .
إن كانوا يعنون حزب ، و جريدة ، و مقاعد برلمانية ، لهم ، و ربما تداعبهم أحلام وزارية ، فما الفارق بين هؤلاء الشباب ، و بين الإخوان ، في ميدان الإنتهازية ، و التربح بالثورة ، و بدماء الشهداء ؟؟؟
ما يحدث الأن ، على يد المجموعة التي نصبت نفسها زعيمة لثورة مهد لها أخرون ، و شارك فيها ملايين ، و سقط فيها شهداء قدموا نفوسهم لتنجح ، فأعلنت نفسها وصية ، بل مالكة ، لثورة مصر في 2011 ، هو هدم للثورة ، و عن عمد .
ما يحدث الأن هو جريمة ، مع سبق الإصرار و التعمد ، بحق الثورة المصرية ، على يد مجموعة إدعت إمتلاكها للثورة .
إدعاء كاذب لم يحدث مثيل له في أي ثورة مصرية شعبية من قبل .
إدعاء لم يجرؤ عليه زعماء مصريين تاريخيين ، أكبر منهم بكثير في القدر ، و الذكاء ، و العلم ، و الوطنية ، و الإخلاص ، قادوا ثورات مصرية شعبية أكبر في التأثير من ثورة الشعب المصري في 2011 ؟
لم يدع الشريف عمر مكرم الأسيوطي أن ثورة 1805 ، هي ثورته ، أو إنه الوصي عليها ، أو إنه المتحدث الأوحد بإسمها ، و لم يدع الزعيم سعد زغلول ، و لا حتى حزب الوفد الأصلي ، إنه مالك ثورة 1919 .
لكن في مصر ، و في 2011 ، هناك من إدعى أن ثورة شعبية ضخمة ، ذات إمتداد جغرافي كبير ، على الخارطة المصرية ، هي ثورته .
ما يحدث الأن هو نتيجة إختراق أمني ، تم بمجموعة شبابية ، ككثير من الإختراقات التي حدثت من قبل لكثير من التنظيمات الحزبية ، و الشبابية ، و الإعلامية .
أرائي ، من لا يصدقها ، كما هي عادة البعض ، أو من يصدقها متأخراً ، كما هي عادة البعض الأخر ، فعليه أن ينظر إلى الكيفية التي يقود بها هؤلاء الذين إستولوا على الثورة - أو المجلس الشبابي لقيادة الثورة - الثورة .
أهداف عقيمة ، ليست مهمة الثورة القيام بها ، كالوقوف في وجهة التطرف ، أو حتى رفضه ، أو أهداف ليس ذات أهمية عليا في سلم الأولويات ، مثل المطالبة بإقالة حكومة شفيق ، مع ترك الدستور ، و ترك الإستفتاء يمر ، فكانت هزيمة الإستفتاء ، أو المطالبة بأهداف كبيرة صحيحة ، و لكن بمجرد تظاهرة يوم واحد ، لأن العادة الأن أصبحت : شعار لكل جمعة ، و عند غروب كل جمعة يسقط الشعارمن قائمة من إستولوا على الثورة ، و لكن يبقى دون أن يتحقق .
إنها جُمع إضاعة الجهد ، و الوقت ، عبثاًَ .
إنها جُمع قتل الثورة .
إنني أعرف إن نقدي مر ، و لكني لست مهتم بأن يكون نقدي برد ، و سلام ، على من يصرون على قتل الثورة ، بنصائحهم ، و أفكارهم ، كما إنني لا أوجه حديثي إليهم .
القيادة الحالية التي إستولت على الثورة ، جهاراً نهاراً ، بمعونة الأمن ، تقوم بتنفيذ خطة أمنية خبيثة ، عماد تلك الخطة هو الإنفراد بالثورة ، ثم إستنفاذ جهود الشعب الغاضب في ما لاطائل منه ، حتى يتلاشى تدريجيا الزخم الذي تتمتع به الثورة .
عندما يخرج الشعب للتظاهر كل أسبوع ، لأهداف ليست مهمه في سلم الأولويات ، أو ليس من مهام الثورة تحقيقها ، و تتغير تلك الأهداف إسبوعياً ، مع عدم تحقيق شيء ذي بال منذ أكثر من شهر ، فإن الزخم الثوري سيتلاشى تدريجيا ، و هذه هي المهمة التي تقوم بها تلك المجموعة الشبابية التي نصبت نفسها ، بمساعدة الأمن ، مالكة للثورة .
إنني لا أنتقد فقط ، و لكن أقدم أيضا الحلول .
الخطة التي يجب أن تسير عليها الثورة منشورة في مقال : النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف ، و المنشور في الحادي و العشرين من مارس 2011 .
في ذلك المقال توجد قائمة مختصرة لأهداف يمكن تبنيها .
و في المقال نصيحة هامة أجد من الواجب أن أكررها ، و هي ضرورة التركيز على هدف كبير ، و الإصرار على تنفيذه ، حتى يتحقق تماما ، ثم البدء في الهدف الذي يليه ، لكن أضيف ، مع وجوب إجهاض أي تحركات موازية يقوم بها النظام .
لقد تم إسقاط مبارك في ثمانية عشر يوما من العمل الشاق ، و بالكثير من التضحيات .
لم يتم إسقاط مبارك - و هو الهدف الوحيد الحقيقي الذي تحقق منذ بدأت الثورة في الخامس و العشرين من يناير - بتظاهرة يوم واحد .
لم نطالب بإسقاط النظام يوم الخامس و العشرين من يناير ، ثم غيرنا هتافنا في أول يوم جمعة تلى ذلك اليوم .
إنني في هذا المقال أتوجه للشعب المصري ، للشباب الذي يتحرق شوقا ، و أملا ، من أجل تغيير حقيقي ، يغير واقع مصر الحالي ، و مستقبلها ، للأفضل ، و للرجال ، و النساء ، الذين سرقت من أعمارهم ثلاثين عاماً ، كما سُرقت مني ، لينقذ الثورة .
الشعب المصري هو الأمل الحقيقي في إنقاذ الثورة ، بشيبته ، و شبابه ، نسائه ، و رجاله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟