الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة : يعوي لها ذئب صديق في الفلاة

مهدي بندق

2011 / 3 / 23
الادب والفن


يعوي لها ذئب ٌ صديق ٌ في الفلاة

شعر : مهدي بندق

غائب كالفرح أو
حاضر كالجرح أو
مسـَّـلسل ٌ في شهقة ِ النفي ِ السديم بذيل ِ نجم ٍ
طالع ٍ من دون ضوء ٍ خبط عشواء َ فيمضي
ثم يرتد ُ


ما الذي تبغيه يا هذا المرُحـَّل ُ من قطار الخـُدعة الكبرى
والمحطات ُ جميعا ً ترتدي ُحلل َ التآمر ِ
نسجها ما حاكه أحد ُ
فتطـّلع ْ من شبابيك التراجع للحقول الخائنة
َبذرة ٌ الإضرار تنمو في الحشا ، وحصادها في كل عام ٍ
نبت ُ أمساخ ٍ زناة ٍ بالمحارم ِ ،
نسلها الكلب ُ العقورُ ضجيعه القرد ُ


لم تكن في البدء ِ غيرَ الحرف ِ ملقيا ً َ على
فرش الخرافة
تلعق النيرانَ في لوح التبعثر ِ
بلـسان علمُه جهل ٌ وتخليط ٌ ولكن ،
قلت َ : أشجار تسير وخلفها دهم ُ
كلما قلت َ استفيقوا يا غواة ُ
رد بالإمحاء ِ فدم ُ


هذه الشمس القتيلة من رماها بحراب الزمهرير ؟
ونياط القلب في أكفانها
من سقاها قهوة النبض الكذوب َ
كي تصلي لنجاة ٍ لن تجئ سوى بحذف ٍ لا ُيعلل ُ
أنت منذور لهذا المحبس الأبديّ مذ طلع الوجود ُ من العدم
ضع يديك على دماغك
واقبل ِ الحزن َ كما الفرسان ُ منزعو السلاح
أى داع لصدور الخلق ِ ما لم
تقبل ِ الطعنات من كل اتجاه
تلك أسياف ُ الأحبة ِ ،
بدّلت في السوق صلصالا ً بلحم ٍ ،
بالشرايين حديدا
وابتنت ْ للقلب ِ أقفالا ً ولا ِمفتاح َ يلثم ثغرها المسود َّ لا
منقوع َ أزهار ِ البنفسج في ذؤابتها يرقرق ُ كتلة َ الصدأ ِ
المضاعف ِ كتمـُه فوق الشفاه ِ ، ألم ُتحذّر
من ُرغاء توقعاتك ِ للأيائل أن يجئن َ
وينتشلنك من ثلوج الصمت في رمس التوحد ِ ؟
ما الذي تبغيه ممن لا يراكا
إن من جاءوا إلى أهل "البقيع ِ" تجمدوا
ثم باتوا لا يرون سوى رؤوس ٍ طلعـُها قعر ُ المرايا
والمرايا ليس فيها غيرُ مثقوب ِ العيون

قف هناك
ظامئا ً لا تطلب ِ الريَّ
هاهنا : لا ريَّ ، لا القاموس يدري ذلك اللفظ َ الغريب َ،
أو تراتيل ُ الكهانة ِ برهنت يوما ً عليه
سوف تبقى تحت سجيل المعاني مثل أفيال الحباش النافقة
لا تقل شعرا ً،
فإن الشعر دائرة ٌ تعيدك مثل ُغرنيق ٍ ضرير ٍ للبداية
حالما ً بالماء ِ
ليس منا من ينال الماء َ
كل ما ُنعطاه : مطبوخ ُ التناسل ِ
فوقه زفر ُ البهارِ لكي ُيذاق

تلك أشطان الدويّة من رسيس العقم ُتدلي
بالخديعة في الشروق ِ ،
وفي الغروب تصب ُّ من زِق ِّ الفناء ِ نقيع َ يأس لا ُيطاق
فانس - يا هذا - التفاعيل َ القوافي َ والصور
والتقط نثر الفراق

لا تفكر في نجاتك ِ
إنما في آخر العمر .. لديك َ
نظرة ٌ يعوي لها ذئب صديق في الفلاة
تحرم الجلاد لذته الدنيئة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصيدة جميلة حقا
فرانسوا باسيلي ( 2011 / 3 / 23 - 20:17 )
هي بالفعل قصيدة تحرم الحلاج لذته الدنيئة


2 - تصحيح كلمة وردت بالخطأ في تعليقي السابق
فرانسوا باسيلي ( 2011 / 3 / 23 - 23:15 )
هي بالفعل قصيدة تحرم الجلاد لذته الدنيئة
الجلاد طبعا وليس الحلاج العظيم كما ورد بالخطأ الكومبيتري في التعليق السابق


3 - وأنا أيضا أعوي في الفلاة
نجوى منصور - شاعرة ( 2011 / 3 / 24 - 08:57 )
لقد عصرت قلبي أيها الشاعر العظيم . لهذا الحد يمكن للإنسان الحقيقي ان يتألم ؟ إن هذا الموقف الوجودي من الكون هو الرد الشريف على عبثية الكون وهشاشته وغرابته ، ولا أطيل في مدح البناء الفني الشامخ الذي ينتهي بروعة التعبير عن مقاومة هذا الشر وذلك العبث اللئيم ، لكني أشهد بكل أمانة أنني وجدت نفسي خلفك مبتهلة لله أن يكون رحيما بنا فلا يتركنا للمسوخ تلتهم ماء عيوننا وتنهش لحمنا وتفتت عظامنا ، فإذا لم يفعل فأي جدوى من وجوده ؟


4 - رائع
عدنان مويلحي ( 2011 / 3 / 24 - 14:34 )
شعر مصفى وفتح لآفاق القصيدة العربية لكي تجتلي وجه الغامض والمستور في هذا الكون والحق أن الشاعر الكبير مهدي بندق استطاع بفنية مرهفة أن يقدم لنا رؤيا شديدة القتامة في ثوب غاية في الجمال ، ليذكرني بعالم دستويفسكي وعالم كافكا معا حيث يختلط قبح الحياة والأحياء بجمال الشعر وعناده البطولي
ولعل مهدي بندق قد انطلق من بيت أبي العلاء المعري القائل ..
وبصير القوم مثلي أعمي فهلمو في حندس نتصادم

رائع يا شاعرنا


5 - يعوي لها
أبو الحسن سلام ( 2011 / 3 / 24 - 18:42 )
الله الله الله يا مهدي


6 - شاعر عظيم
ماضي صبحي ( 2011 / 3 / 24 - 22:01 )
مهدي بندق شاعر متفرد في رؤيته للوجود ويبدو أنه وضع يده على كنز لغوي لا ينفد حيث الألفاظ المبتكرة والصور الشعرية الغير مسبوقة ولقد تماعت بقراءة قصيدته بجانب ما انتابني من مشاعر الرعب والقلق على المصير


7 - أكثر من رائعة
إقبال بركة ( 2011 / 3 / 26 - 06:26 )

الى الشاعر الكبير ابن الاسكندرية التى لم تنجب الا كل ماهو رائع و جميل
الى مهدى بندق

القصيدة أكثر من رائعة ..فالى المزيد
اقبال بركة


8 - تعليق ثان : قصيدة أكثر من رائعة
أبو الحسن سلام ( 2011 / 3 / 26 - 06:31 )
أحسنت إقبال في مدح القصيدة .. وأنا بالمثل أمدحها وأغبط فيك شعرك .. حسك العالي بمعنى الكلمة في زمان الكلمات الجوف في أفواه رهط الخلفاء من حداة الإبل في زمن الحداثة


9 - تعليق ثالث
فرانسوا باسيلي ( 2011 / 3 / 28 - 13:54 )
قصيدة صارخةً بالعواء الروحي الفاجع أمام آلام وجودية مبهمة ومروعة لا تصيب إلا الشعراء الحقيقيين ..
فرانسوا


10 - أنا أيضا صديق للشاعر مهدي مثلما الذئب صديق
محمود الدفراوي ( 2011 / 4 / 1 - 07:41 )
أشهد أنني لم أقرأ قصيدة بمثل هذا الغموض الواضح أو الوضوح الغامض طوال السنوات الماضية ، والمثير في الأمر أن الشاعر المبدع مهدي بندق كتب أكثر من مقال تناول فيه - بحرص شديد - موضوع الثورة المصرية من زاوية المصطلح العلمي ليخلص إلى كونها تمثل التباسا لا فكاك منه سوى انتظار النتائج ، كما أنه أشار إلى خلو هذه الثورة من البعد الطبقي بوصفه ضرورة تاريخية . فيبقي أن نسأل أنفسنا عما إذا كان ما حدث في يناير هو ثورة أم انتفاضة أجبرت النظام على مباشرة الإصلاح السياسي الذي تأخر طويلا . ليكن ذلك التفسير أو غيره لكن الشعر قال كلمته وأثبت أن عالمنا العربي ما زال بعيدا عن استحقاقات الحداثة وإلا ما كانت الجماهير - الثورية - لتقبل بالسجود خلف شيخ الاسلام السياسي القرضاوي في ميدان التحرير لتبدأ من ساعتها الثورة المضادة في حصاد ما بذرته القوى الرامية للتغيير . التغيير في أي اتجاه ؟ اتجاه العودة إلى عصور الظلام حيث الدولة الدينية التي لا يرى الغرب الغبي مانعا في وجودها ما دامت تحفظ له مصالحه . وتبقى القصيدة المهدوية البندقية بفنيتها وصدقها التعبيري الجميل شاهدا على المأساة


11 - أنا أيضا صديق للشاعر مهدي مثلما الذئب صديق
محمود الدفراوي ( 2011 / 4 / 1 - 07:42 )
أشهد أنني لم أقرأ قصيدة بمثل هذا الغموض الواضح أو الوضوح الغامض طوال السنوات الماضية ، والمثير في الأمر أن الشاعر المبدع مهدي بندق كتب أكثر من مقال تناول فيه - بحرص شديد - موضوع الثورة المصرية من زاوية المصطلح العلمي ليخلص إلى كونها تمثل التباسا لا فكاك منه سوى انتظار النتائج ، كما أنه أشار إلى خلو هذه الثورة من البعد الطبقي بوصفه ضرورة تاريخية . فيبقي أن نسأل أنفسنا عما إذا كان ما حدث في يناير هو ثورة أم انتفاضة أجبرت النظام على مباشرة الإصلاح السياسي الذي تأخر طويلا . ليكن ذلك التفسير أو غيره لكن الشعر قال كلمته وأثبت أن عالمنا العربي ما زال بعيدا عن استحقاقات الحداثة وإلا ما كانت الجماهير - الثورية - لتقبل بالسجود خلف شيخ الاسلام السياسي القرضاوي في ميدان التحرير لتبدأ من ساعتها الثورة المضادة في حصاد ما بذرته القوى الرامية للتغيير . التغيير في أي اتجاه ؟ اتجاه العودة إلى عصور الظلام حيث الدولة الدينية التي لا يرى الغرب الغبي مانعا في وجودها ما دامت تحفظ له مصالحه . وتبقى القصيدة المهدوية البندقية بفنيتها وصدقها التعبيري الجميل شاهدا على المأساة


12 - ذبحتنا
طارق حجي ( 2011 / 4 / 1 - 09:58 )
لا تفكر في نجاتك ِ
إنما في آخر العمر .. لديك َ
نظرة ٌ يعوي لها ذئب ٌ صديق ٌ في الفلاة
تحرم الجلاد لذته الدنيئة


ما هذه الروعة والعبقرية ؟ ما هذا العمق والشجن الاسيف ؟
أمتعتنا وذبحتنا عزيزي الأروع -


13 - من يمسح معي دموع القصيدة ؟
مهدي بندق ( 2011 / 4 / 1 - 15:09 )

لأنه لم يبق لدينا غير الشعر ندفن فيه أحزاننا ونترحم به على قتلانا ،فلقد كتب صاحب هذه السطور قصيدته : يعوي لها ذئب صديق في الفلاة . وحدث أن هذه القصيدة انتشرت على مواقع عديدة أهمها الحوار المتمدن وموقع هدهد ، حيث نشرها الصديق الكاتب الكبير د. محيي الدين اللاذقاني مع صورة غريبة للرئيس المخلوع مبارك بمقدمة تقول:

تتداول المنتديات الشعرية قصيدة جديدة لشاعر الإسكندرية مهدي بندق ذات طابع سياسي
لا يخفي نفسه لكنه لايضحي بالشكل على حساب المضمون

بعدها قامت جريدة أخبار الأدب بإعادة نشرها وإذا بكل علامات الفتح تصبح علامات كسر !! مما فجر الدمع بقلبي . الزميل مصطفى عبد الله رئيس التحرير فأبدى استعداده للتنويه بالعدد القادم عن هذا الخطأ العائد إلى نقل بدن القصيدة من نظام آى بي إم إلى نظام ماكنتوش . ولولا أن الموقف جد لا يحتمل الهزل لعلقت : طب ما كنتوش تسألوني الأول ؟
قد يقول البعض :تلك مبالغة من الشاعر أن يتلقى بكل هذا الفزع وقوع ناشر في خطأ ٍ طباعي نرى كل يوم ما هو أكثر منه وأفدح.
لمثل هؤلاء أقول : لست أعنيكم بحديثي ، فمن يستهن بالخطأ اللغوي خليق بالاستهانة بالعقل الإنساني جميعا


14 - أقبل قلبك طلبا للدفء
سيد القمني ( 2011 / 4 / 1 - 18:41 )
ثلمت قلبي الموجوع وأنا في آخر العمر أنتظر ولاشيئ يأتي إلا ضواري ليل البوادي
سيد القمني يقبل قلبك طلبا للدفءفي زمهرير الشمس المطفأة
كل احترامي

اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال