الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس على طريق الجمهورية الثانية

عبدالله تركماني

2011 / 3 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد إعلان برنامج الطريق لانتخاب مجلس وطني تأسيسي في 24 يوليو/تموز القادم، وبعد الاستجابة لأهم مطالب الشعب التونسي: إلغاء إدارة أمن الدولة وكل شكل من أشكال الشرطة السياسية من حيث الهيكلة والمهمات والممارسات، والإعلان عن الالتزام باحترام الحريات والحقوق المدنية، ووصول عدد الأحزاب المعترف بها إلى 37 حزباً بعد ترخيص العمل القانوني لـ 29 حزباً منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني الماضي، بالإضافة إلى أكثر من 70 مطلب آخر لدى وزارة الداخلية تنتظر الحصول على تراخيص قانونية، والحكم القضائي الابتدائي بحل التجمع الدستوري الديمقراطي وتصفية أمواله وأملاكه، وإنهاء حقبة من تسلط جهاز التجمع الذي استعمله الرئيس المخلوع لفرض نظامه الاستبدادي، وبعد سنّ العفو التشريعي العام، وإحداث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي (لا تقتصر فقط على خبراء في القانون العام بل تشتمل أيضا على مجلس يتكون من شخصيات سياسية وطنية وممثلين عن بعض الأحزاب السياسية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنية بالشأن الوطني)، يكون برنامج الطريق نحو تحقيق الانتقال الديمقراطي وإقرار سيادة الشعب قد وضع تونس أمام استحقاق إعلان الجمهورية الثانية.
لقد نجحت الثورة التونسية ليس لأنها أسقطت نظاما ديكتاتورياً فحسب، بل لأنها ساهمت في أعادة صياغة الوعي السياسي للتونسيين في اتجاه التفاعل العميق مع مفاهيم الحرية والديمقراطية، بما يمكّنهم من اجتياز المرحلة الانتقالية للتحول الديمقراطي في اتجاه الجمهورية الثانية. حيث ترسخت قيم المواطنة، فكرياً وعملياً، لدى أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة. إضافة إلى: الوعي بمهام الدستور الذي سيقره المجلس الوطني التأسيسي, وبالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للفرد والمجتمع, وبمهام الفرد, ومدى الحريات الممنوحة له وأنواعها, وبكيفية تشكيل القرارات السياسية, وكيفية تنفيذها, وبنظم الحكم العالمية, وبشروط التمثيل النيابي, وبكيفية المشاركة في الانتخابات النزيهة والشفافة, وتشكل المجالس النيابية, وغيرها من قضايا المواطنة التي تساهم في رفع سوية المواطنة التونسية ذاتها, وتخليص الفرد والمجتمع والدولة على السواء من عقلية وثقافة الراعي والرعية, وكل ما يعيق تحقيق دولة الحق والقانون.
إنّ الجمهورية التونسية الثانية، إذا ما حققت مشروع المواطنة لأبنائها, ستشكل الرافعة العملية والفكرية لاستمرار الدولة التونسية وقوتها من جهة, وترسيخ القيم الإنسانية لشعبها ومكانته بين الشعوب العربية وشعوب العالم من جهة ثانية. ومن أجل ذلك لا بد أن تتوافر فيها الشروط الأربعة التالية:
1 ـ التأسيس لحياة ديموقراطية دستورية تتجاوز حكم التسلط وتكون قابلة للتطور حسب حاجة تقدم المجتمع التونسي وتطلعاته، وحسب المعايير العامة التي كرستها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
2 ـ تطوير وتطهير الجهاز الحكومي وسائر الإدارات بما يتلاءم ومنطق دولة القانون والمؤسسات، فالديمقراطية وسيلة غايتها الحكومة الرشيدة.
3 ـ أن يكون في مقدمة واجبات هذه الحكومة الرشيدة السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين، بما يتجاوز معسكري الغنى الفاحش والفقر المدقع، ويتفادى انقسام الوطن بين من يملكون ومن لا يملكون.
4 ـ التشريع لمؤسسات مجتمع مدني حرة في ضميرها ورأيها ومسلكها القانوني، قادرة على الخروج من بوتقة العصبيات الجهوية، في إطار من الفكر المنفتح والحوار المسؤول.
ولا مناص من الاعتراف أنّ الخيار الوحيد الناجع، لوأد أية انتكاسة محتملة لثورة الحرية والكرامة في تونس، هو تقوية حضور المجتمع المدني بكافة هيئاته كي يقول كلمته لصالح وحدة المجتمع ولتحفيز روح التفاهم والتعاون بين مختلف الأطراف ولتأكيد الثقة بالدولة ومؤسساتها ودورها العمومي كخير ضامن لمسار تطور تونس وتقدمها.
إنّ قابلية دولة الحق والقانون لاستعادة دورها التقدمي في الجمهورية التونسية الثانية لا تزال قائمة ومطلوبة، وما يزيد من فرص النجاح أن يحضر المجتمع المدني بمختلف فئاته وفعالياته، بما فيه القوى السياسية الأساسية من قوميين ويساريين وإسلاميين وليبراليين، ليمارس دوره في حماية قيم ومؤسسات هذه الجمهورية المنشودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة