الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظلّة وإناء وحظيرة - بعض من أزمة الطرح الديموقراطي

ياسر اسكيف

2004 / 10 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بالأمس القريب شيّع ( التجمع الليبرالي في سوريا ) نفسه . وبعيداً عن الاقتناع أو عدمه بالأسباب التي وردت كدافع إلى ذلك التشييع فإن التجربة , والتجربة دليل الحياة الوحيد , قائمة في الحالين , التأسيس والتشييع . لقد تمزّقت المظلة التي كان يطمح مؤسسوا التجمع أن ينضوي في ظلّها كل من يريد لسوريا أن تعود لتلعب ( دورها المفتقد ) .
وبالأمس القريب أيضاً أعلنت مجموعة جديدة عن ( وعاء ) تطمح أن يحتوي كلّ الديموقراطيين السوريين . وسمّي الوعاء المذكور ( الحركة من أجل الديموقراطية في سوريا ) .
إن مقارنة البيانين التأسيسيين تظهر , حتى للمتمعن قليلاً , أنهما طرح واحد بصياغتين مختلفتين . والمقارنة هنا تهدف فقط إلى التأكيد على أن الهاجس الديموقراطي الليبرالي بات يحتل المرتبة الأولى لدى العدد الأكبر من المثقفين السوريين . والتأكيد يهدف إلى القول بأن النزوع الليبرالي بات سمة عامة لدى أولئك المثقفين , حتى المعادين منهم للرأسمالية وأطرها الأيديولوجية .
والأمر الذي يستوقفني عند قراءة هذه البيانات ( الإعلانات ) ليس ما تطرحه من مهمات وأفكار فحسب , بل قبل ذلك الآلية التي يتم بها الطرح , أقصد بالضبط لغة القول أو لغة الطرح. فالأفكار يمكنني اعتبارها ادّعاء لا غير وأما آلية عرض الأفكار وطرحها فهي التي تقدّم ما يستحق الحوار والنقاش .
قلت سابقاً بأن اجتماع ثلاثة سوريين أو أكثر , بإرادة حرّة ووعي لمعنى الاجتماع , ولو على احتساء كأس من العرق هو شيء جدير بالاهتمام والاحترام .
وهنا أجد نفسي مضطراً لإعادة القول بأن الاجتماع الحر هو اجتماع ذوات يزيدها الاجتماع وعياً بوجودها كذوات وليس العكس . وبالتالي تصبح تسمية أطر الاحتواء فضحاً للآلية التي تدعو إلى الاجتماع .
فالديموقراطية , على المستوى النظري , أفق مفتوح , وحوار دائم , وليست مرجعية أيديولوجية يتم الانضواء تحت لوائها , أو إناء يضم , أو مظلة تجمع . وعلى المستوى الحياتي , الواقعي , فهي حراك دائم للدفاع عن وجودها واستيلاد ضمانات حمايتها من ذاتها . إنها ممارسة لا تحيا بالادعاء , إنما بمراكمة ما يجعلها بعيدة عن الانتحار .
وبالعودة إلى الأطر التي يقترحها المؤسسون , ويدعون أصحاب الاختصاص إليها , نلمح إعادة إنتاج لمقولات الاستبداد . حيث أن أغلب السلطات الشمولية , والأصح جميعها , أطلقت مثل هذه الدعوات واعتبرت أن أطرها هي الوحيدة الصالحة لاحتواء الممارسة الديموقراطية ( الجبهات الوطنية على سبيل المثال ) وهذا الأمر يعكس وقاحة عند السلطات , وحسّاً مضمراً بامتلاك الصواب عند المؤسسين سابقي الذكر .
وهؤلاء المؤسسون لا يطرحون أفكارهم للتداول والحوار وخلق قلق معرفي في فضاء من الحرية أملاً بنضج الحالة التي يطمحون إليها . إنهم جميعاً يصوغون الأطر والهياكل , ومن ثمّ يدعون ذوي الشأن والاهتمام إلى التزاحم ضمن هذه الأطر والهياكل من أجل مناقشة ديموقراطية بعيدة عن أي شروط قبلية تخص المهمات المطروحة .
أيها الأصدقاء . دعوا العامل الموضوعي , الذي هو أنتم كذوات منفردة تعي وجودها في الزمان والمكان وتراكم هذا الوجود تغيّراً نوعياً وإضافة معرفية اجتماعية , دعوه ينضج دون تعسّف أو قسر , عبر صيانة فرديّتكم , وكفّوا عن خرافة حرق المراحل , تلك الخرافة التي أحرقت كلّ من صدّق بأنّها واقعة من الممكن حدوثها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط