الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصوصية فلسطين في الوطن العربي

علي جرادات

2011 / 3 / 24
القضية الفلسطينية


بفعل التبعية واستلاب الإرادة، وبدايات تفتت الدولة القُطرية، وغياب الديمقراطية والحريات والتنمية، والعجز عن تلبية استحقاقات الصراع العربي الصهيوني، ظل مرجل الغضب الشعبي العربي يغلي حتى انفجر. والحالة الشعبية الفلسطينية، رغم خصوصيتها، بل بفعلها، مرشحة لانفجار تتطلبه استباحات الاحتلال وجرائمه أساساً، وتحفزه ضرورة إنهاء الانقسام الداخلي المدمر، وتثيره مفاعيل الإفقار والبطالة والفساد وانعدام الحريات الخ.....وتستحثه خبرة تاريخ مديد في التنظيم وممارسة الانتفاضات الشعبية والكفاح الوطني بأشكاله، خاصة وأن القضية الوطنية الفلسطينية نواة مضمرة في الحراك الشعبي العربي الجاري، الذي يتصادم موضوعياً مع الاحتلال الصهيوني الاستيطاني ألاقتلاعي ألابتلاعي في فلسطين، ودوره في كبح التغيير وفَرْضِ التبعية في الوطن العربي.
إن تشبث الشعب الفلسطيني بحق العودة والحرية والاستقلال، كأساس سياسي جامع لتجمعاته في الوطن والشتات، يجعله تواقاً للتوحد ثانية في التخندق الوطني ضد الاحتلال، وهذا ما تعيقه التزامات اتفاقات أوسلو واملاءاتها وانقسامات سلطتها الوهمية، التي بكل ما ضخته من يأس والتباس وفقدان للأمل في الوعي الفلسطيني، إلا أنها ظلت عاجزة عن المساس بجوهر الهوية الوطنية الفلسطينية التحررية وأهدافها العادلة، تغذي هذا الجوهر تراكمات المسيرة النضالية المديدة، وتحفزه جمرات التضحية التي لم تنطفئ، وتحتضنه التيارات الشعبية العريضة القابلة للاشتعال، ذلك بعيداً عن الرؤى الفئوية الذاتية، التي تغذيها مصالح ضيقة، وتنفخ فيها تدخلات خارجية، وأخطرها الأمريكية، لا بفعل ثقلها في السياسة الدولية ومؤسساتها فقط، بل أيضاً لثبوت عدائها للشعب الفلسطيني وحقوقه ونضاله الدفاعي المشروع، بفعل تحالفها الإستراتيجي مع الكيان الصهيوني كقوة احتلال تحترف الحروب وترفض التسويات السياسية.
عليه، فإن الشعب الفلسطيني لا محالة سيهب للامساك بزمام المبادرة مجدداً، وينتفض ضد الاحتلال الجاثم على صدره، وبما يخلص إرادته من تعاقد أوسلو السياسي والتزاماته وإملاءاته وانقساماته، بعد ما فشل وشاخ وبات قديماً، بل، وأصبح كابحاً للإرادة الشعبية وقمع قواها الجديدة الناهضة، أو حشرها في قوالب بات استيداعها في متحف للعاديات ضرورة موضوعية.
وهذا ما يوجب على النخب القيادية الفلسطينية عموماً، وعلى قيادتي "سلطتي" "فتح" و"حماس" تحديداً، التعلم من دروس الفعل "الشبابي" العربي، والتحاور مع جديدها "الشبابي" الناشئ في أحشائها، بعيداً عن القمع والتعامل مع كل جديد ناهض، بوعي قديمٍ يفرض ذاته على الواقع، كأنه الواقع، فيتخلف عن حركة شعوب عربية كسرت حاجز الخوف، واستعادت زمام المبادرة، باعتبارها مصدر كل سلطة وتشريع ومرجعهما. بما يؤكد أن سيرورة التاريخ لا تعرف "نهاية"، وأن لا قديم من دون جديد، ولا جديد من دون قديم، ذلك أن كلاً منهما ينطوي على الآخر، ولا يكون إلا نسبة إليه. ما يبرهن على أن الزوال هو حصاد كل قديم يعاند متطلبات التجديد الموضوعية. فالشعوب هي صانع تاريخها، والانتقال به مِن طور إلى آخر، حتى، وإن جاء ملتويا متعرجاً، ما يستدعي ضرورة عدم وقوع النخب القيادية الفلسطينية في الخلط، (بوعي أو عن جهالة)، بين دور الشعوب، القاطرة الفعلية للتغيير، وبين دور الطلائع السياسية التي تحرض وتؤطر وتعبئ وتقود هذا التغيير. بل إن هذه الطلائع ستذوي وتتلاشي برنامجاً ودوراً ووجوداً، ويحل محلها جديد تحمله في أحشائها، إن هي تبقرطت وتثاقلت، ووقفت في منتصف طريق متطلبات تغيير موضوعي تنشده شعوبها.
من نافل القول التأكيد على أن الشعب الفلسطيني ما زال يعيش مرحلة تحرر وطني، وعلى أن أي تغيير ديمقراطي داخله يجب أن يأتي لدعم نضاله ضد الاحتلال وانتزاع حقوقه الوطنية المغتصبة، إنما دون نسيان أن إطلاق العنان للخيار الديمقراطي الداخلي، يشكل شرطاً لازماً لتعزيز هذا النضال، ويعتبر كيفية لا مفر منها لمعالجة التناقضات الداخلية، وتوحيد السياسة والتنظيم والمؤسسات الوطنية التمثيلية الجامعة في مواجهة الاحتلال. هنا يثور سؤال: بما نبدأ؟؟
إن الشعب الفلسطيني المثقل باستباحات الاحتلال وما أفضى إليه أوسلو من تعدد لأجندات تجمعاته، أحوج ما يكون إلى إعادة نظمه ثانية في إستراتيجية سياسية كفاحية وطنية وديمقراطية موحدة، تشكل عقدا سياسيا جامعا تلتزم به كل قواه السياسية والاجتماعية في الوطن والشتات، كشعب له أهداف مشتركة ومصير مشترك. وهذا ما لا يفي به تجديد المرحلة الانتقالية لأوسلو، أي إجراء انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية ومجلسها "التشريعي"، بل البدء الفوري في تفعيل الشق المتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية في إعلان القاهرة 2005، أي كيفية تذليل مصاعب إجراء انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة، وعلى أساس التمثيل النسبي الكامل، لمجلس وطني جديد في الوطن، وحيثما أمكن في الشتات، والتوافق حيث تعذر، كمدخل لإعادة بناء وتوحيد وتجديد وتثوير منظمة التحرير الفلسطينية. وإناطة البت في باقي ملفات الشأن الفلسطيني خارجيا وداخليا، بهذا المجلس المنتخب والمعبِّر عن إرادة الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، بما في ذلك البت في شأن السلطة الفلسطينية وتعاقدها السياسي، (أوسلو)، ودورها ووظيفتها وانقساماتها وانتخاباتها، وعلاقتها بمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها.
قصارى القول، إن انتخاب مجلس وطني جديد هو الحلقة المركزية التي لا يمكن الإمساك بباقي حلقات السلسلة الفلسطينية الداخلية دون الإمساك بها، التي يساعد على إنجازها النهوض الشعبي العربي، الذي سيحرك من جديد المخزون التاريخي والذاكرة الجمعية العربية تجاه الغزوة الصهيونية، وموقفها منها. ما يعني، أن نتائج هذا النهوض، ستكون معززة لحالة جماهيرية عربية فاعلة، تحتضن متطلبات تجديد الكفاح الوطني الفلسطيني ودعمه. وهذا ما يفرض على النخب القيادية الفلسطينية التقاطه وعياً وممارسة. فـ"تعاسة في السياسة أن لا يستجيب الذهن إلى تحولات الواقع". فما بالكم إزاء تحولات كبيرة في عصر سريع عصي على التحكم، أشعلت شراراتها حركات شبابية عربية، (تزخر فلسطين بمثيلاتها)، امتلكت وسائل عصرها بإبداع واقتدار، لتكون ثمرة لتاريخ شعوبها، وغير منعزلة عنه. إذ بمعزل عن طريقة تمثلها له وزاوية نظرها إليه، فإنها قد هضمته، وتمثلت الايجابي من قيمه، وأضافت إليه أسلوبها ووعيها الخاصين؟؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من