الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يتحرك آلهة القضاء العراقي لمعاقبة الفاسدين..؟

جاسم المطير

2011 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



في كل مكان من البلدان العربية تتكشف، يوما بعد يوم ، مظاهر الفساد المالي والإداري بتوجّه الوزراء ومسئولي الدولة الكبار نحو نهب المال العام بآليات وظيفية محرمة ، متعددة الأشكال والوسائل، بل أن بعضها صار سمة من سمات عدد غير قليل من الكائنات البشرية في الحكومات العربية التي تستخدم ذكاءها وأحزمتها في ابتداع حلقات مشحونة بالقدرة الفائقة على نهب المال العام أو هدره. لعل مثل هذه القاذورات انكشفت في العراق خلال السنوات السبع الماضية بجهود هيئة النزاهة العراقية بنطاق واسع في أجهزة الدولة المركزية وفي عدد غير قليل من المحافظات لكن لم نجد شيئا يتحرك أو يتأرجح في محيط القضاء العراقي مما جعل الفساد المستشري بأرقام الملايين والمليارات يطفو على سفن القرصنة المالية التي صممها وبناها وقادها ملاحون معروفون في كل وزارة ودائرة ومحافظة من دون أن تتفوق عليهم ملفات هيئة النزاهة حتى صارت حلقات الفاسدين في العراق ورايات سفنهم شديدة السواد.
لكن الملاحظ إزاء هذا الواقع الفج أن المهانة الحكومية ليست موجهة للفاسدين ، بل موجهة للشعب ولكرامته ولجميع موظفي هيئة النزاهة، الذين يعيشون وظيفيا ، في صلب مراقبة قضايا الفساد الإداري والمالي، متابعين الفاسدين خطوة خطوة ، مشخصين العمليات المالية الفاسدة بالدليل القاطع وبالوثيقة الدامغة، لكن النتائج المشهودة تتلخص في أن الكثير من المسئولين الكبار ، من ضعاف النفوس، الذين نهبوا أو اختلسوا أو تلاعبوا بالمال العام استطاعوا أن يفلتوا من العقاب، بعد أن قاموا بتهريب الأموال المنهوبة إلى خارج العراق متمتعين بشراء الفلل والشقق والعقارات الأخرى أو تسخير أموال الشعب العراقي في أعمال تجارية وغيرها من بدع استعمال المال الحرام.
خلال الأيام القليلة الماضية وبسبب بعض التغيير في هيكلية الدولة المصرية الناتج عن نجاح بعض أهداف ثورة الشباب المصري في 25 يناير الباسلة فقد شاهدنا بوضوح تام انهيار بعض قواعد اللصوصية في الدولة المصرية نتيجة تعقب الفاسدين الكبار من دون أن تكون أجهزة القضاء المصري عاجزة عن اعتقال ومحاكمة الفاسدين ، كما هو الحال في الدولة العراقية الجديدة ، حيث يتبدى التهاون الواضح في مكافحة الفاسدين الكبار من الوزراء والمدراء ورؤساء المؤسسات وغيرهم، حين يندفع مسئولون كبار في الوزارة العراقية ذاتها وربما في مكتب رئاسة الوزراء، متحمسين لحماية الفاسدين والدفاع عنهم وغلق جميع أبواب المحاكم لإنقاذهم من العقاب. خاصة وأن دور البرلمان العراقي ما زال مقتصرا على إلقاء (النظرة الخاطفة) على كون ٍ ، منظم ٍ ، واسع ٍ، في أفق الفساد العراقي. مثل هذا الدور يتناغم ، بدراية أو من دون دراية، مع أضرار واستمرار هذه الظاهرة في أجهزة الدولة كلها. كما مر في جلسة الأسبوع الماضي حديث وزير التجارة الجديد عن فضيحة ضياع 50 مليون دولار باستيراد زيوت استرالية (اكسباير) رفض ، بيقظة ضمير، استلامها ، من ميناء أم قصر. لقد مر انفعال السيد الوزير من دون أن يحرك ضمير البرلمان ضد الوزير السابق ، المسئول عن استيرادها.
يوم أمس قرر النائب العام المصري عبد المجيد محمود إحالة وزير المالية الأسبق (يوسف بطرس غالي) ووزير الإعلام الأسبق (أنس الفقي) إلى المحكمة الجنائية بتهمة اختلاس أموال، كما أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية . كما أكد مصدر قضائي لوكالة الأنباء الفرنسية أن النائب العام أمر بإحالة غالي والفقي للمحكمة بتهمة اختلاس أموال.
أظهرت التحقيقات الأولية، التي أجريت بشأنهما أن الوزير يوسف بطرس غالي وافق على تحويل ما يوازي 6 ملايين دولار من وزارة المالية إلى الوزير أنس الفقي من أموال الدولة لاستخدامها في تغطية وسائل الإعلام الرسمية لحملة الانتخابات البرلمانية الأخيرة وأحداث سياسية أخرى فيما بين 1981 ـ 2010. سحبت هذه الأموال من أرصدة مخصصة لاحتياطي السلع وخدمات إستراتيجية. يعتبر هذا الإجراء خرقا لحظر استخدام الأموال العامة في الحملات الانتخابية. مدد النائب العام محمود مدة حبس الفقي المقبوض عليه من نحو شهر على ذمة قضية فساد أخرى. فيما فر يوسف بطرس غالي من مصر قبل القضية، وقد قال النائب العام إنه يجري اتصالات مع الإنتربول لاعتقال غالي وإعادته إلى البلاد لمحاكمته.
هذا مثال أول من أمثلة تحرك القضاء المصري في إعلان حرب المجابهة الحارة والشديدة مع الفساد والفاسدين من المتلاعبين بأموال الشعب المصري، وهو مثال حي يدفعنا للتساؤل المشروع عن آلاف القضايا المشابهة التي قامت هيئة النزاهة العراقية بتحرير ملفات التحقيق فيها من دون أن نجد صداها في التحرك الفعلي من قبل المدعي العام العراقي، لمقاضاة المفسدين، مقاضاة سريعة وعلنية، والوقوف بوجه كل من يحاول من المسئولين الكبار التستر عليها وعلى أصحابهم أو على قادة وأعضاء أحزابهم أو طائفتهم أو صلات القرابة.
إن قيام عدد من الوزراء العراقيين والمدراء والقادة المسئولين بممارسة (الضغط العالي) لحماية الفاسدين الناهبين لأموال الشعب أمر يتنافى تماما مع الأخلاق، والشرف، والقيم الدينية، مما يستدعي وضع الفاسدين العراقيين فورا تحت ضوء الشمس لكي يصبح شرف المسئولية للحكام العراقيين لامعا وساخنا ومتلائما مع مستلزمات الحياة العراقية الجديدة في إنقاذ الدولة العراقية من مستنقع شاسع المساحة مليء بكل أنواع الفساد والموبقات.
بانتظار حركة آلهة القضاء العراقي لإزالة جبال الفاسدين وإنزالهم من قممها ووضعهم في السجون عبرة لمن يعتبر ، لحماية أموال الشعب، أسوة بتوهج القضاة المصريين بعد ثورة الشباب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 23 – 3 - 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صعبة!!!
يوسف يعقوب الو ( 2011 / 3 / 25 - 04:53 )
استاذي العزيز جاسم المطير
اعتقد ان ما تطلبه صعب المنال ما دام ( رأس السمجة خايس ) ثم اعتقد بأن آلهة القضاة قد ماتت او انها في سبات عميق قد لاتستفيق منه لأن المخدر أخذ مفعوله لمدة 100 يوم وهناك انباء عن مضاعفته ليصبح 200 يوم ومن ثم تضاعف المدة ( وعلى هالرنة طحينج ناعم ) والآلهة مرتاحة وفي وضع الأسترخاء


2 - فالشعب يوماً آرادة الفساد فلا بد ان يستجيب ا
mazin al iraq ( 2011 / 3 / 25 - 11:13 )
قلت الغيرة و الشرف و الحس الوطني يولد شعب فاسد حتئ نخاع هو الشعب العراقي متشعب بالطائيفية ومن سنتهم الدكتاتورية هو الناهي حتئ المتخلف عقلياً يعرف هواجس الشعب العراقي .رجاءً رفقاً بعقولنا فنحن الشعوب خيرة الفساد, فالشعب يوماً آرادة الفساد فلا بد ان يستجيب القدر..تحياتي للكاتب المبدع.


3 - الفساد افه معديه
فائز ال نبهان ( 2011 / 4 / 8 - 22:51 )
استاذي الفاضل سبق وان علقت على موضوع مشابه في موقع اخر .القضاء في العراق اليوم واقصداصحاب القرار فيه بينهم من هو مهدد وبينهم من هو خائف ومنهم من مسيس ومنهم من يحابي ويجامل ومنهم من يتملق خوفا على الكرسي ومنهم من هو فاسد ومنهم من هو جاهل بامر القضاء. واذا كان بلد فيه هكذا قضاء كيف يستطيع العيش برخاء وامان من هو بخيمة هذا البلد. للقانون سلطه تشريعيه وامرها هكذا كما ذكرت فما بالك من السلطه التنفيذيه المسيسه اصلا اضافه الى ؟؟؟؟؟.ان غاب القانون فيتحول النظام الى فوضى كمن يترك مزرعته بزرعها بلا اسوار ولاحراس امام حيوانات سائبه.

اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله