الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الدنمارك من الحرب في ليبيا

مكارم ابراهيم

2011 / 3 / 24
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تعتبر الدنمارك احدى الدول التي وافقت على دعم قرار مجلس الامن الصادر بتاريخ 18 آذاروذلك بفرض الحظر الجوي والتدخل العسكري في ليبيا لوقف المجازر التي يرتكبها القذافي .ولقد تضامنت الدنمارك مع دول التحالف فرنسا وايطاليا وانكلترا والنرويج والولايات المتحدة للتدخل في حرب ليبيا وثم اعلنت جامعة الدول العربية تضامنها معهم.
وقد ارسلت الدنمارك السبت الماضي 19 آذار ستة طائرات حربية من طراز اف ستة عشر الى قاعدة عسكرية في جزيرة سيسيليا الايطالية. وقد حاز قرار مجلس الامن الدعم الكامل من قبل جميع الاحزاب في الحكومة الدنماركية الا ان هذه الاحزاب لم تتفق فيما بينها بما يتعلق بعمق التدخل في شؤون ليبيا في حال سقوط القذافي وفترة البقاء هناك على المدى البعيد . ولقد كان موقف كل من حزب القائمة الموحدة وحزب الدي اف هو عدم التدخل في حين ان حزب المحافظين والبقية صمم على التدخل حيث اكد الناطق بالشؤون الخارجية للمحافظين ناصر خضر بان على الدنمارك التدخل الى ان يتم اسقاط القذافي. اما موقف وزيرة الخارجية الدنماركية لينا اسبرسن من تصريحات القذافي الاخيرة على التلفزيون الليبي الرسمي حيث صرح بان تدخل الدنمارك في ليبيا هو بسبب حقد الدنمارك على المسلمين التي عبرت عنه بالرسوم الكاريكاتورية واكدت اسبرسن بان القذافي وصل الى مرحلة يائسة بحيث لم يعد يعرف مايقول رغم ان رجال الدفاع الدنماركي اكدوا بانه بالرغم من تحليق الطائرات الدنماركية فوق الاجواء الليبية الا انه لم يتم اسقاط اية قذائف وصواريخ حتى هذه اللحظة من قبل الدفاع الدنماركي.
هناك من يرى ان التدخل الغربي كان يجب ان يكون محصورا بحظر الطيران على الاجواء الليبية ولكن هذا بالتاكيد بعيد عن المنطق وذلك لان اسقاط الطائرات المحلقة وضرب قواعد المضادات الجوية سيؤدي الى مقتل عدد من المدنيين بشكل حتمي . وبهذه الحالة ماذا كان يتوقع البعض من نوعية المساعدة التي يقدمها الغرب والى اي مدى لوقف المجازر؟ ومن جهة اخرى هل كان الثوار قادرين على النصر لوحدهم بدون مساندة خارجية . وكم سيدفع الشعب ثمنا حتى يتم اسقاط القذافي الذي يملك اكثرالاسلحة تطورا في العالم وهي نفس الاسلحة التي يهاجم بها من قبل الحكومات التي باعت له هذه الاسلحة .
ولكن هل التدخل الغربي هذا يخدم الثورة الليبية ؟ يقول عبد الحفيظ خوجا الناطق باسم لجنة الثورة "قصف الطائرات الغربية يعتبر غزو غربي يضر بالثورة الليبية وسيؤدي الى ازدياد المجازر البشرية وقد زاد من استياء زعماء الثورة الليبية لانه بالرغم من ان قوى التحالف تضرب مواقع الديكتاتور القذافي الا انها مازالت تسانده".( صحيفة الانفورماشون الدنماركية)
في الواقع لقد لاحظنا على احدى القنوات العربية صراخ بعض المواطنين الليبيين بطلب النجدة من العالم وهي كانت صرخات الياس لطلب النجدة لكن هذا التدخل بالتاكيد أضعف منحى الثورة ومسعى الثوار لان بالتدخل الغربي استطاع القذافي ان يستغله بشعاراته القومية والدفاع عن ارض الوطن من الاحتلال و بالتالي التفاف البعض حوله بدلا من الالتفاف حول الثوار الليبيين في معركتهم ضد القذافي وبالتالي يضعف من قوة الثورة الليبية.
ومن المعلوم ان مجلس الامن قد وافق على قرار فرض العقوبات على القذافي وعشيرته بعد ان فرض حظر الطيران و التدخل العسكري وفقدان شرعية القذافي كحاكم في ليبيا. وهذا مااعطى الفرصة الى حزب الفينسترا حزب الحكومة الدنماركية بتقديم طلب عاجل لوزيرة الخارجية لينا اسبرسن وللبرلمان بالحجز على كل املاك القذافي في الدنمارك وقد قرر الحزب بيع هذه العقارات واستخدام هذه الاموال لمساعدة اللاجئيين الليبيين في المناطق المجاورة . حيث ان القذافي يملك عقارات في الدنمارك احدها في منطقة الاوستربغو في وسط كوبنهاكن وهي عبارة عن السفارة الليبية وعدد من البيوت والثانية عبارة عن فيلا كبيرة في منطقة ييسبورغ شمال كوبنهاكن كان يقيم بها ابن القذافي معتصم بلال القذافي عندما كان يدرس في المعهد التجاري العالي منذ بضع سنين .وقيمة هذه العقارات تقدر بحدود 28 و 30 مليون كرونة دنماركية .
ومن جانب اخر يرى بعض المحلليين السياسيين انه من المفروض في ظل هذه الظروف ان ترفع الحصانة الدبلوماسية على الهيئة الدبلوماسية الليبية والسفير الليبي في الدنمارك وطردهم لانه من غير المنطقي ان تقاتل القوات الدنماركية القذافي في ليبيا ومازالت سفارته مفتوحة في الدنمارك, ومن جهة اخرى طالب الرئيس الامريكي باراك اوباما والفرنسي نيكولاي سركوزي ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون من قادة الدفاع في حلف الناتو ان يتخذوا خطوات قيادية في العمليات العسكرية في ليبيا وبدأ توجه السفن البحرية باتجاه الشواطئ الليبية الا انه ليس من الواضح اذا كان الحلف فعلا سيقوم بالقيادة للعمليات العسكرية خاصة بوجود عدم الاتفاق التام بين جميع الاطراف ,ومن جانبه اكد السكرتير العام لحلف الناتو انس فو راسموسن بان زعماء الحلف وخلال اجتماعاتهم في الثلاث ايام الاخيرة وضعوا استراتيجية نهائية عن كيفية تنفيذ الحظر كما انه من المعلوم ان فرنسا في بادئ الامر كانت معترضة على التدخل العسكري في ليبيا ,اما تركيا فانها تقف موقفا رافضا تماما للتدخل العسكري في ليبيا.
وبتاكيد ان هذه التدخلات العسكرية الغربية اثرت على اسعار النفط الذي ارتفع بمقدار 2 % منذ يوم الاثنين الماضي بعد بدا الضربات الجوية على ليبيا و قد انخفض الانتاج النفطي الليبي بمقدار الربع وربما يتوقف نهائيا في الايام القادمة ( صحيفة الاعمال الدنماركية)
لنترك اسعار النفط الذي كان لعنة على الشعوب العربية والسؤال هنا هل ستكون ليبيا رقم 3 في قائمة الاحتلال الامريكي الغربي طبعا عدا فلسطين التي يعتبر المحتل فيها كيان اسرائيلي . طبعا لاارجوا ذلك رغم ان التجارب السابقة مع الغزو الامريكي للبلدان تحت شعار دعم الديمقراطية واسقاط الطغاة اثبت لنا بان الهدف الفعلي هو احتلال طويل الامد و تمزيق الشعب الواحد الى مذاهب وقوميات وطوائف وسلطة فاسدة والخ الخ الخ ......

واخيرا لنتوقف قليلا عند موقف الشعب الدنماركي من التدخل العسكري الدنماركي في ليبيا كان في الواقع مثير للدهشة بالنسبة لي فحسب الاستطلاعات التي اجرتها مؤسسة غالوب للدراسات الميدانية وبرعاية صحيفة البيرلينسكة تذنة الدنماركية تبين ان 78% من الشعب الدنماركي موافق على قرار البرلمان بالتدخل العسكري وارسال الطائرات الحربية الدنماركية الى ليبيا وان 64 % من الشعب الدنماركي يرى ان على قوات التحالف الدولية ان تسعى للاطاحة بالقذافي او قتله. ومايثير دهشتي انه بتاريخ 3 نوفمبر 2010 اي منذ اربعة اشهر فقط كتبت مقالة حول تداعيات الحرب في افغانستان وتناولت الاستطلاعات التي اجرتها مؤسسة غالوب حول النفقات التي تصرف على الحرب في افغانستان تحت وطأة الازمة الاقتصادية في الدنمارك وكانت حينها نتائج هذه الاستطلاعات بان 3% من الشعب الدنماركي موافق على صرف أموال الدولة في حرب افغانستان لاسقاط حركة طالبان في حين أن 97 % من الشعب الدنماركي ضد استخدام أموال الدولة في محاربة حركة طالبان الأفغانية في ظل الازمة الاقتصادية .
والسؤال هنا لماذا وافق غالبية الدنماركين اليوم في التدخل العسكري للدنمارك في حرب ليبيا وصرف ميزانية كبيرة لها بينما رفض غالبية الشعب تدخل الدنمارك في حرب افغانستان قبل اربعة اشهر فقط والازمة الاقتصادية مازالت كما هي؟ فهل ان تصريح الحكومة الدنماركية بدعم الديمقراطية للثورات العربية والقضاء على الطغاة كان تاثيره اكبر على الشعب الدنماركي من تصريحات دعم الديمقراطية في افغانستان والعراق والقضاء على طالبان وصدام . عدا ان الغالبية كان رافضا لدخول القوات الدنماركية الى العراق. فماذا تعٌلم الشعب الدنماركي من التدخلات العسكرية لحكومته المتحالفة بشكل مطلق مع الولايات المتحدة في غزو افغانستان والعراق على ما يبدو انه لم يتعلم شيئا !
مكارم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي