الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال الاجتماعي

صلاح عبد العاطي

2004 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


سأنطلق في البداية من مبدأ " بان بالامكان أن يكون وقع فعلنا وعملنا أفضل مما كان وأفضل مما عليه الآن".لقد دخلت المنطقة العربية عهدا جديدا بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر التي بدورها ألقت بظلالها علي ما يجري الآن في العالم والمجتمع العربي فالمشهد ككل ما زال مأزوم لدرجة أننا نقف مشدوهين ولا نعرف مستقبلنا خاصة واننا ندخل الألفية الثالثة ونحن محملين بأزمات لاحصر لها فنحن لم نحر فلسطين بعد ولم نجز الديمقراطية والتنمية والسوق العربية المشتركة ولم.. ولن ؟.
فالتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية التي تحدث العالم و في المجتمعات العربية بشكل خاص تستوجب علي المعنيين والعاملين في هذه المجالات البحث الجاد لفهم وتحليل كيفية تفاعل أعمالهم وأفعالهم مع هذه التغيرات الحادثة كون الفعل الاجتماعي التربوي الثقافي هو نتاج سلسلة من العمليات التي تشكلها التحركات النضالية الاجتماعية الفعلية عبر ممارسات تستند الى التخطيط والتنظيم والتقييم المستمر مع الناس ومن خلال الناس، وللأسف فالأدبيات البحثية المتعلقة بهذا الحقل قليلة ولم تشكل بعد مدار بحث كاف في أوساط الفاعلين والمناضلين والمثقفين والدوائر الأكاديمية بشكل يمكننا من تحسين الأداء والتخطيط للمستقبل بشكل عملي يناسب مقتضي الأحوال والأدوار المناطه بكل منها.
إن التزايد السكاني الحاصل في مجتمعنا العربي والغلاء والتضخم وانهيار مستوي ونوعيه الحياة وازدياد الفقراء واتساع الفجوة بين الناس وغياب سيادة القانون وتراجع دور الأحزاب السياسية والعلاقات الإنسانية علي حساب العشيرة والعائلة والحمولة وحالة الإحباط والتمزق واللامعيارية التي أصبحت سمة من سمات مجتمعنا اليوم.
والمؤشرات واضحة علي ذلك تؤكد افتقادنا إلى المقومات الأساسية للتنمية عموما وغياب مستوي الدافعية لدي المواطن العادي، وتزايد انتشار الأمراض الاجتماعية، هبوط المستوي الثقافي، وارتفاع نسبة التسرب المدرسي والأمية، وغياب الفلسفة التربوية واستمرار التعليم بالطرق التقليدية، واستمرار حالة الطلاق بين التعليم والثقافة وتفاقم الأزمات المالية والعلمية للجامعات إلى جانب استمرار الافتقار إلى خطة عصرية تنموية شاملة لمؤسسات التعليم العالي، وعدم ربط التعليم بحاجات المجتمع ، فسوق العمل العربي سوق محدود لم يستطيع أن يوفر أكثر من 40% من إجمالي فرص العمل الجديدة وهذا بدورة يفاقم ويزيد من نسبة البطالة، أضف الى ذلك استمرار مشاكل الفساد والإنفاق الباذخ في "مؤسسات" السلطة العربية عموما وارتفاع نسبة العجز والمديونية في البلدان العربية، والتحديات تتلاحق في مجتمعنا العربي فمن تحدي الاستخدام والتشغيل إلى تحدي الموارد المحدودة وسؤ أدارتها، وتحدي المعرفة والبحث العلمي والتكنلوجيا وتحدي الأمن الغذائي وتحدي السيطرة والاحتلال الأجنبي وتحدي الديمقراطية والتحدي الثقافي والتقني والتنموي والحضاري.
مهمات كثيرة ومعيقات كبيرة تواجه الفاعلين والمناضلين في هذا المجتمع وتحديدا في المجال الاجتماعي التربوي الثقافي سواء علي صعيد البناء والتغير أو علي صعيد ذاتهم، سؤال يطرح نفسه في كل مرة مع كل معيق وكل نجاح.. هل نتقدم للإمام أم نتراجع للخلف ؟
والي متي سيبقي واقعنا الراهن يزداد سوءا وتخلفا وتعقيدا ؟ والي متي سوف تبقي نتحدث فقط؟ بدون أن نمارس وان نثبت حقائق علي ارض الواقع.. أسئلة تطرح مع كل عمل نقوم به، أخطرها ما يتعلق بذات العاملين، والإحباط الذي من الممكن أن يتعرضوا له نتاج الإشكاليات المتعددة وخاصة الداخلية التي يواجهونها في عملهم، وبرأي أن علي الفاعلين والمناضلين أن يحسموا هذه المسائل مع ذاتهم وان يغلبوا دائما الأمل والعمل العام عن المصلحة الفردية والذاتية الضيقة.
أن البحث في قضايا المجتمع وإشكالاته مهم جدا حتى نستطيع تفهم أسباب هذه الإشكاليات الرئيسية والفرعية ولنستطيع مراكمة الفعل تلو الأخر لإنهاء الأسباب الفرعية أولا ومن ثم الرئيسية. والى متي سيبقي بعض الفاعلين يركزون علي النتائج؟ ظنا منهم أن العمل علي النتيجة سينهي المشاكل، ان العمل لتجاوز الإشكاليات يتطلب بالضرورة فهم المجتمع وظروفه ويتطلب أيضا امتلاك رؤيا واضحة للتغير واليات وترجمات عمل واقعية وفق احتياجات الناس.وبالنظر إلى واقع حال السواد الأعظم من الناس في المجتمع العربي نجده يعبر عنهم وعن مأساتهم: ويقول للجميع إلى متي سوف نتظر الشعوب العربية دون أن تحرك ساكن ؟ ما هو المدخل للعمل معهم ؟ وهل سيبقي واقعهم الراهن كما هو ؟ ولماذا لا يتم العمل معهم علي صعيد البناء والتربية والتنمية؟.
إن هذا التعامي الحادث في مجتمعنا بعيد المدى يفرض علينا الانتباه إلى الحقيقة بأن علينا قبل كل شئ الاهتمام بفهم العمليات الاجتماعية التربوية الثقافية التي تؤدي إلى إيجاد عمليات تغير مجدية ومستدامة في حياة البشر، ويستدعي منا أيضا فهم الواقع الراهن وتحديد الاستراتيجيات ومعرفة إبعاد الفعل النضالي الاجتماعي التربوية الثقافي الذي نتحرك في إطاره ومن خلاله، فالتغير لن يأتي من سكون فلا بد من الفعل، فعل وعمل نضالي اجتماعي تربوي ثقافي تقدمي من اجل صنع التغير فا بالامكان اتخاذ قرارات حاسمة لتحسين أوضاع الناس والمساهمة في تقليص ألازمات في إطار حل ينطلق من الراهن الآن بشرط ربطه برؤية مستقبلة تحدد لنا الطريق إلى اليوم البعيد.
لعلي لا ابلغ بأن المطلوب الفعل المنظم والبسيط، الفعل المستند الى تقويه وتوعية وتنظيم الناس لكي تعي مصالحها ولكي تتولي الدفاع عنها.
ان إعادة توجيه الفعل بحيث تحتل قوي الناس موقعا واضحا محسوبا سيؤدي الى التغير في نوعية الخطاب والممارسات والي التغير في أشكال التنظيم الاجتماعي باتجاه أكثر إنسانية وعدالة مما هو قائم الان انه يعني السعي لأجل النضال لترسخ الديمقراطية وسيادة القانون علي ارض صلبة لكي نضمن علاقات قائمة علي مبدأ تكافؤ الفرص بين الناس بغض النظر عن العائلة والجنس...الخ.
لكي نضمن حياة كريمة للناس ليس عبر المساعدات والكلمات فقط بل عبر أقرار هذه الحقوق والعمل علي توفير أوسع الفرص لممارستها، ان إطلاق قوي السوق والربح ولاشي غير الربح والمصلحة الشخصية سيؤدي الى نتائج كارثيه علي المجتمعات ان لم تكن هذه المجتمعات مؤهلة وقادرة للدفاع عن مصالحها ومصالح أفرادها.
من هنا تأتي مهمة المناضلين الاجتماعيين عبر وعيهم لدورهم الوطني والاجتماعي في عملية التغير كمدخل رئيسي للعمل مع فئات الشعب وأكثرها تهميشا ضمن برامج تناسب المرحلة التي نعيشها وتتناسب مع ضرورات أيجاد مستقبل أفضل، عبر فعل تربوي اجتماعي ثقافي منظم وهذه دعوة الى الجميع لمساندة المؤسسات الاجتماعية في فلسطين والعالم العربي ودعم وتشجيع الأطفال والشباب والناس وتوعيتهم بمصالحهم من اجل ان يساهموا وبشكل فعال في في عملية التغير الاجتماعي والتنموي عبر الفعل والممارسات.
لقد ظهرت الدراسات لاحتياجات الناس في العالم العربي حاجتهم إلى مؤسسات فاعلة ومثقفين وفاعلين ومشاريع تعمل معهم من اجلهم وتساندهم وتمكنهم من اخذ دور مشارك و فاعل في المجتمع وخاصة في ظل إشكاليات واجتماعية وتربوية وثقافية وصحية وبيئية وسياسة واقتصادية سيئة ومعقدة فمعظم المجتمعات العربية ينتشر بها التخلف و الفقر بكل صوره، كما و تزداد نسبة الفقر والأسعار يوما بعد يوم وتكثر البطالة والإشكاليات الاجتماعية ويرتفع عدد الناس المهمشين وتشعر بان الجميع يتحدث في واد ، التغير والحاضر في واد أخر.مهمات تنتظر المجتمع العربي ان أراد التقدم والتنمية والديمقراطية والتحرير أهمها بناء وتنمية الإنسان العربي الذي ينبغي أن يولي الأهمية والأولوية.
أن العمل مع الناس وخاصة الأطفال والفتيان والشباب يتطلب ممن يعمل معهم أن يتفهم احتياجات هؤلاء الناس وان يؤمن لهم إطارا من العمل يؤمن بهم ويعمل من اجلهم فهل امتلكنا هذا الإطار ؟ أم ما زلنا في محيط يدور في إطار المصلحة الشخصية التي يجيب عليها الواقع الراهن ( إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض).
وهذا ينبغي علي كل الفاعلين والمناضلين في هذا المجتمع التجمع والتواجد وترتيب أنفسهم وتقنية ذاتهم والسعي الجاد لامتلاك الإرادة إرادة النجاح والفعل والتركيز علي الايجابي في الفعل والعمل، وتشكيل القدوة في الممارسة، مع عدم إغفال السلبي ونقده وتطويره، والاهم عدم التحول الى نخبة معزولة عن الناس والمحيط.
حتما سيأتي اليوم الذي تتساقط فيه كل الأوراق الصفراء لكي يبقي الزرع الأخضر يزهر زهرا ووردا وينتج ثمرا.و قطاعات الشباب والأطفال يجب ان يحظوا بالأولوية كونهم أمل المستقبل.
إن منهجية الرد العملي علي الإشكاليات بعد دراستها والوعي بأسبابها وأثارها هي احد أدوات الفعل الاجتماعي المتميز التي يجب ان يتم بها العمل، ودعوتي لامتلاك هذه المنهجية لنشعر بمدي التقدم، لأننا نؤمن بأنه لا خيار للفاعلين في المجتمع العربي إلا التقدم للإمام عبر الفعل والممارسة مع كل فئات المجتمع، أيماننا منا بضرورة ان نغير الحاضر الى الأفضل من اجل غدا مشرق، غدا نؤمن ان من حقنا الولوج إليه رغم ثقل الحاضر والماضي معا. فكفانا إهدار للموارد الموجودة وكفانا أزمات.. ولنبدأ العمل والمعالجات...هذه مهمة المناضلون الاجتماعيين والمثقفين.
ختاما فان من يعتقد بان الواقع الراهن مفروض علينا ولا نستطيع ان نلعب دورا باتجاه التغيير فهو اما محبط او كمثل من يخلط أي شئ بكل شي لكي لا ينتج شئ.
والي الإمام نسير معا لنؤسس للإنسان وللمجتمع العربي الذي نريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة