الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف ضاع حلم الثورة الشعبية فى فلسطين ؟ ..

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 3 / 25
القضية الفلسطينية


وسط تدعيات المشهد الثورى العربى التى تتلاحق هنا وهناك يدور تساؤل حول المعوقات التاريخية التى حالت دون قيام " ثورة شعبية وجماهيرية مسلحة " ضد الإحتلال الصهيونى فى أرض فلسطين .

هناك حاجة للتأكيد على واقعة غياب البيئة الحاضنة لنشأة وتجانس " طبقة عاملة فلسطينة " - بمفهومها التاريخى - وفى أطار " التكوين الإجتماعى الفلسطينى " المحكوم بشروط الإحتلال ودينامياته قيامه وتحولاته .

فالثابت أن البنية الطبقية الفلسطينية تعيش مجموعة تناقضات سواء من حيث أنماط الإنتاج المنفصلة أفتراضيآ , أو من حيث تفاوتات مواقعها الأساسية فى المدن والقرى - وكغيرها من نظم الإنتاج الآسيوى الإقطاعى .

فقد عمدت إستراتيجية وأولويات التهويد لعرقلة تبلورالوجود النوعى لعلاقات و قوى الإنتاج المادى ومن خلال إحداث تغيرات حادة في التركيبة الاجتماعية والديموجرافية للمناطق الفلسطينية وبهدف التمكين المستمر لقوة العمل ورأس المال اليهودي وتدعيم اندفاعه على الأرض .

فتوالت عمليات شراء وتجريد الفلاحين والبدو من أراضيهم , وتأمين السيطرة على مصادر الطاقة والمياه والثروة الطبيعية وباعتبارها " موارد ضابطة لعلاقة الشعب بالأرض" , ولإجهاض النمو المستقل لأي قطاع إنتاجي , والحيلولة دون تعبئة وتراكم الأصول والمدخرات المحلية الفلسطينية .

ومن هنا عانت " كتلة الشغيلة الفلسطينة " من ضعف البنيان العددي والتقني , ومن هشاشة قواعدها الصناعية والحرفية بالمدن , و لم يتحول رصيد ( عنصر العمل الفلسطينى ) من عمال الحرف والصناعة ومعدمي الأرض إلي ( أجراء / عمال / شغيلة ) في ميادين الصناعة أو الخدمات أو الزراعة.

ومع أعطاب التكوين العضوي لهيكل الطبقة العمالة الفلسطينية , وخلال موجة المد القومي العربى التى سادت فى ستينيات القرن الماضي أصبحت ( الفئات الوسطى ) مؤهلة تاريخيآ لقيادة حركة التحرير الفلسطينية ..

وصارت هذه الفئات الوسطى هى : " الحامل الاجتماعي للثورة الفلسطينية " الذي ينمو وفق محددات و شروط النهوض القومي العربى , وبدعم وتأييد من النخب الوسطى - المدنية والعسكرية - التي ظفرت بالسلطة و الحكم في عدد من الأقطار العربية .

وحيث توافق خطاب و أداء هذه الفئات الوسطى الراعية لقضية الثورة الفلسطينية مع معطيات المرحلة ومع هدف إستعادة كامل التراب الوطني والحقوق المسلوبة وفق المفاهيم القومية .

وهو الأمر الذى جعل العملية الثورية الفلسطينة رهينة بصفقات وتحالفات وأخفاقات الأوضاع العربية , ونمطها الإنتهازى وؤية وعقلية البرجوازية الصغيرة التى طبعت سلوكها السياسى .

ومن هنا تأكدث أبرز معضلات مسيرة الكفاح الفلسطينى المسلح وهو العجز عن تمثل أحد النماذج النوعية الممعروفة لحروب التحرير الشعبية وأستيعاب خبرات وطرائق ثوراتها الناجحة ..

فحركة التحرير الفلسطينى لم تتبلورتاريخيآ كحركة مستقلة داخل الأراضى المحتلة , وبحيث تكون ( طليعتها الثورية الداخلية ) قادرة على شق الطريق نحو حشد الجماهير وتعبئتها سياسيآ وادارة عنفها المشروع ضد العدو الصهيونى .

وحيث حال التكوين الإجتماعى والطبقى لقيادة الحركة وسيطرة الفئات الوسطى ذات الأيديولوجيا القومية - الوسطية – المعتدلة دون ارتقاء النضال الفلسطينى لطور الحرب الشعبية الشاملة والعصيان الجماهيرى المنظم .

فضلآ عن أن الطبقة العاملة وشرائحها الأجيرة عجزت بدورها عن اقامة تحالف وطنى بديل يستطيع تحقيق مهمة التحرير , ومن ثم لم تتوافر معطيات "الموقف الثورى " الذى يمكن أن يؤسس لإندلاع الثورة سواءآ فى طرازها الكلاسيكى كإنتفاضة مسلحة أو فى صورة حرب طويلة الأمد .

كما أن النخب السياسية والأحزاب البرجوازية العربية نشطت لتشويه الوعى العام حول المفاهيم الثورية المتصلة بقضية التحريرعلى جبهة النضال الفلسطينى .

فقد كان من شأن التمكين لهذه المفاهيم خلق نمط مغاير من الممارسة السياسية والاجتماعية فى الواقع العربى , الأمر الذى سيؤثرعلى الأنظمة الرجعية الحاكمة و على علاقات الانتاج الكولونيالية المسيطرة .

ومن هنا تمسكت هذه القوى بحصر و توصيف الصراع فى اطار
( الهوية القومية ) , وباعتبار فلسطين هى القضية المركزية للعرب والعروبة .

وعبر الصبغة القومية للقضية جرى رفض أفكار حرب التحرير كأسلوب أصيل لاسترداد كامل التراب الفلسطينى , وسقط من جدول أعمال المقاومة ركن تفعيل النضال الجماهيرى كسند داعم لها , الأمر الذى أدى لعطب بنيوى فى الأداء القتالى الفلسطينى وأستراتيجية كفاحه المسلح – منذ بدايته وحتى الآن .

ثمة ( هوية طبقية ) واجبة للبندقية الفلسطينية ولكى تكون قادرة على أدارة حركة تحررها الثورى , وعلى طرح خطاب سياسي وعسكري متسق مع هذا الشرط وبهدف أنقاذ الشعب وأسترداد ارضه و حقوقه المغتصبة ..

فالقتال ليس هدفآ ثوريآ فى حد ذاته وأنما هو جزء من الثورة , كما أنه ليس بديلآ أبدآ عن فعل الجماهير , ومن هنا يظل الرهان دومآ على ( الكتلة الحرجة من الجمهور الفلسطينى ) , القادر على فعل الثورة و الإنتفاضة , و المؤمن بكفاحه من أجل : أستعادة الأرض و الأنعتاق الإجتماعى الحقيقى والأمتلاك الفعلى للحرية ..

عماد محمد مسعد السبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: اتهامات المدعي العام للجنائية الدولية سخيفة


.. بعد ضغوط أمريكية.. نتنياهو يأمر وزارة الاتصالات بإعادة المعد




.. قراءة في ارتفاع هجمات المقاومة الفلسطينية في عدد من الجبهات


.. مسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعترف بالفشل في الحرب




.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم