الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس الدولة والقانون..حكاية من العهد الملكي

نجيب المدفعي

2004 / 10 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


روى لي والدي، الذي كان أحد ضباط وحدات الحرس الملكي في منتصف خمسينيات القرن الماضي، حادثة مرّت عليه أثناء عمله في الحرس. يقول في روايته:
كنت رئيسا للخفر في إحدى الليالي و كان بصحبتي مرافق الملك الخفر و هو ضابط صديق. و في وقت متأخر من الليل اتصل بي الضابط الخفر المسؤل عن المطار الصغير الموجود في منطقة (قصر الملح)، و هو المكان الذي يقع فيه مطار بغداد الدولي في يومنا هذا، و أخبرني بهبوط أحد الطيارين الهواة الأجانب بطائرته لإتمام إجراءات مروره بالعراق و التزود بالوقود. و أضاف إن هذا الطيار ترك طردا معنون إلى الملك فيصل الثاني. فقمت بإرسال سيارة إلى المطار جلبت الطرد و دفعت به للمرافق الخفر ليسلمه إلى الملك. لم يكن الطرد مغلقا فقام المرافق برفع الغطاء و كانت محتوياته عبارة عن (جاكيت و كاب) تـُرتدى عند الخروج للصيد مع اطلاقات بندقية و بعض متعلقات الصيد الذي كان يمارسه فيصل الثاني كهواية. وفعلا سلـّم المرافق الخفر الطرد للملك و اعتبرتُ الموضوع حدثا روتينيا.
بعد عدة أيام استدعى الوصي عبد الإله صاحبي هذا ـ الذي كان المرافق الخفرـ وعند عودته من مقابلة الوصي، كان وجه صاحبي يبدو عليه الامتعاض و الانزعاج. استطلعت منه الخبر، فأجابني: هل تذكر الطرد الذي وصل للملك قبل أيام؟ يبدو انه قد سبب مشكلة للعائلة المالكة. فأستغربت من الموضوع و أي مشكلة يمكن أن يسببها طرد بريدي للملك أو الوصي.
فاخبرني المرافق بأن خبر وصول هذا الطرد قد وصل بطريقة ما إلى وزير المالية، والذي أثار الموضوع في اجتماع مجلس الوزراء و انتقد الملك و الوصي نقدا لاذعا. حيث تساءل الوزير عن سبب عدم دفع الرسوم الكمركية التي تفرض على مثل هذه الطرود، وأعتبره تهربا ضريبيا، و أثار ضجة في أوساط الحكومة. و قال إذا كان الملك و خاله لا يطبقان القانون فكيف لنا أن نطبقه على الأفراد العاديين. يبدو أن الملك و الوصي شعرا بحرج شديد لمخالفتهما القانون بشكل غير مقصود. و لذا فقد صبّ الوصي جام غضبه على المرافق الذي استلم الطرد دون متابعة موضوع دفع الرسم الكمركي. انتهت الرواية.

كانت هذه الحادثة يرويها والدي ـ رحمه الله ـ من باب التندر لما آل إليه وضع الدولة العراقية وتطبيق القانون الذي أصبح شبه معدوم في أيام صدام حسين. لا بل حتى في أيامنا هذه حيث لم نسمع عن تطبيق القانون رغم مرور أكثر من عام على سقوط نظام صدام. نريد شفافية كمثل تلك و حسابا يطال الجميع و قانونا لا يستثني أحدا من سلطته. مثلا أصدر مجلس الحكم قرارا يدعو كل من يتصدى لمنصب عام للإفصاح عن موقفه المالي الشخصي و أن يكون أعضاء مجلس الحكم أول المفصحين. لكن لم يفعل أيّ منهم ذلك، و لا من المسؤولين اللاحقين و هو ما يترك الباب مفتوحا أمام المغرضين لاتهامهم و كل من يتصدى لموقع وظيفي عام بشتى الاتهامات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تحظى سيارة بيك أب بشعبية كبيرة؟ | عالم السرعة


.. -بقنابل أمريكية تزن 2000 رطل-.. شاهد كيف علق حسام زملط على ت




.. عودة مرتقبة لمقتدى الصدر إلى المشهد السياسي| #الظهيرة


.. تقارير عن خطة لإدارة إسرائيلية مدنية لقطاع غزة لمدة قد تصل إ




.. قذائف تطلق من الطائرات المروحية الإسرائيلية على شمال غزة