الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحياناً.. تفاجئنا اللآلئ

أشرف عبد الكريم عبد المنعم

2011 / 3 / 27
الادب والفن


أحياناً .. تفاجئنا اللآلئ
إلى صديق يرفض أن يشيخ .. إلى إسماعيل فهد إسماعيل
هكذا يقولون عني : ضارب الدنيا طبنجة ، صراحة لم أتعمد ضربها ، لكنها ضيقت عليَّ سبلي ؛ فكان الجزاء من جنس ما صنعت .
الليل كان كسباحة في ماء بارد في يوم شديد الحر ، الليل كان مفعما بالنسمات والنبضات والآهات اللذيذة ، خرجت فيه دون هدف محدد أطلبه ، وسرت في دروب أبحث عن لؤلؤة رآها الشعراء قبلي مستحيلة ، أبحث عنها وكأني امتلكتها زمناً ثم ضاعت ، مرت ساعات وأنا سائر في تلك الدروب الضيقة وشبه الضيقة، ولأنني أحفظها ؛ فلم أتعثر في واحد منها ولا تفاجأت بأيها مغلق.
لم يكن تبق على طلوع الفجر وقت طويل والقمر يعطي التراب لونه الصافي وكأنني أسير على فضة ممتدة ، تعثرتُ في لفافة ذهبية اللون ظننتها في البدء حزمة بوص ، ركلتها بقدمي فكانت ثقيلة ، لم تكن كتلة واحدة ، أمسكت بها و حدست أن ما فيها كنز. . . . .أيعقل أن تكون هي تلك لؤلؤتي المستحيلة ؟ ، عدت إلى البيت ، أغلقت خلفي الباب بأحكام الشريعة ، ونظرت في المرآة .. أعجبتني صورتي بوجهي المستدير وشعري الكثيف الأسود ، دعوت ربي أن يجمل حياتي كما جمل شكلي.
الجلوس في دهليز الآن البيت مخاطرة كبيرة إن فتحت اللفافة وكانت هي ما أتوقعه .. ما هذا ؟ أأخاف اللصوص ؟ أنا ؟ ما خفت في حياتي .. أسير في دروب القرية وعند خراباتها بحثاً عن إثارة قربي منهم ، مالي دخلت إلى غرفتي وسلمت على فراغها مخافة أن يكون فيها جني ؟.. أيعقل أن أخاف من الجني ؟ أنا؟ دخلت القبور ظهرا وعصراً وراهنت على إحضار قطعة قماش من أحد القبور بعد متصف الليل وكسبت الرهان .أأخاف الآن من جني ؟ سلمت عليهم وعلى الملائكة في الغرفة وأحكمت إغلاق بابها وفتحت اللفافة.
كانت فيها لؤلؤة الحمد لله لؤلؤتي سهلة وليست مستحيلة .. أين أخفيها ؟ درت في الغرفة مرات لا أحصي لها عداً ، ووقفت في كل ركن مرات ، وجسست الأرض بأناملي و تحسستها بقدمي وربتُّ عليها بباطن كفي .. أسألها : هل هذا موضع أستأمنه على حفظ كنزي ؟بدأ العرق يتصبب مني وازدادت الغرفة حرارة ، لو خرجت الآن ماذا سأقول لمن افتقدني ؟ لا أريد إخبار أحدهم بكنزي " فالطمع فيك يا ابن آدم طبع " ، هم سيطمعون فيَّ ؛ فلن أخبرهم ، حتى هذه السيدة التي مللت طعامها غير المنوع وثيابها الريفية البسيطة ، ما عاد كل هذا يتناسب ووضعي الجديد ، هل أخبرها :
يا أمي قد وجدت كنزا؟
لا هذه الفكرة ليست جميلة ، لابد من حفظ اللفافة ، أنقب الجدار وأضعها داخله ثم أعيد سده؟ .. وماذا لو هدم الجدار ؟ عندها سيكون الكنز من حق جاري أو ربما يناصفني فيها هذا الـ . الجائع العريان.. لا سأضعها في القفة وأعلقها في سقف الغرفة .. وماذا لو سألتني أمي أو ضربتها بعصا مخافة أن تكون جحر ثعبان ينصب فخاً لوحيدها؟
دقت أمي الباب تدعوني للغداء .. لم أفتح،
_ نائم ؟ طبعاً سهران للصباح.
وعادت: يا بني اليوم بليلته نوم؟ .. قم للعشاء
لم أرد .. خفت أن يشي صوتي بما معي.
- لن أستطيع تركك أكثر من هذا .. قم يا ولدي، ثم سكتت ثم علت نبرة الصوت:
- الله .. يا ولدي وازدادت الحدة ..يا ولدي ، تحول إلى صراخ : يا ولدي ، جاء الجيران نادوا عليَّ ، فحضنت اللفافة .
- نكسر الباب ؟
- أمتأكدة من عودته؟
ينادون وأنا أهرب في الغرفة بعيداً عن بؤرة الصوت كلما جاءت من جهة .
الخيارات الآن ضاقت :
- آه ..من ؟
- يبدو أنه كان نائماً .. افتح يا ولدي ، فتحت الباب وخرجت من الغرفة .. هم ينظرون نحوي خائفين مذهولين ، وأنا أحتضن اللفافة وأسير في الدهليز لا أعلم لي مستقراً ، أدور فيه حتى تلاقت عيني بصورة في المرآة غريبة .. فتات تراب على وجهي وملابسي ..شعري كساه البياض ، ما الذي كان داخلك أيتها اللفافة ؟
فتحت الباب وركضت إلى حيث وجدتها ، القمر فوقي كان متحيراً .. موجوداً ، ولا نور له ولا فضة منه على ترابي .. رميتها وهرولت في الشوارع أبحث عن لؤلؤة ما زال الشعراء يرونها مستحيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تششيع جنازة والدة الفنان كريم عبد العزيز


.. تشييع جثمان والدة الفنان كريم عبد العزيز.. وتعديل موعد العزا




.. ما اقدرش اتخيل البيت من غير أمى.. كلمات حزينة من الفنان كريم


.. الفنان كريم عبد العزيز يمنع التصوير منعاً باتاً في جنازة وال




.. سكرين شوت | الذكاء الاصطناعي يهدد التراث الموسيقي في مصر