الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا والازمة البحرينية

دياري صالح مجيد

2011 / 3 / 27
السياسة والعلاقات الدولية


تعد تركيا اليوم لاعبا اقليميا فاعلا في مجمل الشرق الاوسط خاصة بعد قناعتها بعدم المقدرة على الانضمام الى الاتحاد الاوربي , الامر الذي قادها الى اعادة توجيه دفة السياسة الخارجية فيها وعبر الاستثمار لمعطيات الجغرافية – السياسية التركية , نحو الاهتمام بشكل اكبر بدول الشرق الاوسط والانغماس في عمق التفاعلات والاحداث الجارية فيه حاضرا ومستقبلا , كي لا تخسر اليوم مالا ينفع التندر عليه مستقبلا , على اعتبار ان الفرصة هنا سانحة اكثر من اي وقت مضى في ظل المعطيات الداخلية التركية والاوضاع الاقليمية المجاورة لها في تلك المنطقة , من اجل القيام بمثل هذا الدور .

ازاء الاوضاع الجارية في البحرين , التي بدات حدة توترها بالتصاعد عبر التدخل المباشر لواحدة من القوى المهمة في المنطقة وهي الممكلة العربية السعودية وعبر ارسال قوات درع الجزيرة وفي ظل التنافس الواضح المعالم مع ايران , بدات السياسة الخارجية التركية بالتوجه لاستغلال فرصة لعب دور الوسيط في حل الازمة الناشبة هناك من منظور الرغبة في ايجاد طرف محايد بين الجماهير والقيادات الحاكمة في ذلك البلد من جهة , ولأنهاء التوتر والخروج من عنق الزجاجة الذي هو فيه اليوم بفعل التنافس الاقليمي من جهة اخرى .


الموقف الرسمي الاول لتركيا جاء على لسان وزير خارجيتها الذي صرح قائلاً " ان ارسال قوات من مجلس التعاون الخليجي الى البحرين قد ادى الى تصاعد التوتر الحالي " , وهي رؤية متعقلة لما يجري في البحرين على اعتبار ان تركيا تدرك حجم القوى الخليجية من جهة وتدرك من جهة اخرى خطورة التنافس مع قوة اقليمية مهمة مثل ايران , في ضوء تصعيد اللهجة الطائفية في خطابات القادة السياسيين التي صورت مطالب البحريين ومواقف الدول الداعمة لهم من منظار طائفي , وارادت العديد من وسائل الاعلام تعميق هوة الخلاف البحريني عبر تصوير المعارضين لتلك المطالب من منظار طائفة اخرى , حتى تحول الامر وكانه صراع طائفي مقبل في البحرين وليس حركة احتجاج شعبي تهدف الى الاصلاح .

في ظل ادراك الاتراك لخطورة هذه اللعبة اليوم , بدا التحرك نحو تقليل حدة الفجوة اولا بين البحرينيين وحكومتهم من ناحية , ومن ناحية اخرى دعوة اطراف الازمة الى الحوار المباشر للابتعاد بشبح العنف بعيدا عن حدود هذه اللحظة الملتهبة في تاريخ المنطقة , عبر اعادة ترتيب الاوراق والاولويات لهذه الاطراف لا في البحرين فحسب وانما في مجمل منطقة الخليج . وهو ما سيعطي للسياسة الخارجية التركية مزيدا من القبول في الاوساط الشعبية والرسمية في العالم العربي , اذا ما تمكنت من تحقيق نوع من الانسجام في حركة وتفاعلات السياسة الاقليمية في البحرين .

من زاوية اخرى نجد بان هنالك تحذير عالي اللهجة موجه من القيادة التركية ممثلة بالسيد رجب طيب اردوغان يؤكد فيه من مغبة تحويل البحرين الى كربلاء جديدة , وهي اشارة ذكية لا تخلو من استخدام للغة الدبلوماسية في التحذير من حجم الخطر الذي يتهدد المنطقة فيما اذا ما تم تفعيل البعد الطائفي في تفسير احداث البحرين , وكانه بذلك يريد القول بان تحرك القوات السعودية بهذه الطريقة سيفسر على انه حرب طائفية تشن ضد الشيعة في البحرين , مما سيعمل على استنهاض همم الشيعة في باقي دول العالم ودفعهم للقيام باعمال عنف طائفية . لذا كانت هنالك رغبة امريكية – تركية مشتركة بضرورة عدم تدخل السعودية بشكل مباشر في احداث البحرين , لحساسية الموقف هناك . وهو امر ايضا ذو علاقة بالتوازنات الاقليمية في المنطقة عموما اريد له ان يختل اتزانه بفعل الصراع بين قواه المختلفة .

يبدوا ان صناع القرار السياسي في تركيا يدركون اليوم ان مصلحة بلادهم تكمن في لعب دور اطفاء الحرائق التي تشعلها الدول المتنافسة في هذا الاقليم , وهو ما يعد عنصراً مهاً لتحقيق التوازن في ظل البراغماتية الجديدة التي كان مهندسها الاول وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلوا الذي تحدث عن هذا الدور التركي في كتابه ( العمق الاستراتيجي : موقع تركيا و دورها في الساحة الدولية ) قائلاً " ان من اهم الشروط الضرورية لتحقيق سلام طويل المدى في المنطقة , هو ان يرتكز التعامل مع الدول ( المهمة في الاقليم ) على ارضية منطقية . ولما كانت القوى الخارجية تدرك ان مثل هذه الارضية المنطقية ستعوق الاعيبها ومناوراتها في المنطقة , فقد دأبت على اتباع سياسة تحقيق التوازن من خلال التحالفات الثنائية . وهنا ( كما يرى اوغلو ) يتوجب على تركيا اتباع اسلوب من شأنه تخفيف التوتر بين هذه الاقطاب في اطار استراتيجية اقليمية متزنة بدلا من اتباع سياسة متوافقة مع مثل هذه المناورات . هذا الاسلوب هو الاكثر ملاءمة لمصالح تركيا وهو ايضا الاكثر ضمانا لتحقيق السلام في المنطقة . واذا تمكنت تركيا من ابداء مهارة دبلوماسية في هذا المجال , فسوف تكون قادرة على الضغط بقوة على التوازنات الاقليمية في اية لحظة " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا