الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورات و الفلسفة الأوروأطلسية الجديدة

بودريس درهمان

2011 / 3 / 27
السياسة والعلاقات الدولية


هناك أشياء كثيرة مرتقبة في جعبة التاريخ، نجهلها أو نغض الطرف عنها و لكنها آتية بقوة، الأوروأطلسية التي تحدثت عنها في المقال السابق هي في الواقع فلسفة ونظرة إلى العالم فاعلة قوية و متماسكة. في الاتفاق الأوروبي الأمريكي الذي سردت معطياته، و بين ثنايا التحليل الذي قدمته هناك حقائق لم أنتبه إليها، هنالك على الأقل حقيقتين ساطعتين: الحقيقة الأولى هي حقيقة مخيم اكديم ازيك بالعيون و الحقيقة الثانية هي الثورة المصرية الرائعة.
مخيم اكديم ازيك هل هو مخيم عفوي أو مصطنع أعتقد في غالب الظن أنه كان مصطنعا و تحت المراقبة الدولية لأن السلطة بداخل المنطقة لم تتعود السماح للمواطنين بالاحتجاج و بأعداد كبيرة و لمدد طويلة من الزمن، القراءات التبسيطية ذهبت في اتجاه تغليب كفة التفسير المعتقد في الصراع الحاصل بين أطراف السلطة المحلية بالمدينة، لكن لا أعتقد ذلك، كان من الممكن أن يكون هذا الأمر صحيحا لو كان النظام السياسي القائم نظاما فدراليا، أو على الأقل المنطقة تتمتع بحكم ذاتي أو بحكومة محلية، لكن و النظام السياسي هو نظام جد ممركز و كل الأوامر و التعليمات تأتي من المركز أي من الرباط فلا اعتقد أن السلطة المركزية الجد ممركزة كانت ستسمح بمثل هذا التجاوز؛ المخيم كان مختبرا جيوأمنيا تحت المراقبة الدولية من اجل اختبار مدى صلاحية تطبيق القانون الدولي على مثل هذه الحالات، تماما كما كانت عليه حالة أمنتو حيدر لما اعتصمت بمطار لانثاروتي بالجزر الكنارية الاسبانية و رفضت الاعتراف بالجنسية المغربية. لقد كانت هي الأخرى حالة تحدي للقانون الدولي لمعرفة الأجوبة القانونية لمثل هذه الحالة المعاشة على أراضي متنازع عليها؛ و قد تم فعلا إيجاد التخريجات القانونية من بين ثنايا النصوص كما وضحنا ذلك سالفا في إحدى المقالات التي لم تعرف طريقها إلى النشر في الجرائد الوطنية و هي منشورة على صفحات الانترنيت.
الفلسفة الأورواطلسية هي فلسفة صارمة و تؤمن إيمانا عميقا بتطبيق القانون الدولي و هي مقبلة على إدخال تغييرات جيوسياسية مهمة على منطقة شمال إفريقيا الممتدة من مصر على حدود البحر الأحمر إلى المغرب الأقصى في حدود المحيط الأطلسي لهذا توخت هذه الإيديولوجية القوية إحداث هذا المختبر الجيو أمني لقياس قدرة و طاقة التحمل الشعبي و مدى قدرة هذا المخيم تحقيق المطالب المحلية بشكل سلمي، لأن الرهانات الحقيقية المقبلة للقارة الإفريقية ككل كما جاء في ديباجة تقارير غربية كثيرة هي رهانات محلية من أجل فرض الديمقراطية المحلية و العدالة الاجتماعية بالإضافة إلى التوزيع العادل للثروات.
الجدل الداخلي المحلي لمنطقة شمال إفريقيا و هي المنطقة الإفريقية الأكثر قربا و التصاقا بالقارة الأوروبية هو جدل منصب أساسا على طبيعة التغييرات المواكبة للتصور الأوروبي الأمريكي الجديد و هذا التصور في الظرف الراهن هو وحده الكفيل بتحقيق رهانات هذا الجدل الداخلي لهذا السبب كانت ضرورة تنظيم مختبر اكديم ازيك من اجل المراقبة عن كثب و استخلاص الاستنتاجات.
مختبر اكديم ازيك لم يصل إلى تحقيق كل الأهداف المخططة له التي هي جعل القاعدة السكانية المحلية تفرض نفسها كخيار مجسد على الأرض لخيار نظام الحكم الذاتي المحلي المنتشر في كل التراب الأوروبي، لم تستطع القاعدة السكانية المحتجة و المعتصمة بداخل مخيم اكديم ازيك فرض نفسها كخيار للحكم الذاتي المحلي لأن جبهة البوليساريو و أجهزة المخابرات العسكرية الجزائرية المساندة لهذه الجبهة دخلوا على الخط و افسدوا أهداف المخيم حينما استطاعوا تسريب محتجين و معتصمين يدخلون في خانة الإرهابيين، بل و كادوا تحويل كل أحداث المخيم إلى حالة من الحالات التي تنظر فيها اللجنة الدولية للإرهاب كما وضحنا ذلك سلفا في إحدى المقالات المنشورة في جريدة الصحراء المغربية و على شبكة الانترنيت ، و لكن رغم ذلك مختبر اكديم ازيك حقق أهدافا أخرى جد مهمة مجسدة في إعطاء النموذج لباقي شعوب المنطقة من أجل ركوب خيار المقاومة الشعبية السلمية من أجل تغيير الأنظمة و مواكبة التحولات الجيوسياسية الجديدة المتمثلة في الخصوص في رغبة الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية في إصلاح نظام الأمم المتحدة و مجلس الأمن، بالإضافة إلى تدعيم السلم و السلام الدوليين عن طريق خلق نظام دولي متعدد الأقطاب...
منذ سقوط جدار برلين و انهيار المعسكر الشرقي وخيار إصلاح نظام الأمم المتحدة مطروحا على الطاولة، لكن في ظل الديكتاتوريات المتفشية في أوروبا الشرقية و دول البلقان بالإضافة إلى دول إفريقيا الشمالية و الشرق الأوسط كان ضروريا أولا انجاز ا إصلاحات سياسية للأنظمة السياسية الغير ديموقراطية المسيجة للتراب الأوروبي، فكانت البداية من دول أوروبا الشرقية ثم البلقان و الآن جاء الدور على دول شمال إفريقيا و الشرق الأوسط
و رغم أن التاريخ لا يحدد بالتكهنات، إلا انه سيكون هنالك لا محالة في المستقبل القريب نظام قطبي جديد مشكل من دول شمال إفريقيا الممتدة من الجمهورية المصرية إلى المغرب الأقصى و سيحتاج هذا القطب الدولي الجديد لا محالة ممثلا له بداخل تشكيلة مجلس الأمن و هذه التمثيلية الدولية ستتحدد في الدولة التي أنجزت الثورة على ذاتها و طبقت النموذج الديموقراطي المبني على العدالة الاجتماعية و احترام مبادئ و قيم حقوق الإنسان. إلى حدود اليوم تبقى الجمهورية المصرية النموذج الرائد في المنطقة في مواكبة التحولات الدولية الجديدة.
الديمقراطية الأوروبية هي قائمة على الديمقراطية التمثيلية المواطنون هم ممثلون مباشرة في البرلمان الأوروبي، و الدول الأعضاء لهذا الاتحاد هي ممثلة في المجلس الأوروبي بواسطة رؤساء الدول أو رؤساء الحكومات.
الاتحاد الأوروبي حسب البند الثالث عشر من معاهدة الاتحاد الأوروبي تديره سبعة مؤسسات دستورية هي:
1. البرلمان الأوروبي المشكل من 754 برلماني أوروبي
2. المجلس الأوروبي المشكل من رؤساء الدول السبعة و العشرون بالإضافة إلى رئيس المجلس و رئيس اللجنة الأوروبية
3. المجلس المشكل من سبعة و عشرون عضو بمعدل عضو لكل دولة
4. اللجنة الأوروبية المشكلة من سبعة و عشرون عضو إلى حدود سنة 2014
5. محكمة العدل الأوروبية
6. البنك المركزي الأوروبي
7. محكمة الحسابات
هذه المؤسسات التمثيلية أصبحت تشكل نموذجا لتأسيس أي تجمع دولي إقليمي و الاتفاق الأوروبي الأمريكي المصادق عليه يوم 26 مارس 2009 يسعى هو الأخر إلى استلهام فلسفة هذه المؤسسات و ترسيخها. لهذا السبب عمد الاتفاق في البداية إلى ترسيخ مؤسسة قوية هي المؤسسة التي سماها الاتفاق "المجلس السياسي الأوروأطلسي" المشكل على التوالي من نائب رئيس اللجنة الأوروبية و كاتب الدولة في الشؤون الخارجية بالإضافة إلى هذه المؤسسة هنالك مؤسسات أخرى و إجراءات كثيرة مواكبة قد تعصف بما يسمى الجامعة العربية و تلحقها بالأنظمة المنهارة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة