الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع السوري : واقع جديد: آليات علاجية

معتز حيسو

2011 / 3 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كان لا بد من موجات النهوض الثوري العربي أن تؤثر بشكل ما على المجتمع السوري التواق إلى الحرية. وهذا ليس من باب العدوى، بقدر ما هو تعبيراً موضوعياً عن الواقع السياسي والاجتماعي للمواطن السوري. وليس خافياً على أحد بأن المجتمع السوري عموماً يعاني من أزمة عامة على المستويين السياسي والاجتماعي والاقتصادي،أوصلت المجتمع السوري لحافة الانفجار بسبب تراكم الأزمات وبالتالي تزايد شدة الاحتقان.لكن وبسبب إحكام القبضة الأمنية على مفاصل وتفاصيل الحياة اليومية،فإن المواطن السوري الحريص على الاستقرار الاجتماعي كان يشد حزام التقشف ويمتنع لأسباب متعددة أولها الخوف الدفين والمتوارث،عن النشاط السياسي مهما كانت درجاته منخفضة.لكن موجات التغيير التي تجتاح المجتمعات العربية،انعكست بشكل موضوعي وطبيعي على آليات تفكيره.وتجلى هذا بالتحركات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي.ولم يكن غريباً أن هذه الاحتجاجات كانت خارجة عن الأطر السياسية والتنظيمية,أي لم يكن للقوى السياسية فيها دوراً فاعلاً،وأسباب تدني فاعلية القوى السياسية في المجتمع مفهومة للنخب السياسية والثقافية الرسمية وغير الرسمية. لذا فليس غريباً أن يتداعى الشباب السوري الذي لا تمثله القوى السياسية للمشاركة في هذه التحركات مستفيدين من مواقع التواصل الاجتماعي.إن دور الشباب المحوري في الحركات الشعبية يمكن تحديد أسبابه الأولية على المستويين السياسي والاجتماعي. فكما يعلم الجميع بأن أعلى نسبة بطالة هي بين الشباب الخريجين / الجامعيين/ وهذا يتقاطع مع تراجع مستوى المعيشة وزيادة نسب الفقر والتهميش السياسي وتحجيم دور المؤسسات المدنية والسياسية المستقلة والمعارضة، وعدم قدرة الموجود منها على استيعاب الشباب والتعبير عن آمالهم وأحلامهم. ويمكننا القول بأن الأزمة التي يعاني منها المجتمع السوري هي أزمة عامة، أي أنها تطال كافة المستويات والبنى الاجتماعية. ونظراً لغياب الدور الفاعل للقوى السياسية التي كان من الممكن أن تساهم في ضبط وتأطير الحركات الاجتماعية،فإن شكل التحرك سيكون شعبياً.لكن كلنا ثقة بقدرة القوى السياسية المعارضة على النهوض السريع لمواكبة النهوض الشعبي.ونأمل بذات الوقت من الحكومة الإسراع في إجراء الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحقيقية والجذرية لملاقاة التحركات الشعبية. وكنا نتمنى من الحكومة أن تعبر عن نبض المجتمع السوري قبل التفجر الدامي في مدينة درعا.
ونؤكد من جديد بأن معظم السياسات الاقتصادية التي تم إتباعها سابقاً كانت تناقض مصالح الطبقات الشعبية،وساهمت في زيادة نسب الفقر وانخفاض مستوى المعيشة وارتفاع معدلات البطالة والتضخم والفساد،وتراجع في سياقها الدور الاجتماعي للدولة،إهمال القطاع العام وإضعاف دوره تمهيداً لخصخصته أو بيعه،إهمال القطاعات الإنتاجية والصناعات التحويلية،ترسيخ الاقتصاد الحر والذي تجلى في تجرير الاقتصاد والأسواق وحركة الأموال والسلع.إن تحويل الاقتصاد لأشكال ريعية ومالية وخدمية،فتح الأبواب أمام استثمارات خارجية عقارية سياحية.. لا تساهم في بناء التنمية،والأكثر من ذلك فإن ارتفاع معدلات النمو لم ينعكس إيجابياً على تحسين مستوى المعيشة، بل ساهم في زيادة تمركز الثروة بأيدي فئة قليلة من المستثمرين، وعزز التزاوج بين رأس المال والسلطة السياسية،وكان هذا أحد أسباب السياسات الاقتصادية الجديدة.
ورغم تأكيدنا على أهمية الإصلاح الاقتصادي،لكن يبقى التغيير السياسي المدخل الفعلي والحقيقي لحل كافة التناقضات والأزمات الاجتماعية. ونكرر بأننا كنا نتمنى من القيادة السياسية كونها الطرف الأقدر على القيام بالإصلاح والتغيير، لو أنها بادرت إلى ذلك قبل خروج المواطن السوري للشارع.ونؤكد فيما يلي على جملة من النقاط التي تشكل المدخل لمعالجة الأوضاع الراهنة،وتجنب المجتمع السوري من الدخول في دوامة العنف المتعدد الأشكال والأسباب،وتنزع فتيل الأزمة...:البدء الفوري بالتغيير الوطني الديمقراطي،فصل السلطات،تحجيم دور القوى الأمنية وحصره بالقضايا الوطنية و حماية الاستقرار الاجتماعي، التداول السلمي والديمقراطي للسلطة،إلغاء قانون الطوارئ،ضمان حرية الاحتجاج والتظاهر والاعتصام السلمي،تعزيز استقلال النقابات بشكلها المطلبي وإلغاء شكلها السياسي الذي يعبّر عن التوجهات السياسية الرسمية في إطار حزب البعث،إطلاق الحريات السياسية وفتح حوار وطني يضم كافة التشكيلات السياسية،إطلاق قانون أحزاب يضمن المشاركة السياسية للجميع،القيام بمصالحة وطنية، وضع قانون انتخابي جديد يضمن المشاركة والتمثيل لكافة الفئات الاجتماعية والقوى السياسية، رد المظالم لأصحابها.إغلاق ملف السجناء السياسيين،تعديل المادة الثامنة في سياق التعديلات الدستورية اللازمة،حل قضية الأكراد على أسس وقواعد وطنية وديمقراطية. إلغاء قانون المطبوعات الحالي وإصدار قانون آخر يضمن حرية التعبير وحرية إنشاء الصحف والمجلات المستقلة،إصدار قانون إعلام يعزز الحريات الإعلامية،وليس بعيداً عن هذا الجانب نرى ضرورة إعادة النظر بقانون الأحوال الشخصية الذي تمت صياغته سابقاً،والعمل على تشكيل لجنة قضائية مختصة لبحث وصياغة قانون أحوال شخصية مدني يتلائم مع روح التغيرات الديمقراطية. تشكيل لجنة وطنية لوضع خطة إستراتيجية وحقيقية لمكافحة الفساد.إجراء تغيير حكومي كامل،حل الجبهة الوطنية التقدمية وتأسيس تحالف سياسي جديد يكون معبراً عن الخارطة السياسية للمجتمع السوري و كافة قواه السياسية والمدنية.إن هذه الاستحقاقات تشكل البوابة الحقيقية لتجاوز الأزمة العامة والمركبة التي يعاني منها المجتمع السوري.
ونظراً لتزايد تحركات الشعب الذي انتظر طويلاً قيام القيادة السياسية الرسمية بخطوات إصلاح حقيقية،لكنه لم يسمع إلا الوعود،ولم يرى إلا مزيداً من الإفقار والتهميش السياسي وزيادة القبضة الأمنية،فإن من واجب القيادة السياسية وتحديداً سيادة الرئيس،تحمّل المسؤولية الوطنية والقيام بخطوات إنقاذية سريعة تضمن السلم الأهلي والاجتماعي،ويفترض من القيادة السياسية السورية أن تفاخر بالموقف الوطني السلمي الديمقراطي لقوى المعارضة الذي يتقاطع مع موقف كافة الفئات الشعبية الرافضة لأي تدخل خارجي في القضايا الوطنية.
ويجب التأكيد على أن الاستجابة للاستحقاقات السياسية والاقتصادية،وضمان حرية التظاهر السلمي يشكل مدخلاً يقي المجتمع من الدخول في دوامة العنف.لذا نؤكد بأن المدخل لتجاوز التأزم والاحتقان الذي يعم المجتمع السوري وتحديداً في درعا،يتحدد بالسماع لصوت المواطن السوري الوطني الديمقراطي السلمي والاستجابة لمطالبه التي تشكل استحقاقاً لا يجب تجاهله،لأن في تجاهله أو التعامل معه عبر أشكال أمنية سيكون سبباً في زيادة حدة الأزمة الراهنة،و سبباً في زيادة حدة الاحتقان الاجتماعي الذي يمكن أن يؤدى لنتائج كارثية عامة لا يمكن التنبؤ بمألاتها.
//ونبقى محكومين بالأمل//








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب