الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة مصر الشعبية

هويدا صالح

2011 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الثورة المصرية ثورة بطالب قادة وزعماء العالم بأن تمنح جائزة نوبل ، وتدخل في مناهج التعليم في بلدانهم
عملاق كان راقدا كنا نعتقد أنه غفى أو نام أو حتى على أسوأ الفروض مات ثم فجأة يقف عاليا متشامخا يسد الأفق ويصم الآذان هكذا كنت أرى زحف تلك الجموع الصاعدة نحو الضياء والتي تدوس بأقدامها كل آثار الاستبداد هكذا رأيت تلك الجموع التي بدأت الدعوة لتجمعها على شبكة الإنترنت عبر جروبات للناشطين الشباب شباب لم يتلوثوا بأكاذيب الساسة وألاعيبهم شباب ليس لديهم مصالح أو حسابات فقط لديهم مساحة من الوعي جعلتهم يتجاوزن حتى السياسيين والمعارضة التي حولها النظام إلى مجرد ديكور شكلي حتى لا يبدو فاقدا للشرعية أمام الرأي العام الدولي
كنت جزءا من هذه الجروبات بحكم علاقتي الوثيقة بالميديا بدأت لتسويق الفكرة بين المثقفين الذين لم يتحمسوا في بادئ الأمر للفكرة أو ربما لم يصدقوا تماما أن هؤلاء الشباب الصغار قادرون على تحريك الجموع وإيقاظ العملاق لاحظت ان بعض المثقفين يتعاملون مع الأمر بسخرية لا تليق فوجهت لهم نداء عبر الفيس بوك أن ينضموا لحركة الشباب التي حددت يوما للتظاهر هو 25 يناير يناير الغضب ومن لن ينضم ،فعليه أن يصمت ولا يسخر وقد استجاب بعض المثثقين ووجدتهم بيننا في يوم الثلاثاء الغاضب وبعدها أدرك المثقفون أن رياح التغيير والتحرير إن شئت تهب الآن من ميدان التحرير فبت كل يوم أنزل للتظاهر والاحتجاج أجد الكثيرين منهم ،فكنت فرح هاهم جماعيتي الأدبية صدقوا وآمنوا بهؤلاء الشباب وبات الذهاب للميدان موعدا نضربه بين بعضنا البعض فكل يوم نتحدث ونتفق أن نتقابل في المظاهرة وهكذا على المثقف أن يكون ضمن حركة الجماهير ولا يعزل نفسه عنها فهو جزء من هذا الشعب الذي يهب قويا متعملقا. وهذه الثورة المقدسة أرى أنها إضافة لتحرير وعي الناس كسر حاجز الخوف أنها أجلت الصدأ عن الشخصية المصرية أعادت للمصريين كرامتهم وثقهم في نفسهم .
و بعد أن أتت الثورة الشعبية الكثير من ثمارها ، ونُفذت معظم طلبات الثوار ، وعدت للمنزل بعد أن شاركت الشباب في تنظيف ميدان التحرير وإعادته إلى حالته الطبيعية جلست أعيد ترتيب أوراق لم أتخيلها بشكل واضح وأنا أشارك الشباب حماسهم حين دعونا لتظاهرة 25 يناير . قبل 25 يناير بأيام لم يخطر في أجمل أحلامي أن تتحول المظاهرة التي دعونا إليها إلى ثورة . كنت متجهة للميدان وأنا أهمس لنفسي : لعلها لا تكون كما المظاهرات السابقة التي كنا ندعو إليها ، حيث لم يتعد العدد بأي حال الألف متظاهر. حين وصلنا للميدان وتوالت الأعداد القادمة من كل اتجاهات وفتحات ميدان التحرير شعرت لوهلة أن الشعب المصري قام من الأجداث ، وأنه قادم إلينا عملاقا قويا .
نجاح الثورة حرر الناس . جعلهم يدركون حقوقهم . يسعون لبناء دولة مدنية ، لا دينية ولا عسكرية . طوال وجودنا في الميدان لم يرفع شعار ديني واحد . ذاب الإخوان المسلمون بين فئات الشعب المصري . تخلوا عن هاجسهم الذي عزلهم عن المجتمع المصري عقودا طويلة . هاجس الإسلام السياسي . كما ذابت في هذه الثورة البيضاء الفوارق بين الطبقات الاجتماعية ، فلا وجود لفارق بين الرجل والمرأة ، الغني والفقير ، المسلم والمسيحي . كلنا مصريون نسعى لبناء مصر الحديثة ، مصر المدنية ، مصر التي ينظر إليها العالم بتقدير خاص . حتى أن رئيس النمسا هاينز فيشر يرى أن شعب مصر من أعظم شعوب الأرض ، و طالب بمنحه جائزة نوبل للسلام ، وستكون هي المرة الأولى في تاريخ الجائزة التي تمنح فيها لشعب من الشعوب وليس لفرد أو لزعيم . كما صرح باراك أوباما في تعليقه على نجاح الثورة وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك : يجب أن نربي أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر . كذلك هتف ستولتنبرج رئيس وزراء النرويج حين قال : كلنا مصريون . كذلك قال رئيس وزراء إيطاليا لا جديد في مصر فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة . كذلك طالب رئيس وزراء بريطانيا بأن تُدرس الثورة المصرية في المدارس .

لن تقل أهمية الثورة المصرية ، وتأثيرها في العالم عن ثورة الطلاب في فرنسا عام 1968 . لن تؤثر في العالم العربي فقط ، بل ستؤثر في كل العالم .
أما عن موقف المثقف المصري فقد تباين . بعض المثقفين كانوا على مستوى الحدث ، ونزلوا مع الشباب منذ يوم 25 يناير ، لكن عددهم قليل للأسف الشديد ، في حين أن الغالبية العظمي من المثقفين المصريين ظلوا في صمت وحياد إلى أن أثبتت الثورة أنها ثورة حقيقية وليست مجرد تظاهرات واحتجاجات .
اتحاد الكتاب المصريين للأسف كان موقفه مخجلا مشينا ،فلم يشارك أحد من أعضائه في مظاهرات يوم 25 يناير ، وحين عدت للمنزل فجر 26 يناير وانتقدتهم بشدة على الفيس بوك ، وأنهم لم يشاركوا الشعب ثورته ، ووقفوا موقفا سلبيا سارع الاتحاد بإصدار بيان تضامن مع المتظاهرين ، ورفض اعتقالهم . ولكنهم عادوا للصمت أياما طويلة . لم يتحركوا ثانية إلا بعد أن دعوت على الفيس بوك الكتاب المستقلين عن الاتحاد إلى الاعتصام أمام المجلس الأعلى للثقافة ، ثم الاتجاه إلى ميدان التحرير . تنبه الاتحاد ثانية لموقفه المخزي ،فقرر أن يخرج بمسيرة من الاتحاد متجها إلى ميدان التحرير ، انضموا إلينا ونحن خارجون ككتاب مستقلين من المجلس الأعلى ، متجهين إلى الميدان . لكنه أيضا كان انضماما مشينا ، حيث ساروا يثرثرون في هدوء ونحن خلفهم نهتف بسقوط النظام ، فاضررت ثانية إلى تعنيفهم واتهامهم بأنهم جاءوا فقط للوقوف أمام كاميرات الفضائيات ، وقد كان حين وصلنا للميدان وقف محمد سلماوي رئيس الاتحاد ، ألقى بيانا أمام كاميرات التلفزبون ، ثم انصرفوا . لم يقفوا معنا . لم يهتفوا بسقوط النظام . وكيف يهتفون وهم جزء من النظام ويروجون لسياسته وثقافته طوال الوقت .
أما عن المثقفين العرب ، فقد كانوا على مستوى الحدث تماما . عشرات من المقالات كتبت تساند الثورة وتشيد بالشعب المصري ، وقيمة مصر وتأثيرها في الدول العربية ، و تنتقد تصرف الناقد جابر عصفور حين قبل أن يتولى وزارة الثقافة في حكومة فاقدة الشرعية . كذلك أصدر اتحاد كتاب العرب بيانا تضامنوا فيه مع الثورة . كما أصدر اتحاد كتاب تونس واتحاد كتاب فلسطين بيانين تضامنا فيهما مع الثورة .
لا أحد ينكر أثر الميديا الحديثة في قيام هذه الثورة . الوسيط الإلكتروني كان فاعلا بشدة في نجاح تلك الثورة ، ستدخل هذه الثورة التاريخ ليس فقط لأنها إرادة شعب انتصرت بقوة على مظام دكتاتوري شمولي ، بل لأنها أول ثورة تستفيد من التكنولوجيا الحديثة ، حتى أن العالم المصري العالمي أحمد زويل وصفها بأنها فيس إيجبت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قليل من التواضع ما يضرش
عبد القادر أنيس ( 2011 / 3 / 28 - 13:50 )
أولا ليست ثورة مصر هي الأولى، فقد سبقتها ثورات وكلها فشلت، آخرها ثورة تونس التي استلهمها الشباب المصري وسوف نحتاج بعد مدة إلى نضال طويل وليس ثورات أخرى لتصحيح مخلفات هذه الثورات العربية من أجل دولة عصرية علمانية ديمقراطية.
ثانيا، هل من المعقول أن نسمي هذه الانتفاضة الشعبية ثورة ثم يأتي الشعب ويصوت بأكثر من 77 في المائة على دستور عنصري، خاصة مادته الثانية التي هي تمييز عنصري حقيقي ضد جانب هام من الشعب المصري شارك في الانتفاضة وكله أمل في التخلص نهائيا من الاستبداد والخطر الأصولي
هل هذه النتائج المتواضعة تستحق جائزة نوبل؟


2 - ثورة شعب حر وليست لقيطا
عدلي جندي ( 2011 / 3 / 28 - 16:24 )
المعلم أنيس رغما أن الثورة المصرية لا زالت في المهد يرضعونها سموم الوهابية والسلفية إلا أن شعب مصر قادرا علي فطامها ورعايتها وتربيتها تربية إنسانية المبادئ عصرية الهدف مدنية متحضرة وواعدة لأنها ليست لقيطا من مخلفات الوهابية وأذنابهم بل أنها ثورة شعب حر أبي أصيل


3 - تعقيب على تعقيب
عبد القادر أنيس ( 2011 / 3 / 28 - 18:54 )
يا أخي عدلي، قولك ((الثورة المصرية لا زالت في المهد يرضعونها سموم الوهابية والسلفية)) يبين الكم الهائل من المبالغات التي يقع فيها الكثير من المثقفين والصحفيين ويساهمون عن حسن نية أو عن سوء نيه في تغليط الناس وخفض مستوى اليقظة والحذر عندهم وتسهيل استغفالهم. وعليه فانتفاضة اجتماعية مثل هذه (( لا زالت في المهد يرضعونها سموم الوهابية والسلفية)) لا تستحق جائزة نوبل ولا تستحق تفاؤلا مفرطا يساهم في تنويم الناس وكأنهم أنجزوا مهمتهم كاملة ومن حقهم أن يعودوا إلى النوم كما كانوا.
تحياتي

اخر الافلام

.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا


.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال




.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح


.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة




.. أصوات من غزة| البحر المتنفس الوحيد للفلسطينيين رغم المخاطر ا